عامان على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي.. ماذا كانت النتيجة؟

الخميس 14 مايو 2020 11:52 ص

مر عامان على انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق النووي الإيراني، أو ما يعرف بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة".

واليوم، تشير الدلائل إلى أن هذه الخطوة أدت إلى زيادة التوترات وانعدام الثقة بين البلدين، وضعف الدبلوماسية والتعددية في النظام الدولي، وتجاهل القانون الدولي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وزيادة الخلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، وتمكين رافضي العلاقات مع الولايات المتحدة داخل إيران.

وانسحب الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" من الاتفاق النووي متعدد الأطراف مع إيران في مايو/أيار 2018، وأعاد فرض العقوبات على طهران.

وبعد ذلك، بدأت الإدارة الأمريكية حملة "أقصى ضغط" على إيران لإجبارها على قبول مفاوضات جديدة، لكنها واجهت مقاومة. وبدأت إيران التراجع خطوة بخطوة عن التزاماتها بموجب "خطة العمل الشاملة المشتركة" منذ 8 مايو/أيار 2019، بحيث أصبحت لا توجد قيود فعالة على برنامجها النووي في هذه المرحلة.

وطوال هذا الوقت، عمل المشاركون الآخرون في الاتفاق في الغالب كمتفرجين. وفي ما يلي نستعرض موقف الموقعين على خطة العمل الشاملة المشتركة في الوقت الحاضر.

  • الولايات المتحدة

بسبب الانسحاب من الصفقة، أصبحت الولايات المتحدة غير فعالة. ولم يتوصل "ترامب" بعد إلى اتفاق "أفضل" كما ادعى أنه سيفعل.

وأدت زيادة العقوبات وتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية فقط إلى زيادة التوترات بين البلدين إلى حد أنهما وجدا نفسيهما على حافة الحرب في يناير/كانون الثاني الجاري.

ويوجد الآن احتمال حدوث صدام عرضي بين القوات البحرية الإيرانية والأمريكية في الخليج العربي أو صراع في العراق.

وفي الوقت الحاضر، يبدو أن "ترامب" مثال رئيسي على من يفعل الشيء دون طائل من ورائه. ومن خلال الانسحاب من الاتفاق، قضى على مصداقية الولايات المتحدة، وزاد من احتمال نشوب حرب غير مرغوب فيها، وتحدى العلاقات مع حلفائه الأوروبيين، وتسبب في الكثير من المتاعب للشعب الإيراني بسبب عقوباته واسعة النطاق.

  • إيران

ووفقا لاستطلاعات الرأي، اعتقد الجمهور الأمريكي أن إيران ستلغي "خطة العمل الشاملة المشتركة" بعد توقيعها. وفي الواقع، كانت الولايات المتحدة هي التي فعلت ذلك. ومن ثم، أظهرت الصفقة أنه يمكن الوثوق بإيران.

كما أقنعت الأحداث بعد الانسحاب الأمريكي القادة الإيرانيين بأن الغرب لا يمكن الوثوق به. ومن ناحية أخرى، فشلت سياسة إيران المتمثلة في تخفيض التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة لإجبار الاتحاد الأوروبي على الوقوف في وجه الولايات المتحدة تماما.

وفي الوقت الذي ازداد فيه ضغط العقوبات مع جائحة "كوفيد-19"، تنتظر إيران الآن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

ويميل الوضع الداخلي في إيران الآن لصالح رافضي العلاقات مع الولايات المتحدة ضد المعتدلين الإيرانيين المطالبين بعلاقات متوازنة مع الغرب.

وتم إضعاف الإصلاحيين تماما بخسارتهم الانتخابات البرلمانية هذا العام، فضلا عن خسارة دعم الرأي العام قبل ذلك. ويعتبر فوز أحد المحافظين في الانتخابات الرئاسية العام المقبل مرجحا.

  • الاتحاد الأوروبي

كان الاتحاد الأوروبي سيجني معظم الفوائد من الاتفاق مع إيران، من حيث الأمن والاقتصاد. لكن العديد من الشركات الأوروبية، مثل "توتال" و"بيجو" و"سيمنز" و"رينو"، غادرت إيران بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. ولم يفعل قادة الاتحاد الأوروبي سوى إصدار بيان يدين الإجراء الأمريكي.

وكان رد الفعل السيئ ضربة للاتحاد الأوروبي. وكما قال وزير الخارجية الإيراني، يجب على الاتحاد الأوروبي التصدي للعقوبات الأمريكية ليس لأجل إيران، لكن لأجل سيادته ومصالحه الاقتصادية طويلة المدى.

لكن الزعماء الأوروبيين فضلوا حتى الآن انتظار نتيجة الانتخابات الأمريكية. 

ورغم ادعاءات الاتحاد الأوروبي بشأن حقوق الإنسان وسيادة القانون والعدالة والأخلاق والمعايير الأخرى، أظهرت تصرفات قادته أن المصالح الذاتية أكثر أهمية بالنسبة لهم من أي شيء آخر.

  • روسيا

يبدو أن روسيا تدعم موقف إيران على السطح، لكن الرأي العام الإيراني لا يثق بهذه الدولة. وأدانت روسيا كلا من انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل وحملة "أقصى ضغط" على إيران.

ولكن إلى جانب الأمن، كان أحد الجوانب الرئيسية للخطة بالنسبة لإيران هو مصلحتها الاقتصادية في إزالة العقوبات، وهو الأمر الذي لم تتحدث عنه روسيا.

وبالرغم من اتخاذ بعض الخطوات، مثل زيادة التجارة بالعملات الوطنية، إلا أن احتياجات إيران، وهي في المقام الأول مبيعات النفط، لم يتم تلبيتها بشكل فعال؛ لأن روسيا نفسها دولة مصدرة للنفط. كما عارضت روسيا تمديد حظر الأسلحة على إيران؛لأنها فقط تأمل في بيع الأسلحة لإيران.

  • الصين

يمكن منح الصين لقب الدولة الأكثر غموضا في هذا الاتفاق. ومثل روسيا، عارضت كلا من انسحاب الولايات المتحدة من الخطة وحملة "أقصى ضغط" على إيران.

لكن في الوقت نفسه، غادرت الشركات الصينية، مثل شركة البترول الوطنية الصينية، إيران، وانخفضت واردات الصين من النفط الإيراني بشكل كبير.

وعارضت الصين عضوية إيران في منظمة "شنغهاي" للتعاون.

لكن الصينيين لا يمتنعون عن القيام بتدريبات بحرية مشتركة مع إيران. ورغم أن الدولتين عززتا علاقاتهما خلال جائحة "كورونا"، أظهرت الصين بالفعل، مثل روسيا، أنها ليست حليفا موثوقا لإيران. وهي مستعدة فقط للتعاون مع إيران في إطار ما يخدم فقط مصالحها الخاصة.

أما بالنسبة لخطة العمل الشاملة المشتركة، التي كان من الممكن أن تعمل كأساس لعدم انتشار الأسلحة النووية فإنها تحتضر الآن.

وأعلن المسؤولون الأمريكيون أنهم سيمنعون رفع حظر الأسلحة المفروض على إيران، الذي كان من المقرر أن ينتهي في أكتوبر/تشرين الأول بموجب الاتفاق. وحذرت إيران من أن مثل هذه الخطوة ستكون نهاية الخطة تماما.

ولم يتسبب خروج إدارة "ترامب" من الخطة في مشاكل للدول الأخرى فحسب، بل خلق تحديات جديدة ربما لا يمكن للولايات المتحدة التغلب عليها.

وربما خلص "ترامب" الآن إلى أن "خطة العمل الشاملة المشتركة" لم تكن، في الواقع، أسوأ صفقة في تاريخ الولايات المتحدة كما ادعى سابقا، لكن الانسحاب منها كان بالتأكيد خطأه الأكبر في السياسة الخارجية.

المصدر | جليل بيات/ريسبونسيبل كرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

خطة العمل المشتركة الشاملة الاتفاق النووي الإيراني الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الاتحاد الأوروبي

بريطانيا تهدد بالانسحاب من الاتفاق النووي إذا خرقته إيران

بومبيو: علماء إيران النوويون أمام خيارين لا ثالث لهما

إيران: البرنامج النووي لن يتأثر بإنهاء الإعفاء من العقوبات

الطاقة الذرية: إيران تضاعف مخزون اليورانيوم وتمنع الزيارات الميدانية

الإيرانيون يتوقعون فيتو صينيا روسيا ضد مد حظر السلاح الأمريكي

مآلات التصعيد بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية

روسيا والصين ترفضان تمديد حظر الأسلحة على إيران

ظريف يرد على اتهامات نائب برلماني بمخالفة تعليمات خامنئي

مستقبل العلاقات الخليجية الأوروبية في زمن التراجع الأمريكي

روسيا: فرصة إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني لا تزال قائمة