«جلوبال ريسك»: القيادة السعودية تواجه أزمات محدقة

الأربعاء 19 أغسطس 2015 12:08 م

تواجه المملكة العربية السعودية تحديات مالية، والتي من المرجح أن تُترجم أيضا إلى تطور في الوضع الاقتصادي على مدى السنوات القليلة المقبلة.

تمثل صناعة النفط في المملكة نحو 80% من الإيرادات الحكومية. ومع سقوط أسعار النفط دون 50 دولار للبرميل، فإن المملكة العربية السعودية تشهد عجزا في الميزانية. وانخفضت احتياطيات العملة الأجنبية إلى 59.8 مليار دولار من نهاية 2014 حتى يونيو / حزيران 2015، عندما بلغت الاحتياطيات ما مجموعه 664.5 مليار.

ومن أجل جمع الأموال، فإنه في يوليو/تموز 2015، باعت المملكة العربية السعودية سندات للمرة الأولى منذ ثماني سنوات، وهي الخطوة التي أعقبها بيع ما يعادل 5.3 مليار دولار في صورة سندات في 10 أغسطس/آب.

وتفاقم النفقات المتزايدة المشاكل المالية في المملكة العربية السعودية. ويحكم النظام السعودي قبضته على السلطة، ويرجع ذلك جزئيا إلى الإنفاق الاجتماعي السخي. وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط، وعندما جاء إلى السلطة في يناير/كانون الثاني، منح الملك سلمان مكافآت الرواتب لموظفي القطاع العام.

وفي نفس الوقت؛ فإن زيادة مشاركة المملكة العربية السعودية في الصراعات العسكرية في أجوارها باتت مكلفة. وقد ساهمت الصراعات في اليمن وسوريا والتوترات الإقليمية الأخرى في نمو بنسبة بلغت 17% في الإنفاق على الدفاع في عام 2014. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة؛ ومن المتوقع أن المملكة العربية السعودية تزيد الإنفاق على الدفاع بنسبة 27% أخرى.

وفي الوقت الذي ظلت فيه أسعار النفط في الانخفاض والنفقات تنمو، فإن احتياطات المملكة العربية السعودية سوف تتراجع، وتعمل على جمع الأموال في أسواق السندات الدولية. ومع ذلك؛ فإنه على المدى الطويل، فإن الموارد المالية في المملكة العربية السعودية ليست مستدامة. وبدون الاستثمار في القطاعات غير النفطية في الاقتصاد، وإعطاء الأولوية للتعليم الشباب السعودي، وبناء نظام الضرائب، فإن الاقتصاد في المملكة ينخفض، وتحدث مشكلات جسيمة على المدى الطويل.

وبينما تعمل المملكة العربية السعودية على مواجهة تحديات انخفاض أسعار النفط، تسعى المملكة أيضا للتخفيف من تأثير التحولات الجيوسياسية الإقليمية على الأمن الداخلي. هجمات المتطرفين ليست غير مسبوقة في المملكة: سيطر في عام 1979 متشددين بشكل مؤقت على المسجد الحرام في مكة المكرمة، كما كان هناك اشتباكات بين عامي 2001 و 2006 مع مسلحي القاعدة من قبل قوات الأمن السعودية، وكانت هناك هجمات على غربية داخل البلاد.

ومع ذلك؛ فإنه على مدى الأشهر الماضية برز تهديد جديد للأمن السعودي الداخلي والاستقرار؛ «الدولة الإسلامية». وفي مايو/أيار؛ قتلت الهجمات على المساجد الشيعية في المملكة العربية السعودية 25 شخصا، ما يهدد بزيادة التوترات الطائفية داخل المملكة، حيث أن الشيعة أقلية.

وقد تبنت «الدولة الإسلامية» أيضا مسؤولية إطلاق النار على رجال الشرطة في الرياض، في انفجار سيارة ملغومة خارج السجن، وهجوم انتحاري في 6 أغسطس/آب الجاري استهدف مسجدا يرتاده قوات الأمن. والجدير بالذكر؛ أن مرتكب هجوم 6 أغسطس/آب مواطن سعودي، وهو ما يعزز المخاوف بين صناع القرار السعودي بشأن الإرهاب الداخلي ودعم «الدولة الإسلامية»، لا سيما بين الشباب السعودي.

وتحاول القيادة السعودية الآن الانتقال إلى تطبيق واقع جديد في المنطقة. لقد راقب صناع القرار في المملكة العربية السعودية بقلق ما قامت به الإدارة الأمريكية والقادة الأوروبيين من تفاوض مع طهران، في الوقت الذي يسعى فيه الجيش الأمريكي والمليشيات الإيرانية إلى تحقيق أهداف مماثلة في العراق في قتالهم ضد الدولة الإسلامية.

الجهود التي تقودها السعودية لدحر الحوثيين في اليمن هي في جزء منه رد فعل على هذه الديناميكيات المتغيرة، في الوقت الذي يتبنى فيه السعوديون نهجا أكثر مباشرة في تحقيق أهدافهم الاستراتيجية وتأكيد مكانتهم في المنطقة. وعندما يتعلق الأمر بسوريا، فإن المملكة العربية السعودية أيضا تستخدم كل السبل الدبلوماسية، وتدعم بعض الجماعات المتمردة في محاولة للتأثير على مستقبل البلاد.

إن المملكة العربية السعودية على مفترق طرق: انخفاض أسعار النفط يقوض قدرتها لعقود طويلة في البلاد على تمويل النفقات الهائلة التي تستخدم في الغالب عائدات الطاقة، في حين تساهم التحولات الجيوسياسية في التهديدات الأمنية الداخلية والتغييرات الاستراتيجية السياسة الخارجية للمملكة.

وتعدّ المملكة العربية السعودية - في جوهرها - دولة هشة. ويحكم «آل سعود» شبه الجزيرة، ويعتمد على المؤسسة الدينية - العلماء – للحصول على شرعيته بين الجمهور. ولكن الثروة النفطية - قبل كل شيء - هي التي سمحت للنظام بمنع الاضطرابات الاجتماعية على مر السنين وسحق المعارضة. وعلاوة على ذلك، سمحت الضمانات الأمنية الأمريكية والمملكة على حد سواء بشراء معدات عسكرية غربية وتلقي مساعدة الدفاع مباشرة.

وفي حين أن المملكة العربية السعودية لا تزال تحتفظ بتعاون وثيق مع الولايات المتحدة، وبينما المملكة لديها احتياطيات مالية كبيرة، فإن التحولات الجيوسياسية والاقتصادية تشكل تحديا كبيرا للمملكة في السنوات القادمة.

  كلمات مفتاحية

السعودية الملك سلمان أسعار النفط الدولة الإسلامية محمد بن سلمان أزمات الاحتياطي النقدي

«فورين بوليسي»: قنوات الاتصال السرية بين السعودية وسوريا لإنهاء الحرب

«غارديان»: السعودية تقاتل على جبهتين والرخاء النفطي ربما يكون في طريقه إلى الجفاف

مخاوف السعودية من الاتفاق النووي قد تدفعها لتغيير سياستها مع الغرب

إعادة ترتيب أولويات السياسة الخارجية السعودية

كيف سيشكل النفط مستقبل العلاقات السعودية الإيرانية بعد الاتفاق النووي؟

في المملكة العربية السعودية: المشكلات الحقيقية تأتي من الداخل