مخاوف السعودية من الاتفاق النووي قد تدفعها لتغيير سياستها مع الغرب

الثلاثاء 28 يوليو 2015 02:07 ص

تتزايد مخاوف السعودية من تنامي النفوذ الإقليمي لإيران بعد الاتفاق النووي مع الغرب، ولا يستبعد خبراء حدوث تحول في سياسة الرياض، حيث قد يؤدي ذلك إلى تصادم في المصالح مع الغرب في المنطقة خصوصا في موضوعي سوريا واليمن.

فعقب التوصل إلى الاتفاق التاريخي مع إيران بشأن برنامجها النووي، تتوالي زيارات مسؤولين غربيين لطهران، وتتسلط الأضواء أيضا على السعودية، الغريم التقليدي لإيران المستاء مما تم التوصل إليه في الاتفاق.

فبينما يدرس المراقبون تداعيات الاتفاق النووي على الدور المستقبلي لإيران في منطقة الشرق الأوسط، تتسلط الأضواء أيضا على تأثير هذا الاتفاق في استراتيجية السعودية في المنطقة وعن احتمال حدوث تغيير في دورها خاصة في الملفين السوري واليمني.

ويرتقب أن تقوم وزيرة خارجية «الاتحاد الأوروبي»، «فيديريكا موغيريني» بزيارة لطهران قادمة إليها من السعودية لتلتقي بنظيرها الإيراني «محمد جواد ظريف» الذي توجه بدوره إلى الكويت وقطر في أول زيارة يجريها لدول خليجية منذ التوصل للاتفاق، وسيزور بعدها العراق.

خيارات للسعودية

تتجه الأنظار تحديدا نحو اليمن، أحدث ساحات المواجهة بين السعودية وإيران أو ما يُطلق عليه «الحرب بالوكالة» بين الطرفين، إذ تسعى السعودية من خلال التحالف العربي الذي شكلته إلى إضعاف مكانة الرئيس السابق «صالح» وجماعة «الحوثيين» المدعومة من إيران.

ويرى خبراء غربيون أن أول ما ستسعى إليه السعودية، كرد فعل على الاتفاق مع إيران، هو العمل على تحقيق أكبر قدر من المكتسبات في اليمن لتأمين موطئ قدم لحكومة «عبدربه منصور هادي» الموالية لها وربح الوقت قبل أن يستفيد الاقتصاد الإيراني من رفع العقوبات المطبقة عليه.

ولم تستبعد بعض المصادر أن تلجأ السعودية إلى استخدام القوات الخاصة على الأرض في اليمن واحتمال استخدامها أيضا للضربات الجوية لحلفائها في سوريا لتحقيق أكبر قدر من التقدم.

وفي حال تحقيق هذه التنبؤات فإن ذلك سيعني حدوث تصعيد في العلاقات مع إيران، قد يشكل ذلك إزعاجا للقوى الغربية التي تحاول تهدئة الأمور مع حلفائها المنزعجين من التقارب الحاصل مع طهران بما في ذلك الرياض نفسها، لكن «ميخائيل نبيل» دكتور العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن يرى أن الملف اليمني لا يشكل قضية استراتيجية خطيرة بالنسبة للغرب كما هو الحال بالنسبة لسوريا والعراق، ويقول إن اليمن قضية أمن قومي بالنسبة للسعودية بسبب الحدود المشتركة مع اليمن، والغرب يدعم حتى الآن الجهود السعودية في اليمن رغم تحذيره من وقوع كوارث إنسانية.

توافق أم تصادم في المصالح؟

أما فيما يتعلق بالملف السوري فيرى «ميخائيل» أن الأمر أكثر تعقيدا بسبب تباين المواقف، ويشرح ذلك قائلا: «السعودية تريد تدخلا أمريكيا غربيا في سوريا بينما روسيا تعارض بشدة هذا التدخل والولايات المتحدة مترددة في ذلك، بالمقابل فإن الموقف الأوروبي مختلف إذ تحاول بعض القوى الأوروبية إيجاد دور لبشار الأسد في حل الأزمة السورية وهو ما تعارضه السعودية، تباين المواقف بين القوى الغربية نفسها هو ما يجعل الملف السوري أكثر تعقيدا»، حسب «ميخائيل».

ورغم ذلك يرى الخبير السياسي أن مصالح السعودية والغرب لم تصل حد التصادم، ويقول «ليس تصادما ولا انسجاما، هو باعتقادي توافق مع وجود الحاجة لمراجعة العلاقات السعودية الغربية من حين لآخر للتأكد من نجاح السياسات المشتركة في المنطقة».

ويضيف «ميخائيل» أن السعودية -رغم كل مخاوفها- لم تعترض رسميا وعلنا على الاتفاق النووي بسبب ارتباطاتها المهمة مع الغرب، لكن لديها تساؤلات كبيرة حول طموحات إيران.

من جهته يرى «زيدان خوليف» أستاذ العلاقات الدولية بجامعة باريس أن الذي تغير في التعاون السعودي الغربي هو قبل كل شيء عودة التوازن إلى العلاقات بين الطرفين، السعودي والغربي.

ويعزو ذلك إلى نقطتين أولها تراجع حاجة الولايات المتحدة عن نفط السعودية والثانية هو حدوث تحول في سياسة الرياض منذ تسلم الملك «سلمان بن عبدالعزيز» مقاليد الحكم، ويضيف «ما حدث هو أن الملك سلمان يحرص على إعادة نوع من التوازن في العلاقات من الندية التي غابت عن السياسة السعودية والخليجية بشكل عام منذ وفاة الملك فيصل، وتابع الخبير السياسي أن الولايات المتحدة لم تعد تولي بنفس القدر تلك الأهمية للشرق الأوسط، خاصة في ظل الأزمات السياسية الكبيرة التي تعيشها المنطقة».

تكتل سني إقليمي

ويبدو جليا من تحركات المسؤولين الأمريكان والأوروبيين والتطمينات التي يبعثونها لحلفائهم القلقين من النفوذ الإيراني، أن هناك انفتاحا غربيا يحاول أن يوازن بين واقع وجود إيران كقوة فرضت نفسها في التوازنات العالمية الجديدة، سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا، وبين الاحتفاظ بالمصالح المشتركة مع الدول الخليجية، التي تمثل بالنسبة للغرب أسواقا مهمة.

في «إسرائيل» التي كانت من أوائل المنتقدين للاتفاق الغربي الإيراني، يجري نقاش أيضا حول خيارات السعودية بعد الاتفاق مع إيران وتأثيرات ذلك، إذ نقلت صحف إسرائيلية أن سعي السعودية أكثر من أي وقت مضى إلى إسقاط نظام «الأسد» قد يجلب مأزقا استراتيجيا لـ«إسرائيل بسبب الخشية من صعود تنظيمات سنية متطرفة إلى السلطة في سوريا، خاصة وأن الرياض عملت على تغيير سياستها تجاه جماعة «الإخوان المسلمين» وفروعها في المنطقة، بسبب حاجتها الآن إلى الحركات السنية المعتدلة في المنطقة.

كما أردفت تلك المصادر أن السعودية قد تصبح أول دولة في المنطقة تخوض سباق تسلح نووي عقب الاتفاق مع إيران حفاظا على أمنها القومي الذي تعتبره في خطر بعد التقارب الغربي الإيراني.

ويرجح الخبير «خوليف» أن أول ما ستلجأ إليه السعودية هو إحداث تحالف مع القوى المؤثرة في العالم السني ويقصد بها تركيا وباكستان، ويقول قد يكون ذلك تلاحما سنيا جديدا وقويا بهدف تطويق خطر إيران، التي يُنظر إليها كحليف مستقبلي للولايات المتحدة.

  كلمات مفتاحية

الاتفاق النووي السعودية إيران الولايت المتحدة اليمن سوريا

إطاحة الكونغرس بالاتفاق النووي الإيراني.. رغبة 52% من الأمريكيين

إيران: الاتفاق النووي سيجعلنا أكثر قوة.. ولن ننشر خريطة الطريق

العرب والاتفاق النووي: ما العمل؟

الرد الخليجي على الاتفاق النووي

السعودية والاتفاق النووي

الوجه الآخر للاتفاق النووي مع إيران

الاتفاق النووي يسمح لإيران بمواكبة التفوق الخليجي الهائل في الأسلحة التقليدية

«ميدل إيست بريفينج»: السعودية تواجه خطر خسارة حلفائها السنة بعد الاتفاق النووي

النووي الإيراني والعرب و«إسرائيل» وأمريكا

صحيفة: ظريف طرح حوارا إيرانيا خليجيا في سبتمبر لحل الخلافات

الخارجية الأمريكية توافق على بيع صواريخ باتريوت للسعودية بقيمة 5.4 مليار دولار

«مدينة الملك عبدالله» تنتظر «موافقات رسمية» لبناء المفاعل النووي في السعودية

سفير أمريكي سابق لدى السعودية ينتقد سياستها تجاه طهران ويشيد بالملك «سلمان»

طهران تؤكد مساعي قطرية عمانية لعقد محادثات إيرانية خليجية

«جلوبال ريسك»: القيادة السعودية تواجه أزمات محدقة

«بروكنغز»: كيف تسبب الاتفاق النووي في تصعيد الصراع السعودي الإيراني؟