ركزت الكثير من الانتقادات التي وجهت إلى الاتفاق النووي المقترح مع إيران على حقيقة أنه سيسمح بعمليات نقل الأسلحة التقليدية إلى إيران في غضون خمس سنوات إذا التزمت إيران التوافق التام والتنفيذ الواضح لجميع الجوانب الأخرى من الاتفاق. ومن الناحية العملية، هذا لا يُلزم أي بلد ببيع الأسلحة إلى إيران، كما أنه لا يؤثر على الولايات المتحدة والقيود الأوروبية المفروضة على مبيعات الأسلحة.
ومع هذا، يمكن أن فتح ذلك المجال إلى مبيعات أسلحة هامة من جانب روسيا والصين ودول أخرى محتملة. إن إيران بحاجة ماسة لتحديث دفاعاتها الجوية التي أصابتها الشيخوخة، وتزويدها بأحدث صواريخ أرض - جو، وعناصر أخرى كثيرة داخل نظم أسلحتها، فضلا عن الحصول على التكنولوجيا الخاصة بمجموعة واسعة من أجهزة الاستشعار الجديدة والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع وتحسينات أخرى في قدراتها القتالية.
ورغم ذلك، فإنه من الأهمية بمكان إبقاء مثل هذه المخاطر في التصور وعدم تغييبها عن الأذهان. إيران بالفعل قادرة على استغلال شبكة واسعة من مكاتب الشراء والمنظمات كغطاء لشراء التكنولوجيا الحيوية، وقطع الغيار، وغيرها من المعدات العسكرية. ويستغرق ذلك وقتا لاستيعاب عمليات نقل الأسلحة حتى عندما تأتي، وتواجه إيران تراكما هائلا من التقادم، وأنظمة مهترئة، وتحسينات متداخلة، وجهود حرجة في تكامل النظم.
في العالم الحقيقي، إيران بأي حال من الأحوال هي المهيمن على المنطقة، تماما كما أظهرت دراسة حديثة من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية تناولت التوزان العسكري في منطقة الخليج. وحملت هذه الدراسة عنوان الشراكة الاستراتيجية العربية - الأمريكية وتغير ميزان الأمن في منطقة الخليج.
ويقارن الفصلين الثاني والثالث من هذه الدراسة بين حجم النفقات العسكرية الإيرانية ومثيلتها في دول الخليج العربي إضافة إلى عمليات نقل الأسلحة. وتقوم الفصول التالية بتحليل حدود القوات التقليدية الإيرانية وتنامي قدرة قوات دول الخليج العربي. ويحلل الفصل الثاني عشر نطاق الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة مع دول الخليج بشكل فردي في جزء ودول الخليج العربي ككل في جزء آخر.
ويبين التقرير أن دول الخليج العربي لديها بالفعل تفوق هائل بفارق كبير للغاية على إيران تقريبا في كل الأسلحة التقليدية، باستثناء مجموع القوى العاملة العسكرية. كما أنه يظهر أيضا أن الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ساهمت في تسليم بعض الأسلحة الحديثة في العالم لدول الخليج العربية، ما جعل عمليات نقل الأسلحة تجري على نطاق واسع.
وهذا يعتمد أيضا على تقديرات الحكومة الأمريكية، والعمل الذي تقوم به المنظمة الدولية للدراسات الاستراتيجية ومعهد أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم وغيرهما لتقديم صورة موسعة عن مجرد حجم تقدم الدولة الخليجية العربية على إيران في نقل الإنفاق والأسلحة العسكرية:
وبصفة عامة، فقد انفقت دول الخليج العربية في دول مجلس التعاون الخليجي ما لا يقل عن ستة أضعاف ما تم إنفاقه على القوات العسكرية التقليدية منذ عام 1997، ما انعكس على توسع قيادة الخليج العربي بشكل مطرد. تقديرات عام 2014 ليست مؤكدة، ولكن يبدو أن دول مجلس التعاون الخليجي قد أنفقت ما يزيد على 114 مليار دولار أمريكي على الدفاع مقارنة بحوالي 16 مليار إجمالي ما أنفقته إيران.
لقد أنفقت المملكة العربية السعودية وحدها نحو 5.5 مرات أكثر من إيران على جيشها، وأنفقت دولة الإمارات العربية المتحدة ما يقرب من ضعفي إيران خلال هذه الفترة. وبصفة عامة، أنفقت دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة أكثر من 9 مرات ضعف إنفاق إيران على جيشها.
وتشير تقديرات دائرة الأبحاث في الكونجرس الأمريكي أن إيران تلقت 3.4 مليار في شكل شحنات أسلحة جديدة خلال الفترة من 2004 - 2007، و800 مليون دولار خلال 2008 - 2011، وعموما لم تملك الوصول إلى أي أسلحة حديثة متطورة. وتلقت دول الخليج العربية 22.6 مليار دولار في شكل شحنات أسلحة خلال الفترة 2004 – 2007، و15.9 مليار في 2008 – 2011.
وإذا نظرنا إلى إجمالي 2004، فقد حصلت إيران على أسلحة بقيمة 4.2 مليار دولار، بينما حصلت دول الخليج العربية على أسلحة بقيمة 38.5 مليار دولار، أي أكثر من تسع مرات من إيران، وكان لديهم إمكانية الحصول على بعض الأسلحة المتطورة المتاحة.
وتشير تقديرات مركز أبحاث الكونجرس الأمريكي أن إيران أنفقت 2.1 مليار دولار على طلبات عسكرية جديدة خلال الفترة 2004 – 2007، و300 مليون دولار في 2008 - 2011، وللمرة الثانية عموما لم يكن لديها إمكانية الوصول إلى مشتريات الأسلحة الحديثة المتطورة. وأنفقت دول الخليج العربية 30,5 على طلبات عسكرية جديدة خلال الفترة من 2004 حتى 2007، 75.6 مليار في 2008 – 2011.
وإذا نظرنا إلى إجمالي الفترة من 2004 - 2011، فقد وضعت إيران 2.4 مليار دولار في طلبات أسلحة جديدة، بينما أنفقت دول الخليج العربية 106,1 مليار دولار، وللمرة الثانية أيضا يظهر العرب في مقدمة زيادة قدرات التسلح بشكل ملفت للنظر خلال الفترة 2008 - 2011. والمجموع العربي أيضا أكثر من إيران بحوالي 40 مرة.
وتتجاهل هذه الأرقام رفع مستوى القوات الأمريكية في منطقة الخليج، والاستثمارات الضخمة من الولايات المتحدة في أجهزة الاستشعار الفضائية وغيرها، فضلا عن احتكار الولايات المتحدة للأنظمة الرئيسية مثل مقاتلات الشبح. وهم يقصدون بالكاد أن نقل الأسلحة في المستقبل لإيران لن يكون من الأهمية بمكان، لكنهم يدللون على أن دول الخليج العربية يمكنها بسهولة مواصلة الحفاظ على الصدارة الحاسمة في التكنولوجيا فوق إيران.
كما يظهرون أيضا الحجم الهائل من الالتزام الاستراتيجي للولايات المتحدة تجاه دول الخليج، وأن الولايات المتحدة ليس لديها نية للتحول إلى إيران على حساب الدول العربية. وسلمت الولايات المتحدة للسعودية أسلحة بقيمة 7,3 مليار من أصل 22.6 لدول الخليج العربي خلال الفترة 2004 - 2007، و9.4 مليار دولار من أصل 15.9 مليار حصلت عليها دول مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة 2008 - 2011.
دور الولايات المتحدة هو أكثر أهمية في طلبات شحنات الأسلحة الجديدة التي ستشكل التوازن العسكري الخليجي في المستقبل. لقد باعت الولايات المتحدة ما قيمته 7.9 مليار دولار من أصل 30.5 مليار خلال طلبات أسلحة جديدة من قبل الدول العربية خلال الفترة 2004 - 2007، وحوالي 64.5 مليار دولار من إجمالي 75,6 مليار من الأسلحة التي حصلت عليها دول مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة 2008 - 2011. وكشف اكثر من تحليل صادر مؤخرا أن عمليات نقل الأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية وحدها خلال شهر أكتوبر / تشرين الأول من عام 2010 وحتى أكتوبر/تشرين الأول عام 2014 بلغت 90.435 مليار دولار.