«بلومبرغ بيزنس»: إلى أي مدى يمكن للاقتصاد السعودي أن يصمد ضد النفط الرخيص؟

السبت 22 أغسطس 2015 05:08 ص

لقد كان سعر النفط في أدنى مستوى له منذ أكثر من عشر سنوات، وكان هناك استنفاد للاحتياطيات النقدية، كما كانت الأسواق الناشئة في حالة اضطراب، وسادت حالة الذعر المملكة العربية السعودية.

«لقد كانت لحظة مخيفة للغاية»، بحسب «خالد السويلم»، المسؤول السابق في مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي السعودي)، والذي تابع «ولكن لحسن الحظ في تلك المرحلة، بدأت أسعار النفط بالصعود، ولم يكن هناك تعافي جراء التخطيط المسبق، بل كان مجرد ضربة حظ جيدة».

كان ذلك عام 1998، وفي الوقت الراهن تتهدد ثروات المملكة العربية السعودية مرة أخرى، ولكن هذه المرة قد لا يكون الحظ حليف المحاولات الحكومة الساعية لحماية ثروة الأمة، التي تضاعف حجمها خمس مرات منذ الأزمة السابقة، خاصة في ظل قيام الدولة التي تعتبر معقلا للإسلام السني المحافظ بتوسيع دورها ضمن الصراعات الإقليمية لمواجهة النفوذ الإيراني وعناصر «الدولة الإسلامية» الذين فجروا المساجد السعودية خلال الفترة الماضية.

ويتوقع الاقتصاديون عجزا في ميزانية المملكة السعودية قدره 20% من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن صندوق النقد الدولي يتوقع حصول أول عجز في الحساب الجاري السعودي منذ أكثر من عقد من الزمان، حيث تراجعت احتياطيات البنك المركزي السعودي بمقدار 10% مقارنة باحتياطيات العام الماضي، وهو ما يُعبر عنه بلغة الأرقام بمبلغ 70 مليار دولار في سنة واحدة.

ونتيجة لذلك، تتصاعد الرهانات على انخفاض قيمة الريال، حيث خسر مؤشر تداول العام،سوق الأسهم السعودي، 18% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مجبراً من خلال ذلك أسهم جميع أنحاء منطقة الخليج عن الانخفاض نزولا، كما وصلت معدلات التداول القياسية إلى ما يسمى بتقاطع الموت في يوم 18 أغسطس / آب، وهي إشارة يفهمها بعض المستثمرين بأنها تدل على توقع المزيد من الخسائر في المستقبل.

الصبر السعودي

تلعب السعودية «لعبة الانتظار» بحسب «روبرت بورغيس»، كبير الاقتصاديين في دويتشه بنك للأسواق الناشئة في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، والذي تابع «إن ميزانية السعودية للعام القادم ستكون علامة فارقة مهمة للغاية ستركز عليها الأسواق باهتمام تام».

مع انخفاض أسعار النفط لأكثر من النصف خلال الأشهر الـ12 الماضية إلى أقل من 50 دولارا للبرميل، تواجه المملكة العربية السعودية اليوم ذات المشاكل المالية التي واجهتها في أزمة عام 1998.

ويأتي الفرق في الميزانية من التكلفة الباهظة التي تتحملها الدولة لتحافظ على كونها الملاذ الأول لتوظيف العاطلين عن العمل، وعلى صفتها كضامن لمستوى الثروات التي اعتاد عليها السعوديون منذ الأزمة الماضية؛ حيث تدعم الحكومة السعودية سعر البنزين الذي لا يتجاوز الـ16 سنتا للتر الواحد، وعلى الرغم من فرض ضريبة دينية على الأموال تتمثل بالزكاة، إلا أنه لا يوجد ضريبة على الدخل الشخصي في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة.

«لا يمكن للحكومة السعودية الاستمرار بكونها الملاذ الأول للتوظيف، ولا يمكنها الاستمرار في دفع عجلة النمو الاقتصادي من خلال القيام بمشاريع البنية التحتية الكبيرة، كما لا يمكنها المحافظة على ذات المستوى من الإنفاق على الإعانات والإنفاق الاجتماعي»، بحسب «فاروق سوسة»، كبير اقتصاديي الشرق الأوسط في مركز سيتي جروب في لندن.

حلول مأمولة

وهذا لا يعني أن المملكة العربية السعودية تتجه لهذا النوع من خفض الانفاق وزيادة الضرائب بشكل أكثر مألوف لضربها تقشف الأوروبيين. وقال «جمال خاشقجي»، المستشار الإعلامي السابق للأمير السعودي «تركي الفيصل» عبر الهاتف  من الرياض إن الحكومة، على سبيل المثال، يمكنها تجميد توسيع المسجدين في مكة المكرمة أو فرض ضريبة على ملاك الأراضي الأثرياء.

«هناك قائمة طويلة من الأشياء التي يمكن للمسؤولين السعوديين القيام بها تلامس معيشة المواطن السعودي العادي»، بحسب «خاشقجي» الذي أضاف «نعم؛ إنها فترة صعبة، وربما كان يمكن أن تكون أفضل بكثير إذا كنا قد فعلنا ما نفعله اليوم قبل بضع سنوات مضت عندما كان سعر النفط في متوسط 100 دولار».

وخلال تلك الأوقات الجيدة، فإن الملك «عبد الله»، الذي حكم من 2005 حتى توفي في يناير/كانون الثاني، قام بزيادة الإنفاق الاجتماعي في الوقت الذي أطاحت انتفاضات الربيع العربي بالقادة في أماكن أخرى.

كما أنها ليست مثل المملكة العربية السعودية التي لا تملك السيطرة على مصيرها. وانتعش النفط بعد عام 1998 لأسباب ليس أقلها أن السعوديين يستخدمون نفوذهم كزعيم فعلي لمنظمة البلدان المصدرة للبترول، أو منظمة أوبك.

ما هي الأزمة؟

وقامت الدولة بخفض الإنتاج ورفع الأسعار خلال العام الماضي لكسب حصة في السوق ضد صناعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة وغيرها من المنتجين في ظل ارتفاع النفقات، حتى لو كان هذا يأتي على حساب مواردها المالية. ولا تزال المملكة العربية السعودية تمتلك صافي أصول أجنبية يبلغ 664 مليار دولار، أي ما يعادل تقريبا 90% من الناتج المحلي الإجمالي، مع ديون أقل.

«لن أقول أن هناك أي نوع من الأزمات أو حتى أزمة في الأفق القريب»، بحسب «ديفيد باتر»، زميل مشارك في «تشاتام هاوس» في لندن. وقال «إنهم في قطاع النفط كان لديهم فترة جيدة جدا طويلة، وهذا ليس نموذجي».

وحتى مع ذلك، يوصي صندوق النقد الدولي أن تسيطر المملكة العربية السعودية على فاتورة الأجور المتنامية، وإجراء تغييرات على الدعم الحكومي للوقود والكهرباء، وجلب المزيد من الإيرادات غير النفطية من خلال الضرائب. وقال «سوسة» في سيتي جروب إن سعر التعادل، نقطة موازنة الميزانية، يبلغ حوالي 100 دولار .

وقالت مجموعة «سامبا المالية»، ومقرها الرياض، في تقرير 18 أغسطس/آب إن الدعم على الوقود وحده سوف يكلف المملكة العربية السعودية حوالي 195 مليار ريال (أي ما يعادل 52 مليار دولار) هذا العام، أي 8% من الناتج المحلي الإجمالي. وقد دعا محافظ البنك المركزي «فهد المبارك» بالفعل إلى إعادة النظر في دعم الأسعار.

ويمكن للمجلس الاقتصادي الجديد برئاسة نائب ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» أن يساعد في إجراء التغييرات إذا كان يمكن أن تحرك بسرعة، على حد قول «السويلم»، رئيس الاستثمار السابق، والذي يعمل حاليا زميل في مركز بيلفر في جامعة هارفارد.

وبينما نصيب الفرد أقل في دول خليجية أصغر، مثل  قطر والإمارات العربية المتحدة، فإن الثروة النسبية للمملكة العربية السعودية تعني أن الحكومة قد تحتاج إلى التعامل بحذربحسب سوسة.

وتابع: «هذه الظروف متفجرة سياسيا بالتأكيد. لقد اعتادت الناس على نمط حياة معينة، وأسلوب حياة أكبر بكثير من حيث الفخامة التي كانت سائدة في عام 1998».

  كلمات مفتاحية

السعودية انخفاض أسعار النفط الاحتياطي النقدي النفط الصخري

«التليجراف»: السعودية قد تفلس قبل أن تستطيع لي ذراع صناعة النفط الأمريكية

«فاينانشيال تايمز»: دول الخليج بدأت تشعر بوطأة انخفاض أسعار النفط

«ذي إيكونوميست»: تراجع أسعار النفط لم يكبح طفرة النفط الصخري

«فورين بوليسي»: ثورة النفط الصخري تحطم قواعد اللعبة

«فاينانشيال تايمز»: انخفاض أسعار النفط يترك دول الخليج أمام خيارات إصلاح صعبة

مسؤول سعودي سابق يحذر من إغراق إيران لأسواق النفط

رجال أعمال واقتصاديون سعوديون متخوفون من «غيمة اقتصادية سوداء» مع هبوط النفط

تصنيفات دولية تهوي بالبورصة السعودية 5.34% في دقائق

رويترز: حلم إصلاح الاقتصاد السعودي يتبلور في ظل خطة التحول الوطني

السعودية: 270 مليار ريال تكلفة إعادة برمجة مشروعات في الإسكان والنقل والصحة