سفير أمريكي سابق في سوريا يدعو بلاده للحوار مع «أحرار الشام»

الأربعاء 26 أغسطس 2015 09:08 ص

رغم النفوذ القوى التي تتمتع به حركة «أحرار الشام الإسلامية» في مناطق شمالي ووسط سوريا، ترفض واشنطن التعامل معها انطلاقا من خلفيتها كـ«حركة جهادية إسلامية»، لكن مسؤولين ودبلوماسيين أمريكيين يرون أن التعامل مع هذه الحركة أمر ضروري في حسم المعركة مع تنظيم «الدولة الإسلامية» وبناء مستقبل سوريا، حسب تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز».

وقالت الصحيفة الأمريكية في تقريرها، الذي نشرته أمس الثلاثاء، إن حركة «أحرار الشام» ظهرت خلال الشهور الأخيرة كـ«واحدة من قوى المعارضة الأكثر قوة في سوريا؛ حيث تضم الآلاف من المقاتلين، وتتمتع بنفوذ سياسي، وعلاقات وثيقة مع القوى الإقليمية الرئيسية».

ولفتت إلى هذه الحركة تعهدت بمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، ودعت إلى التعامل مع الغرب.

وأضافت أنه «رغم كفاح الولايات المتحدة منذ فترة طويلة لإيجاد معارضة في سوريا قادرة على مواجهة نظام بشار الأسد وقتال تنظيم الدولة الإسلامية، لم تُبْدِ إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أي اهتمام بالعمل مع أحرار الشام».

وأوضحت أن اعتراض واشنطن على العمل مع « أحرار الشام» ينطلق من «خلفية الحركة التي تشكلت كحركة جهادية إسلامية، وهو القلق ذاته الذي قوض جهود سابقة بذلتها الولايات المتحدة لإيجاد شركاء لها في سوريا».

موقف واشنطن يصطدم مع الواقع

لكن الصحيفة اعتبرت أن الموقف الأمريكي «يصدم مع الواقع في سوريا»؛ حيث يرى محللون ومسؤولون أمريكيون سابقون أن «الأمر الذي يتزايد وضوحه هو: الحاجة للتعامل، ولو بحذر، مع جماعات في سوريا مثل حركة (أحرام الشام)؛ كي تتمكن من مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية بفعالية، وتؤثر على مستقبل هذا البلد العربي).

ومن أصحاب هذا الرأي «روبرت إس فورد»، وهو سفير أمريكي سابق لدى سوريا.

وموضحا حيثيات رأيه، صرح «فورد» لـ«نيويورك تايمز»، قائلا: «هم (يقصد: أحرار الشام) في منطقة رمادية، وفي الحرب الأهلية إذا لم تكن راغبا في إجراء محادثات مع فصائل المنطقة الرمادية، فلن يكون أمامك إلا عدد قليل من الناس الثمينين للحديث معهم».

وأضاف مشددا: «لا أدعو لدعم أحرار الشام ماديا، وليس بالتأكيد لتقديم مساعدة مادية قاتلة لها، لكن نظرًا لتواجد الحركة البارز في الجبهات الشمالية والوسطى (في سوريا)، فسيكون لها دور كبير في أي محادثات سلام؛ لذلك يجب علينا إيجاد قناة لبدء محادثات معها».

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن حركة «أحرار الشام» تتعاون مع «جبهة النصرة»، الجناح السوري لتنظيم «القاعدة».

وبينما يقول قادتها إنهم يسعون إلى تشكيل حكومة تمثيلية، فإنها تتجنب كلمة «الديمقراطية»، ويقولون إن الإسلام هو أساس الحكم في أي دولة تتشكل في سوريا مستقبلا.

وقالت الصحيفة إن «أسئلة مماثلة بشأن إمكانية التعامل مع القوى الإسلامية حول القضايا ذات الاهتمام المشترك شغلت بال صناع السياسة في الولايات المتحدة منذ انطلاق شرارة ثورات الربيع العربي، وفي المحادثات النووية مع إيران»، لافتة إلى أنه «كان ماثلا في أذهان القادة الأمريكيين صورة المجاهدين الذين دعمتهم الولايات المتحدة في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، والذين شكّلوا لاحقًا تنظيم القاعدة».

ولفتت إلى أن «تركيز الولايات المتحدة في سوريا حتى الآن على العمل مع الجماعات التي تصفها بـ(المعتدلة) أسفر عن عدد قليل من الحلفاء الأقوياء»؛ بينما «نجد أن قيادة المعارضة (السورية) في المنفى ليست لها صلة كبيرة بالقتال في الداخل السوري، في الوقت الذي انهارت فيه جماعات المعارضة المسلحة المدعومة من الغرب، وواجه (برنامج تدريب المعارضة المعتدلة) انتكاسات كبيرة».

العقبة في «جبهة النصرة»

وبينما التقى بعض الدبلوماسيين الأوربيين مع قادة سياسيين من حركة «أحرار الشام» أبقت واشنطن على عدم اهتمامها بالحركة.

ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول بارز في إدارة «أوباما»، قوله إن حركة أحرار الشام «تسعى إلى كسب القبول والاحترام»، وأشار هذا المسؤول إلى بيانات الحركة التي تؤكد فيها أن تركيزها ينصب فقط على سوريا، وعلى دعم سيادة القانون.

لكن مجموعة من المسؤولين الأمريكيين قالوا إنهم يعتبرون الجماعة متطرفة وتعاونها مع جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة السوري، يبقى عقبة رئيسية.

المسؤول البارز في إدارة «أوباما» أضاف (مشترطا عدم الكشف عن اسمه): «طالما أنها (أي: أحرار الشام) لا تزال قريبة من النصرة، فإننا لا يمكن أن نرى أنفسنا نعمل معهم».

بينما قال «جون كيربي»، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية في إميل إلكتروني أرسله، أمس، لـ«نيويورك تايمز»: «قلقنا مستمر بشأن علاقات الحركة مع المنظمات المتطرفة».

وتعد حركة «أحرار الشام الإسلامية» إحدى الفصائل العسكرية الإسلامية التي نشأت مع دخول الثورة السورية مرحلة القتال المسلح، وتم إعلان ظهورها يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، ويقدر عدد مقاتليها بحوالي 25 ألف مقاتل.

وفي 31 يناير/كانون الثاني 2014، أعلنت الحركة اندماجها مع تشكيلات إسلامية ضمن الجبهة الإسلامية السورية، وهي «لواء التوحيد» وحركات «الفجر الإسلامية»، و«كتائب الإيمان المقاتلة»، و«جيش الإسلام»، و«صقور الشام» وغيرها.

وينشط مقاتلو الحركة في مختلف المحافظات السورية، إلا أن قوتها تتركز في محافظتي إدلب وحلب، شمالي سوريا.

ووفق الصحيفة الأمريكية باتت حركة «أحرار الشام» «واحدة من أكبر الجماعات الثائرة في سوريا، ولها علاقات مع المقاتلين في جميع أنحاء البلاد، ولديها مكاتب للمساعدات والشؤون السياسية ، وتسيطر على المعبر الحدودي مع تركيا، وهي عضو رئيسي في جيش الفتح، وهو تحالف قوي للثوار، وهو بمثابة الحكومة في شمال غرب البلاد، ومثّل المعارضة في مفاوضات مباشرة مع إيران حول مصير المجتمعات المحاصرة».

وأضافت أن هذه الحركة «يقودها السوريون، وتضم عددا قليلا من المقاتلين الأجانب وتؤكد على وحدة الأراضي السورية، كما تعهد قادتها بحماية الأقليات، وبقتال الدولة الإسلامية».

والشهر الماضي، نشر «لبيب النحاس»، مسؤول العلاقات الخارجية في الحركة، في قسم مقالات الرأي في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية وصحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية، قائلًا إن حركته جزء من «المعارضة الرئيسية» في سوريا، مؤكدا أن تنظيم «الدولة الإسلامية» لا يمكن أن يُهزم إلا من خلال «بديل من السنة المحليين».

ووصف «النحاس» السياسة الأمريكية في سوريا بـ«الفشل الذريع»، وأكد أن المجموعة ملتزمة بالحوار، وتسعى لحكومة تمثيلية، من شأنها أن تحمي الأقليات، في حين تعكس حجم الأغلبية السنية في سوريا.

وخلص إلى القول إن على الإدارة الأمريكية «القبول بأن الإيديولوجية المتطرفة لتنظيم الدولة الإسلامية لن تهزم إلا ببديل سني محلي مع توصيف (معتدل) يحدده السوريون أنفسهم وليس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية".

  كلمات مفتاحية

سوريا الولايات المتحدة أحرار الشام الدولة الإسلامية المعارضة المعتدلة

«أحرار الشام» تعلن تشكيل قوة مركزية بديلة لجيش «الأسد» في سوريا

«أحرار الشام» تدعم إقامة منطقة آمنة شمالي سوريا

توقعات باستئناف أول مفاوضات بين إيران و«أحرار الشام»

«أحرار الشام» تنفى ارتباطها بـ«القاعدة» وتقول إنها ستحمي الأقليات

«أحرار الشام» تتهم إدارة أوباما بـ«الفشل الذريع» عبر «واشنطن بوست»

«واشنطن بوست»: حملة أمريكية سرية لاصطياد قيادات «الدولة الإسلامية»

«أحرار الشام» تقرر حضور مؤتمر الرياض لتؤكد على ثوابتها