هل تنجح جهود المعتدلين في إيران للتقارب مع السعودية؟

الاثنين 21 سبتمبر 2015 10:09 ص

مع تطلعها نحو الاستفادة من زخم الاتفاق النووي الذي تم إبرامه في يوليو/تموز الماضي، تسعى الحكومة المعتدلة للرئيس الإيراني «حسن روحاني» إلى الحد من التوترات مع من منافسيها الإقليميين وبخاصة المملكة العربية السعودية. هذه ليست مهمة صغيرة. لأنه ليس فقط على «روحاني» إقناع منتقديه في الداخل أن إصلاح العلاقات مع منافسه اللدود في مصلحة إيران، ولكن لا بد له أيضا من قراءة توجهات زعيم الرياض الجديد الملك «سلمان» والنخبة الحاكمة بشأن خطوة مماثلة.

«روحاني» لن يدخل هذه العملية بشكل أعمى، ولكنه سيحمل معه الدروس المستفادة من آخر تجربة حاولت فيها إيران تهدئة مخاوف المملكة العربية السعودية قبل ربع قرن.

في أوائل عام 1991، بعد أسابيع من طرد «صدام حسين» من الكويت، عملت طهران والرياض معا في بناء الثقة بشكل غير عادي. جاء ذلك في أعقاب عقد من العداء الشديد الذي أعقب الثورة الإيرانية عام 1979.  دعمت الرياض ببذخ حرب «صدام» ضد إيران طوال الثمانينيات، بينما لم تخف إيران آمالها في الإطاحة ببيت آل سعود. لكن قرار إيران بالبقاء بعيدا عن الخلاف السعودي العراقي أعوام 1990-1991 قد ساهم في كسر الجليد. وشرعت طهران والرياض جديا في البناء على الصفحة الراهنة وبدأ فصل جديد من العلاقات.

تمت دعوة الرئيس الإيراني الأسبق «أكبر هاشمي رافسنجاني» إلى الرياض. وتبادلت الدولتان السفراء بعد قطيعة دبلوماسية لمدة خمس سنوات. وزير الخارجية الإيراني الأسبق «علي أكبر ولايتي»، الذي يشغل اليوم موقع مستشار السياسة الخارجية للمرشد الأعلى للثورة «آية الله خامنئي» هو من قاد جهود التنسيق الإيراني السعودي حول أسعار النفط. فجأة، ولأول مرة منذ الاشتباكات الدامية بين الإيرانيين وقوات الأمن السعودية في مكة المكرمة في عام 1987، منحت المملكة العربية السعودية تصاريح لـ11 ألفا من الإيرانيين لأداء فريضة الحج.

في الداخل الإيراني، فإن سعي «رافسنجاني» نحو انفراج في العلاقة مع السعودية قد أغضب المتشددين. وقد اتهموه بأنه يقدم أولويات العلاقات الدبلوماسية والنمو الاقتصادي على موازين القوى. لا يمكن لـ«رفسنجاني» تجاهل الصقور في إيران لكنه في النهاية هزمهم. وقد اعتمد في هذا الجهد الاستراتيجي بشكل وثيق على رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني ومنتدى صناعة السياسات العليا في طهران.

كان رئيس مجلي الأمن القومي في تلك الفترة هو رجل دين متوسط الرتبة يدعى «حسن روحاني». والذي تولى المنصب بين عامي 1989 و2005. والآن كرئيس، يواجه «روحاني» مرة أخرى اختبارا شاقا لإيجاد أرضية مشتركة مع الرياض. وكما هو الحال مع رئيسه القديم «رفسنجاني»، فإن روحاني لديه رؤية ولكنه أيضا سوف يواجه العديد من الأصوات المتشددة المناهضة للسعودية في طهران.

السؤال الحاسم هنا يتعلق بهل يمكن هزيمة المتشددين مرة أخرى أم لا،  ولكن لا شك أن المنحدر أكثر حدة في هذه المرة من المرة السابقة. في المرة السابقة كان المتشددون في إيران غاضبين بسبب قيام السعودية بتمويل «صدام». اليوم يتهمون الرياض بتمويل الفصائل والتحركات المناهضة لإيران والمناهضة للشيعة بشكل عام في سوريا والعراق واليمن، والبحرين، كما أن الرياض هي المعارض الأساس للاتفاق النووي بين القوى الكبرى وطهران. وفي الوقت نفسه، فإن التصور السائد في طهران هو أن الرياض، وبالخلاف لما كان عليه الحال في التسعينيات، ترفض القناة الخلفية للانفتاح من «روحاني» وعلى الأخص منذ مجيء الملك «سلمان».

هناك قوتان متعارضتان تشكلان بوضوح موقف «روحاني» تجاه الرياض. من ناحية، كما حذر في حملته الرئاسية في عام 2013، أن التنافس يحصر آفاق البلدين في الصراعات الإقليمية بالوكالة من لبنان إلى اليمن وهي صراعات يخسر فيها كلا الطرفين. ولكن من ناحية أخرى، فإن رأسماله السياسي داخل أجهزة النظام في طهران ليس بلا سقف. لذا لا بد له من تحديد الأولويات واختيار معاركه بعناية.

مع خروج الاتفاق النووي إلى النور، يمكن لـ«روحاني»، بل ينبغي عليه، مضاعفة محاولاته لإقناع النخبة الحاكمة الجديدة حول الملك «سلمان» لتكرار جهود المصالحة كما كانت في التسعينيات. لكن حدوده في المناورة سوف تكون مقيدة. هناك الخطوط الحمراء التي يضعها المتشددون بسبب ما يعتبرونه تنازلات نووية قدمها «روحاني» إلى الغرب. وهم متلهفون لرؤيته يتعثر أمام السؤال السعودي.

ولذلك فإن روحاني عليه الحفاظ على  بعض المسافة السياسية من الجهود الأولية، ولديه بديل قوي في متناول اليد للمساعدة: الرئيس السابق « رفسنجاني»، الذي هو الآن راعي المعسكر المعتدل لـ«روحاني». إنه لا يزال يحظى بكثير من النفوذ بين فصائل السياسة الإيرانية، في حين أنه لا يخفي رغبته في إصلاح العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية مرة أخرى. في مقابلة أجريت معه مؤخرا، سخر «رفسنجاني» من أولئك الذين ينخرطون في توجيه الشتائم ضد السعوديين على منابر الجمعة.

كما حذر «رفسنجاني» من تصنيف الملك «سلمان» باعتباره خصما صفريا لإيران. وقال «عندما كان الملك سلمان أميرا لمنطقة الرياض فقد استضافني وقد كانت الأمور أخوية وبناء». على الرغم من إشارة «رفسنجاني» أيضا أن وفاة الملك «عبد الله» قد أسفرت عن تغيرات إقليمية لا مثيل لها وأن والخلاف على سعر النفط يجعل التقارب مع الرياض أصعب من أي وقت مضى. ولكنه يؤكد أنه إذا هناك إرادة ، فإنه دائما هناك وسيلة حتى إذا كان الأمر يتعلق باضطرابات العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية.

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران العلاقات السعودية الإيرانية حسن روحاني رفسنجاني الملك سلمان

«أوباما»: على إيران والسعودية الاعتراف بأن العداء بينهما «أوهام زائفة»

«يوشكا فيشر» يكتب: السعودية وإيران تتنافسان لسد الفراغ الإقليمي

السعودية وإيران .. «ردع» يسبق «المصالحة»

«ستراتفور»: نضوج ميزان القوى في الشرق الأوسط

«المونيتور»: «الدولة الإسلامية» تقرب بين السعودية وإيران ولكن تقدم العلاقات بطيء

السعودية والتحول الكبير ( 1 )

السعودية والتحول الكبير ( 2 )

«ناشيونال إنترست»: تصاعد الصراع الداخلي في إيران

المحافظون في إيران.. الخطابة ضد أمريكا والفعل ضد الجوار!

المحافظون يدافعون عن إقصاء مرشحين إصلاحيين من انتخابات برلمان إيران