«ناشيونال إنترست»: تصاعد الصراع الداخلي في إيران

الأحد 15 نوفمبر 2015 01:11 ص

تسببت الاعتقالات الأخيرة في صفوف بعض الصحفيين ورجال الأعمال في إيران في موجة من القشعريرة. هل هذه السلسلة من الاعتقالات هي مجرد مصادفة، أو بداية حملة أكبر؟ تحدث هذه الاعتقالات في خلفية أكبر وأكثر خطورة ضمن الدراما السياسية حول شخصية إيران ما بعد الاتفاق النووي ومع ذلك لا يزال الصراع بعيدا عن الحل.

قلب المعركة الحالية هي حملة المرشد الأعلى «علي خامنئي» ضد النفوذ الأجنبي. بارك «خامنئي» الخطة الشاملة للعمل المشترك من أجل التوصل إلى حل بين إيران والقوى العالمية بشأن البرنامج النووي. ومع ذلك، فإنه بالنسبة للمرشد الأعلى فإن الصفقة تعد سلاحا ذا حدين. مع رفع العقوبات، سوف تبدأ إيران في الاندماج مع الاقتصاد العالمي. سوف يترتب على ذلك تدق السلع الاستثمارية والاستهلاكية الدولية كما يمكن أن يجلي أيضا الأفكار السياسية والثقافية التي تتعارض مع تتعارض مع أفكار قادة الجمهورية الإسلامية ويخشى أن تقوض قوة وشرعية نظامهم.

بالنسبة للرئيس «حسن روحاني» والعديد من حلفائه، فإن هذه المشكلة يمكن إدارتها. منذ انتخابه في عام 2013، واصل «روحاني» سياسة الاسترخاء والانفتاح على الغرب. هذا ليس تعبيرا عن حسن النوايا تجاه الولايات المتحدة أو حلفائها وإنما الحساب البارد الذي يتطلب بقاء النظام الإيراني وتعزيز أساسه الاقتصادي من خلال خفض العقوبات، وبالتالي تقليل عزلة البلاد. عناك سوابق تاريخية لهذا النهج. وقد لاحظ الأكاديميون الإيرانيون أن طهران قد شهدت نموا اقتصاديا نسبيا في التسعينيات والعقد الأول من الألفية في وقت مبكر بعد تطبيع العلاقات مع معظم الدول الأوروبية في أعقاب الحرب بين إيران والعراق. يأمل «روحاني» في إعادة البناء على هذه الجهود السابقة عن طريق استخراج القيمة الاقتصادية من المشاركة الدولية، دون المخاطرة بالتعرض لتهديد النفوذ الغربي بشكل يقوض استقرار حكومته.

المعارضون له في إيران هم أولئك الذين يرون التعامل مع الغرب أمرا خطرا بطبيعته وغير مقبول من الناحية الأيدولوجية وعلى رأسهم الحرس الثوري الإسلامي الإيراني حتى لو كان ثمن ذلك هو التحسن الاقتصادي عبر زيادة الاستثمارات الأجنبية. الحرس الثوري الإسلامي الإيراني يقود هذا الاتجاه جنبا إلى جنب مع جبهة الأصوليين والسياسيين المتشددين، وأعضاء السلطة القضائية المحافظين ورجال الدين. في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني، قال قائد الحرس الثوري «محمد علي جعفري» إن الاتفاق النووي كان إيذانا بفترة من التخريب في مباديء الجمهورية الإسلامية، وانتقد حكومة «روحاني» بسبب ثقتها في الغرب وإيمانها بالليبرالية.

يتم إدارة اللعبة على أكثر من مستوى. هناك حجج استراتيجية حول كيفية إبداء مقاومة أفضل للضغط المالي الموقع من قبل النظام العالمي. الإصلاحيون في إيران والبراغماتيون يقولون إن بلادهم ينبغي أن تطور وضعا اقتصاديا يتكامل مع الأسواق العالمية. في حين أن الأصوات الأكثر محافظة تدعو إلى تشابك أقل مع الغرب وتكثيف السعى نحو الاكتفاء الذاتي. طبيعة القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي المباشر وشكل العقود مع الشركات الدولية الكبرى تمثل معارك هنا في إيران.

وقد خاض «روحاني» معارك أيضا مع مجلس صيانة الدستور وهي الهيئة التي تحدد من يسمح له بالترشح لمنصب الرئاسة. استباقا لانتخابات فبراير/ شباط 2016 للبرلمان ومجلس الخبراء (الذي سيختار المرشد الأعلى القادم). الرئيس يعرف انه يحظى بدعم شعبي، ولكن يخشى أن يتم منع حلفائه من العمل.

اعتقال الصحفيين الإيرانيين ورجال الأعمال أصحاب العلاقات الدولية الواسعة هو مجرد تصعيد آخر في صراع طويل الأمد. الحرس الثوري هو المسؤول عن الاعتقالات الأخيرة، ويعكس التصعيد أنه لا يزال قلقا للغاية حول اتفاق العمل المشترك وسياسات «روحاني». في نظر قيادة الحرس الثوري، فإن الصحفيين التقدميين ورجال الأعمال المرتبطين بالغرب هم قنوات لنفوذ أجنبي مدمر. كما أنهم النوعية المطلوبة لرؤية روحاني للنمو الاقتصادي والسياسي الإيراني. الرئيس يدفع في الاتجاه المضاد عبر انتقاده للحرس الثوري لخنق وسائل الإعلام لأسباب كاذبة . من المرجح أن «روحاني» قد أدرك بوضوح أن الحملة التي تقوم بها خصومه السياسيين للقضاء على أي نفوذ أجنبي من المرجح أن تتحول إلى وحش لا يمكن احتواؤه، والذي يمكن أن يلتهمه هو وحلفاءه.

الرهانات في هذه المسابقة عالية جدا. كلا الطرفين يتوقع التحدي الوجودي المحتمل أمام الجمهورية الإسلامية بعد رحيل «خامنئي». كل طرف يتوقع الأسوأ لإيران في حال فاز الطرف الآخر، عبر نجاحه في تشكيل عملية اختيار المرشد القادم لصالحه وتغيير المشهد السياسي والاقتصادي في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي.

«خامنئي» لا يزال عازفا بشأن الصراع الداخلي الأخير. ويظل السؤال المركزي هو إلى متى سوف يسمح لهذا الصراع بالاستمرار. مع اقتراب الانتخابات والخيارات الاستثمارية الأجنبية الكبرى فسوف تكون هناك حاجة لحسم الخيارات قريبة. سوف ينحاز «خامنئي» إلى أي شخص يعم بقاء الوضع الراهن في الجمهورية الإسلامية. «روحاني»، فضلا عن تلك الجهات الغربية التي تأمل في أن الاتفاق النووي سوف يتسبب في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع إيران، ينبغي أن تكون في حالة عصبية شديدة.

  كلمات مفتاحية

إيران خامنئي روحاني الاتفاق النووي أمريكا العراق الصراع الداخلي

التحول الاستراتيجي: لماذا تريد إيران دعوة روسيا إلى العراق أيضا؟

«ميدل إيست بريفينج»: الحاجة إلى سياسة جديدة لاحتواء إيران

إيران .. الاتفاق النووي ومستقبل الأمن الإقليمي

العقوبات الأيديولوجية على اقتصاد إيران

«فورين بوليسي»: أزمة هوية في طهران .. من يمثل إيران حقا؟

هل تنجح جهود المعتدلين في إيران للتقارب مع السعودية؟

هل تعزز الاتفاقية النووية موقف المعتدلين أم المتشددين في إيران؟