«ميدل إيست بريفينج»: الحاجة إلى سياسة جديدة لاحتواء إيران

الجمعة 30 أكتوبر 2015 11:10 ص

في أعقاب النقاش الدائر في طهران حول الأزمة الإقليمية، يمكننا نجد أن لعبة التوازن بين مختلف الكتل المتعارضة حاليا هي أهم العوامل المتحكمة في تشكيل سياسة طهران الإقليمية. الفصيل الأقوى ضمن ذراع الثورة، وهو الحرس الثوري الإيراني، من الواضح أنه يتمتع بوضع جيد على الرغم من بعض الشكوك التي أعرب عنها قادته في أعقاب المباحثات النووية.

مع تحكم الجناح المحافظ شديد التعصب في الجسم السياسي الإيراني، فإنه من الواضح أن المنطقة والولايات المتحدة سوف يدفعون معا ثمن خطأ الفصل بين الاتفاق النووي والسياق الاستراتجي للمنطقة. بفصل الخطابين عن بعضهما البعض، فإن الاتفاق النووي في حد ذاته قد لا يكون محلا للاعتراض. النقطة هنا هي أنه لم يتم استكمال استراتيجية شاملة للتعامل مع إيران الخالية من العقوبات، والتي تحاول العديد من القوى العالمية كسب ودها. ومن الواضح أن هذا سوف يخلق مشاكل كبيرة في الشرق الأوسط.

لم تكن الاختيار عملية سهلة، إما إيران نووية تحت ضغوط دولية مكثفة تعيث فسادا في منطقتها، أو إيران غير نووية، وأكثر قوة وجاهزية لتعيث فسادا في المنطقة أيضا ولكن مع ثقة أكبر بالنفس. والعامل المشترك في كل الحالات هو سلوك طهران.

هذا يشير علينا بوضوح نحو الحاجة إلى سياسة احتواء جديدة للحد من دور إيران المدمر في الشرق الأوسط. سياسة الاحتواء الجديدة تلك ينبغي أن تحترم الاتفاق النووي، بعد أن صار أمرا واقعا سواء أحببنا ذلك أم لم نحبه. ومع ذلك، فإن هناك العديد من الجوانب الأخرى في سلوك طهران، والتي حال صدرت عن أي دولة أخرى على وجه الأرض، فإنها سوف تتطلب استجابة.

بالنظر إلى السياسة الإقليمية لطهران، التي ينبغي رفضها بكل الطرق، فإنها تعتمد دعم الإرهاب والقمع السياسي كطريقة وحيدة للدفع في مسارها الحالي. ويبدو أن إدارة «أوباما» قد اكتفت بالتوقيع على الاتفاق النووي بصفته «"إنجازا كبيرا في السياسة الخارجية» لكن من دون وضع استراتيجية لما بعد الاتفاق النووي الإيراني.

وكما جرت العادة، شهدنا إدارة أكثر تركيزا على السياسة الداخلية، والغزل الخطابي بينما تعاني فقرا مدقعا في التفكير الاستراتيجي. يمكن للرئيس الأمريكي أن يستهلك الوقت في تحذير السيد «بوتين» من مستنقع سوريا أو أخذ «العبادي» بعيدا عن دعوة الروس نحو التدخل في العراق. ومع ذلك، فإن هذه مجرد ردود أفعال وليست استراتيجية. وعلاوة على ذلك فإن مجرد التمني أن يغرق الروس في مستنقع سوريا هو الجنون بحد ذاته. إنه مجرد غضب ولكنه في غير محله.

نحن نعلم أن الأمر ليس سهلا. فمن الواضح أن إيران التي أظهرت للعالم تجاهلها التام للأمم المتحدة، بل حتى للاتفاق النووي، عبر إجرائها لاختبار الصواريخ الباليستية، ليست عازمة على التصرف بمسؤولية في المنطقة التي يبدو على حافة الانهيار. إذا كان الولايات المتحدة تطلب من القوى الإقليمية عدم السعي نحو امتلاك أسلحة نووية، وهو ما تفعله الآن بالفعل، فإن عليها أن تقدم البديل.

وإذا كانت الولايات المتحدة جادة في محاربة الإرهاب، عليها على الأقل أن تركز على أسبابه المباشرة وتبذل ما يكفي من الجهود في محاربتها.

لقد حان الوقت لمناقشة سياسة احتواء جديدة لمنع إيران من التصرف بغطرسة في الشرق الأوسط. مثل هذه السياسة يجب أن توضع فقط بهدف واضح هو السعي بطريقة أو بأخرى للتأثير على سلوك إيران.

في حين أننا نعتقد بقوة أن موازين القوى داخل إيران قد تركت دون محاولة جادة للتأثير عليها، فإن المطلوب هو الدفع لتبني مشروع للأمن الإقليمي، بالتوازي مع الحوار المفتوح في واشنطن، ولاسيما في الكونغرس، حول سياسة الاحتواء الجديدة هذه.

الأمر خطير بما فيه الكفاية، وهذا ينبغي أن ينعكس على النقاش في طهران. حيث إن المعتدلين لا يتلقون أي مساعدة، في حين أن أذرع الثورة والمتعصبين يسخرون من المجتمع الدولي في لحظة أهم ما يميزها هي الأحلام الطامحة والأهداف السياسية قصيرة النظر.

وكانت سياسة الرئيس «أوباما» في الشرق الأوسط، بمعنى من المعاني، استمرارا لسياسة الرئيس «بوش». قام كل منهما بنشر الفوضى على طريقته الخاصة. وكلاهما مهد الطريق من أجل التسلط والعنف وليس من أجل الديموقراطية والسلام. غذا كان الأمر أكثر من قدرة الولايات المتحدة لمواجهة 16 سنة من السياسات الكارثية من ذلك النوع الذي شهدناه، فإن الأمر أصعب بكثير بالنسبة لتلك المنطقة التي لا يمكنها التخلص بعد من شياطينها التي تحبط مستقبلها.

  كلمات مفتاحية

إيران الاتفاق النووي الولايات المتحدة الأمن الإقليمي طهران أوباما احتواء إيران

إيران .. الاتفاق النووي ومستقبل الأمن الإقليمي

«ناشيونال إنترست»: لماذا لا نتوقع تغيرا في سياسة إيران العدائية في الشرق الأوسط؟

الاتفاق النووي.. والاحتواء الخليجي

«الاحتواء الجديد»: استراتيجية أمريكية للأمن الإقليمي بعد الاتفاق النووي

«إيكونوميست»: الاتفاق النووي الإيراني قد يشعل الصراع السني الشيعي

«بلومبيرغ»: المناوشات السعودية الإيرانية في فيينا

تناقضات إيران .. نظام محافظ ومجتمع منفتح

«ميدل إيست بريفينج»: كيف يمكن لأمريكا والعرب احتواء إيران بعد الاتفاق النووي؟

«ناشيونال إنترست»: تصاعد الصراع الداخلي في إيران