هل تعزز الاتفاقية النووية موقف المعتدلين أم المتشددين في إيران؟

السبت 30 مايو 2015 07:05 ص

بحسب الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى، فإن مستقبل الشرق الأوسط يعتمد على القوة التي تبرز بوصفها المستفيد الرئيسي من الصفقة.

هل سيمكن الاتفاق الفصائل الأكثر واقعية والمهتمة بتطبيع العلاقات الإيرانية مع الغرب، حتى مع حفاظ النظام على القمع في الداخل؟ أو كما تخشى بعض الدول المجاورة لإيران، هل تمكن المكاسب المالية المتوقعة من رفع العقوبات المتشددين من تصعيد تصدير الثورة الإسلامية في إيران إلى جميع أنحاء المنطقة؟

المعتدلون نسبيا مثل الرئيس «حسن روحاني» ووزير الخارجية «جواد ظريف» استثمرا الكثير من رأسمالهما السياسي لجلب إيران على أعتاب صفقة نووية. وقد عزز أنصارهم المحليون من توقعاتهم بأن الاتفاق الذي من المقرر أن يكتمل بحلول 30 يونيو/حزيران، سوف تعلن عن حقبة جديدة من التعاون الإقليمي.

«القضية النووية ستكون الخطوة الأولى لاختبار ما إذا كانت سياسة الارتباط ناجحة. إذا استمرت الولايات المتحدة في سياسة التعاون بدلا من المواجهة، سوف تجد إيران أكثر مرونة واستعدادا للتعاون حول القضايا الاقليمية»؛ على حد تعبير «سيد حسين موسويان»، الذي كان يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الامن القومي الإيراني حتى عام 2005، والآن أستاذ زائر في جامعة برنستون.

وأضاف: «ولكن إذا كان الغرب والقوى الإقليمية يدفعون لمزيد من سياسات القهر ضد إيران، فإن هذا من شأنه أن يعزز التطرف في إيران. المعادلة واضحة».

وفي الوقت الذي زاد فيه الزخم للتوصل إلى الاتفاق النووي التي تم جمعه في السنوات الأخيرة، تورطت إيران في الصراعات الإقليمية من سوريا والعراق إلى اليمن، بقيادة الحرس الثوري والعناصر المتشددة الأخرى التابعة للنظام.

تعليق الآمال على أن الاتفاق النووي سوف يحد من غزوات إيران في الخارج هو أمر ساذج، تماما كما كان الجدال في عام 2013 من أن صفقة لإزالة الأسلحة الكيميائية من سوريا ستخفف من وحشية نظام «بشار الأسد»، هكذا رأى «جان بيير فيليو»، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في باريس والمستشار الدبلوماسي السابق لرئيس الوزراء الفرنسي.

وأردف «ما أراه هو أن الأمور منذ الاتفاق المبدئي في إبريل / نيسان تزداد سوءا في سوريا، والأسوأ منها في اليمن، والأسوأ من كل ذلك في العراق».

بغية إثارة ردود فعل قومية، يسعى المتشددون في إيران إلى تقويض السادة «روحاني» و«ظريف» من خلال التركيز على السعر الذي قد تدفعه طهران إذا كان هناك اتفاق نووي، بما في ذلك عمليات التفتيش الدولية لمنشآتها العسكرية، ما يعتبرونه ضربة لسيادة البلد.

«وربما توجه عبارات اللوم  للإصلاحيين للتنازل أكثر من اللازم»، على حد قول «فالي نصر» عميد كلية بول نيتزه للدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكنز ومستشار كبير سابق بوزارة الخارجية. وأضاف «من الممكن أن تفيد الصفقة المحافظين، فقد يحصلون على كل الفوائد من الصفقة ورأس المال السياسي. ومن الواضح أن هذه خطة لعب المحافظين. إنهم لا يعترضون على مبادئ المفاوضات ولكن ما يتم التفاوض بشأنه».

وقال الرئيس الأمريكي «باراك أوباما»، الذي راهن كثيرا برأسماله السياسي على المحادثات النووية لصحيفة الشرق الأوسط المملوكة لسعوديين في وقت سابق هذا الشهر بأنه لا يمكن التنبؤ بالديناميكيات الداخلية الإيرانية.

وغم ذلك، أضاف «أوباما»:ة«من الممكن إذا تمكنا من التصدي بنجاح للمسألة النووية، فستبدأ العقوبات النووية على إيران بالتراجع، ما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الاستثمارات في الاقتصاد الإيراني والمزيد من الفرص للشعب الإيراني، والتي يمكن أن تعزز أيدي القادة الأكثر اعتدالا في إيران».

وبطبيعة الحال، فإن الانقسامات داخل إيران أكثر تعقيدا من التسميات على شاكلة «المتشددين» و «المعتدلين» على ما أظن. بينما الكثير من الإيرانيين يرغبون في تغيير عميق في الداخل والخارج، فإن هناك شريحة كبيرة من ذوي الطموح لا تزال تحت القمع منذ وضعت حملة «الثورة الخضراء» في عام 2009 العديد من المنشقين في السجن أو أجبرتهم على العيش في المنفى.

واليوم، هناك العديد من الأصوات الإيرانية المؤثرة التي تدعو إلى تحسين العلاقات مع الغرب وانهاء التشابكات الخارجية التي تكلف إيران، لأنهم يرون الانفراج حيوي بالنسبة لبقاء النظام، وليس لأنهم يريدون أن يحلوا محله.

«عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية، فإن النظام ينقسم بصدق وهذا التقسيم ليس له علاقة بالسياسة الداخلية في شيء. فعملية الانفتاح ليست على جدول الأعمال»، بحسب ما ذكره «منصور فرهنك»، الذي كان سفيرا لإيران إلى الأمم المتحدة في أعقاب ثورة 1979، ويدرس الآن العلاقات الدولية في كلية «بينينجتون» بولاية فيرمونت. «إنهم ينقسمون بشأن ما إذا كانت هذه السياسة الخارجية تخدم الاستقرار والقدرة على التحمل لدى الجمهورية الإسلامية. هناك من يشكك بشكل قوي».

تشمل أركان النظام أيضا طبقة التجار الجديدة والبرجوازية التي ظهرت في العقود الأخيرة. وقد عانت هذه القطاعات من المجتمع الإيراني تحت العقوبات الدولية والعزلة في عهد إدارة الرئيس «محمود أحمدي نجاد»، والآن أصبحت الدوائر الهامة للرئيس «روحاني».

حتى الحرس الثوري، الذي برز قائده الجنرال «قاسم سليماني» كوجه لتدخل إيران في سوريا والعراق، يعمل تحت مجموعة معقدة من القيود. غرائزه لتعزيز الوكلاء الإيرانيين في الخارج، جزئيا على الأقل، تقابلها رغبتهم في حماية حصصهم في اقتصاد البلاد، والمصالح التي زادت بشكل ملحوظ في العقد الماضي.

«هم أيضا رجال أعمال ومقاولون ويريدون أن يكون لهم نصيب من النمو الاقتصادي»، على حد وصف «عدنان الطبطبائي»، الرئيس التنفيذي لكاربو للابحاث في ألمانيا والذي عمل مستشارا للحكومة الألمانية. «نستطيع أن نقول إنه ليس جيدًا بالضرورة أن يكون المحسوبون على الأجهزة الأمنية يديرون الاقتصاد. في نفس الوقت، هؤلاء الناس هم الفاعلون العقلانيون حقا لأنهم يعتقدون في حسابات التكلفة والعائد».

وفي نهاية المطاف؛ فإن المرشد الأعلى «آية الله علي خامنئي» سوف يلعب دورا حاسما بالطبع في المسار الذي ستتخذه البلاد بعد الاتفاق النووي.

«إنها لحظة محورية بالنسبة إلى الزعيم الأعلى، يمكنه أن يقرر المسار العام للسياسة الخارجية الإيرانية»؛ بحسب «أليكس فاتنكا» الخبير في الشؤون الإيرانية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن.

حتى الآن، كان السيد «خامنئي» البالغ من العمر 75 عاما حريصا على إعطاء مباركته للمحادثات على الرغم من الشكاوى من تعنت المتشددين، في حين كان لا يزال يحذر المفاوضين الإيرانيين من تقديم لكاثير من التنازلات. سواء أكان هذا الدعم المقيد سيجعل النظام أكثر تعاونا أو تحديا بعد 30 يونيو/حزيران فإن هذا سيكون هذا أمرا آخر.

«الواضح أن خامنئي وروحاني يريدان الصفقة لأسباب مختلفة، ونحن لا نعرف من سيفوز في نهاية المطاف» بحسب «فولكر بيرتيس»، رئيس المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين.

«لقد أوضح روحاني إنه يريد الاتفاق على الانفتاح على العالم. ويريد خامنئي إظهار أن إيران قوة قوية، كما يريد تعزيز مكانة إيران في المنطقة».

  كلمات مفتاحية

إيران خامنئي روحاني الاتفاق النووي

«إيكونوميست»: الاتفاق النووي الإيراني قد يشعل الصراع السني الشيعي

«خامنئي»: الاتفاق النووي غير ملزم حتي الآن ولا ضمانات حقيقية لتنفيذه

«رويترز»: المؤسسة الإيرانية تواجه مخاطر إذا فشل الاتفاق النووي

«فورين بوليسي»: اتفاق إيران النووي يهدد توازن القوة الدقيق في الشرق الأوسط

«الفيصل»: الاتفاق النووي مع إيران سيشعل المنطقة .. ومن حقنا امتلاك نفس القدرات

اتفاق النووي وصراع الإصلاحيين والمحافظين في إيران

«ديفينس وان»: لماذا يجب الاهتمام بصواريخ إيران كجزء من برنامج الحد من قدراتها النووية؟

التدخل الروسي في سوريا يعزز نفوذ المتشددين الإيرانيين

«ناشيونال إنترست»: تصاعد الصراع الداخلي في إيران

المحافظون في إيران.. الخطابة ضد أمريكا والفعل ضد الجوار!

المحافظون يدافعون عن إقصاء مرشحين إصلاحيين من انتخابات برلمان إيران