استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التدخل الخارجي يؤجل الحلول في الشرق الأوسط

الأربعاء 7 أكتوبر 2015 05:10 ص

ربما لم تشهد منطقة الشرق الأوسط توترا بين حكوماتها وتعقيدا في علاقات الدول الكبرى بها كما هو الحال عليه هذه الأيام. ويوما بعد آخر يزداد مستقبل المنطقة غموضا ومعه فرص المواجهة العسكرية بين دوله.

على مدى العقد الاخير تصاعد هذا التوتر بتداعيات ظاهرة الإرهاب التي بدأت في العراق ثم انتشرت في سوريا ووصلت إلى العديد من الدول مثل مصر وليبيا ونيجيريا. كانت تلك الظاهرة قد بدأت بانتشار تنظيم «القاعدة» التي كانت تستهدف اساسا الدول الغربية خصوصا الولايات المتحدة.

لكن الدوائر الاستخبارية استطاعت حرف مسارها عن الغرب وتوجيهها لمنطقة الشرق الأوسط. وفي الشهور الأخيرة انتعشت الآمال بأن يكون الصراع محصورا باستهداف ظاهرة الإرهاب التي تمثلها تنظيمات توسعت كثيرا مثل داعش، ولكن تلك الآمال تراجعت في الأسابيع الأخيرة بعد ان اتجهت قضايا المنطقة نحو تدويل خطير. 

وبدلا من اهتمام المجموعة الدولية بإطفاء نيران التوتر والحرب والإرهاب في بؤر الصراع الساخنة مثل سوريا وليبيا واليمن، تحولت هذه البؤر إلى محاور لصراع دولي بمشاركة الدول الكبرى. وهناك جانبان لهذا التطور: أحدهما يبدو إيجابيا والآخر يؤكد ان مستقبل المنطقة لا يبشر بخير لأنها قد تكون منطلقا لحرب عالمية.

الجانب الإيجابي وجود ما يشبه التوافق بين الولايات المتحدة وروسيا وبعض دول المنطقة على التصدي الحازم لظاهرة الإرهاب (التي تلازمها ظواهر التطرف والتكفير والطائفية). وحتى هذه اللحظة يؤكد الجانبان أن تدخلهما إنما هو للقضاء على المجموعات الإرهابية وفي مقدمتها «الدولة الإسلامية». 

هذا ما تقوله الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الاقليمية التي تشترك معهما في العمل العسكري. ولكن الجانب الأقل إشراقا يتأسس على خلافات استراتيجية تجد مصاديقها في دول المنطقة، واختلافات بين الدول الكبرى حول تحديد المجموعات الإرهابية المستهدفة بهذا التدخل. فأمريكا تستهدف داعش فحسب، وليس المجموعات المسلحة الاخرى. بل إنها تدعم مجموعات مسلحة تحارب النظام السوري بأساليب مشابهة.

أما روسيا فترى أن الحرب على الإرهاب يجب أن تستهدف المجموعات كافة، بما فيها المدعومة من قبل أمريكا. فأمريكا تقول إنها تحارب المجموعات الإرهابية والنظام السوري معا. بينما يرى الروس أن الأولوية يجب أن تكون لمحاربة المجموعات المسلحة كافة التي يصنفونها جميعا في دائرة الإرهاب.

ورفض وزير الخارجية الروسي التمييز بين المجموعات التي تحارب النظام السوري قائلا: «إذا كان (الشخص) يبدو كإرهابي، ويتصرف كإرهابي، ويتكلم كإرهابي، فإنه إرهابي».

وهذا يفتح مجالا واسعا للتكهن بأهداف الاطراف المشاركة في الضربات الجوية التي تتواصل ضد المجموعات المسلحة، وما اذا كانت تنحصر باستهداف الإرهاب فحسب أم أن لها أبعادا متشعبة ترتبط بالمصالح الاستراتيجية لتلك الأطراف.

المشهد السياسي في المنطقة يزداد غموضا كلما نشب صراع جديد، أو توسع صراع قائم. فالحرب في اليمن زادت المشهد تعقيدا، وأصبح يقترب من المشهد السوري في طابعه السياسي والعسكري والأطراف المشاركة فيه. صحيح أن روسيا وأمريكا لم تتدخلا بعد في حرب اليمن، ولكن بريطانيا تدخلت عمليا حسب ما اعترف به وزير الدولة لشؤون الدفاع في جواب على سؤال قدمه أحد أعضاء مجلس اللوردات. فقد اعترف الوزير قبل شهرين في جوابه بأن حكومته تقدم للسعودية صواريخ موجهة ومعلومات استخباراتية وخبراء في الإدارة والتحكم.

وتبدو الخريطة السياسية في الشرق الأوسط رهينة لصراع حاد بين السعودية وإيران، هذا الصراع يتجسد على الأرض في تصارع الجهات المختلفة في البلدان العربية المشرقية الكبيرة: العراق وسوريا واليمن.

فلكل منهما حلفاء في هذه البلدان، دخلوا في صراعات مسلحة لا تبدو في الأفق نهاية لها. وإذا كانت السعودية قد شنت حربا في اليمن ضد من تعتبرهم «حلفاء إيران» فإن الجمهورية الإسلامية تسعى لعدم التدخل العسكري المباشر في تلك الصراعات، وتأمل ان يكون دعمها حلفاءها كافيا. ومع ذلك تقول التقارير إن إيران بعثت قوات عسكرية لسوريا مؤخرا، تزامنا مع الضربات الجوية الروسية.

جاء ذلك بعد تصاعد حدة الصراع الاعلامي  مع السعودية في ضوء حادثة الحجاج في منى التي راح ضحيتها قرابة الـ500 من الحجاج الايرانيين.

إيران تعلم أنها لا تواجه السعودية فحسب، بل بقية دول مجلس التعاون على اختلاف في مواقف دوله. فسلطنة عمان نأت بنفسها عن السياسة السعودية في اليمن وسوريا، وكان لها دور مهم في تهيئة الارضية للتواصل بين أمريكا وإيران، وكذلك في مفاوضات الملف النووي، بينما البحرين تعتبر الأكثر ارتباطا بالسعودية خصوصا في سياساتها الخارجية. وفي الأسبوع الماضي أقدمت حكومتها على خطوة غير مدروسة بسحب سفيرها من طهران، وطرد القائم بالأعمال الإيراني من المنامة.

هذه مؤشرات غير سارة للمنطقة التي تعاني من انعدام الثقة بين الاطراف الفاعلة فيها. الأمر المؤكد أن أغلب دول الخليج الأخرى لن تتخذ اجراءات مماثلة في المستقبل المنظور. هذه التطورات تنذر بخروج الازمة السياسية عن الحدود الحالية لتتحول إلى صراع أعمق قد يؤدي إلى حروب محدودة أو شاملة. ولا بد من الإشارة إلى أن الإرهاب كان المشكلة التي دفعت القوات الغربية للتدخل العسكري في سوريا والعراق.

والخلاف القائم حاليا بين الفرقاء يتصل بعدم الاتفاق على أمور عديدة:

أولها الموقف إزاء سوريا، فالسعودية وبعض حلفائها الخليجيين يرفضون بقاء «بشار الأسد» في منصبه، بينما الغربيون مثل أمريكا وبريطانيا أصبحوا مقتنعين بضرورة بقائه على  الاقل في المرحلة الانتقالية. أما روسيا فترى في سوريا آخر الحلفاء في العالم العربي، وترفض التفريط به.

ثانيها: الموقف من الإرهاب، فبينما يرى الغربيون أن التصدي للإرهاب والنظام السوري متساويان في الأهمية والاولوية، ترى روسيا أن التصدي للإرهاب لن يتحقق إلا بوجود الدولة السورية الحالية، لكي لا تتكرر تجربة ليبيا.

ثالثها: إن أمريكا وبريطانيا لم تظهرا جدية حقيقية منذ إعلان تدخلهما في مواجهة المجموعات التي تعتبرانها إرهابية خصوصا «داعش»، بينما ترى روسيا أن الغرب يستغل التناقضات الاقليمية لأهداف سياسية واقتصادية، ولا يقوم إلا بالحد الأدنى من التدخل الذي لا يحسم الازمة.

رابعها: بينما تواصل بريطانيا وأمريكا سياسة المراقبة والانتظار ازاء ما يجري في اليمن، ترى روسيا أن شعار التصدي للإرهاب لا يجد مصاديق له هناك، بل إن تنظيم «القاعدة» تمدد بشكل ملفت للنظر وأصبح مسيطرا على حضرموت بشكل يكاد يكون كاملا. روسيا تعتبر ذلك ازدواجية في المعايير والمواقف لا يؤدي لكسر شوكة الإرهاب.

إلى أين تتجه الأمور في المنطقة؟

الأمر الواضح أن حروبا بالوكالة أصبحت تخاض في بلدان عربية عديدة: سوريا والعراق واليمن وليبيا، وأن الإرهاب تتوسع دائرته وتحقق لأصحابه تمددا جغرافيا واسعا. كما هو واضح أيضا عمق الصراع على النفوذ بين القوى الاقليمية ذات المصالح المتفاوتة. ويوما بعد آخر تتبلور ملامح تحالفات جديدة تفتح الأبواب أمام الدول الكبرى مثل روسيا. فالعراق أعلن أنه لا يمانع في أن يكون لروسيا دور في التصدي لداعش، بعدما رأى جدية موسكو في التصدي للمجموعات المسلحة في سوريا.

هذا يعني أن روسيا ستنافس أمريكا في العراق، الأمر الذي يزعج واشنطن كثيرا. ولكن ما العمل في ظل الأوضاع الراهنة التي استشرى فيها الإرهاب على نطاق واسع وتلاشت فيها الرغبة للتصدي له؟

المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في المعركة الأيديولوجية التي تدور رحاها في مسارح عمليات اليمن وسوريا والعراق وأفغانستان.

وهي معركة لن يسلم أحد من انعكاساتها، ولكنها ضرورة لغربلة المواقف وتشذيب السياسات. وسيظل الوجود الأمريكي والروسي مصدر قلق ولكنه لن يكون حاسما في المستقبل المنظور على الأقل بل عامل تعقيد يجعل قضايا المنطقة مستعصية على الحلول.

* د. سعيد الشهابي كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن

  كلمات مفتاحية

التدخل الخارجي الشرق الأوسط الإرهاب العراق سوريا مصر ليبيا القاعدة

«فاينانشيال تايمز»: «بوتين» يستغل الفراغ الذي خلفه الغرب في الشرق الأوسط

حفلة جنون في الشرق الأوسط!

«ناشيونال إنترست»: لماذا لا نتوقع تغيرا في سياسة إيران العدائية في الشرق الأوسط؟

الاستيلاء على دمشق: كيف تقدمت روسيا إلى الأمام في الشرق الأوسط؟

يجب إعلان الشرق الأوسط «منطقة منكوبة»..!

سوريا واليمن .. «شرق أوسط» أكثر تعاسة

انعطافات السياسات الدولية والإقليمية بالشرق الأوسط