المعارضة السورية تتخذ أساليبا جديدة للتصدي لحملة عسكرية كبرى

السبت 31 أكتوبر 2015 09:10 ص

بعد استيعاب الصدمة التي أصابتهم في بداية الضربات الجوية الروسية الكثيفة يقول مقاتلو المعارضة السورية المستهدفون بهذه الحملة إن تحسين التنظيم واتباع أساليب جديدة ساعدهم بوقف الخسائر والتصدي لها.

كلفت الضربات الجوية التي بدأت منذ شهر دعما للحكومة مقاتلي المعارضة الأرواح والإمدادات فقتل قادة وقصفت قواعد واستنزفت أسلحة.

وهذه أول حملة تنفذ في عدة مناطق في نفس الوقت خلال الحرب التي بدأت قبل نحو خمس سنوات والتي قلصت سيطرة الرئيس بشار الأسد إلى ربع أراضي سوريا أو أقل. ويدعم الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني القوات الموالية لحكومة الأسد في القتال.

وفي حين قد يكون من السابق لأوانه توقع تطورات هذه المرحلة الجديدة فإن محللين يقولون إن المكاسب المحدودة التي حققتها الحكومة حتى الآن لا تضاهي حجم هجومها.

بل إن المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب الصراع يشير إلى أن مقاتلي المعارضة استعادوا بعض المواقع بينما تسقط أعداد كبيرة من القتلى في صفوف المقاتلين الموالين للحكومة.

يقول مقاتلون من المعارضة أجرت رويترز مقابلات معهم إنهم بدأوا يتأقلمون مع الضربات الجوية الروسية. وهم يعملون معا عن كثب ويستخدمون أساليب مختلفة للتصدي لها ويرون أن معرفتهم بتضاريس الأرض تعطيهم أفضلية لا يستهان بها.

يقول مقدم سابق يقود جبهة شام وهي جماعة تتلقى دعما من دول معارضة للأسد وتقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر "عسكريا القتال قتال كمائن. القتال قتال مجموعات انقضاض".

ووصلت إمدادات جديدة من الأسلحة من دول مثل السعودية وقطر وإن كانت ليست بالكميات التي يحتاجها المعارضون في ظل حجم التدخل الروسي والإيراني.

لكن الأسلحة تتدفق إليهم بانتظام وتشمل صواريخ مضادة للدبابات تصل إليهم عن طريق تركيا على ما يبدو. وقد تزيد هذه الإمدادات بعد أن وعدت السعودية والولايات المتحدة بتقديم دعم أكبر لما تصنفانها بالمعارضة السورية المعتدلة.

وتستهدف معظم الهجمات مناطق بغرب وشمال غرب سوريا تسيطر عليها جماعات معارضة مختلفة منها جماعات تنضوي تحت لواء الجيش السوري الحر تدعمها دول معارضة للأسد وجماعات إسلامية متشددة مثل جبهة النصرة المنبثقة عن تنظيم القاعدة.

العمليات تسير وفقا لما هو مخطط؟

وقال مصدر عسكري سوري إن العمليات تسير كما هو مخطط لها.

وأضاف المصدر لرويترز "حتى الآن العملية العسكرية تسير وفق ما تم التخطيط له." وقال إن من ضمن هذه الخطة ضرب "مقرات القيادة والسيطرة وقطع خطوط الإمداد وبالتالي ابقاء المجموعات في حالة حصار"، وذكر أن مقاتلي المعارضة يشنون حربا دعائية لرفع الروح المعنوية.

وأسفرت الانتفاضة على حكم الأسد التي تحولت إلى حرب عن مقتل نحو 250 الف شخص وخلفت أكثر من أربعة ملايين لاجئ مما سبب أزمات في أوروبا وفي دول الجوار.

وتنفذ الحكومة حاليا واحدة من أكبر الهجمات إلى الجنوب من مدينة حلب. وقال مسلح يقاتل مع كتائب ثوار الشام وهي واحدة من الجماعات الموجودة هناك إنه لم يشهد قط هجوما مثل ذلك الذي بدأ في 16 أكتوبر/تشرين الأول.

يقول المقاتل ابو احمد (36 عاما) الذي تحدث إلى رويترز من جنوب حلب إن الهجوم شارك فيه 2500 مقاتل إيراني وأفغاني وجنود من الجيش السوري. وكشف اعتراض الاتصالات اللاسلكية باللغة الفارسية عن مشاركة أجانب.

وقال أبو أحمد الذي استخدم اسمه الحركي وتحدث عن طريق نظام لتبادل الرسائل عبر الإنترنت "الذي تغير عندنا بالمعركة هو الزخم الغير طبيعي بالكثافة النيرانية والقصف والطلعات الجوية".

وتقاتل جماعته أيضا في إطار الجيش السوري الحر وقد تلقت مساعدات عسكرية أجنبية شملت صواريخ تاو أمريكية الصنع المضادة للدبابات. وفقدت الجماعة قائدها في القتال. لكن بعد مرور أسبوع يقول أبو أحمد إن الوضع تحسن.

وأضاف "امبارحة (أمس) كان هناك هجمة طيران روسي قوية ولكن نظمنا صفوفنا وتأقلمنا على الوضع الحالي".

ومضى يقول "نقوم بتمويه مقراتنا و سياراتنا وحفر الخنادق... الرد العكسي كهجمات مباغتة هو الأساس".

وإلى جانب ذلك يقول أبو أحمد هاني وهو عضو بمجلس قيادة الجماعة إنها حصلت على صواريخ تاو إضافية بعد أن نفد ما لديها منها الأسبوع الماضي.

وأضاف "اؤكد على موضوع التاو حاليا جيد اذا استمر لكن باقي الذخائر ليست بالشكل المطلوب".

هجوم الدولة الإسلامية

استهدفت معظم الهجمات البرية شمال غرب وغرب سوريا في محافظات حماة وإدلب واللاذقية وهي مناطق مثلت المكاسب التي حققتها المعارضة المسلحة فيها هذا العام تهديدا متزايدا للأسد.

ويقول المرصد السوري إنه بينما استعادت الحكومة السيطرة على 13 قرية نجحت المعارضة المسلحة في استعادة ثلاث قرى. والأهم هو هجوم نفذه تنظيم الدولة الإسلامية إلى الجنوب الشرقي من حلب هدد طريق إمداد رئيسي للحكومة ردا على حملتها على التنظيم.

ويقول المرصد إن أكثر من 350 مقاتلا من الجانب الحكومي قتلوا في الشهر الأخير وهو عدد يفوق الثلاثمئة مقاتل الذي يقول إنهم لاقوا حتفهم في الضربات الجوية الروسية. ولم يحدد رقما لأعداد المسلحين الذين قتلوا في المعارك البرية. ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة هذه الأرقام.

وقال نوح بونسي كبير المحللين بمجموعة الأزمات الدولية "الانطباع العام هو أنه يجري بذل جهود مكثفة على عدة جبهات. حتى الآن التقدم الذي أحرزه النظام محدود".

وأضاف "لكن من السابق لأوانه تحديد أين ستكون الأولويات الرئيسية للحملة ناهيك عن النتائج في نهاية المطاف".

وفي مدينة حلب يواجه الجيش وحلفاؤه المشكلة التي أنهكت مقاتلي المعارضة في تلك المنطقة لفترة طويلة وهي محاربة عدوين في آن واحد أحدهما تنظيم الدولة الإسلامية. وتحاول القوات الحكومية كسر حصار الدولة الإسلامية لقاعدة جوية إلى الشرق من حلب.

حرب الخنادق في تلال اللاذقية

تقول روسيا إن طائراتها الحربية قصفت مئات الأهداف بما في ذلك مراكز للقيادة ومخازن أسلحة. وتشير إلى أن مقاتلي المعارضة يفقدون قدرتهم القتالية بينما تم تعطيل أنظمة التحكم والإمداد الخاصة بهم.

وبعد تصوير تدخلها في البداية على أنه تدخل ضد الدولة الإسلامية وسعت روسيا من نطاق الأهداف المعلنة لضرباتها الجوية لتشمل جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة وجيش الإسلام وكلاهما يعمل في غرب سوريا.

لكن الجماعات التي تقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر وتلقى بعضها تدريبا تحت إشراف وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.ايه) تضررت بشدة. والجيش السوري الحر تحالف فضفاض من جماعات يقود معظمها منشقون عن الجيش.

وقال أبو حامد القيادي في جبهة شام "هناك استنزاف شديد خاصة الأسلحة المضادة للدروع".

وأضاف "العتاد العسكري المتوفر لدينا سواء دبابات أو سيارات أو شاحنات يستهدف مباشرة. فقدنا سيارتين اليوم".

في التلال التي تكسوها الأشجار في ريف اللاذقية وهي محور آخر للهجوم يقول يوسف الحفناوي المقاتل في جماعة أحرار الشام إن حرب الخنادق تساعد مقاتلي المعارضة في التصدي للهجمات على الرغم من تناقص أعدادهم.

وأضاف "هناك أشخاص لم يخرجوا من الخنادق منذ أكثر من ثلاثة أسابيع". 

  كلمات مفتاحية

سوريا روسيا المعارضة السورية بشار الأسد السعودية قطر الدولة الإسلامية

«الجبير»: على «الأسد» والقوات الأجنبية الداعمة له مغادرة سوريا

الشبكة السورية: القوات الروسية قتلت خلال شهر أكثر مما قتله التحالف الدولي في عام

واشنطن تقرر إرسال قوات خاصة إلى سوريا لتدريب وإرشاد المعارضة المعتدلة

اجتماع فيينا يتفق على وحدة سوريا وهدنة شاملة ويختلف على مصير «الأسد»

دبلوماسي قطري: لا يقف مع الشعب السوري بعد الله إلا السعودية وتركيا وقطر

«كيري» يقر بصعوبة إحراز تقدم في محادثات فيينا حول سوريا