أفادت مصادر صحفية بأن شخصين على الأقل لقيا حتفهما وأصيب عشرات آخرون في جزيرة سقطرى اليمنية بسبب إعصار «تشابالا» الذي تسبب أيضا في إلحاق أضرار مادية بالمنازل.

وأفادت الأنباء بهبوب رياح شديدة صباح أمس الأحد وتساقط أمطار غزيرة مع ارتفاع أمواج البحر في مناطق عدة من الجزيرة، وذلك بعد أن تغير مسار الإعصار متجنبا سلطنة عمان نسبيا لتتركز قوته في اليمن.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن «سالم زاهر» عمدة حديبو كبرى مدن الجزيرة، قوله إن عدد المصابين جراء الإعصار وصل إلى مئة على الأقل نقلوا إلى المستشفى.

وتسبب سوء الأحوال الجوية في تهدم وتضرر أكثر من مئة منزل، كما اضطر أكثر من عشرة آلاف شخص إلى النزوح من منازلهم نحو مناطق جبلية.

وقد أعلنت السلطات اليمنية حالة الطوارئ في ست محافظات لمواجهة الإعصار.

وكانت هيئة الأرصاد الجوية اليمنية قد دعت أول أمس السبت سكان محافظات حضرموت والمهرة وجزيرة سقطرى للبقاء على مسافة كيلومتر واحد على الأقل بعيدا عن الساحل.

وقالت إن الموانئ والمطارات ستضطر لوقف نشاطها أثناء فترة مرور الإعصار، وطالبت الصيادين بعدم الخروج إلى البحر ووضع قواربهم بعيدا تجنبا للأضرار.

وفي سلطنة عمان حذرت السلطات سكان محافظة ظفار الساحلية من السيول الجارفة، وقررت إغلاق المدارس يومي الأحد والإثنين.

وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة لـ«لأمم المتحدة» قد حذرت الجمعة الماضي اليمن وسلطنة عمان من وصول إعصار استوائي نادر جدا يحتمل أن يكون تأثيره شديدا.

«تشابالا» الأقوى منذ 1945

من جانبه قال خبير الأرصاد الجوية لدى CNN «طوم ساتر»: «تحققنا من السجلات منذ 1945 ونعتقد أن هذا الإعصار هو الأقوى في تلك المنطقة الذي يصل إلى اليابسة، لم يتعرضوا سابقا للعديد منها وفي العادة فإن عمان هي من يتعرض لهذه العواصف، لكن الإعصار سيكون قويا».

وأضاف: «دعوني أريكم صورة التقطت بالأقمار الصناعية، التي تظهر عينا متشكلة بطريقة جيدة، هذا يعني أن من الصعب أن تخسر هذه العاصفة قوتها قبل أن تصل إلى اليابسة، ومن المتوقع أن يكون ذلك مساء الإثنين وستستمر حتى صباح الثلاثاء، وإذا عدنا إلى السجلات التي تعتبر موثوقة فقط حتى ثمانينيات القرن الماضي فإن هذا الإعصار سيكون ثاني أقوى إعصار موثق في بحر العرب». 

وتابع: «تعرض المحيط الهندي خلال خمس سنوات لخمسة أعاصير، 75% منها كانت في خليج البنغال، و25% منها هنا لكنها ليست بحجم هذا الإعصار، انظروا إلى وجهته، البحر الأحمر عبر خليج عدن، 400 سفينة تعبر أسبوعيا من هنا والإعصار يتجه مباشرة إليها، لكن بسبب دورانه عكس عقارب الساعة فإن هناك ريحا شديدة وأمواجا عاتية وبعض المناطق العمانية بدأت تتأثر فعلا». 

وأوضح أن آخر إعصارين مشابهين لهذا كانا في السنوات العشر الماضية وقد ضربا منطقة في عمان وليس اليمن، موضحا أن سرعة الرياح الآن تصل إلى 250 كيلومترا في الساعة، وقد تخسر بعض القوة لكنها ستظل في الفئة الثانية أو الثالثة من الأعاصير، مشيرا أن مدينة المكلا التي يسقط فيها ما معدله خمسين ملم من الأمطار فقط ستتعرض إلى ما بين 250 إلى 300 ملم وهذا يوازي أمطارا لعدة سنوات وسيؤدي إلى سقوط الحطام وفيضانات مفاجئة، وهذا سيقطع شبكات الطاقة والاتصال.

الإعصار يضرب المهرة وحضرموت وشبوة

وقد بدأ الإعصار أولى جولاته في أرخبيل سقطرى، الذي يتألف من أربع جزر، أكبرها سقطرى التي تبعد عن أقرب نقطة في الساحل اليمني 300 كيلومتر، ونحو 900 كيلومتر عن مدينة عدن، ويقدر عدد سكانها بـ100 ألف نسمة.

وهي الجزيرة المصنفة منذ عام 2008، من قبل منظمة «الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة» (اليونسكو)، ضمن قائمة التراث العالمي، بسبب أشجارها ونباتاتها وطيورها وزواحفها النادرة.

وإلى جانب سقطرى، تعد محافظة المهرة، البوابة الشرقية لليمن، والحدودية مع سلطنة عمان، من أبرز المحافظات المهددة من إعصار «تشابالا».

والمهرة هي ثاني أكبر محافظة يمنية مساحة بعد حضرموت المحاذية لها، إذ تبلغ مساحتها نحو 100 ألف كيلومتر مربع، ومع ذلك فإنها من أقل المحافظات سكانا، إذ يقل عددهم عن 100 ألف نسمة، كما تعد أكثر المحافظات ارتباطا بسقطرى، فالمحافظتان تشتركان بلغة محلية تعرف بالمهرية، وهي لغة حميرية يمنية قديمة.

وكانت محافظتا المهرة وسقطرى الأقل تأثرا بالحرب والأحداث الدائرة في البلاد منذ أكثر من سبعة أشهر، لكن «تشابالا» أدخلهما في قائمة المحافظات المتضررة.

ومن المتوقع أن يتسبب الإعصار بانهيارات بين منطقتي المكلا والكود في محافظة حضرموت.

وبالرغم من سيطرة تنظيم «القاعدة» على مناطق في حضرموت، وكونها ساحة لأحداث متفرقة، إلا أنها كانت كذلك من بين المحافظات الأقل تضررا بصورة مباشرة من الحرب الأخيرة.

ومنذ أيام، تشهد حضرموت استعدادات محلية على الأغلب لمواجهة الأخطار المحتملة للإعصار في حال وصوله.

وبحسب بيانات المركز الوطني للأرصاد الجوية، فإن تهديدات الإعصار قد تمتد إلى محافظة شبوة أيضا، المحاذية لحضرموت من الغرب، وهي محافظة نفطية مهمة.