«ستراتفور»: هل يمكن أن نشهد تدخلا بريا تركيا في شمال سوريا؟

الأربعاء 11 نوفمبر 2015 08:11 ص

في خطوة جديدة نحو المزيد من التدخل الأجنبي في الأزمة السورية، قال رئيس الوزراء التركي «أحمد داود أوغلو»، الثلاثاء، إن تركيا تدرس المشاركة في عملية برية للتحالف تستهدف تنظيم «الدولة الإسلامية».

وتدفع تركيا من أجل تنفيذ عملية تهدف إلى خلق منطقة عازلة بين حدودها وبين المناطق التي تسيطر عليها «الدولة الإسلامية» في شمال محافظة حلب منذ فترة ليست بالقصيرة. ومن شأن عملية ناجحة أن تخدم المصالح التركية عبر إلحاق الضرر بـ«الدولة الإسلامية» وتعزيز موقف المعارضة في شمال سوريا، ومنع وحدات حماية الشعب الكردي من التوسع. ولأن تركيا لا تود أن تذهب مفردها، فإنها ترغب في إشراك الولايات المتحدة في الصراع. وبدفع المخاطر جانبا، فإن التزام القوات التركية يزيد من فرص نجاح العملية لذا فإن الحكومة التركية تجعل من الواضح أنها على استعداد لتقديم هذا الالتزام.

أي عملية في هذا التوقيت سوف تمثل خبرا سيئا بالنسبة إلى تنظيم «الدولة الإسلامية». في العراق، فقد التنظيم زمام المبادرة إلى حد كبير، وقد اعترف بفقدانه للأراضي حول بيجي وأنه يتقهقر تدريجيا إلى الرمادي. القوات الموالية في سوريا أيضا يستهدفون على نحو متزايد «الدولة الإسلامية». يوم الثلاثاء، قامت هذه القوات بصد هجوم لتنظيم «الدولة الإسلامية» التي كانت تحاصر القاعدة الجوية كويريس في محافظة حلب الشرقية وشنت هجمات لاستعادة تدمر. وأخيرا، فإن المجموعات المدعومة من الولايات المتحدة القوى الديمقراطية السورية، والتي تتألف من المقاتلين العرب والأكراد في شمال شرق سوريا، قد حففت بعض المكاسب في هجماتها الأخيرة على مواقع «الدولة الإسلامية».

لا يمكن للدولة الإسلامية أن تتحمل فقدان الأراضي في شمال حلب والتي تمثل آخر اتصال لوجيستي حقيقي بالعالم الخارجي بما في ذلك الوصول إلى الموارد الحيوية والمجندين الأجانب الذين يعبرون الحدود السورية التركية. ومن المتوقع أن تخوض «الدولة الإسلامية» معارك شرسة من أجل هذه المناطق.

ولكن حتى إذا كانت تركيا تميل إلى وضع قواتها البرية في سوريا، فإنها ستكون حذرة بخصوص هذا الالتزام. حزب العدالة والتنمية في تركيا يحلق عاليا بعد فوزه بانتخابات 1 نوفمبر/ تشرين الثاني ولكن لا الجمهور التركي ولا الجيش حريص على التورط في سوريا. وهذا هو السبب في أن الحكومة التركية مترددة في زيادة مشاركتها من جانب واحد في سوريا. وقد أكد الأتراك أنهم ليسوا على استعداد للشروع في مغامرة سوريا دون دعم نشط من ائتلاف متماسك. في الممارسة العملية، فإن ذلك يعني بوضوح الدعم القوي والالتزام من قبل الولايات المتحدة. على الرغم من أن واشنطن تعهدت بدرجة من المساعدة والمشاركة في عملية مشتركة ضد «الدولة الإسلامية» في شمال حلب، فإن أنقرة لا تزال تحكم على هذا الالتزام بأنه غير كاف ويركز بشكل متزايد على «الدولة الإسلامية». بالنسبة للحكومة التركية، فإن تدمير حكومة الرئيس «بشار الأسد» لا يزال على قدم المساواة، إن لم يكن المهمة الأكبر والأكثر أولوية في سوريا.

قد يكون الأتراك على استعداد للذهاب بقواتهم البرية إلى سوريا، ولكن الاعتبارات السياسية قد تقيدهم باستخدام قوات العمليات الخاصة بعد بعض الدعم من قبل الجيش النظامي. القوة الأساسية ليتم الاعتماد عليها في الاستيلاء والأهم من ذلك السيطرة على الأراضي هم وكلاء تركيا من المعارضة. ومع ذلك، فإن المعارضة حاليا ملتزمة بشكل كبير في مكافحة الحملة الروسية والهجمات المدعومة من إيران من حلب إلى اللاذقية. وبالتالي فإنهم ليسوا في وضع يمكنهم من توفر موارد كبيرة لعملية بهذا الحجم. قبل المضي قدما، فإن تركيا عليها النظر في إمكانية الدفع بالقوات البرية الخاصة بها من أجل تأمين والسيطرة على الأراضي.

قضية رئيسية أخرى هي أن هذه الحملة قد تتطلب المزيد من التواصل والتنسيق بين القوات الروسية والقوات التركية والولايات المتحدة. أي فشل على هذا الصعيد سوف يعقد على نحو كبير مسار أي عمليات برية ويعرضها لمخاطر محتملة غير مقبولة من الاشتباك مع روسيا وهو سيناريو تريد كل من تركيا والولايات المتحدة تجنبه. لهذا السبب، فإن المفاوضات النامية بين تركيا وروسيا بحاجة إلى مراقبة دقيقة في الأسابيع المقبلة.

الحكومة التركية تريد أن ترى منطقة عازلة في شمال حلب، ولكنها يجب أن تقرر إذا ما كانت على استعداد للمخاطرة. عملية ناجحة في شمال حلب قد تصنع وضعا أفضل لتركيا لمتابعة مصالحها في سوريا وخارجها، ولكن العملية سوف تضع حزب العدالة والتنمية أمام تحديات كبيرة لمكانته الوطنية، وكذا أمام الموقع الإقليمي لتركيا. الدفع نحو تباطؤ المهمة في سوريا هو أمر محتمل للغاية من قبل الدول الراعية. إنهم يريدون التأثير على المعركة الأرض ويضعون في موارد محدودة للقيام بذلك، ما يؤدي إلى تصعيد بطيء للدعم من جميع الجهات. منذ بدأ الصراع، لا يريد أحد أن يرسل جنديا واحدا، إلى أي مدى سوف تذهب هذه الدول لتحقيق مصالحها على المدى الطويل؟

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان العدالة والتنمية سوريا حلب الأسد الدولة الإسلامية منطقة آمنة المعارضة السورية

«أردوغان»: حلفاء تركيا يقتربون من فكرة إقامة منطقة آمنة شمال سوريا

إيران وتركيا.. علاقة المصلحة مستمرة رغم سوريا

استراتيجية «الدولة الإسلامية» في تركيا

دبلوماسي قطري: لا يقف مع الشعب السوري بعد الله إلا السعودية وتركيا وقطر

أكراد سوريا يعلنون إقامة إقليم جديد على حدود تركيا

«ستراتفور»: عندما تعاني تركيا فإن العالم بأسره سوف يعاني

موسكو تنفي صحة وثيقة مسربة عن مبادرة روسية لعملية إصلاح بسوريا

مشكلـة واشنطن في الردع الذاتي في سوريا

البنية الجيوسياسية للقرار السعودي التركي

تنظيم «الدولة الإسلامية» يتقدم شمال سوريا