الصحراء الغربية نزاع لا ينتهي بين المغرب والجزائر.. والبوليساريو تخطط للحرب

الجمعة 5 نوفمبر 2021 02:42 م

نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا عن النزاع الجزائري- المغربي، تحت عنوان: "النزاع الذي لا ينتهي.. الأمور تسخن في الصحراء الغربية" قالت فيه إن النزاع بات يفاقم من التنافس القديم بين البلدين.

ونقلت عن مقاتل من جبهة البوليساريو التي تقاتل للحصول على الصحراء أن "الحرب هي الطريق الوحيد"، مشيرة إلى أن الوضع يسخن في المنطقة، في وقت رصد المغرب فيه خلال العام الماضي أكثر من 1000 "حادث" قام بها مقاتلو البوليساريو بإطلاق النار على وحدات جنود الجيش، مع أن الجبهة تقول إنها قامت بعمليات أكثر من هذا.

ويتضمن القتال مواجهات بالمدفعية في أطول جبهة قتالية في العالم، وطولها 2700 كيلو متر من الجدار الرملي أو الساتر الترابي الذي بناه الجيش المغربي وزرعه بالألغام. وتقول جبهة البوليساريو إن عددا من جنودها والمدنيين قتلوا، وهو ما ينفيه المغرب، وهذا يعني أن الحرب قد استؤنفت من جديد.

إلا أن الحرب باتت تؤثر على المنطقة بطريقة لا أحد ينكرها، ومن خلال تغذية التنافس بين المغرب والجزائر التي تدعم جبهة البوليساريو. فقد كان دعمها عاملا في قرار الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط في أغسطس/آب.

وتوقفت الجزائر عن تزويد الجارة المغربية بالغاز عبر الأنبوب الذي يمر عبر أراضيها إلى إسبانيا أو ما يعرف خط المغرب- أوروبا، وقد يؤثر هذا القرار على إسبانيا التي تحصل على الغاز من خط الأنابيب هذا.

وفي الوقت نفسه، باتت يد إدارة "جو بايدن" مقيدة في القرار الذي اتخذه سلفه "دونالد ترامب" واعترف فيه بسيادة المغرب على الصحراء الغربية مقابل التطبيع مع إسرائيل عام 2020.

ومضت عقود على قرار تقرير مصير الصحراء، لكن لا يزال تسبب متاعب للدولتين الجارتين. وبدأ القتال بين المغرب والبوليساريو مباشرة بعد مغادرة إسبانيا البلد المستعمر للصحراء، وقام المغرب بضم الصحراء إلى أراضيه عام 1975. وفي عام 1991 اتفق الطرفان في عملية تسوية قادتها الأمم المتحدة على وقف إطلاق للنار يقود لاستفتاء على الاستقلال ولكنه لم يحصل، وذلك بسبب العقبات التي وضعتها المملكة المغربية، فهي تريد استخدام وضعية الحكم الذاتي الغامضة كأساس للتفاوض، الأمر الذي رفضته البوليساريو واعتبرت أن وقف إطلاق النار لاغ.

وفي ظل الوضع الحالي يسيطر المغرب على نسبة 80% من أراضي الصحراء الغربية والباقي بيد البوليساريو.

ويعود الخلاف الجزائري - المغربي إلى سنوات أقدم من الصراع على الصحراء. فقد خاض البلدان حربا قصيرة بعد استقلال الجزائر عام 1962. وكانت الملكية في المغرب غير مرتاحة لدعم الجزائر حركات التحرر العالمية. إلا أن الجزائر ترد على أن المغرب عمل على إثارة المشاكل في أراضيها عبر دعمه للحركات الجهادية والإسلامية، وهو ما قاد لإغلاق الحدود عام 1994.

وكشف هذا العام عن عملية تنصت وقرصنة مغربية لهواتف مسؤولين جزائريين عبر برمجية تجسس أنتجتها إسرائيل. وقالت الجزائر إن المملكة دعمت حركات متورطة في حرائق الغابات بشمال الجزائر ولامتها على قصف شاحنات قُتل فيها ثلاثة سائقين جزائريين في 3 نوفمبر/تشرين الثاني. وتعتبر تحركات البوليساريو بمثابة رحمة للجزائر التي تستضيف عددا من قادة الحركة وعددا من اللاجئين الصحراويين.

وضع حرب

وقال دبلوماسي جزائري: "نواجه وضع حرب". وعبّرت الجزائر عن غضبها العام الماضي من قرار المغرب تطبيع العلاقات مع إسرائيل كجزء من اعتراف الولايات المتحدة بسيادة الرباط على الصحراء الغربية.

وترى المجلة أن الدعم الجزائري للبوليساريو هو استراتيجي، فلو سيطرت الحركة على الصحراء الغربية فسيكون للجزائر منفذ على المحيط الأطلنطي وغرب أفريقيا، في وقت سيتم حشر المغرب في الزاوية الغربية من القارة. وبدلا من ذلك، راقبت الجزائر المغرب وهو يستغل الصحراء، فالجزء المغربي غني بالفوسفات والنفط والثروة السمكية. وحاولت الرباط تعزيز سيطرتها من خلال منح المغاربة الذين ينتقلون إلى المنطقة دعما سخيا. وقد يحرف هذا التحرك ميزان الأصوات لو قرر المغرب الموافقة على إجراء استفتاء على استقلال الإقليم.

وأنفق المغرب مليارات الدولارات على إعمار وتطوير الصحراء، وتبدو البنايات في مدينة العيون وكأنها بنيت حديثا، بما في ذلك القنصليات التي افتتحت للعدد المتزايد من الدول الأفريقية. وقبل عقود، كانت مدينة الداخلة مجرد قرية صغيرة على البحر، لكنها الآن أصبحت منتجعا حافلا بالمتزلجين على الماء. وتم بناء ميناء ضخم لتزويد غرب أفريقيا. وتجوب الشاحنات الطريق الساحلي الذي يربط الصحراء الغربية والمغرب بغرب أفريقيا.

وكان قرار المغرب نشر قواته في المنطقة العازلة التي تحرسها قوات الأمم المتحدة لفض المتظاهرين السبب وراء القتال الحالي. ويعتبر المغرب مركزا قليل الكلفة للشركات الصناعية الأوروبية، وبدأ في الفترة الماضية ببناء علاقات مع دول الصحراء الأفريقية. وبعد مقاطعة للاتحاد الأوروبي لأكثر من 32 عاما بسبب ضمه الصحراء الغربية، عادت الرباط إلى الاتحاد في 2017.

وافتتح الملك "محمد السادس" عددا من السفارات والقنصليات، فيما يذهب معظم الاستثمار الأجنبي الخارجي المغربي إلى دول الساحل والصحراء، في وقت يتراجع الاستثمار الجزائري.

وعندما قُتل سائقان مغربيان وهما يعبران الصحراء الغربية هذا العام، جرى تحميل المسؤولية للجهاديين، مع أن دبلوماسيين لم يستبعدوا دورا جزائريا في محاولة منع التقدم المغربي نحو الجنوب.

إلا أن الصحراء الغربية تعقّد وضع المغرب وعلاقاته في أماكن أخرى. ففي سبتمبر/أيلول، ألغت المحكمة العامة التابعة للاتحاد الأوروبي اتفاقيات صيد وزراعة بين الاتحاد والمغرب؛ لأنهه يضم منطقة الصحراء، مع أن المغرب قد تقدم باستئناف ضد الحكم.

وفي بداية العام، فتح المغرب حدوده على مدينة سبتة لآلاف المهاجرين بعد سماح إسبانيا بدخول "إبراهيم غالي"، أحد قادة البوليساريو لتلقي العلاج من "كوفيد-19"، كما ساءت علاقات المغرب مع ألمانيا بسبب "موقفها السلبي من الصحراء الغربية".

وفي أكتوبر/تشرين الأول، مدد مجلس الأمن الدولي عمل قوات حفظ السلام "مينورسو" ودعا لاستئناف المفاوضات وتم تعيين مبعوث جديد للصحراء هو "ستيفان دي ميستورا"، مع أن الموقف الأمريكي لا يزال غامضا. فقد احتوى القرار على عبارة أضافها الأمريكيون بطلب من الروس وهي الدعوة "لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية"، في تناقض مع الموقف الرسمي الأمريكي الذي يعترف بسيادة المغرب على المنطقة. ولم يقل "بايدن" بعد رأيه فيما إن كان سيواصل قرار سلفه "ترامب".

ويؤكد قادة البوليساريو في مخيمات اللاجئين قرب مدينة تندوف الجزائرية، أن المغرب لم يترك لهم أي مجال إلا استئناف الحرب. وهم يتعرضون لضغوط من 173 ألف لاجئ صحراوي في حالة تململ.

ويقولون إن الجفاف ضرب المنطقة ولم تمطر في تندوف منذ سنين وأن مواشيهم مرضت. وترافق هذا مع انخفاض الدعم الدولي.

ولكن الجزائر عازمة على ما يبدو للإبقاء على اللاجئين في المخيمات حتى لا يتخلوا عن المقاومة. ويخشى الصحراويون من الإحباط وإمكانية زيادة حالات التشدد.

وقال صحفي صحراوي: "الوضع مثل البركان يمكن أن ينفجر. أعطى القتال وقتا للقيادة، لكن ليس كما يريد الشباب الذين يتطلعون إلى حرب حقيقية".

ويوافق الدبلوماسي الصحراوي "ملانين لاخال" على أن الشباب الصحراوي "يريد الهجوم".

ويقول: "يريدون سجناء وعمليات عسكرية كبيرة مثل السبعينات والثمانينات".

وسافر الشباب الصحراوي في المنفى إلى الصحراء عبر موريتانيا وحاولوا تجنب قيود كورونا التي فرضتها الجزائر.

لكن قدرات بوليساريو العسكرية تراجعت أثناء وقف إطلاق النار. فالقادة العسكريون في عمر متقدم، وجنودهم شباب في العشرينات، وقوتهم لا توازي قوة المغرب.

ضرب الجيش المغربي

وفي حال قررت البوليساريو المضي في الحرب، فهي تأمل بدعم من الجزائر التي سترى في الحرب فرصة لإحياء سياستها الخارجية.

ويريد البعض في البوليساريو مدخلا آخر لتبني تكتيكات أخرى مثل ضرب الجيش المغربي في العمق.

وقال قائد الجيش الصحراوي "محمد والي عقيق": "هذا أكبر من احتمال"، مضيفا أن "الشركات والقنصليات والطيران والقطاعات الأخرى" هي أهداف محتملة.

وقد يكون هذا مجرد تباهٍ. ويريد قادة البوليساريو القول إن هجماتهم أثرت على معنويات الجيش المغربي ودفعت الحكومة للتنازل. لكن القوات المغربية تحصن مراكزها على الجبهة الطويلة وتقوم طائرات الاستطلاع بمراقبة الصحراء، وتلقى الجيش المغربي في سبتمبر/أيلول أول دفعة من الطائرات التركية المسيرة.

وزادت النفقات الدفاعية المغربية بنسبة 29% العام الماضي. ويدعم المغرب الانفصاليين البربر في الجزائر، التي بحشد قواتها على الحدود. ويقول دبلوماسيون إنها تعمل مع شركة "فاجنر" الروسية المثيرة للجدل.

وستجد البوليساريو صعوبة في تحقيق حلم الاستقلال بدون المغرب، ويرى دبلوماسيون أنه بدون تعاون مغربي، فالدولة الصحراوية ستعاني من مشاكل. وربما حصلت على دعم من الجزائر الغنية أكثر من المغرب، إلا أن الجزائر تعاني نفسها من اضطرابات. وفشلت الجهود لفطم البلد عن النفط.

ولا تزال الحركة المعروفة بالحراك تواصل نشاطاتها ومطالبها بتخلي العسكر عن الحكم. والمغرب جاهز للمستقبل، فهو أكبر مركز لتصنيع السيارات والطائرات والقطارات السريعة في القارة الأفريقية. وحصلت نسبة 60% من المغاربة على تطعيم ضد كوفيد مقارنة مع نسبة 10% من الجزائريين.

وتأتي ثلث الطاقة المستخدمة في المغرب من الطاقة المتجددة. لكن الصحراويين في المغرب يعانون من مضايقات. ويقولون إن من يتحدث عن الاستقلال يُحرم من الوظائف. وتلاحق الشرطة الناشطين.

ولن تكون الصحراء مثل اسكتلندا في الاتحاد البريطاني. لكن الأوضاع أسوأ على الجانب الآخر في الجزائر، وبعض الصحراويين الذين قضوا كل حياتهم في المخيمات شاركوا في الحراك وتساءلوا عن قيادة البوليساريو.

المصدر | الخليج الجديد + القدس العربي

  كلمات مفتاحية

المغرب الجزائر بوليساريو الصحراء العلاقات المغربية الجزائرية

الأمم المتحدة: الشاحنتان الجزائريتان المتهم المغرب بتفجيرهما كانتا بمنطقة عسكرية

الجيش الصحراوي يعلن شن هجمات ضد القوات المغربية

الملك محمد السادس: لا نتفاوض على مغربية الصحراء بل على حل النزاع المفتعل

علماء المسلمين يناشد المغرب والجزائر إنهاء الخلافات

البوليساريو ترد على خطاب العاهل المغربي: افتراءات وأوهام

المغرب يؤكد عزمه طي النزاع حول الصحراء الغربية دون تفاوض على حقوقها الشرعية

المخابرات الإسبانية: الشاحنتان الجزائريتان تعرضتا لقصف بطائرة مسيرة

البوليساريو تهدد بشن هجوم أعمق في أراضي المغرب

زعيم البوليساريو يعلن التصعيد ضد المغرب "لاستعادة الصحراء بالكامل"

الجامعة العربية تنحاز للمغرب على حساب الجزائر.. ما القصة؟

الجزائر: خريطة المغرب الكاملة المتضمنة للصحراء الغربية خدعة كبرى

البوليساريو تهدد رالي دولي يمر عبر الصحراء الغربية