دراسة: 56% من الشباب السعودي لا يحرصون على المشاركة السياسية

الأحد 6 ديسمبر 2015 01:12 ص

قال الدكتور «معتز سلامة»، رئيس وحدة دراسات الخليج، بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، بمؤسسة الأهرام المصرية، إن 56% من الشباب السعودي، لا يحرصون على المشاركة السياسية، ولديهم انطباعات سلبية عنها، وأرجع السبب الأهم في ذلك إلى «تحذيرات الأسرة والأصدقاء، فضلاً عن المخاوف السياسية»؛ لكنه توقع أن تتجه المملكة إلى بناء الكتلة الشبابية الحرجة، التي تحمل على عاتقها مستقبل الدولة.

وأضاف «سلامة»، الباحث السابق بمركز الخليج للدراسات بالإمارات العربية المتحدة، في حوار خاص مع موقع سويس إنفو البريطاني أن «الإنترنت فتح أبوابَ التعبير السياسي في السعودية على مصراعيها، ويكفي أن تعلم أن هناك نصف مليون تغريدة سعودية يوميًا، على موقع تويتر، في إشارة إلى أن المملكة حريصة على مشاركة الشباب في العملية السياسية ولكن وفق الأطر المتاحة»، مُرجّحًا أن تزداد المشاركة، خاصة من طرف الذين استفادوا من برنامج الإبتعاث الخارجي، وتعلموا بأرقى جامعات العالم.

وأوضح أن فئة الشباب دون 25 عامًا حوالي 50% من سكان المملكة، وتشكل نسبة من هم أقل من 40 عامًا 80%، وتحتل السعودية المرتبة الثالثة عالميًا من حيث نسبة السكان دون 29 عامًا. ويحد من فاعلية الدور السياسي للشباب، أن هناك انطباعات سلبية لديهم عن المشاركة السياسية، حيث أوضحت دراسة عينة من شباب المملكة، أنه بينما يؤمن أغلبُهم بالانتخابات البلدية، فإن 56% منهم لا يحرصون على المشاركة فيها، مشيرة إلى أن السبب الأهم في ذلك تحذيرات الأسرة والأصدقاء، والمخاوف السياسية.

وتابع قائلا إن «هناك حوافز لدى النظام، لإشراك الشباب في السياسة؛ منها: الحاجة لتكوين ائتلاف سياسي- اجتماعي داخلي جديد، يحمل مستقبل المملكة بعد رحيل جيل الآباء، وقدوم الأميريّن الشابين؛ محمد بن نايف، ومحمد بن سلمان، وما بين الأجيال الجديدة المتعلمة في الغرب، وفق خطة الابتعاث الخارجي، وهم بعشرات الآلاف، والشباب المؤمن بالسلفية، والذي تغازله أفكار الجهاد والغزو في العراق وسوريا، من المرجح أن تتجه المملكة لبناء الكتلة الشبابية الحرجة، التي تحمل على عاتقها مستقبل الدولة، مع تطور عملية البناء الداخلي، والحاجة لتعزيز الهوية الوطنية، خصوصًا بعد زيادة المطالبات والعرائض الشبابية، الموجهة للنظام ، في ظل موجة الثورات».

وأضاف «صحيح أن القنوات الشرعية لا تزال أقل قدرة على استيعاب المطالب الشبابية، لكن من المرجح أن تستقر التجربة أكثر، وتزداد جسور الثقة بين الدولة والشباب، كلما استوعب المجتمعُ جرعات التطور السياسي الداخلي، وتفاعل معها بأشكال مأمونة دون عنف».

وبسؤاله عن رأيه في التفاعل الإيجابي الذي برز منذ تولي الملك «سلمان» مع انتقادات السعوديين وملاحظاتهم المنشورة بشبكات التواصل، على أداء وزراء ومسؤولين حكوميين، قال «سلامة» إن «الحملات السعودية على الفساد وسوء الإدارة، متواصلة منذ فترة، ومجلس الوزراء قرر في فبراير/ شباط 2007، برئاسة الملك عبد الله بن عبد العزيز، الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، وفي مارس/ آذار 2011 صدر أمرٌ ملكي بإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد، ترتبط بالملك. وأعلن البيانُ الملكي تعيين رئيس للهيئة برتبة وزير، وشملت مهام الهيئة كافة القطاعات الحكومية ولا يستثنى منها كائنا من كان».

وهناك إقرارٌ رسمي بوجود الفساد، وانتشاره في الأجهزة والهيئات والوزارات، وهناك دعوات من أمراء بالأسرة، ومثقفين ونخبة، ومواطنين، بضرورة التشهير بالمفسدين، لما يشكّلونه من خطر على المجتمع، ومكتسبات الوطن، وتقوم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) بدور كبير في هذا الشأن، بحد قوله.

وتابع أنه في 2 نوفمبر/ تشرين ثان 2013 ألزم مجلسُ الشورى المحاكمَ والدوائرَ القضائية، أن ترسل للهيئة نسخًا نهائية من الأحكام التي تصدرها في قضايا الاحتيال المالي والفساد. ورغم هذا يقدر خبراءُ حجمَ الفساد في المملكة بأكثر من 55 مليار ريال سنوياً.

وقد «بدأ الملك سلمان عهده بإجراءات وقرارات حاسمة ضد الفساد، ولإصلاح الجهاز الإداري، كما أكد أن من حق أي مواطن رفع دعوى قضائية ضد الملك أو ولي عهده. وبعد أقل من أسبوع من توليه العرش أصدر 34 مرسومًا ملكيًا، أعاد من خلالها تشكيل مجلس الوزراء والوزارات وهيئات ودواوين الدولة. وأقال مسؤولين إثر حادثة تدافع منى خلال موسم الحج، وكان لافتًا إصداره أمرًا ملكيًا بإقالة رئيس المراسم، لصفعه مصورًا صحفيًا خلال استقبال العاهل نظيرَه المغربي» وفقا للباحث المصري.

وحول الانتخابات البلدية المقررة الشهر الجاري، قال «سلامة» إن «الانتخابات ظاهرة حديثة العهد على المملكة، وهي انتخاباتٌ على المستوى البلدي، وبعض الشباب يعتبرها صورية، كما أن اختصاصات المجالس البلدية تنفيذية، تتعلق بالمجتمع المحلي، واتصالها بالواقع السياسي الأكبر محدود. غير أنها تشكل نواةً ومدخلاً للإصلاح السياسي، وسيؤرخ لها تاليًا كجنين للتطور الديمقراطي التدريجي، الذي يناسب مجتمعات لا تزال عند العتبات الأولى للممارسة الديمقراطية. لكن أهمية معانيها ومدلولاتها في الارتقاء بالثقافة السياسية للمواطن، أكثر من أهميتها كدلالة على ممارسة سياسية، وفق علم النظم السياسية المقارنة».

وأضاف أنه في المراحل الأولى من التطور السياسي تكتسب الإجراءات الشكلية للانتخابات قيمة، تطغى على أي مضمون سياسي يمكن تحقيقه، ومع الاعتياد على الشكل والإجراءات تزدهر ثقافة الممارسة والقيم السياسية.

وتابع قائلا «يبدو أن المملكة حريصة على زيادة مشاركة الشباب في العملية السياسية، وفق القنوات والأطر المتاحة، ويشير إلى ذلك أن نظام المجالس البلدية، خلال هذه الدورة، رفع نسبة أعضاء المجالس المنتخبين من النصف إلى الثلثين، وخفض سن قيد الناخب من21 إلى 18 عاماً (هجريًا) إضافة إلى مشاركة المرأة كناخب ومرشح (حسب الضوابط الشرعية). وهو ما يشير إلى تشجيع السلطات للناخبين والمرشحين من فئة الشباب، من الذكور والإناث على حدٍ سواء.

وبخصوص نصيب المرأة السعودية اليوم، من الاهتمام بالشأن السياسي، قال «سلامة» «هناك اختلاف في تيارات واتجاهات الحركة النسائية بالمملكة، بين النساء شديدة المحافظة الدينية، والطامحات لممارسة العمل السياسي، مع الالتزام الشرعي، غير أن مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية، وفي انتخابات الهيئات والمؤسسات تشير إلى بدء تنامي مطالبات نسائية أكثر اجتراء وإقبالاً على العمل العام. وتعتبر المرأةُ رصيدًا سياسيًا للاستقرار السياسي للدولة والنظام، بحكم قيمها المحافظة».

ومضى بالقول »تشارك المرأة كناخب ومرشح في الانتخابات البلدية المقبلة، وهناك طموحٌ لدى بعض النساء بإقرار نظام "الكوتة"، بما يضمن لهن حصة من المجالس البلدية. ووفقًا لبيانات اللجنة العامة للانتخابات، وتبلغ نسبة الناخبات على مستوى البلديات والأمانات ثلث الذكور، بينما تبلغ عدد المرشحات سُدس الذكور. وهو ما يشير إلى تغيير كبير في مفاهيم الحركة النسائية، والتطور السياسي للمرأة السعودية عمومًا».

وبحسب «سلامة» «يدرك الملك سلمان، ومن قبله الملك عبدالله، أهمية المرأة، حيث أدخل الملك الراحل عبدالله" المرأةَ دائرة القرار السياسي، من خلال إقرار عضوية 30 امرأة بمجلس الشورى، وجعل للإناث نصيبًا من برنامج الابتعاث الخارجي للدراسة، وهناك 50 ألف سعودية مبتعثة. وهناك الآن سعوديات متميزات بمجالات الطب والعلوم، وبعضهن في جامعات مرموقة، ومواقع دولية مهمة.

وفيما يتعلق بتأثير ثوراتُ الربيع العربي، ودخول الرياض حربًا باليمن، على اهتمام الشباب السعودي بالسياسة، قال «معتز سلامة»: أعادت الثوراتُ اكتشاف العروبة لدى شباب دول الخليج عامة، ووضعت دول الخليج في قلب النظام العربي، وأدخلت الشؤون السياسية والهموم العربية لكل بيت بالخليج، كما ربطت دول الخليج بهموم العالم العربي، لاعتبارات مصلحية وسياسية، ولاعتبارات تتعلق بمستقبل الإسلام السياسي، الذي تتعاطف معه أطيافٌ واسعة بالخليج، من منظور الانتماء العام للإسلام، وليس لتوجهات سياسية عقائدية».

وتابع «ومن المتوقع أن تزداد مشاركة الشباب السعودي الذي استفاد ببرنامج الابتعاث الخارجي، وتعلم في أرقى جامعات العالم، في السياسية، في ظل ازدياد وعيهم السياسي. وهناك شبابٌ يؤمن بفكر الجهاد والغزو، انطلق بعضُهم في ساحات سوريا والعراق، وانتمى بعضُهم إلى تنظيمات متطرفة، ومن المرجح أن يشكلَ هؤلاء عبئًا داخليًا بعد عودتهم للمملكة، كما أن مشاركة السعودية في حرب اليمن هي عاملٌ آخر لزيادة اهتمام الشباب بالسياسة، فضلاً عن حالة الاستنفار الإعلامي الداخلي مع الثورات، ولأجل الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. ولذلك فإنه من غير المستبعد أن تنشأ مطالبات سياسية جديدة بالإصلاح، بعد انتهاء موجة الربيع العربي والثورات».

وبسؤاله عن السبب في أن مُحاسبة المواطنين للحاكم أو المسؤول بمختلف المستويات تتسم، بحساسية فائقة في السعودية، رغم ما طرأ على الأجيال الجديدة، وعلى المنطقة من تغييرات هائلة؟، أوضح أن الفساد في المملكة، رغم وجوده والاعتراف به رسميًا، ليس ظاهرة عامة، وهو يتركز حول المصالح والعقود والصفقات الإقتصادية، ويرتبط بعصر النفط، ومن المرجح أن يتراجع في الفترة المقبلة، كما أنه لم يتغلغل إلى الشخصية السعودية، أو الموظفين العموميين، إلا فيما ندر، ولا تزال السلطات تستطيع إيقاف الفساد، والتصدي له بقرارات رادعة. ومع الزمن، سيتكرس في المملكة إقرارُ مبدأ محاسبة المسؤول العام، والاتجاه إلى مأسسة المحاسبية في أعلى المستويات، لكن حتى الآن من الصعب أن ينطبق ذلك على المستويات الخاصة بالأسرة المالكة والأمراء، في ظل الحرص على صورتهم لدى الشعب، وهذا الاتجاه سيتغير، بحكم قدوم جيل الأحفاد إلى الحكم.

وتُعدّ انتخابات المجالس البلدية التي ستجري قبل منتصف ديسمبر/ كانون أول 2015 ثالث انتخابات بلدية عامة في تاريخ السعودية، بعد انتخابات 2005، و2011، وتعتبر الانتخابات الأولى في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز».

وتشارك المرأة السعودية للمرة الأولى في هذه الانتخابات كناخبة ومرشحة بعدما كانت حكرا على الرجال، بعد قرار اتخذه العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز» في عام 2011 بمشاركة المرأة "في انتخابات الدورة المقبلة وفق الضوابط الشرعية».

 

  كلمات مفتاحية

السعودية مشاركة الشباب تويتر انتخابات

الشباب السعودي والحراك المستحيل

تنظيم «الدولة الإسلامية» اخترق عقول الشباب السعودي

برلماني سعودي سابق: 60% من الشباب السعودي «دواعش»..ونشطاء يطالبون بمحاسبته

7 تغريدات للملك سلمان تحقق 850 ألف إعادة تغريد «ريتويت»

شباب سعوديون يخترقون موقع حكومة الإمارات

«بيل غيتس»: السعودية بلد فريد ويجب وضع شبابها في موقع المسؤولية

«صالح كامل»: «دلع الشباب بهدلنا» .. ونشطاء «تويتر»: بل يعملون ويكافحون

دراسة: 5% من الشباب السعودي يستخدمون «الإعلام الجديد» أكثر من 15 ساعة يوميا