«ستراتفور»: زمن الأتراك.. لماذا يجب على روسيا أن تعيد تقييم رؤيتها لتركيا؟

الأربعاء 9 ديسمبر 2015 12:12 ص

بينما لا تزال ذكريات إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية حاضرًا في ذهنه، كان الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» يوجه بعض الكلمات لحليفه الأسبق، الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» حينما كان يلقي خطابه الوطني أمام الجمعية الفيدرالية الروسية يوم 3 ديسمبر/ كانون الأول.

علق «بوتين» بغضب: «كنا على استعداد للتعاون مع تركيا بشأن القضايا الأكثر حساسية وأن نذهب إلى أبعد مما يذهب إليه حلفاؤهم. الله يعلم لماذا فعلوا ذلك. على ما يبدو أن الله قد قرر معاقبة النخبة الحاكمة في تركيا عبر جعلهم يفقدون سلامة عقولهم».

في حين يبدو أداء «بوتين» دراميًّا بعض الشيء، فإن هناك حقيقة جيوسياسية صعبة وراء صدمته واستيائه تجاه تركيا. تعرف روسيا أهمية الحفاظ على تركيا كصديق عندما تكون في مواجهة القوى الأكبر في الغرب.

وذلك لأن تركيا تملك مفاتيح مضيقي البوسفور والدردنيل، وهما الطريق الوحيد الذي يمكن من خلاله أن تصل السفن الحربية والتجارية الروسية إلى البحر المتوسط من الموانئ الدافئة لروسيا على البحر الأسود. إضافة إلى أن جميع الحسابات الخاصة بـ«بوتين» والمتعلقة بالتعامل مع الولايات المتحدة تصطدم بحقيقة غير مريحة مفادها أن موسكو لا يمكنها أن ترتكن إلى حياد تركيا في واحدة من أكثر المناطق استراتيجية على الخريطة.

مزيد من الضغوط على الأوضاع الصعبة

يوفر لنا عام 1946، حينما كانت الحرب العالمية الثانية قد وضعت أوزارها للتو، لقطة مفيدة على هواجس موسكو غير العادية بخصوص المضايق التركية. بعد خسارتها إمبراطوريتها في أعقاب الحرب العالمية الأولى، كافحت تركيا المدمرة اقتصاديًّا بقوة من أجل تجميع شتات أمتها، وقد اختارت بحكمة أن تنأى بنفسها عن الصراع العالمي. بعد عشرة أعوام، عندما قامت قوات «هتلر» بغزو منطقة راينلاند منزوعة السلاح وصرح «موسيليني» علنا برغبته في ضم بلاد الأناضول، طالبت تركيا بمراجعة الاتفاقات التي تحكم عمل المضايق، بحجة أنها في حاجة أن تتم إعادة عسكرتها ووضع تحت السيطرة الحصرية لتركيا.

وكانت النتيجة اتفاقية مونترو لعام 1936، التي اعترفت رسميا بأحقية تركيا في الإشراف على المضايق على أن تضمن حرية مرور السفن التجارية في أوقات السلم وأن تفرض قيودا على سفن الحرب بناء على حجم ونوعية وحمولة كل منها. ووفقا للاتفاق، فإن سفن الحرب، من غير دول البحر الأسود، التي تسمح لها تركيا بدخول المضيق، لا تستطيع البقاء في البحر الأسود لمدة أطول من 21 يوما. في أوقات الحرب، من المتوقع أن تحظر تركيا مرور سفن المتحاربين من المضيق تماما للحفاظ على منطقة البحر الأسود خارج الصراع.

ولكن السوفييت أبدا لم يكونوا راضين عن حياد تركيا، لأنهم كانوا يشعرون أن تركيا سوف تميل إلى الغرب عندما تبدأ الأمور في التصاعد. وقد قال السوفييت للأتراك عام 1946 أنهم إذا كانوا صادقين في رغبتهم أن يكونوا حلفاء لهم فإن عليهم أن يعطوهم حقوقا في مضيق الدردنيل. وقد عمد السوفييت إلى نشر عدد من التهديدات من أجل التعبير عن جديتهم بخصوص تركيا مثل المطالب الإقليمية السوفيتية في ضم أجزاء من شرق تركيا وحتى إثارة الانفصاليين الأكراد ودعم المطالبات السورية في محافظة هاتاي.

بدأت تركيا المثارة في النظر عبر الأطلسي بحثا عن مساعدة الولايات المتحدة. وقد أوضح سفير الولايات المتحدة في تركيا «إدوين ويلسون» لوزير الخارجية الأمريكي آنذاك «جيمس بيرنر» أن «الهدف الحقيقي للسوفييت تجاه تركيا ليس إعادة النظر في نظام المضيق ولكن السيطرة الفعلية على تركيا.

ضمن إطار الحزام الأمني الواسع للاتحاد السوفييتي الذي يمتد من بحر البلطيق إلى البحر الأسود، تمثل تركيا ثغرة وحيدة .. لذا فإن هدف السوفييت هو كسر هذه الحكومة التركية المستقلة وأن تضع مكانها نظاما تابعا لها، وبذلك تستكمل بناء الحزام الأمني للبلدان التابعة لها على حدودها الغربية والجنوبية وتضع حدا للنفوذ الغربي في تركيا».

وهنا أدرك الجميع أن الوقت قد حان بالنسبة إلى الولايات المتحدة لكي تضع تركيا تحت مظلتها الأمنية.

في 6 إبريل عام 1946، وصلت حاملة الطائرات «يو إس إس – ميسوري» إلى إسطنبول بحجة تسليم رفات السفير التركي لدى الولايات المتحدة، والذي لقي حتفه على الأراضي الأمريكية. احتفلت تركيا بوصول السفينة الحربية الأمريكية من خلال إصدار طوابع خاصة إضافة إلى الهدايا الموجهة لضباط البحرية الأمريكية.

وكما قال السفير «ويلسون» فإن زيارة «يو إس إس – ميسوري» كانت عرضة لتفسر ضمن إطار تلك الأحداث المتأرجحة التي لا يمكن التكهن بعواقبها، وأن تأثيرها يمتد إلى ما هو أبعد من مسرح الأحداث التي وقعت فيه.

وقد كان هذا العرض المتباهي للمظلة الأمنية الأمريكية تمهيدا لطلب الرئيس الأمريكي «هاري ترومان» في فبرارير عام 1947 إلى الكونغرس تقديم مساعدات خارجية لتركيا واليونان «لمساعدة الشعوب الحرة في تقرير مصائرها وفق طريقتها الخاصة». وكانت هذه هي عقيدة «ترومان» خلال الحرب البادرة، وهي أنه يجب على تركيا أن تكون في صف الولايات المتحدة.

إحياء التنافس القديم

الآن قد عادت المنافسة الروسية التركية من جديد، ليس لأن كلا الطرفين أو أحدهما قد أراد ذلك، ولكن لأن الجغرافيا السياسية قد أجبرت كل منهما عليه. «بوتين» و«أردوغان» هما ورثة لاثنين من الإمبراطوريات التاريخية، واللتين خاضتا معا عدة حروب ما بين القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر. ومع الطفرة التي تشهدها البلدان، فقد وجدا نفسيهما رأسا برأس مرة أخرى.

وقد جاءت أول علامة على ذلك خلال شهر أغسطس من العام 2008، عندما غزت روسيا جورجيا، حيث نبه ذلك تركيا إلى أن موسكو جاهزة ولديها الإرادة لاستخدام قوتها العسكرية لإعادة تشكيل موانع أمنية في فلك الاتحاد السوفيتي السابق لمواجهة الزحف الغربي. في ذلك التوقيت، لم تكن روسيا سعيدة وهي ترى سماح تركيا للسفن الحربية الأمريكية بالمرور عبر البحر الأسود من أجل إيصال المساعدات إلى الموانئ الجورجية.

عبرت موسكو عن استيائها عبر إيقاف الآلاف من الشاحنات التركية على الحدود الروسية. ولكن كلا الجانبين قد تزحزح قليلا من أجل تجنب حدوث صدع أكبر.

كان الغزو الروسي للقرم في عام 2014 هو اللكمة التالية التي وجهتها روسيا إلى أمعاء تركيا. يقطن 300 ألف من التتار الناطقين بالتركية في شبه جزيرة القرم منذ العصر العثماني. ينبع الدفاع التركي السريع عن التتار في القرم في أعقاب الجزء الروسي من أكثر من مجرد الاهتمام بالقرابة العرقية: فهمت تركيا أن ميزان القوى في البحر الأسود قد يشهد تحولات.

استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم يعني أن موسكو لم تعد قانعة بالتعامل عبر الترتيبات الإيجارية الهشة مع الحكومة الزئبقية في كييف. (يقع مقر الأسطول الروسي على البحر الأسود في ميناء سيفاستبرول في شبه جزيرة القرم التي كانت خاضعة لأوكرانيا حتى عام 2014). روسيا تتمتع الآن بحرية لتعزيز أسطولها على البحر الأسود والمصمم بشكل كبير لمواجهة القوة البحرية التركية.

وجاء اندفاع روسيا إلى سوريا في عام 2015 ليمثل تجاوزا للخطوط الحمراء بالنسبة إلى تركيا. في هذا الفصل من التوسع التركي، فإن حزب العدالة والتنمية الإسلامي يضع باحته الخلفية في الشرق الأوسط المتقلب على رأس سلم أولوياته. ينصب التركيز التركي على شمال سوريا وشمال العراق، وهو حزام المحافظات العثمانية التي تمتد بشكل طبيعي شرقا من محافظة هاتاي التركية.

المشاركة الروسية في سوريا من أجل الدفاع عن الحكومة العلوية تعمل مباراة ضد أهداف تركيا بتوسيع وجودها العسكري في حلب والحفاظ على قدرتها على تحجيم النشاط الانفصالي الكردي، وفي نهاية المطاف استبدال الرئيس السوري «بشار الأسد» لصالح حكومة سنية صديقة للمصالح التركية.

تمثل سوريا مصلحة هامشية بالنسبة للروس تماما كما أن أوكرانيا هي مصلحة هامشية بالنسبة للأتراك. ولكن هناك عدد من العوامل التي تجعل من تدخل الجيش الروسي على مقربة من المصالح الجوهرية لتركيا على الحدود التركية السورية أمرا خطيرا.

«الدولة الإسلامية» تشكل تهديدا حقيقيا لروسيا، وموسكو لديها مصلحة مشروعة في استهداف التهديد في مصدره. في نفس الوقت، تتركز العلاقات الروسية في سورية في الأوساط العلوية. ترى روسيا أن نفوذها على الحكومة العلوية يمثل وسيلة رئيسية للتفاوض مع الولايات المتحدة، وللحفاظ على الاعتماد الإيراني على موسكو ولمواجهة خطر «الدولة الإسلامية». وكلما صارت ساحة المعركة أكثر ازدحاما، كلما زادت فرص التصادم الروسي التركي بكل تأكيد.

ومن أجل الحفاظ على إمدادات قواتها في سوريا، كانت روسيا تعتمد على ما يعرف باسم «إكسبريس – سوريا» وهو طريق الإمدادات البحرية من سيفاستوبول على البحر الأسود إلى المنشأة البحرية شرق المتوسط في ميناء طرطوس السوري. بوصفها حارس البوابة للمضيق، يمكن لتركيا من الناحية النظرية أن تجعل هذا الطريق أكثر تعقيدا. 

في وقت السلم، فإن تركيا لا تزال تدعي أنها تحترم اتفاقية مونترو وتسمح لروسيا بحرية الوصول مع زيادة عمليات التفتيش على السفن المارة. مما يمثل إزعاجا حقيقيا لروسيا هي المادة رقم 20 من اتفاقية مونترو، التي تقول أنه في زمن الحرب، فإن تركيا كطرف محارب لها حرية التصرف الكاملة في المساحة أو منع مرور السفن الحربية عبر المضيقين، مما يجعلها قادرة على قطع طريق روسيا نحو البحر المتوسط.

سلاح تركيا ذو الحدين

المضايق هي أدوات قوية في يد تركيا بإمكانها أن تستخدمها ضد روسيا. ولكن أنقرة لا يمكنها بسهولة أن تغلق الأبواب مع روسيا. تركيا هي ثاني أكبر مشتر للغاز الطبيعي الروسي، وهي مستورد كبير للنفط والمعادن الروسية وأكبر مشتر للقمح الروسي وزيت عباد الشمس. الخلافات العالقة مع روسيا تجلب ألما اقتصاديا هائلا للأتراك. وينطبق ذلك تماما وبشكل أخص في مجال الطاقة. خلافا للنفط والفحم أو القمح، والتي يمكن أن تحصل عليها تركيا من موردين بديلين، فإن تركيا ليس لديها بديل سريع وموثوق به للغاز الطبيعي، وهو مصدر مهم للطاقة من أجل الصناعة وكذا للمنازل والأسر. تزود روسيا تركيا بحوالي 55% من احتياجاتها السنوية من الغاز (حوالي 27 مليار متر مكعب من إجمالي 50 مليار متر مكعب).

تنقسم الكمية بين اثنين من خطوط الأنابيب التي يمكن أن تحمل كل منها 16 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. أول هذه الخطوط هو «بلو ستريم» الذي يمتد مباشرة من روسيا إلى تركيا عبر البحر الأسود. أما الثاني فهو «خط أنابيب الغرب» والذي يمر عبر تركيا، وهي ليست قريبة من إغلاق المضيق في وجه روسيا كما أن روسيا ليست على وشك قطع إمدادات الغاز عن تركيا. ولكن حتى مع ذلك، فإنه ينبغي على روسيا اتخاذ تدابير أكبر بخصوص أمن الطاقة تحسبا لمواجهة مفتوحة مع روسيا.

المشكلة بالنسبة لتركيا هي أنه لا توجد حلول سريعة لمعضلة الطاقة. تركيا لديها اثنين فقط من محطات إسالة الغاز الطبيعي المستورد، الأولى في مرمرة وإلياجا بطاقة استيعاب سنوية تبلغ 8.2 مليار متر مكعب و 5 مليارات متر مكعب على الترتيب. كما أن تركيا لديها فرصة ضعيفة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال نظرا لضعف قدرتها على تخزينه (3 مليارات متر مكعب سنويا). لذا فإن تركيا لديها الكثير لتقوم به لرفع كفاءة هذه البنية التحتية على مدى عدة سنوات.

ويواجه استيراد الغاز عبر الأنابيب من قبل موردين آخرين أيضا العديد من التعقيدات. وتستورد تركيا نحو 20 في المائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من إيران. يمكن لهذه الواردات أن تنمو مع شروع إيران في إصلاح قطاع الطاقة بعد سنوات من العقوبات.

مع ذلك فإن مسألة توسيع علاقات الطاقة بين إيران وتركيا سوف تستغرق وقتا طويلا كما أنه سيحمل أيضا مخاطر كبيرة بالنسبة إلى تركيا. إيران هي منافس جيوسياسي لتركيا كما روسيا، وكلما صارت روسيا أكثر حزما في سياستها في الشرق الأوسط فإن المزيد من المنافسة مع إيران سوف تنمو في سوريا والعراق.

المنافسة الإيرانية التركية تعقد أيضا من تطلعات تركيا نحو كردستان العراق حيث طور «أردوغان» علاقات تجارية وثيقة مع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني «مسعود بارزاني». وقد ساعدت تركيا «بارزاني» بالفعل من أجل تطوير طريق تصدير مستقل للنفط على حساب حلفاء إيران في بغداد والآن تستعد لتفعل الشيء نفسه بالنسبة للغاز الطبيعي لتغذية السوق التركية.

لكن انهيار عملية السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني (الذي يلجأ مقاتلوه إلى كردستان العراق)، وحدوث فراغ في السلطة في شمال سوريا يتم استغلاله من قبل الانفصاليين الأكراد، سوف يدفع الجيش التركي ليصبح أكثر عدوانية خارج حدوده وبالأخص في سوريا والعراق.

سيطرة تركيا على عائدات مبيعات تصدير النفط يعطي أنقرة نفوذا كبيرا على حكومة كردستان العراق. ولكن «بارزاني» وحلفاءه هم أيضا في موقف لا يحسدون عليه من حيث كونهم مضطرين لمواصلة التعامل التجاري مع “العدو” التركي في الوقت الذي توسع فيه تركيا تدريجيا من تواجدها العسكري في المنطقة الكردية. وهذا يخلق فرصة سهلة لإيران وروسيا لاستغلال الانقسامات الكردية وتوظيفها ضد تركيا.

في الوقت الذي تواصل فيه خطة الطاقة المعقدة للغاية مع كردستان العراق، فإن تركيا تسعى أيضا إلى تمهيد طريقها إلى مسرح الطاقة في شرق المتوسط. تعطلت خطط كل من إسرائيل وقبرص لتصدير الغاز الطبيعي البحري بسبب العقبات التنظيمية، في حين برزت مصر كمركز محتمل جديد للغاز الطبيعي في المنطقة. مع استمرار النقاش حول العديد من المقترحات لخطوط الأنابيب ومحطات تصدير الغاز الطبيعي المسال، تكون تركيا قد أضافت ضرورة جديدة للمضي قدما في محادثات التوحد مع قبرص لإزالة واحدة من العقبات الأساسية في وجه خطط تركيا لتكامل الطاقة مع جيرانها في شرق المتوسط.

مصدر الطاقة الأكثر توافقا من ناحية الجغرافيا السياسية مع تركيا هي أذربيجان، والتي تستعد لإرسال 6 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى تركيا ابتداء من عام 2019 من خلال خط أنابيب عبر الأناضول (إضافة إلى 10 مليارات متر مكعب أخرى سوف يتم إرسالها إلى أوروبا من خلال خط أنابيب عبر الأدرياتيكي).

هذا سوف يساعد تركيا لتقليل اعتمادها على الطاقة الروسية بحوالي 12%، ورغم ذلك فإن تركيا لا تزال بحاجة إلى البحث في أماكن أخرى لتخفيف القبضة الروسية بشكل أكبر. سوف تتحول منطقة القوقاز، مثلها مثل الشرق الأوسط، إلى ساحة كبيرة أخرى للمنافسة التركية الروسية. تبذل موسكو جهودا حثيثة حاليا من أجل سحب باكو إلى صف الكريملين من خلال المناورات الدبلوماسية حول إقليم ناجورنو كاراباخ، وسوف تفعل ما في وسعها لعرقلة خطط تركيا وأذربيجان لإنشاء ارتباط للطاقة في بحر قزوين مع تركمانستان.

الصحوة التركية

منذ أربعة سنوات، رعت «ستراتفور» نموذج محاكاة في إسطنبول بالتعاون مع وزارة الصناعة التركية وجمعية رجال الأعمال لرسم صورة لعالم الطاقة في عام 2040 وموقع تركيا في هذا العالم. شاهدنا عالما سوف تنجر فيه تركيا المترددة إلى الصراعات في الشرق الأوسط ومع روسيا، مما يجعل الأمر أكثر حتمية لتركيا لوضع إستراتيجية مستقبلية من شأنها أن تحرم روسيا من القدرة على شل تركيا اقتصاديا.

واختتم وزير الخارجية التركي آنذاك ورئيس الوزراء الحالي «أحمد داوود أوغلو» المحاكاة برسالة أن تركيا «ليست على وشك اتباع سياسة توسعية جديدة»، مشيرا إلى أن طريق تركيا نحو التعامل مع تحديات الطاقة سيكون عبر الاستفادة من موقعها الجغرافي والحفاظ على علاقة مستقرة مع جيرانها.

كان ذلك التوقيت الذي كانت خلاله سياسة «صفر مشاكل مع الجيران» ما تزال تحجب رؤية النخبة السياسية التركية. أثبتت هذه السياسة أنها قصيرة النظر، ولكنها أيضا كانت سياسة متوقعة من بلد لا يزال يصحو من سبات جيوسياسي طويل وليس في مزاج مناسب لخلق تقلبات في المنطقة. ولكن كل الدلائل كانت واضحة هناك: كانت هناك التحركات العدوانية الروسية في الخارج، وكان الاتحاد الأوروبي يظهر بوادر الانهيار، كما كانت الحرب الأهلية الروسية قد بدأت للتو.

بعد 4 سنوات مرت سريعا، أسقطت تركيا طائرة مقاتلة تعود إلى المورد الرئيسي للطاقة بالنسبة لها. وتستعد لتوغل عسكري في الشرق الأوسط. وعلى «بوتين» أن يعي الآن أن تركيا على استعداد للعمل، أكثر من أي وقت مضى، مع الولايات المتحدة ومنافسيها في أوروبا الشرقية والوسطى من أجل تحقيق التوازن في مقابل عدائية موسكو. ربما تكون أنقرة قد تم تثبيطها لبعض الوقت، ولكن ليس هناك من ينكر ذلك الآن: يبدو أن الوقت قد حان بالنسبة لتركيا.

 

  كلمات مفتاحية

روسيا تركيا إسقاط الطائرة الروسية فلاديمير بوتين أردوغان مضيق البوسفور مضيق الدردنيل

ماذا حقق «بوتين» من مغامرة التدخل في سوريا حتى الآن؟

«بوتين» يطلب اعتذارا أو تعويضا من تركيا عن إسقاط الطائرة و«أردوغان» يرفض

إسقاط تركيا للطائرة الروسية .. خطوة خاطئة أم تغيير لقواعد اللعبة؟

ما الذي نتوقعه بعد إسقاط تركيا للطائرة الروسية؟

«أردوغان»: سنرد على الانتهاكات وسنستمر في دعم المظلومين .. والمنطقة العازلة قريبا

العقوبات الروسية على تركيا .. الكلام عنها أسهل من تطبيقها!

«ستراتفور»: هل تكون تركمانستان بوابة تركيا لتأمين مصادر الطاقة؟

«تحية الصباح بالتركية» تعيد طائرة روسية إلى مطار بانكوك

تنبؤات «ستراتفور»: التغيرات المتوقعة في الشرق الأوسط خلال عام 2016

«نيوزويك»: لماذا يراهن «بوتين» على الأكراد؟