قمة النقب.. تحالف تطبيعي أمني يجعل إسرائيل أكثر الرابحين

الثلاثاء 29 مارس 2022 10:10 ص

قمة مثيرة للجدل والاهتمام، تلك التي عقدت في النقب، جنوبي الأراضي الفلسطينية المحتلة، بمشاركة وزراء خارجية أمريكا وإسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب ومصر، للمرة الأولى من نوعها.

القمة السداسية غير المسبوقة، غاب عنها الفلسطينيون والأردنيون، وحضر الإيرانيون خلف الكواليس، بطرح ملفهم النووي على الطاولة، بالتزامن مع استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على أسواق الطاقة والغذاء حول العالم.

وضمت القمة التي أنهت أعمالها الإثنين الماضي، وزراء خارجية 3 دول عربية طبعت علاقاتها مع إسرائيل عام 2020 (الإمارات والبحرين والمغرب)، على الرغم من استمرار تعثر عملية السلام مع الفلسطينيين.

رسائل القمة

على الرغم من نفي وزير الخارجية المصري "سامح شكري"، أن المشاركة في "قمة النقب" محاولة لتشكيل تحالفات ضد أي طرف، فإن القمة طغى عليها النقاش حول "التهديد النووي الايراني"، وبثت رسالة قلق حيال التوقيع الدولي المرتقب على الاتفاق النووي مع طهران.

ويرى رئيس تحرير صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية "ألوف بن"، أن مشاركة وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" في اللقاء السداسي، جاء لهدفين الأول، طمأنة الحلفاء، والثاني للتعزية، في إشارة إلى عزم واشنطن على توقيع الاتفاق.

ويدرك المشاركون في الاجتماع أن الاتفاق أمر واقع، وأن الإدارة الأمريكية تريد للعودة بسرعة إلى الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس الأسبق "باراك أوباما" في عام 2015، وتخلت عنه إدارة الرئيس السابق "دونالد ترامب" بعد ذلك العام 2018.

و"عندما يتركز الاهتمام في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاجون على روسيا والصين، لن يتبق للقادة والمستويات المهنية سوى القليل من الوقت للتعامل مع إيران والشرق الأوسط بعمق كبير"، بحسب "عاموس هارئيل"، المحلل في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

لكن اصطفاف إسرائيل و4 دول عربية في القمة، كان كفيلا بإشعار واشنطن بأن هناك قلقا من انسحابها من المنطقة، وتراجع اهتمامها بقضاياها، وأن هناك مخاوف جديرة بالاهتمام حيال إيران، إضافة إلى مناقشة قضايا التطبيع والطاقة وتداعيات الحرب في أوكرانيا.

منتدى أمني

من زاوية أخرى، فإن تعميق التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة وعدة دول عربية، يصب في صالح تل أبيب، ويشكل نواة تحالف أمني واقتصادي، ربما تظهر ثماره في السنوات المقبلة.

ويظهر جليا احتفاء تل أبيب بالقمة، التي وصفتها بـ"التاريخية"، واعتبرها وزير الخارجية الإسرائيلي، "يائير لابيد"، تحالفا "يرهب ويردع" أولا وقبل كل شيء إيران ووكلائها، مضيفا: "نكتب التاريخ هنا ونؤسس لبنية جديدة قائمة على التقدم والتكنولوجيا والتسامح الديني والأمن والاستخبارات".

الاتجاه ذاته، ذهب إليه وزير الخارجية الإماراتي، "عبدالله بن زايد آل نهيان"، واصفا الاجتماع بأنه "تاريخي"، مضيفا أن "ما نحاول تحقيقه هنا هو تغيير السرد وخلق مستقبل مختلف".

ووفق مصادر مقربة من "لابيد"، فإن هناك مناقشات بين دول القمة حول "هيكل أمني إقليمي" من شأنه أن يبني الردع ضد التهديدات الجوية والبحرية، في إشارة إلى حلم الناتو الذي تحلم إسرائيل بتشكيله في المنطقة.

وتقضي مخترجات القمة، بتحويلها إلى منتدى سنوي، وتشكيل ست مجموعات عمل للتركيز على قضايا الأمن والطاقة والسياحة والصحة والتعليم والأمن الغذائي والمائي.

وستعمل القمة التي ستعقد سنويا على تشكيل لجان أمنية، وإنشاء شبكة أمنية للإنذار المبكر، قد تنضم لها دول أخرى في المستقبل.

وسيدعم المنتدى، الخطط المطروحة لتعزيز النشاط الاستخباراتي بين دوله، وتنمية التعاون الدفاعي مع إسرائيل، وتأمين الملاحة البحرية، ودفع مسيرة التطبيع قدما نحو الأمام.

ومنذ سنوات، تأمل دوائر إسرائيلية نافذة في وضع الخطوط العريضة لهيئة أمنية دفاعية إقليمية مستقبلية، تكون أشبه بحلف "ناتو" في الشرق الأوسط، يتصدى للخطر الإيراني في المنطقة.

التطبيع مجددا

في مقابل غياب الفلسطينيين عن القمة، برز ملف التطبيع كأحد أبرز مخرجات الاجتماع السداسي، تحت مظلة أمريكية، بما يدعم الانفتاح المتسارع على إقامة علاقات خليجية وعربية مع الاحتلال الإسرئيلي، دون ربط ذلك بمسار عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

"بن زايد" كان واضحا في ذلك، حينما صرح قائلا: "إنها زيارتنا الأولى إلى إسرائيل، أنا وعبداللطيف (وزير خارجية البحرين) وناصر (وزير خارجية المغرب)، ورغم أن إسرائيل كانت موجودة لم نكن نعرف بعضنا وآن أوان تعويض الوقت الضائع"، على حد تعبيره.

وكان من المنطقي أن تحظى القمة باحتفاء وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن"، الذي قال إن "لقاء النقب لم يكن ممكنا في السابق وسيتم توسيعه في المستقبل".

وفي محاولة للتقليل من مخاوف الفلسطينيين إزاء القمة، التقى "بلينكن" الرئيس الفلسطيني "محمود عباس"، في الضفة الغربية، وصرح بأنه: "علينا أن نكون واضحين أن اتفاقات السلام الإقليمية هذه ليست بديلا عن التقدم بين الفلسطينيين والإسرائيليين".

كذلك أعاد "شكري" التأكيد على أهمية عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ودعم حل الدولتين على حدود 1967، دون أن يبرز بيان القمة أي موقف مؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني.

وفي ظل أجواء الاحتفاء بالقمة، وافقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي على اقتراح رئيس الوزراء "نفتالي بينيت" بإنشاء 5 مستوطنات جديدة في شمال النقب، وفق صحف عبرية.

جدير بالذكر أن القمة عقدت في مستوطنة سديه بوكير الزراعية في النقب المحتل (جنوب)، وهو ما اعتبره رئيس الوزراء الفلسطيني "محمد اشتية"، الإثنين، "مكافأة مجانية لإسرائيل".

مكاسب تل أبيب

يمكن القول، إن إسرائيل هي أكثر الرابحين من القمة، التي تبلورت إلى منتدى سنوي، ونواة أمنية لتحالف سيقوم بمهام نوعية على الصعيدين العسكري والاستخباراتي.

ولا شك أن "قمة النقب" تعطي دفعة قوية لمسار التطبيع بين تل أبيب والعالم العربي، بعدما صار الاحتلال قبلة لقمم تاريخية، وعمليات تنسيق إقليمي رفيع المستوى.

ويمثل الاجتماع، المرة الأولى التي يجتمع فيها وزراء خارجية الدول الست معا، وأول زيارة إلى إسرائيل لوزيري خارجية الإمارات والمغرب.

الكاتب في صحيفة "إسرائيل اليوم" (يومية)، "أمون لورد" رأى أن الاجتماع السداسي هو بمثابة مؤشر عل الواقع الجديد، الذي نشأ عن اتفاقيات إبراهيم التي تم توقيعها عام 2020، برعاية الولايات المتحدة الأمريكية.

لكن الخطير، ما عبر عنه الدكتور "كوبي مايكل" كبير الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، قائلا إن "الدول العربية أدركت منذ فترة طويلة أن القضية الفلسطينية أصبحت عبئا استراتيجيا عليها"، مضيفا أن غياب الملف الفلسطيني عن جدول أعمال القمة، يعني أن "الفلسطينيين يدفعون إلى هوامش العمل، وقد ذهب اهتمام المجتمع الدولي بهم منذ فترة طويلة"، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت".

وقد تكون بعض الدول التي شاركت في قمة النقب، لديها مصالح أخرى؛ مصر قلقة بشأن واردات القمح، والإمارات قلقة بشأن علاقتها مع الولايات المتحدة، وهجمات الحوثيين، والمغرب مشغولة بتوترها مع الجزائر، والولايات المتحدة معنية بحشد المزيد من الدعم لأوكرانيا ضد روسيا، لكن الراجح أن إسرائيل، هي أبرز الرابحين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قمة النقب إسرائيل مصر الإمارات البحرين المغرب الولايات المتحدة الاتفاق النووي التطبيع

الخليج وإسرائيل.. ناتو جديد في الشرق الأوسط

المجلس العربي مهاجما قمة النقب: تنازل عن حقوق الفلسطينيين

رئيس إسرائيل يصل إلى عمان الأربعاء لإجراء محادثات مع ملك الأردن

تقرير عبري: تحالف دفاعي إقليمي غير مسبوق بين إسرائيل وجيوش عربية

الحرس الثوري الإيراني يحذر دول الخليج من استمرار التطبيع مع إسرائيل

يديعوت: قمة النقب تضمنت تعزيز التعاون بين القوات الجوية

قمة النقب.. الحكام العرب يسلمون القيادة الإقليمية لإسرائيل

معهد أمريكي: قمة النقب تنصيب لإسرائيل كضامن أمني بديل عن الولايات المتحدة