رغم خصوصية علاقاتهما.. تطورات حقل الدرة تنذر بمواجهة بين إيران والكويت

الجمعة 15 أبريل 2022 12:45 ص

أمضت الحكومات الاستعمارية وحكومات ما بعد الاستعمار في الشرق الأوسط الكثير من الوقت في رسم "خط في الرمال"، كما أطلق عليه المؤرخ "جيمس بار"، لترسيم حدودها. ومع اكتشاف الهيدروكربونات البحرية، أصبح وجود خط حدودي في الماء على نفس القدر من الأهمية.

وأصبحت واحدة من هذه الحدود غير الواضحة موضع نقاش مرة أخرى مع خطط سعودية وكويتية متجددة لتطوير حقل غاز الدرة.

تقع الدرة في الجزء البحري من المنطقة المحايدة المقسمة بين السعودية والكويت، لكن طهران تقول إن الحقل يمتد أيضًا إلى المياه الإيرانية، حيث يُعرف باسم "أراش". وتم اكتشاف الحقل في عام 1967، ويحتوي على خزان نفط به خزان غاز أعمق يعتقد أنه يحتوي على 10-13 تريليون قدم مكعب من الغاز (تقول المصادر الإيرانية 20 تريليون قدم مكعب) و300 مليون برميل من النفط.

وعادة ما تكون الحقول العابرة للحدود في جميع أنحاء العالم "موحدة"، مع اتفاقية بشأن التطوير والعمليات المشتركة والتقسيم العادل للإيرادات. وبصرف النظر عن المنطقة المحايدة، فإن هذا غير معروف تقريبًا في الشرق الأوسط، حيث تمتد العديد من الحقول على الحدود البرية بين إيران والعراق والحدود البحرية الإيرانية وجيرانها في مجلس التعاون الخليجي على طول الخليج.

وقد تم تطوير هذه الحقول بشكل أحادي وسريع لاستغلالها في أسرع وقت ممكن قبل أن يستنزفها الطرف المنافس. وتجدر الإشارة إلى أن إيران تشترك في حقل غاز جنوب فارس العملاق مع حقل الشمال القطري، وهو عماد صناعة الغاز الطبيعي المسال العالمية. ويمتد حقلان سعوديان كبيران لإنتاج الغاز، هما "العربية" و"الحسبة"، عبر الحدود، لكن لم يتم تطويرهما بعد من الجانب الإيراني.

وكانت السعودية والكويت في نزاع حول إدارتهما المشتركة للمنطقة المحايدة، وقد توقف إنتاجها منذ 2014 حتى تم التوصل إلى قرار لاستئناف الإنتاج في ديسمبر/كانون الأول 2019. ومنذ ذلك الحين، كان هناك تعاون في مشاريع جديدة، بما في ذلك خطط لإرسال ما يصل إلى 50 مليون قدم مكعب يوميًا من حقل الوفرة البري و24 مليون قدم مكعب يوميًا من حقل الخفجي البحري إلى الكويت.

وبموجب اتفاق مبدئي تم توقيعه في 21 مارس/آذار، تخطط الكويت والسعودية الآن لتطوير حقل الدرة لإنتاج مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز و84 ألف برميل يوميًا من المكثفات (زيت خفيف مكثف من الغاز).

وسيتم تقسيم الغاز بالتساوي عبر خطوط أنابيب إلى الزور في الكويت ورأس الخفجي في السعودية، وهو تغيير عن المقترحات السابقة لإيصال جميع الغاز إلى السعودية قبل أن يتم نقل نصفه عبر الأنابيب إلى الكويت، وهو ما رفضه الكويتيون.

وتعد "عمليات الخفجي المشتركة"، الشركة العاملة في المنطقة المحايدة، مشروعا مشتركا بين الشركتين الحكوميتين "نفط الخليج" الكويتية و"أرامكو لأعمال الخليج" السعودية. وتقدر عملية التطوير بنحو 7 مليارات دولار. ولم يتم تحديد جدول زمني، ولكن من الناحية الواقعية، قد يبدأ الإنتاج حوالي عام 2027 إذا استمر المشروع على الفور.

لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، "سعيد خطيب زاده"، قال في 26 مارس/ آذار، إن هذه الصفقة "تتعارض مع المفاوضات السابقة وغير قانونية"، مضيفا أن إيران "تحتفظ بالحق في استغلالها".

وأضاف نائب وزير البترول "أحمد أسدزاده" أن إيران درست استغلال الحقل، وأنه حتى بدون ترسيم للحدود، يمكن تطويره بشكل مشترك، فيما قال وزير البترول "جواد أوجي" إن بلاده ستبدأ الحفر في الحقل قريبًا. ومع ذلك، فإن خطط الاستثمار المتعلقة بالغاز، والتي تم الإعلان عنها في يناير/ كانون الثاني، لم تذكر حقل "آراش".

وأشار وزير الخارجية الكويتي "أحمد ناصر المحمد الصباح"، في 29 مارس/آذار، في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الفرنسي، إلى المفاوضات الثلاثية بشأن الحدود البحرية، لكنه أوضح بعد ذلك موقف بلاده بأن الدرة تخص الكويت والسعودية بالكامل.

وأجرت إيران محادثات مع الكويت بشأن ترسيم الحدود في عام 2000، واقترحت تطويرًا مشتركًا في عام 2010. وبينما تتواصل طهران مع الدولة الخليجية بشكل معقول، قطعت مع الرياض العلاقات الدبلوماسية في يناير/كانون الثاني 2016.

وفي 13 أبريل/نيسان، وجهت السعودية والكويت دعوة لإيران للتفاوض على حدودهما المشتركة، مع التأكيد على حقهما الوحيد في الدرة - بالرغم أن الحدود الكويتية الإيرانية هي فقط التي لم يتم الاتفاق عليها.

وتحتاج الدول الثلاث المشاركة في حقل الدرة للغاز، وتعد الكويت أكثر احتياجا من السعودية وإيران؛ حيث تزايد استهلاك الكهرباء لديها بشكل كبير، وارتفع النفط والغاز الذي يتم حرقه بنسبة 7%  في عام 2021، وسيزداد أكثر هذا العام. 

ويرتبط كل إنتاج الغاز في البلاد تقريبًا بإنتاج النفط، لكنه غير كافٍ لتلبية الطلب؛ وقد تباطأت تنمية موارد الغاز في شمال الكويت بسبب الصعوبات الفنية والمناقشات السياسية المعتادة.

وبصفتها مستوردًا للغاز الطبيعي المسال منذ عام 2008، قامت الكويت بتأسيس أول محطة استقبال دائمة في الزور في يوليو/تموز 2021 وجلبت 193 ألف طن في يناير/كانون الثاني. ولدى الكويت عقود مع "قطر غاز" و"شل" لشراء ما مجموعه 4 ملايين طن في السنة، أي ما يعادل 0.5 مليار قدم مكعب في اليوم. ومن المحتمل أن يكون السعر متوازنا مع سعر النفط، مما يجنب الكويت ارتفاع أسعار الغاز القياسية، ولكنه لا يزال مكلفًا.

ويعتبر حقل الدرة أقل أهمية للسعودية لكنه لا يزال مفيدا. وتريد المملكة زيادة إنتاج الغاز بمقدار النصف بحلول عام 2030 في إطار خطط للتخلي عن النفط لصالح الغاز ومصادر الطاقة المتجددة. ويجب أن يرتفع إنتاج الغاز من حوالي 11 إلى  19.5 مليار قدم مكعب في اليوم لتلبية مستهدفات المملكة، ولا تعمل خطط المشاريع الحالية على سد الفجوة تمامًا.

وتريد الحكومة الإيرانية زيادة الإنتاج الحالي من الغاز (يبلغ 24 مليار قدم مكعب في اليوم) بمقدار النصف على مدى السنوات الثماني المقبلة. لكن الإنتاج الفعلي لن يصل إلى هذا المستوى بسبب التأثير المستمر للعقوبات الأمريكية، حتى لو تم تخفيفها، وبسبب غياب الاستثمار الأجنبي والحاجة إلى تركيب معدات ضغط معقدة في حقل جنوب بارس للحفاظ على مستوى الإنتاج. وتعاني إيران من نقص متكرر في الغاز، وقد قطعت إمداداتها عن تركيا والعراق بشكل متكرر.

تشير الأرقام الخاصة باحتياطيات آراش إلى أن إيران ستطالب بما يتراوح بين ربع ونصف الحقل، وتشير المسوحات السابقة إلى أن حوالي 30% تقع ضمن الادعاء الإيراني. ولطالما أعطت إيران الأولوية لتطوير الحقول العابرة للحدود، لا سيما عندما يبدأ أحد الجيران في التطوير، لكن هذه المسألة المبدئية لم تؤد إلى إنتاج في كثير من الأحيان.

ومن غير المرجح أن يتم التوصل إلى اتفاق تعاوني بشأن الدرة/أراش قريبًا، حتى لو تحسنت العلاقات. إن مشاركة 3 دول من بينها خصمين إقليميين رئيسيين، لا يساعد في هذا الأمر.

وقد استغرق حل الخلاف السابق بين الكويت والسعودية حول تشغيل المنطقة المحايدة، وهو نزاع صغير نسبيًا بين شريكين في مجلس التعاون الخليجي، 6 سنوات. وإذا مضت الدولتان قدما، فستحتاج إيران شريكا أجنبيا لتطوير آراش، لكنها لن تجد بسبب الخلاف الحدودي، وستعترض الكويت على أي محاولات من جانب طهران للتنقيب في المنطقة المتنازع عليها.

ويعزز ذلك احتمالات المواجهة بين إيران وإحدى دول مجلس التعاون الخليجي التي تربطها بها أكثر العلاقات ودية.

المصدر | روبن ميلز/ معهد دول الخليج في واشنطن – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإيرانية الكويتية العلاقات الإيرانية السعودية حقل الدرة الغاز العلاقات السعودية الكويتية

السعودية والكويت توقعان وثيقة لتطوير حقل غاز الدرة في الخليج

إيران تبدي استعدادها للتفاوض مع الكويت حول حقل الدرة

هل تصل السعودية وإيران إلى اتفاق حول حقل الدرة؟

خلافات إيرانية خليجية حول الغاز.. والحشد الشعبي يدخل على خط الأزمة

إيران تدعو الكويت لاستئناف التفاوض حول حقل الدرة في طهران