أوقاف مصر.. تضييق على المساجد وحرب على التهجد والاعتكاف

الأحد 24 أبريل 2022 01:18 م

يعد وزير الأوقاف المصري "محمد مختار جمعة"، مثار جدل كبير في البلاد، وسط دعوات لإقالته من منصبه، ومحاسبته برلمانيا، وعصيان قراراته، وعدم الالتزام بها.

ويواصل "جمعة" اتخاذ قرارات من شأنها التضييق على دور العبادة، وأنشطتها خلال شهر رمضان المبارك، مقارنة بفتح السلطات، الباب، أمام السهرات الرمضانية، وحفلات الإفطار الجماعي، ومباريات كرة القدم.

وعلى الرغم من إعلان الحكومة المصرية، قبيل شهر رمضان، تخفيف قيود "كورونا"، وفي مقدمتها السماح بفتح دور المناسبات الملحقة بالمساجد، وكذلك أداء درس العصر، وخاطرة التراويح بالمساجد الكبرى، فإن "جمعة" واصل قراراته الاستفزازية للمصريين.

قرارات جديدة

زاد من استياء الشعب المصري، قرار "جمعة" بمنع الاعتكاف وصلاة التهجد خلال العشر الأواخر من شهر رمضان.

وهذا هو العام الثالث على التوالي الذي تمنع فيه مصر الاعتكاف في المساجد، أو أداء صلوات التهجد.

وبرر الوزير القابع في منصبه منذ يوليو/تموز 2013، قراره بأن السلطات لن تفتح المساجد للاعتكاف أو التهجّد بسبب جائحة "كوفيد-19"، مضيفًا أن المسجد "ليس فندقًا للنوم والعيش فيه".

وزعم الوزير المقرب من الأجهزة الأمنية في البلاد، أن الاعتكاف يزيد من الأمراض بين المصلّين، وخاصة مع استخدام المعتكفين لدورات المياه.

يأتي ذلك في الوقت الذي سمحت فيه دول عربية عدة، على رأسها السعودية والإمارات والكويت، بإقامة صلاة التهجد والاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان.

ولم يتوقف الوزير عند ذلك، بل أعلن عن منع إقامة صلاة عيد الفطر في الساحات العامة بدعوى صعوبة تطبيق  إجراءات التباعد بها أو التحكم في تدافع الناس عليها.

وشملت القرارات فتح المسجد قبل الصلاة بـ10 دقائق وغلقه بعدها بـ10 دقائق، وأن تكون مدة التكبير في حدود 7 دقائق فقط، وألا تزيد مدة الخطبة على 10 دقائق كخطبة الجمعة.

لجان تفتيش

وفي محاولة لإرهاب معارضيه والمخالفين لقراراته، وجه "جمعة" لجانا للتفتيش على المساجد لرفض الأئمة الذين يقومون بأداء صلاة التهجد أو الاعتكاف فى العشر الأواخر من رمضان.

وتضمن تعميم رسمي صادر عن مديرية أوقاف المنوفية (دلتا النيل)، تعليمات للأئمة والخطباء والعاملين بالمساجد برفع حالة الطوارئ القصوى "فوق المعتاد" لمنع التهجد والاعكتاف، مشيرة إلى أن المخالف سيتعرض لعقوبة "قاسية".

كذلك حذرت مديرية الأوقاف بالأسكندرية (شمال) في تعميمها من قيام أى إمام مسجد بفتح المساجد لأداء صلاة التهجد أو الاعتكاف، وأن من يفعل ذلك سوف يتم إحالته للتحقيق، مشيرة إلى أن العقاب سيكون في "منتهى الشدة والقسوة"، وفق تعبيرها.

واظهرت صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، نشرتها مديرية الأوقاف في محافظة الإسماعيلية (شمال شرقي البلاد)، يظهر فيها عدد من مفتشيها يتجولون داخل المحافظة ليلاً، للتأكد من إغلاق المساجد وعدم إقامة صلاة تهجد أو اعتكاف في أيٍّ منها.

انتقادات حادة

تتزايد الاتهامات للوزير المعروف بعدائه للإسلاميين، بالتضييق على المساجد لمصلحة السلطات الأمنية، في الوقت الذي تمتلئ فيه المقاهي والخيم الرمضانية بالرواد طوال الليل حتى الفجر.

وتساءل النائب المصري "أحمد خليل خير الله"، في بيان عاجل لرئاسة مجلس النواب، كيف أن كل الجهات والمراكز التجارية تعمل بكفاءة، والدولة سمحت بعودة الجماهير للملاعب مرة أخرى، وصلاة التهجد هي التي ستزيد من معدل كورونا؟.

وكتب الصحفي بقناة الجزيرة "عبدالله الطحاوي"، قائلا عبر "فيسبوك": "مكافحة التهجد.. من إنجازات الوزير المكروه من الإنسان والحيوان والجماد".

وعلق رئيس تحرير صحيفة "المصريون" المقيم في الخارج "جمال سلطان": قائلا: "الحكومة المصرية ترسل لجان تفتيش على المساجد ليلا، لتتأكد من أن المسلمين لا يقيمون صلاة التهجد في العشر الأواخر من رمضان وأن بيوت الله فارغة من المصلين!".

وقال الداعية المصري "مسعودي صبري"، إن "منع الاعتكاف والتهجد من التعدي على الدين، وسعي لمحو الهوية الإسلامية في مصر، وكل من اشترك فيه آثم، والمساجد ليست فنادق صحيح، فهي بيوت الله للعبادة والاعتكاف، كما قال تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } [البقرة: 187] وليس في الفنادق.

وأضاف عبر "فيسبوك": "قاتل الله كل من منع الاعتكاف والتهجد، (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) (البقرة: 114)".

واعتبر الأكاديمي المصري الدكتور "خالد فهمي"، تسيير قوافل ولجانا وجولات ليلية يكون همها التأكد من إغلاق المساجد والتأكد من عدم قيامها بالتهجد انحراف مروع في وظيفة الدولة وتجاوز مرعب لوظيفتها الأساسية في صناعة الضبط الاجتماعي.

وأضاف: "وهذا الأمر يفتح الباب أمام ما يمكن أن يدرج النظام في خانة المحارب لله ولدينه وشريعته وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم".

وزاد البعض باتهام الوزير بتطبيق سياسات أمنية تهدف للتضيق على المساجد، وتجفيف منابع التدين في البلاد، ووضع بيوت الله تحت سيطرة جهاز "الأمن الوطني" (جهة استخباراتية داخلية).

وتساءل ناشطون عن الفارق بين صلاة التراويح وصلاة التهجد، ساخرين من قدرة الفيروس على التفرقة بين صلاة التراويح وصلاة القيام، وكيف ينشط في المساجد وحدها دون بقية الأماكن المزدحمة، وينتشر في ساحات صلاة العيد ولا ينتشر في المقاهي والملاعب.

ومنذ تعيينه وزيرا للأوقاف منذ نحو 9 سنوات، اتخذ "جمعة" عددا من القرارات التي أثارت جدلا واسعا، من بينها ما قرره في سبتمبر/أيلول 2013 بمنع إقامة صلاة الجمعة في الزوايا التي تقل مساحتها عن 80 مترا، ثم تبعه بمنع غير الأزهرين من الخطابة في المساجد الحكومية والأهلية.

وفي 26 يناير/كانون الثاني 2016، قرر "جمعة" توحيد خطبة الجمعة في جميع مساجد مصر استنادا إلى أن الوزارة مسؤولة عن إقامة الشعائر الدينية.

واستبعدت وزارة الأوقاف في عهده نحو 12 ألف إمام وخطيب من المساجد ضمن مساعيها للسيطرة على الخطاب الديني.

وفي العام 2017، أكد الوزير أن هناك تنسيقا كاملا مع أجهزة الأمن فى اختيار الأئمة والدعاة، مطالبا بالإبلاغ عما أسماه "وقائع تطرف" في المساجد.

ولا يفوت "جمعة" فرصة، إلا ويشيد بإنجازات الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، ويؤكد وجوب طاعته، كما يفتي بتكفير معارضيه، ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة السيسي الاعتكاف صلاة التهجد صلاة العيد التراويح مصر مصر

هي دي بلد الأزهر؟.. غضب في مصر بعد منع التهجد والتضييق على التراويح

مصر تسمح بفتح المساجد لصلاة التهجد من ليلة 27 حتى نهاية رمضان

رايتس ووتش: على مصر رفع القيود عن الشعائر الدينية