انحاز الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب"، إلى السعودية واستثماراتها، ضد جمعية الجولف للمحترفين الأمريكية، المعروفة بالحروف الأولى PGA، وضد عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، في خطوة أثارت جدلا.
جاء ذلك، على خلفية الإعلان عن استضافة منتجع مملوك لـ"ترامب"، في بيدمينستر بولاية نيوجيرزي، إحدى جولات بطولة الجولف الدولية، المدعومة من الرياض، لمدة 3 أيام تبدأ 29 يوليو/تموز الجاري.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه لعبة الجولف، حالة من الاضطراب، حيث تستعد لبدء جولة انفصالية جديدة تدعمها السعودية.
وأشاد "ترامب"، ببطولة "LIV Golf" التي يمولها صندوق الاستثمارات العامة السعودي، ضمن اقتناصة لفرص الاستثمار في الرياضة العالمية، وذلك في إطار تنويع الاقتصاد ضمن برنامج رؤية 2030 الطموحة.
وكتب منشورًا على موقع "Truth Social" قائلًا: "كل لاعبي الجولف الذين يظلون مخلصين بجميع الأشكال لجمعية (PGA) غير المخلصة، سيدفعون ثمناً باهظاً، ولن يحصلوا على شيء سوى الشكر من مسؤولي (PGA) الذين يجنون ملايين الدولارات سنويًا".
وتابع: "إذا لم تأخذ المال الآن، فلن تحصل على أي شيء لاحقًا، وحينها فقط ستعرف مدى ذكاء الموقعين الأوائل".
وحسب "سي إن إن"، فإن "LIV Golf" هو المنافس الجديد لـ"PGA"، وبالفعل تمكن صندوق الاستثمارات السعودي من جذب لاعبي الجولف البارزين، ومن أبرزهم "فيل ميكلسون" و"داستن جونسون".
في الوقت نفسه، عارض "ترامب"، مجموعة من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول، ممن يتهمون السعودية منذ فترة طويلة بمساعدة الإرهابيين الذين نفذوا الهجمات، التي أسفرت عن مقتل وإصابة الآلاف.
ووجهت مجموعة من أهالي الضحايا، قبل أيام، رسالة إلى "ترامب"، ذكروا فيها أنهم شعروا "بألم شديد وإحباط وغضب"، نتيجة قرار استضافة المسابقة التي ترعاها السعودية، في نادي "ترامب الوطني للجولف".
وقال "بريت إيجلسون"، رئيس مجموعة "عدالة 11 سبتمبر/أيلول" ونجل أحد ضحايا الهجوم على مركز التجارة العالمي: "الأدلة ضد السعودية ودورها في الهجمات أكثر وضوحا من أي وقت مضى، ورغم من معرفة ذلك، فقد قبل الرئيس السابق ترامب أموالهم ويسمح لهم بدخول دولة دمرتها أحداث 11 سبتمبر/أيلول".
ونفت الحكومة السعودية أي تورط لها في الهجمات، لكن أفراد الأسرة قالوا إن "ترامب" ألقى باللوم على السعوديين في مقابلة أجرتها معه قناة "فوكس نيوز" عام 2016، حين قال: "من فجر مركز التجارة العالمي؟ لم يكونوا عراقيين، بل كانوا سعوديين. ألقوا نظرة على المملكة السعودية. افتحوا الوثائق".
وبحسب مجلة "نيويوركر"، فإن "ترامب"، رد بشكل غير مباشر على انتقادات عائلات ضحايا 11 سبتمبر/أيلول، عندما انحاز عبر منصته الاجتماعية الخاصة به، للانضمام للبطولة.
وأشارت المجلة في تقريرها، إلى أن "ترامب تجنب الحديث عن أحداث 11 سبتمبر/أيلول، أو رسالة الاحتجاج التي تلقاها أو الحديث عن اغتيال الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، أو أن الحكومة السعودية ومن خلال استثماراتها في الجولف وكرة القدم والرياضات الاحترافية الأخرى، تحاول بوضوح صرف الانتباه عن طبيعتها القمعية والاستبدادية".
من جانبه، اعتبر "جون هرش" مدير البرامج في "الديمقراطية للعالم العربي الآن"، وهي مجموعة بحثية ومناصرة شارك في تأسيسها "خاشقجي"، أن ما تنفقه الرياض في المجال الرياضي هو "جزء من مسرحية أوسع من قبل النظام السعودي بحيث ينسى الناس أحداثا ووقائع مثل 11 سبتمبر/أيلول، أو إعدام 81 شخصا في يوم واحد كما حصل مؤخرا".
وتابع "هرش"، منتقدا الرئيس الأمريكي السابق: "بدلا من الاعتراف بتلك الأمور فإن ترامب كتب في منشوره على أن كل لاعب الجولف الذين يظلون مخلصين لبطولة (PGA) سوف يدفعون الثمن باهظا لا مفر منه".
وكان "ترامب" بذلك يشير إلى قضايا الاحتكار التي تنظر فيها وزارة العدل الأمريكية، بشأن منع "PGA" لاعبيها من المشاركة في بطولة "LIV" التي تدعمها السعودية.
وأشارت "نيويوركر" إلى أن ترامب لا يسعى فقط إلى تحقيق الأرباح وجني الأموال من خلال استضافة تلك البطولة، فهو أيضا لديه "رغبة في الانتقام" من "PGA" التي سحبت، في العام 2016، وخلال حملة الرئاسية الناجحة لـ"ترامب"، بطولة كبيرة من دورة أخرى يمتلكها المعروفة باسم "ترامب ناشونال دورال"، ما أثار حنقه.
ومنذ شرائه ملعب نيو جيرزي، في عام 2002، استثمر بكثافة في جعله يستحق إقامة واحدة من بطولات الجولف الأربع الكبرى.
لكن في يناير/كانون الأول من العام الماضي، بعد الهجوم على مبنى الكابيتول من قبل أنصار "ترامب"، قررت رابطة لاعبي الغولف المحترفين الأمريكية، سحب تنظيم بطولتها لعام 2022 من ملعب "بيدمينستر".
وقال رئيس الاتحاد "جيم ريتشيرسون" وقتها، إن اقتران تنظيم البطولة بملعب ترامب "سيضرّ بالعلامة التجارية للاتحاد ويعرّض قدرته على تقديم العديد من البرامج واستمرار مهمته للخطر".
ويأتي القرار بعد إلقاء العديد من السياسيين وغيرهم باللوم على "ترامب" في وقوع هجوم مناصريه على مبنى الكابيتول، والذي راح ضحيته 5 أشخاص.
وقال المدير التنفيذي للاتحاد "سيث وو"، آنذاك: "نجد أنفسنا في وضع سياسي لا يد لنا فيه".
وأضاف: "لقد شعرنا أنه بالنظر إلى الأحداث المأساوية التي وقعت يوم الأربعاء، لم يعد بإمكاننا الاحتفاظ بالبطولة في بيدمينستر. الضرر من إقامتها لن يمكن إصلاحه وكان المسار الحقيقي الوحيد للعمل هو مغادرة (البطولة للملعب)".
وكان الاتحاد، الذي يحظى بعضوية 29 ألفاً من محترفي الجولف في الولايات المتحدة، قد وقع عقد إقامة البطولة في بيدمينستر عام 2014.
وألغى الاتحاد سابقاً إقامة بطولة "جراند سلام" على ملعب "نادي ترامب الوطني" في لوس أنجليس عام 2015 إثر تصريحات مهينة أدلى بها الرئيس المنتهية ولايته بشأن المهاجرين المكسيكيين في العام 2015.
وفي السعودية حالياً 5 ملاعب للجولف، أكبرها "رويال جرينز" الذي يقع غربي البلاد على البحر الأحمر، وفقاً لموقع "جولف".
واستضافت المملكة، في فبراير/شباط من العام الماضي، البطولة السعودية الدولية للجولف ضمن الجولة الأوروبية، والتي يشارك فيها أكثر من 130 لاعباً دولياً.
وشارك في بطولة 2021 المصنف الأول عالمياً، "داستن جونسون"، وبطل الولايات المتحدة، "بريسون ديشامبو"، وغيرهما من الأسماء اللامعة في عالم لعبة الجولف.
