وصل الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" إلى الجزائر، الخميس، في زيارة بمستهل فترته الرئاسية الثانية، تهدف لإنهاء قطيعة ومحاولة تجاوز إرث الماضي، وإنهاء توترات كان "ماكرون" نفسه سببا في إذكائها بتصريحات سابقة أثارت غضبا في البلد العربي الكبير.
وكان في استقبال "ماكرون"، بمطار هواري بومدين نظيره الجزائري "عبدالمجيد تبون"، حيث توجه الرئيسان إلى مقام الشهيد الذي يخلّد ذكرى حرب الاستقلال عن فرنسا (1954-1962)، قبل مأدبة عشاء في القصر الرئاسي.
كل الفرنسيين يتحدثون عن انبطاح ماكرون لدولة الجزائر عدا ع،بيد البخاري و الزيطوطيين
— شهد (@chouchatjn) August 25, 2022
ماكرون يترحم على شهداء الجزائر الذين أدبو بلاده #الجزائر #الجزائر_المحمية_بالله
pic.twitter.com/aA7XA3bo7N
ويرافق الرئيس الفرنسي وفد كبير يضم أكثر من 90 شخصا بينهم 7 وزراء، ورجال أعمال ومتخصصون في تاريخ البلدين.
لكن حاخام فرنسا الكبير "حاييم كورسيا" تخلف عن الزيارة، بعد ظهور نتيجة فحص "كوفيد-19" الخاص به إيجابية، وفق وسائل إعلام فرنسية.
غير أن مصادر إعلامية جزائرية متعددة، أكدت أن غياب الحاخام اليهودي عن الزيارة، راجع لتحفظ السلطات الجزائرية بسبب مواقفه المساندة للاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، بحسب وكالة "الأناضول".
بدورها، قالت قناة "فرانس 24" إن "ماكرون" الذي "حط الرحال في الجزائر يسعى من خلال زيارته إلى طي صفحة القطيعة وإعادة بناء علاقة لا تزال مثقلة بأعباء الماضي".
وأضافت: "سيتفادى ماكرون التركيز على مسألة الذاكرة، الملف المعقد على ضفتي المتوسط، والذي تسبب بفقدانه الكثير من التقدير الذي حظي به لدى الرأي العام الجزائري قبل توليه الرئاسة، خصوصا إثر تصريحاته في أكتوبر/تشرين الأول 2021 التي انتقد فيها النظام الجزائري وشكك في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار".
وأردفت القناة أن "ماكرون"، "يعتزم توجيه هذه الزيارة نحو الشباب والمستقبل، كما أنه سيلتقي أيضا رواد أعمال جزائريين شباب قبل أن يتوجه إلى وهران الواقعة في الغرب".
وتأتي زيارة "ماكرون" للجزائر أيضا مع تقارير عن بدء الدولة العربية الواقعة في شمالي أفريقيا استراتيجية جديدة لتعميق التعاون مع روسيا، حليفتها البارزة، لكن هذا التعاون ينظر له الآن بقلق في أوروبا، مع تصاعد الحرب الروسية في أوكرانيا والتوترات التي سببتها تلك الحرب في العلاقات الروسية الأوروبية.
والسبت، أعلنت الرئاسة الفرنسية "الإليزيه"، أن الرئيس ماكرون سيزور الجزائر من 25 وحتى 27 أغسطس الجاري، بهدف إحياء العلاقات بين البلدين بعد شهور من التوتر.
وذكر بيان الإليزيه الذي صدر بعد اتصال هاتفي بين ماكرون وتبّون، أن الزيارة "تساهم في تعميق العلاقات الثنائية مستقبلا.. وتعزيز التعاون الفرنسي-الجزائري في مواجهة التحديات الإقليمية ومواصلة العمل على ذاكرة" فترة الاستعمار.
وشكك ماكرون، في 30 سبتمبر/أيلول من العام الماضي، بوجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي (1830-1962) واتهم النظام السياسي الجزائري القائم بأنه "يستقوي بريع الذاكرة".
وردت الجزائر في 02 أكتوبر/تشرين الأول (بعد يومين) بسحب سفيرها لدى باريس للتشاور، واستمرت القطيعة 3 أشهر، وحظرت مرور الطائرات الفرنسية العاملة بمالي، قبل أن تستأنف الاتصالات تدريجيا أواخر يناير/كانون الثاني من العام الجاري.