وول ستريت جورنال: السيسي لن يخفف قبضة الجيش على الاقتصاد

الاثنين 20 مارس 2023 09:17 ص

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لن يخفف قبضة الجيش على الاقتصاد، على الرغم من الضغوط الدولية والخليجية، وحتى لو أراد ذلك فسيواجه "مقاومة كبيرة" من داخل المؤسسة العسكرية، التي جمعت عائلات العديد من ضباطها رفيعي الرتب "ثروة كبيرة".

هذا ما خلصت إليه تشاو دينج مراسلة صحيفة "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal) الأمريكية من القاهرة في تقرير ترجمه "الخليج الجديد".

دينج قالت إن "الرئيس السيسي يظهر القليل من الإشارات على تفكيك المصالح التجارية للجيش، على الرغم من ضغوط صندوق النقد الدولي والداعمين الخليجيين".

وتابعت: "في ظل حكم السيسي، وهو جنرال سابق، توسع دور الجيش في القطاع الخاص بشكل كبير منذ توليه السلطة قبل نحو عقد من الزمان، ويهدف ذلك جزئيا إلى الحفاظ على السيطرة السياسية، ولكن أيضا لأنه يعتبرها الطريقة الأكثر فاعلية لتحقيق رؤيته لمصر حديثة".

وأوضحت أن "الجيش يمتلك اليوم مئات الكيانات والوكالات التي تمس الحياة اليومية لملايين المصريين، وبينها محطات وقود وسلاسل وجبات سريعة شعبية ومزارع أسماك ومصانع أسمنت".

ضغوط دولية وخليجية

"لكن الآن، يؤدي الدور الكبير للجيش في الاقتصاد إلى الضغط على القطاع الخاص في صناعات عديدة، ما يفاقم الأزمة الاقتصادية، ويقول اقتصاديون إن هذا الدور يثير قلق أكبر الداعمين الماليين لمصر، صندوق النقد الدولي وممالك النفط في الخليج العربي، والذين يضغطون على السيسي لتحقيق تكافؤ الفرص"، كما أضافت دينج.

وتابعت أن صندوق النقد يدفع حكومته (السيسي) لتقليل البصمة الاقتصادية للجيش وتطبيق الضرائب  على الشركات المملوكة للجيش كجزء من خطة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار لمنع البلاد من التخلف عن السداد بسبب جبل من الديون التي تم دفعها لطفرة بناء في مجال العقارات على مدى سنوات.

ونقلت عن مصادر مطلعة قولهم إن "رعاة السيسي الإقليميين في السعودية والإمارات يحثونه على توفير مساحة أكبر للشركات الخاصة".

ووفقا لمحللين فإن "السيسي أظهر القليل من الإشارات على التراجع، وراهن على أن الدائنين الأجانب سيواصلون دعم مصر لأنهم يرون أن أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان أكبر من أن تفشل، ولا يريد أي منهم تكرار الثورة المصرية عام 2011 واحتجاجات الربيع العربي التي انتشرت في جميع أنحاء الشرق الأوسط".

وحتى الآن، عرضت الحكومة المصرية بيع حصص في 32 شركة تسيطر عليها الحكومة، بينها اثنتان فقط مملوكتان للجيش هما "وطنية" للوقود و"صافي" للمياه المعدنية.

وقال يزيد صايغ، المحلل بمركز كارنيجي للشرق الأوسط، إنه "من غير المرجح أن يقلل السيسي النفوذ الاقتصادي للجيش؛ فهو يعتقد أن نظام القيادة على المستوى المركزي هو الوحيد القادر على إنجاز الأعمال العامة بسرعة".

وتابع: "السيسي مقتنع بأن الجيش هو أفضل شيء بالنسبة له، فهو يضعه في المقدمة بطريقة لم يفعلها أي زعيم آخر". ولم يرد مكتب الرئاسة ولا وزارة الدفاع المصرية على طلبات للتعليق ضمن هذا التقرير.

تراجع القطاع الخاص

دينج لفتت إلى أن صندوق النقد دفع السلطات المصرية إلى إصلاح الاقتصاد منذ أن بدأ إقراض البلاد في عهد السيسي عام 2016، لكن مصر دخلت في أزمة اقتصادية كاملة بعد أن ضرب وباء كورونا  صناعة السياحة وزادت الحرب الروسية الأوكرانية من ارتفاع أسعار السلع.

وأضافت أنه "مع توتر المستثمرين في الاقتصاد وانسحابهم من الأصول المصرية، انخفض الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، مما جعل البلاد تكافح لدفع ثمن واردات سلع مثل القمح والإلكترونيات والسيارات".

واعتبرت أن "المشاكل الاقتصادية لمصر ترجع جزئيا إلى مزاحمة الجيش للقطاع الخاص، الذي ظل الآن في تراجع منذ أكثر من عامين وفقا  لمؤشر S&P Global Egypt لمديري المشتريات الذي يستطلع آراء 450 شركة خارج صناعة النفط".

ثروات عائلات الضباط

ويقول محللون إن "الجيش راسخ الآن بعمق في الاقتصاد، ويعمل من خلال شبكة واسعة من الشركات يديرها ضباط سابقون، بالإضافة إلى المشاريع المشتركة مع شركات خاصة وكيانات أخرى يسيطر عليها الجيش بعيدا عن الورق (خلف الستار)".

ويقول اقتصاديون إن صندوق النقد كافح لمعرفة أين يبدأ وينتهي الدور الاقتصادي للجيش، ويتعامل غالبا مع البنك المركزي ورئيس الوزراء بدلا من الجنرالات، على الرغم من كونه أحد أكبر الدائنين لمصر.

ويقدر صايغ أن "حوالي 80 شركة فقط يدير الجيش المصري من خلالها أعماله مسجلة رسميا، على عكس عدة مئات من نوادي الضباط والمنتجعات وفروع الأشغال العامة غير مسجلة والتي تدر معظم الإيرادات".

و"تتمتع الشركات العسكرية بميزة الالتفاف على الضرائب والجمارك والحصول على أرض مجانية بموجب مرسوم رئاسي، وفي مجال البناء يمكن للجيش تنفيذ رؤية السيسي بسرعة إلى حد كبير، لأنه يستطيع تجاوز روتين الوزارات الحكومية"، بحسب دينج.

ويرجح محللون سياسيون أنه "حتى لو أراد السيسي تقليص سلطة الجيش، فقد يواجه مقاومة كبيرة من داخل المؤسسة". ويقول رجال أعمال مصريون إن "عائلات ضباط الجيش رفيعي الرتب جمعت ثروة كبيرة من خلال المزايا التي تحصل عليها في عالم الأعمال، وسيكرهون التخلي عن ذلك".

المصدر | تشاو دينج | وول ستريت جورنال - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي الجيش الاقتصاد القطاع الخاص صندوق النقد السعودية الإمارات

البلشي نقيبا للصحفيين.. "تصدع الهيمنة المطلقة" لنظام السيسي

هشام قاسم لـ"الخليج الجديد": لن يترشح السيسي للانتخابات ما لم تُحل أزمة الاقتصاد (فيديو)

تنويع العلاقات العسكرية.. مخاطرة قد تجلب عقوبات أمريكية وأوروبية للسيسي

تعميق أزمة مصر أم تقليص اقتصاد الجيش.. أيهما يختار السيسي؟