نقلت مجلة «ميد» الاقتصادية عن مصادر مصرفية قولهم أن وزارة المالية السعودية ستبدأ خلال الشهر الحالي دفع مستحقات مالية لمقاولين تأخر دفعها منذ العام الماضي.
وقال مصرفي للمجلة أنه «تم الاتفاق على كل شيء وسيبدأ الصرف خلال شهر مارس/آذار الحالي»، مضيفا بأن «وزارة المالية قامت بجدولة المستحقات بكاملها دون أي خصومات وعرضتها على شركات المقاولات الكبيرة».
وأشارت هذه المصادر أن القيمة الإجمالية التي ستصرفها وزارة المالية تبلغ نحو 180 مليار ريال تمثل دفعات متأخرة للمقاولين عن مشروعات تم تنفيذها خلال العام الماضي.
وسجلت ميزانية السعودية سنة 2015 عجزا بلغ 98 مليار دولار، ووصف هذا العجز بأنه قياسي في ظل التراجع الكبير المسجل في أسعار النفط عالميا.
وتوقعت وزارة المالية السعودية أن يبلغ العجز في ميزانية العام الجاري 87 مليار دولار.
وأشارت توقعات سابقة لصندوق النقد الدولي إلى أن السعودية ودولا خليجية أخرى قد تجد نفسها من دون سيولة مالية في ظرف خمس سنوات. ويتوقع تقرير للصندوق أن يخلف تراجع أسعار النفط عجزا كبيرا في الاقتصاد السعودي.
وبحسب التقارير، تعاني الشركات والمؤسسات العاملة بقطاع المقاولات في المملكة من تأخر صرف مستحقاتها لفترة تجاوزت الستة أشهر.
وفي خطاب موجه للعاهل السعودي، ناشد رجل الأعمال السعودي «عبد الرحمن الزامل» رئيس مجلس الغرف السعودية، الشهر الماضي، الملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود» التدخل لحل مشاكل قطاع المقاولات في البلاد في ظل تأخر سداد مستحقات الشركات وسط تنامي الضغوط على الاقتصاد مع استمرار هبوط أسعار النفط.
ومناشدة العاهل السعودي التدخل المباشر لمعالجة مشكلة ما ليس جديدا في المملكة، لكن الخطاب يوضح مدى الضغوط التي يواجهها قطاع المقاولات الذي تعرض لمصاعب منذ النصف الثاني من العام الماضي جراء تقليص الإنفاق الحكومي لمواجهة هبوط أسعار النفط.
وكانت وزارة المالية خفضت الدفعة المقدمة التي تصرفها للشركات في عقود المشاريع المبرمة لصالح الجهات الحكومية. وقلصت الحكومة عدد المشروعات التي تنفذها ويقول مسؤولون بالقطاع إن هناك تباطؤاً في صرف مستحقات الشركات التي نفذت مشروعات بالفعل.
ولا يعني تراجع إيرادات النفط أن السعودية تواجه أزمة مالية إذ تبلغ قيمة الأصول الأجنبية للحكومة حوالي 600 مليار دولار لكن يبدو أن توجه السلطات لخفض الإنفاق أدى لتباطؤ عمليات الموافقة على المستحقات وصرفها.
ولجأت بعض الشركات في الآونة الأخيرة - لأسباب منها تأخر صرف المستحقات - إلى تأخير صرف رواتب العاملين وتسريح آلاف العمال، وبدأ عدد من الشركات مفاوضات لإعادة جدولة الديون.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، قالت شركة جبل عمر للمقاولات التي تتولى تطوير المنطقة المحيطة بالمسجد الحرام في مكة إنها تتفاوض مع الجهات المقرضة بعدما لم تتمكن من سداد 650 مليون ريال (173.3 مليون دولار) هي القسط الأول من قرض بثلاثة مليارات ريال حل موعد استحقاقه في أول يناير/كانون الثاني.
وقال «الزامل» في خطابه للملك سلمان إن المقاولين «يقدرون أن الوطن يمر بظروف استثنائية... ويأملون من الجهات الحكومية المعنية بحث الأمر بشكل دقيق والوصول لآلية مناسبة للتعامل مع الظروف الراهنة وصرف كافة المستحقات المتأخرة».