أعلنت شركة «إيتالسيمنتي»، المالكة لمجموعة «السويس للأسمنت»، أنها تدرس تغيير مقرها الإقليمي الرئيسي بعيدا عن القاهرة في حال استمرار أزمة نقص العملة الصعب.

وقالت الشركة إنها تعاني من صعوبة في تحويل أرباحها للخارج بسبب أزمة نقص العملة الصعبة في مصر، وفقا لشبكة «بلومبرج» الأمريكية

ومن جانبه قال «برونو كاريه»، مدير «السويس للأسمنت»، اليوم الأحد، إن المجموعة الإيطالية المالكة لشركته «لم تتمكن لمدة عام تقريبا من تحويل 50 مليون يورو أي ما يعادل نحو 432 مليون جنيه مصري، من أرباحها، بالإضافة للمصاعب التي تواجهها في الدفع للموردين».

وحول نقل المكتب الإقليمي من القاهرة أكد «كاريه»: «المسألة ليست ملحة، ولكن إذا استمر النقص في توافر العملة سنحتاج لتطوير قنوات أخرى لتنمية أنشطتنا في المنطقة».

وتعتمد صناعة الأسمنت في مصر على المواد الخام المحلية، إلا أن تحول بعض المصانع لاستخدام الفحم المستورد كوقود في العامين الأخيرين، بدلا من الغاز المحلي الذي تعرضت إمداداته للتراجع، جعلها تدخل في أزمات توفير العملة الصعبة للموردين.

وتقول «بلومبرج» إن اثنين من المصانع الخمسة التابعة «للسويس للأسمنت» تحولت للعمل بالفحم، وإن «الشركة تخطط لاستثمار 700 مليون جنيه لتحويل مصنعين آخرين خلال 2017».

وأعرب «كاريه لبلومبرج» عن قلقه قائلا «عند نقطة معينة قد يقول لي الموردون الأجانب إذا لم تدفع لن أستمر في إمدادك».

وكانت عدة شركات أجنبية عاملة في مصر أعلنت عن مشاكل سواء في توفير الدولار لاستيراد المكونات الصناعية أو عن صعوبات في تحويل الأرباح للخارج.

وفي نهاية الشهر الماضي أعلنت شركات الطيران العاملة في مصر، من صعوبة تحويل الأموال والأرباح من القاهرة، بسبب أزمة الدولار التي تضرب البلاد.

ونقلت وكالة «رويترز»، عن مدير عمليات مصر في شركة الطيران الفرنسية الهولندية «إير فرانس- كيه أل أم»، قوله إن شركته «تعجز عن تحويل الإيرادات إلى خارج البلاد منذ أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، وإنها طلبت الأسبوع الماضي من وزارة السياحة ومحافظ البنك المركزي المساعدة في حل مشكلة التأخيرات».

في الوقت نفسه، قالت الإعلامية المصرية «لميس الحديدي»، عبر برنامج «هنا العاصمة» الذي بثته قناة «سي بي سي»، في وقت سابق من نهاية الشهر الماضي: «بالإضافة إلى شركة إير فرانس وكي إل إم، تواجه شركة طيران الإمارات صعوبات كبيرة في عملية تحويل الأموال إلى خارج مصر، حالها حال جميع الناقلات الجوية الأجنبية العاملة في البلاد، لكنها تواصل العمل مع السلطات المختصة لمعالجة الأمر، والتوصل إلى حل دائم على المدى الطويل».

وأضافت «الحديدي»: إن «طيران الإمارات تقول إنها ملتزمة بالسوق المصرية، وقد أضافت ثلاث رحلات أسبوعية جديدة في يناير/كانون الثاني 2016، ليصل عدد رحلاتها بين القاهرة ودبي إلى 17 رحلة في الأسبوع، وذلك لتلبية النمو في الطلب».

وتواجه مصر المعتمدة على الاستيراد نقصا حادا في الدولار، منذ ثورة 2011، والقلاقل السياسية التي أعقبتها وأدت إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب المصدرين الرئيسيين للعملة الصعبة.
وخلال اليومين الماضيين سجل الدولار ارتفاعا جديدا أمام الجنيه المصري في السوق السوداء، قدره 10 قروش؛ ليباع بـ9.45 مقابل 9.35 جنيه، أمس، فيما ظل سعره مستقرا في السوق الرسمية عند 7.83 جنيه.

وقال متعاملون في السوق السوداء إن عدم طرح البنك أي عطاءات خلال الفترة الحالية بمثابة رسالة مفادها أن البلاد تمر بأزمة طاحنة في توفير الدولار، ما أطلق العنان للعملة الأمريكية في السوق السوداء، لافتين إلى أن أغلب التعاملات انتقلت من البنوك إلى السوق الموازي؛ للاستفادة من فروق الأسعار بين الرسمي والسوق السوداء، والذي يقدر بنحو 162 قرشا للدولار.

وتعرض الجنيه المصري لضغوط مع تناقص الاحتياطيات، لكن البنك المركزي متردد في خفض قيمته تخوفا من تأجيج التضخم الذي يقع بالفعل في خانة العشرات.

وبدلا من ذلك، فإن البنك يسعى إلى المحافظة على الاحتياطيات لتمويل واردات الغذاء والوقود والدواء ومكونات الصناعة، عن طريق فرض القيود على الودائع المصرفية والتحويلات المتعلقة بواردات السلع والخدمات غير الأساسية.

لكن القيود تعرقل حركة الصناعة والتجارة، وتزيد صعوبة تحويل إيرادات المستثمرين الأجانب إلى الخارج.

ويقول الاقتصاديون إن تلك المشاكل والقناعة الواسعة بعدم إمكانية تفادي خفض قيمة العملة، تثني المستثمرين الأجانب الذين تحتاجهم مصر عن إعادة بناء الاحتياطيات النقدية.