وأضاف أن تركيا تحملت العبء الأكبر للأزمة السورية منذ عام 2011 فيما يتعلق بالعدد المذهل من اللاجئين والخسائر التجارية وزيادة التهديدات الأمنية والفاتورة الباهظة لأمنها الاجتماعي والرعاية الصحية، مؤكدا: «تشعر أنقرة بأنها تركت وحيدة لتتعامل مع تلك التحديات على نفقتها الخاصة. ولذلك فلا ترغب تركيا بتكرار نفس الأخطاء».
وانتقد وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو» بشدة المجتمع الدولي قائلا إن تركيا أنفقت 4 مليارات دولار على اللاجئين حتى الآن. وأضاف «ساهم المجتمع الدولي بنحو 150 مليونا فقط».
وتابع بقوله إنه يجب على السوريين العيش في أراضي بلادهم في أمان مضيفا «يجب أن تكون هناك منطقة حظر طيران فوق سوريا. ولا تقدر تركيا على القيام بذلك من تلقاء نفسها»، ويعتقد محللون إنه يمكن إقامة منطقة آمنة في سوريا إذا اقترنت بمنطقة حظر طيران تمنع قوات النظام السوري من مهاجمة المدنيين جوا. ويقول «مسعود جيفيكالب» خبير السياسات الخارجية في أنقرة: «القول بتطبيق تلك الخطة أيسر من فعلها» وأضاف أنه يجب استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي قبل الشروع في إقامة منطقة حظر طيران لحماية المنطقة الآمنة في سوريا. وتابع قائلا «التحالف بقيادة الولايات المتحدة وشركاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) هم الوحيدون القادرون على تطبيق ذلك القرار»، المزيد من اللاجئين يتوجهون صوب تركيا وفي الوقت ذاته استمرت ازمة اللاجئين بالتفاقم بالنسبة لتركيا حيث يدفع تنظيم «الدولة الإسلامية» المسلح القرى التي يسيطر عليها الأكراد نحو شمال سوريا.
وسمحت القوات التركية للسوريين الأكراد الفارين من تقدم «الدولة الإسلامية» أمس بالعبور إلى تركيا بعد أن اعترضت على دخولهم في البداية، ومن بين ثلاثة آلاف شخص لم يحصل معظمهم على إذن بالدخول لتركيا الخميس واضطروا للعودة إلى قراهم تلك الليلة، إلا أن العديد منهم عادوا في الصباح بسبب استمرار هجمات «الدولة الإسلامية».
وخلال حديثه للصحفيين في نيويورك قال وزير الخارجية التركي «جاويش أوغلو» إن عشرة آلاف لأجيء سوري عبروا الحدود إلى تركيا خلال يوم واحد. وأكد «جاويش أوغلو» الذي سافر للولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة أن تركيا ستبقي على سياسة «الباب المفتوح» أمام اللاجئين. وكانت تركيا أقامت في الآونة الأخيرة مخيما لإيواء 40 ألف عراقيا من الأقلية الايزيدية الذين فروا من العراق بسبب عمليات القتل التي يرتكبها مسلحو «الدولة الإسلامية».
ومن أجل التعامل مع المزيد من اللاجئين الفارين من العراق أقامت تركيا مخيما اخرا الا انه هذه المرة في شمال العراق لإيواء 35 الف شخص.
تركيا تطور خططا طارئة
من جانبه، عقد الرئيس التركي «رجب طيب اردوغان» اجتماعا أمنيا رفيع المستوى هذا الأسبوع في أنقرة بحضور مسؤولين بارزين في الحكومة والجيش والمخابرات لمناقشة إمكانية إقامة منطقة عازلة لاحتواء تقدم «الدولة الإسلامية».
ولم يصدر بيان عقب الاجتماع إلا أن وسائل الإعلام المحلية ذكرت أن الرئيس أصدر أوامره للجيش بوضع خطة طارئة بشأن المنطقة العازلة. وأقر «اردوغان» في الآونة الأخيرة بأن «القوات المسلحة تعمل على خطط. سيحضرونها الينا. وسنقرر إذا كانت ضرورية».
وذكرت صحيفة «كوم هريت ديلي» أن الخطة تشمل تشكيل قوة تحالف متعددة الجنسيات لحماية منطقة عازلة تغطي مناطق بالعراق وسوريا. وبحسب التقرير فيقدر الجيش أن 2 مليون لاجئ سيتجمعون على الحدود التركية عندما يبدأ التحالف بقيادة الولايات المتحدة قصف أهداف للدولة الاسلامية في سوريا والعراق. ومن المتوقع ان تطرح تركيا مشروع قرار لإقامة «منطقة حظر طيران» على اجزاء من العراق وسوريا.
ودعا رئيس الوزراء التركي «أحمد داوود أوغلو» الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» الجمعة إلى الحديث عن اللاجئين والأزمة الإنسانية المتفاقمة في سوريا والعراق. وتتبنى حكومة «داوود أوغلو» رؤية تقول أنه ينبغي على السوريين تلقي المساعدة على الجانب السوري من الحدود بدلا من داخل تركيا.
تلعب دورا صامتا
لم تنضم تركيا العضو بالناتو علانية لتحالف اعلن هذا الشهر للقضاء على «الدولة الإسلامية». ولم توقع بيانا لمحاربته خلال اجتماع لمكافحة الإرهاب عقد في جده الأسبوع الماضي بين حلفاء أمريكيين وعرب. واستشهدت أنقرة بنحو 49 مواطنا من بينهم دبلوماسيون وثلاثة مواطنين عراقيين اختطفهم مسلحو الدولة الإسلامية في يونيو. وقال «داوود أوغلو» خلال وقت مبكر من صباح السبت أن وكالة الاستخبارات أعادت الرهائن بأمان للبلاد. وأضاف على حسابه على موقع «تويتر»: «أعدنا في الخامسة من فجر اليوم مواطنينا للوطن الذين أختطفوا في العراق».
ولم تكن مسألة الرهائن مبعث القلق الوحيد بالنسبة لتركيا فقد أصدرت مخابرات الشرطة التركية تحذيرا في كل أنحاء البلاد من نحو 24 سيارة محملة بالمتفجرات نقلها مسلحو «الدولة الإسلامية» لتركيا. وذكر موقع «تي 24» الإخباري أنه يقدر وجود 30 من إرهابيي «الدولة الإسلامية» ربما يكونوا انتحاريين في تركيا. وتتخوف السلطات من إتخاذ تركيا إجراء ضد المنظمة الإرهابية إذا كانت قد أقامت خلايا لها بالمدن التركية التي ربما تتعرض لأعمال إرهابية. ومبعث القلق أيضا بالنسبة لتركيا هو التهديد الذي يفرضه حزب العمال الكردستاني المحظور الذي تدرجه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على قوائم المنظمات الإرهابية. ويقول «ياسار ياكيس» وزير الخارجية التركي الأسبق والمحلل «تشعر تركيا بالقلق من أن تزيد مشاركة حزب العمال الكردستاني في الحرب من الاعتراف الدولي بالحزب وان وتزويده بالمزيد من الأسلحة المتطورة». وحذر من احتمالية زيادة ثقة الحزب وتمكنه من رفع المزيد من المطالب لتركيا، مضيفا: «علينا أن نرى ما إذا كان المجتمع الدولي سيراعي حساسية تركيا».