«ميدل إيست بريفينغ»: من يتحمل المسؤولية عن المذبحة الدائرة في حلب؟

الجمعة 6 مايو 2016 12:05 م

ربما علينا أن ننظر في المشورة التي أرسلها السفير «جيمس جيفري» حول نائب الرئيس «جو بايدن»، أنها صالحة أيضا لتنطبق على وزير الخارجية «جون كيري». كتب «جيفري» في 2 مايو/أيار الماضي ما نصه: «بالنظر إلى الكراهية المتأصلة في نظرة أوباما تجاه العراق، والفوضى المزمنة لسياسة إدارته في أماكن أخرى فإن البيت الأبيض كان محظوظا أن يكون بايدن بمثابة الرجل البالغ في الغرفة. ولكن كما يعرف أي أب، فإن مهمة التنظيف خلف الأطفال غالبا ما تكون صعبة للغاية».

ومثل «بايدن» في العراق، فإن وزير الخارجية «جون كيري» لديه أيضا حصته من الأخطاء. لا يزال الوزير يلتزم السير في ذلك الزقاق الضيق الذي حددته «سوزان رايس» و«بن رودس» و«دنيس ماكدونو». وقد اقترح «كيري» إنشاء منطقة آمنة من أجل حماية الأرواح في حلب، ولكنه قوبل على الفور بالرفض من قبل البيت الأبيض. «سوزان رايس» عازمة على منح النصر في سوريا للأسد و«بوتين». وبالفعل، فإنه سيكون من الصعب التنظيف بعد الأطفال.

وكما أوردت صحيفة «واشنطن بوست» في 2 مايو/أيار فإن الولايات المتحدة وروسيا يدرسون السبل الممكنة لفصل القوات المتناحرة في سوريا، وترسيم المناطق الآمنة المحتملة لمقاتلي المعارضة. ومع ذلك، ففي نفس اليوم، خرج «جو أرنست» السكرتير الصحفي للبيت الأبيض ليعلن قائلا «الرئيس لا يعتقد في هذه المرحلة أن المناطق الآمنة هي بديل عملي للوضع القائم في سوريا».

وبالفعل، فإن القضية الحقيقية هي الرئيس «أوباما» نفسه. يواجه الرئيس صعوبة حقيقية في إخفاء كراهيته تجاه سوريا وتجاه العراق وتجاه الشرق الأوسط بشكل عام. لم تكن المنطقة بشكل عام لطيفة بالنسبة إلى الرئيس. لقد وضعت المنطقة إدارته ورؤاه الاستراتيجية تحت اختبارات لا هوادة فيها كشفت كل تلك الفقاعات والثقوب التي ينبغي على «كيري» التحرك خلالها. في كل منعطف من الطريق، كان على الرئيس أن يعثر على مذنب آخر سوى نفسه. في بعض الأحيان كان العرب أو الأتراك، وفي مناسبات أخرى كانوا الأوربيين أو الروس. يمكن أن يكون المذنب أي شخص سوى البيت الأبيض. تاريخ الميول الأيدولوجية لن يختفي بين عشية وضحاها دون أن يترك آثارا خلفه. أثبت الأيدولوجيات أنه لها تأثير ضار على التفكير الاستراتيجي. أفضل طريقة للتغلب على هذا العرض هي إخضاع الأزمات المعقدة لمناقشات حيوية. ولكن النقاش في البيت الأبيض غالبا ما يدور ضمن إطار ضيق من المنظرين.

ويبدو أن لا مبالاة الرئيس «أوباما» تجاه الشرق الأوسط كانت متبادلة. ولكن النتيجة المؤلمة لهذه الفوضى السخيفة التي خلفتها سياسة الإدارة في المنطقة تظهر الآن في مأساة حلب حيث يموت مئات المدنيين في كل يوم. لن تكون هناك منطقة آمنة في سوريا، وبدلا من ذلك فإن الولايات المتحدة وروسيا سوف يشكلان لجنة مراقبة مشتركة لوقف إطلاق النار. هل يشمل هذا أساسا لعمليات عسكرية مشتركة لفرض وقف إطلاق النار؟

في أي حال، فمن الواضح الآن أنه تم ترك الروس يديرون الأمور كما يشاؤون، بدلا من الذهاب إلى دمشق، والتي من المفترض أن تكون الجهة التي تسببت في المأساة الإنسانية المستمرة في حلب، أعلن مبعوث الأمم المتحدة «ستيفان دي ميستورا» في مؤتمر مع وزير الخارجية «جون كيري» أنه سوف يتوجه إلى روسيا بدلا من ذلك.

نحن نعرف هنا أن مفتاح التحدث عن مأساة حلب يقبع في الكريملين. ونحن نعلم أيضا أن كلا من «دي ميستورا» و«كيري» يأملان أن «روسيا سوف تضغط على الأسد من أجل وقف رياضة صيد البشر». ولكننا لا نعلم بالضبط على أي شيء يبنى هذا الأمل. ما الذي يجعل أيا منهما يعتقد أن روسيا سوف تفعل أي شيء من أجل إجبار حليفها السفاح على التخلي عن إدمانه للدماء؟ هل هي أسباب إنسانية؟ ومنذ متى يجدي ذلك الأمر مع بوتين؟!

ولكن اللوم ينبغي أن يوضع هنا وبشكل واضح على واشنطن. على الرئيس «أوباما» أن يشعر بالخجل من نفسه ومن فريقه الذين كان بعضهم يتبجح قبل أيام بالمسؤولية عن الحماية. هؤلاء الذين تشدقوا بالمسؤولية عن الحماية ينبغي عليهم الآن الاختباء في الوقت الذي يجري فيه قصف المستشفيات وقتل الأطفال وتسوية المدن بالأرض.

لكن الجزء المضحك من الأمر هو أن دمشق أعلنت في ذات اليوم الذي أعلن فيه دي مستورا توجهه إلى موسكو أن القوات الجوية الروسية سوف تستأنف عملياتها العسكرية في جميع أنحاء سوريا إذا انتهى وقف إطلاق النار رسميا. ووفقا لمسؤولين حكوميين في سوريا فإن «وزارة الدفاع الروسية قد أكدت استمرار حملتها الجوية الموسعة بعد انتهاء وقف إطلاق النار» . وقد رفضت وزارة الدفاع الروسية نفي الأمر أو تأكيده.

هذه هي نفس الحلقة المفرغة التي تستمر في إعادة نفسها مرارا وتكرارا. التوصل إلى اتفاق ثم كسر «الأسد» للاتفاق ثم نفي «بوتين» أنه شجع أو شارك في مخالفة الاتفاق، ثم تعرب الولايات المتحدة عن أملها في شيء ما أو توجه تحذيرا لشخص ما ثم العودة إلى «لافروف» للعمل على ترتيب جديد سرعان ما سينتهكه «الأسد» والميليشيات الإيرانية، ثم البدء من جديد مرة أخرى.

ألا يبدو من الواضح أن هناك شيئا خاطئا في هذا النهج؟ الآن، ونحن نعلم من خلال تحقيق أجرته سكاي نيوز أن «الأسد» قد رتب مع «الدولة الإسلامية» كامل مسرحية إسقاط المدينة الأثرية تدمر في يد التنظيم الإرهابي ثم استعادتها من أجل الظهور بمظهر المنقذ للتراث الإنساني والتستر من أجل استكمال هوايته المفضلة في مواصلة قتل شعبه.

استراتيجية روسيا و«الأسد» إيران واضحة وضوح الشمس: استعادة السيطرة على «سوريا ذات المغزى» في الجزء الغربي من البلاد ثم قبول نشر «قوات حفظ السلام» الدولية على الحد الفاصل بين الشرق والغرب في سوريا. ونحن على يقين أن قضية قوات حفظ السلام سوف يتم المطالبة بها بمجرد سقوط حلب وإدلب وريف حماة وحمص والغوطة وأكبر قدر ممكن من المناطق حول دمشق تحت سيطرة قوات «الأسد» وحلفائه من الميليشيات الإيرانية والروسية.

وقد قمنا بشرح الخطوط العامة لهذه الاستراتيجية في مواطن سابقة خلال العام الماضي. سوف يترك الشرق السوري للمعارضة وأنصارها مع مهمة هزيمة «الدولة الإسلامية». في اللحظة المناسبة، سوف يتم استئناف المحادثات لتوحيد البلاد مرة أخرى، أو بمعنى أصح الجمع بين الأسد القوي في الغرب وخصومه في الشرق بعد استخدامهم لتخليص العالم من مشكلة «الدولة الإسلامية». لكن رد المعارضة السورية، وفقا للنقاش الدائر حاليا على أرض الواقع، هو التركيز بشكل رئيسي على قتل العسكريين الروس الناشطين في سوريا.

ليس هناك دلائل موثوقة تشير إلى أن إدارة «أوباما» تعارض سيناريو التقسيم السابق. ولكن لماذا يتم قتل المدنيين وتفجير المستشفيات؟ ولماذا تصر الإدارة على تحطيم الأرقام القياسية على حساب الأطفال والأسر؟

نعم، يمكن للولايات المتحدة وقف المذبحة. القليل من منظومات الدفاع الجوي المحمولة في حلب سوف تكون كفيلة بإيقاف البراميل المتفجرة التي تلقيها طائرات «الأسد». كما أن المنطقة الآمنة بإمكانها أن تساعد أيضا. تقديم المساعدات تحت حماية القوات الجوية الأمريكية ممكن أيضا. ويمكن استكشاف العديد من السبل. بدلا من ذلك، عندما بدأ المدنيون في حلب في الهروب من الموت نحو تركيا، فقد صدتهم قوات حرس الحدود التركية عبر إطلاق النار. وحتى إذا نجح هؤلاء في الوصول إلى تركيا فإن انتقالهم إلى أوروبا يواجه برفض قاطع. إلى أين يمكن أن يذهب هؤلاء في حين أن الطريق الوحيد المفتوح أمامهم هو الطريق إلى العالم الآخر.

عار علينا جميعا.

  كلمات مفتاحية

أوباما بوتين سوريا بشار الأسد الدولة الإسلامية حلب حلب تحترق النظام السوري روسيا

«التعاون الخليجي» يحمل «الأسد» مسؤولية جرائم حلب ويدعو مجلس الأمن للتدخل

30 قتيلا في قصف روسي «متعمد» لمستشفى في حلب السورية

حلب ونهاية وقف إطلاق النار: من يخدع من في سوريا؟

خيانة «أوباما» الكارثية: البيت الأبيض يهدي الانتصارات لـ«الأسد» وروسيا وإيران

خدعة «بوتين»: كيف تم استخدام جنيف كغطاء سياسي للحل العسكري الروسي في سوريا؟

«أحرار الشام» تسقط طائرة استطلاع إيرانية بريف حلب

المرصد السوري: المعارضة تسيطر على بلدة قرب حلب

موسكو تمدد الهدنة في حلب 3 أيام إضافية وواشنطن ترحب

السعودية: مجرزة «مخيم كمونة» بسوريا جريمة حرب لا ينبغي السكوت عليها