كيف يمكن أن تؤثر رؤية المملكة 2030 على حياة المواطن السعودي؟

السبت 7 مايو 2016 03:05 ص

قامت المملكة العربية السعودية بإصدار تفاصيل رؤيتها لعام 2030 وهي خطة طموحة للغاية، والتي يقول نائب ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» أنها سوف تكون كفيلة بإنهاء اعتماد بلاده على النفط بحلول عام 2020.

للمساعدة في تحقيق هذا الهدف، فصلت الخطة بعض الأهداف الرئيسية مثل إنشاء صندوق للثروة السيادية وبيع جزء من أسهم عملاق النفط الحكومي، أرامكو، التي تصنف بوصفها أكبر شركة في العالم وفقا لبعض التقديرات. سيكون هناك أيضا عملية خصخصة محدودة لبعض الأصول الحكومية. هذه التدابير، إذا ما تم تنفيذها بنجاح، ستسهم بلا شك في زيادة الدخول غير النفطية. ما هو أقل تأكيدا رغم ذلك يتعلق بمدى الأثر الذي سوف تحدثه في حياة المواطنين السعوديين.

وبالنظر إلى أن معدلات البطالة في البلاد تقترب من 29% بين السعوديين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما، فإن خلق فرص العمل ينبغي أن يصبح أولوية أي من خطط الإصلاح الاقتصادي. مع الارتفاع السريع في معدلات السكان الشباب فإن هناك القليل من الوقت الذي يمكن تضييعه. حوالي ثلثي السكان الحاليين البالغ عددهم 19 مليون نسمة هم تحت سن الثلاثين. وهناك 1.9 مليون سعودي في طريقهم إلى سوق العمل خلال السنوات العشر المقبلة. لن تكون الخصخصة قادرة بالضرورة على خلق عدد ونوعية الوظائف اللازمة لهذا العدد المتزايد من الموطنين السعوديين.

بين القطاعين العام والخاص

لا تزال القوى العاملة في المملكة مجزأة للغاية بين القطاع العام المكتظ والقطاع الخاص المتأخر بشكل كبير. أكثر من ثلثي السعوديين المشتغلين يعملون في القطاع العام، في حين يتم شغل أكثر من 80% من وظائف القطاع الخاص من قبل العمالة الوافدة. تشمل الرؤية تخفيض عدد وظائف القطاع العام ولكنها لا تذكر ذلك صراحة وإنما تشير إليه في حديثها عن التخلص من البيروقراطية المملة، وخفض الإنفاق الحكومي بشكل عام. وبالنظر إلى أن الوظائف الحكومية ذات الرواتب العالية قد أصبحت هي القاعدة بالنسبة لكثير من المواطنين السعوديين، فإن خفض توافرها يمكن أن يرفع من معدلات البطالة بين السعوديين.

إلى حد كبير، تقر الرؤية بحجم الحاجة إلى خلق وظائف في قطاعات جديدة مثل التصنيع العسكري والمعدات الصناعية، وتكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى التوظيف في قطاع النفط والغاز من السكان المحليين. هذه القطاعات تخصصية بشكل كبير، بما يعني أن هناك حاجة كبيرة إلى تدريب السعوديين حتى يمكنهم شغل الوظائف في هذه القطاعات. وعلاوة على ذلك، فإن قطاع النفط والغاز حتى لو تم توطينه، فإنه لن يوفر النسبة المطلوبة من الوظائف حيث أنه لا يتطلب أعداد كبيرة من العمالة.

من أجل إعادة هيكلة الاقتصاد على نحو مستدام فإن المواطنين السعوديين سوف يكونون بحاجة إلى نوع من التعليم عالي الجودة بما يلائم المواقع المتوفرة في القطاع الخاص من أجل أن يصبحوا قادرين على المنافسة مع الوافدين الذين يشغلون هذه المواقع في الوقت الراهن.

السعوديون من متوسطي ومنخفضي الدخل سوف يكونون أكثر عرضة للشعور بآثار هذه التخفيضات. تعترف الخطة بهذا الأمر ولذا فإنها تتعهد بتوفير الدعم والرعاية للمواطنين الأقل قدرة. وفي غياب أي نظام لضريبة الدخل ومع عدم وجود أي إحصاءات سكانية موثوقة ومحدثة فإن سوف يكون من المستحيل تقريبا تحديد هذه الأسر الأقل قدرة. وفي الوقت الذي تؤكد فيه الرؤية أنه لن يتم فرض أي ضرائب على الدخل، فلن تكون هناك طريقة مباشرة لتحديد أي السعوديين أسوأ حالا من الناحية الاقتصادية.

الآثار الاجتماعية للنيوليبرالية

الإسكان هو أحد المجالات الأخرى التي يواجه فيها السعوديون تحديات معتبرة. ادعى مشروع رؤية 2030 أن 47% من الأسر السعودية تمتلك منازل خاصة ويتعهد بزيادة هذه النسبة بخمس نقاط مئوية بحلول عام 2020. وتقترح الرؤية القيام بذلك عبر تشجيع شركات القطاع الخاص على الدخول في السوق وعبر حث البنوك على توفير حلول التمويل العقاري للمواطنين. من حيث المبدأ، فإن هذا قد يعدد حلا منطقيا، حيث إن أغلب جهود الحكومة لحل الأزمة قد فشلت بسبب العقبات البيروقراطية والنقص في أعداد المطورين.

ومع ذلك، فإن هناك نسبة كبيرة من الأراضي البيضاء التي تعيق النمو العمراني في المملكة العربية السعودية. وتبقى الوسيلة الوحيدة للتغلب على هذا الأمر هي عبر فرض رسوم أو ضرائب على أصحابها. وعلاوة على ذلك، فإنه في الوقت الذي يقدم فيه مطورو القطاع الخاص إلى الخليج، وبالأخص إلى قطر والإمارات العربية المتحدة، فإنهم يميلون إلى بناء مشاريع مكلفة للغاية بما يفوق قدرات المواطنين العاديين. لذا فإن الخصخصة لا تشفي بالضرورة جميع أوجه القصور الاقتصادي.

وبصرف النظر عن الإشكالات الاقتصادية، فإن الخطة تسلط الضوء أيضا على محاولات الحكومة لإجراء تغييرات اجتماعية. وهي تشير إلى الحاجة إلى زيادة الترفيه والأنشطة الثقافية للمواطنين، مع وجود خطط لإنشاء أكثر من 450 ناديا للهواة بحلول عام 2020. وفي حين تهدف الحكومة غلى خفض مشاركتها في المجال الاقتصادي، فإنها معنية على ما يبدو بزيادة انخراطها في المجالين الاقتصادي والاجتماعي من خلال خلق قطاع المجتمع المدني الخاص بها.

وكذلك فإن الأثر الاجتماعي لفتح الأبواب للسياح والمزيد من المغتربين من خلال نظام البطاقات الخضراء لن يكون هينا. وقد أكدت العديد من التصريحات أن هناك قيودا سوف توضح أمام المزيد من التدفقات من غير السعوديين. على سبيل المثال، فقد أكد «محمد بن سلمان» أن البلاد سوف تكون مفتوحة للسكان «وفق قيمنا ومعتقداتنا». ومن غير الواضح كيف يمكن أن تقوم الدولة بفرز السكان والمهاجرين وفق هذه المعايير.

المساواة أم الطموح؟

تلمح الخطة أيضا إلى زيادة نسبة النساء ضمن القوى العاملة من 22% إلى 30% بحلول عام 2030. كيف يحدث هذا؟ هل سيتم وقف وضع أي حدود أخرى على أنواع الأعمال أو الأماكن أو عدد الساعات المتاحة لعمل المرأة؟ في الوقت الحاضر، تمنع النساء من العمل في الأماكن المختلطة، وهناك دعوات مستمرة لوضع قيود على تأخرهن في العمل وعلى نوعية المؤسسات التي يمكنهن العمل خلالها. وعلاوة على ذلك، مع تخفيض الإعانات فإن النساء اللاتي كن قادرين على توظيف سائقين سوف يكونون أقل قدرة على توظيفهم.

في حين تؤكد الخطة على أهمية الحفاظ على الثقافة السعودية والدين، فإنها تؤكد على أنها تأميل في إحداث تغيير اقتصادي مبني على التركيز على نظام تعليمي يقوم بالأساس على احتياجات سوق العمل وليس على التعليم الديني.

يمثل مشروع رؤية 2030 في أحد أشكاله انعكاسا لرؤية المستشارين الغربيين الذين شاركوا في صياغته. توجه نائب ولي العهد إلى هؤلاء الاستشاريين على حساب الخبراء المحليين يعكس تطلعه إلى نموذج اقتصادي غربي. على هذا النحو، فإن الخطة تسعى إلى تطبيق التغييرات الاقتصادية والاجتماعية الشاملة دون النظر في مدى جدواها أو أثرها على المواطنين السعوديين العاديين. وحتى إذا ما طبقت الخطة بسلاسة فإن بإمكانها أن تثير قضايا اجتماعية واقتصادية جديدة داخل المملكة.

المصدر | ذا كونفرسيشن

  كلمات مفتاحية

رؤية السعودية 2030 الإصلاح الاقتصادي محمد بن سلمان البطالة السعودية التحول الوطني ما بعد النفط

«فوربس»: «رؤية السعودية 2030» ستطور القدرات العسكرية للمملكة

«رؤية السعودية 2030» تعيد النظر في خطط المركز المالي والمدن الاقتصادية

«عبدالله» و«بن راشد» و«بن زايد»: رؤية السعودية 2030 «طموحة وشجاعة»

«الخليج الجديد» ينشر نص «رؤية السعودية 2030»

«رؤية السعودية 2030» تتصدر اهتمامات تويتر عالميا .. ومغردون: فخر لكل السعوديين

السعودية تبحث عن حكومة «رشيقة» لتنفيذ «رؤية 2030»

«رؤية 2030» السعودية: تغييرات اقتصادية مهّدت لها تحولات سياسية

عن الصناديق السيادية وحدودها

«ستراتفور»: الإصلاح السعودي قادم وقادة المملكة جادون في تحقيقه

هل يمكن أن تتسبب تدابير التقشف في ثورة المجتمع السعودي؟

ما الذي تعنيه خطة التنويع الاقتصادي السعودية؟

«واشنطن بوست»: مستقبل محفوف بالمخاطر للسعودية في ظل تناقص عائدات النفط

صحف السعودية: «رؤية 2030» تحقق 6 ملايين وظيفة وتعليم جدة يحصل على «الآيزو»

«و.س. جورنال»: السعودية تواجه تحديا في توسعة القطاع الخاص