كشفت «رؤية السعودية 2030»، عن عزم المملكة، إعادة النظر في خططها لإقامة مركز مالي فخم في الرياض، وست مدن صناعية.
وبحسب وكالة «رويترز»، فإن هذا التوجه جاء بعد التأخيرات التي شابت المشروعات، وعدم تحمس المقيمين المحتملين والمستثمرين.
ويشير التقييم الحكومي الصريح والعلني إلى عدم تردد ولي ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، في التعامل مع المشروعات، التي كانت تحظى يوما بدعم سياسي على أعلى مستوى.
وبدأ مشروع بناء «مركز الملك عبد الله المالي»، في 2006، حيث كان من المقرر أن تستضيف ناطحات سحاب مقار البنوك، وهيئة تنظيم القطاع المالي في المملكة، وتقرر الآن تحويل أجزاء من المنطقة إلى مساكن وفنادق ومؤسسات تجارية.
وقالت «رؤية السعودية 2030»، التي صدرت أول أمس الإثنين، إن السلطات ستسعى لإنقاذ المدن الصناعية، التي كانت تهدف إلى تنويع موارد الاقتصاد، بدلا من الاعتماد على النفط وخلق فرص العمل.
وأضافت إن تشييد المركز المالي بدأ «دون مراعاة الجدوى الاقتصادية، وإن المشروع لم يقنع مجتمع المال بالاستثمار».
كما حذرت الرؤية من «استحالة تأجير المساحات المبنية والتي وصلت إلى ثلاثة ملايين متر مربع بأسعار مقبولة أو حتى الوصول إلى نسبة إشغال معقولة تحقق عوائد مجدية».
وأضافت أن الحكومة ستسعى لهذا السبب لتحويل المركز إلى منطقة خاصة ذات لوائح وإجراءات تنافسية على أن تكون مستثناة من تأشيرات الدخول مع ربطها مباشرة بمطار الرياض الدولي.
وتابعت: «سنعمل على إعادة ترتيب وتوزيع المساحات في المركز لزيادة النسب المخصصة للسكن والمناطق الخدمية مقابل المكاتب».
وسيستضيف المركز المالي مقر صندوق الاستثمارات العامة الحكومي الذي يعتزم «محمد بن سلمان»، زيادة أصوله في إطار برنامج الإصلاح إلى سبعة تريليونات ريال «1.9 تريليون دولار»، مقارنة مع 600 مليار ريال حاليا.
وأقرت الرؤية، بالصعوبات التي تواجه جهود إنشاء «المدن الاقتصادية» الست.
وتعد مدينة «الملك عبد الله الاقتصادية»، التي تقام على ساحل البحر الأحمر قرب جدة، وتشيدها شركة «إعمار المدينة» الاقتصادية، المدرجة في البورصة، أبرز تلك المدن.
وقالت الرؤية عن مشاريع المدن الاقتصادية: «توقف العمل في عدد منها وتواجه أغلبها تحديات حقيقية تهدد استمراريتها»، وأضافت: «عملنا على إعادة هيكلة مدينة جازان الاقتصادية، لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد عبر التعاون مع شركة أرامكو»، في إشارة إلى شركة النفط الوطنية العملاقة.
وتابعت: «سنسعى لإنقاذ بعض المدن الاقتصادية الأخرى التي تمتلك المقومات اللازمة عبر السعي للعمل مع الشركات المالكة لهذه المدن على إصلاح وضعها ونقل بعض المنشآت الحيوية إليها».
وكان مجلس الوزراء السعودي قد أقر أول أمس الاثنين مشروع رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وطلب من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وضع آليات وترتيبات لتنفيذ هذه الرؤية، وطلب أيضا من الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى تنفيذ هذه الرؤية.
يشار إلى أن من بين أبرز ملامح رؤية السعودية 2030 هو خطة إنشاء صندوق الثروة السيادية، الذي سيستثمر في الدولة وبالخارج لتنويع مجالات الاقتصاد وخلق مصادر دخل جديدة للحكومة، وتقول الحكومة إن الصندوق سيقدر بسبعة تريليونات ريال أو ما يعادل تريليوني دولار بحلول عام 2030، وهو أكثر من ضعف حجم صندوق الثروة السيادية النرويجي، المعروف حاليا بأنه الأضخم في العالم.
ويندرج الجانب الملفت الآخر ضمن الخصخصة، حيث ستحول السعودية شركتها العملاقة للنفط، «أرامكو» السعودية، فضلا عن غيرها من الشركات المملوكة للدولة إلى الصندوق، وتخطط لتحويل الشركة إلى تكتلات صناعية عالمية، إذ تريد للقطاع الخاص أن يمثل ما يقرب من ثلثي الاقتصاد بحلول عام 2030، وسيكون ذلك ارتفاعا من النسبة الحالية وهي 40%، كما تأمل أيضا بجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.