6 مليون مدمن يستهلكون 500 طن مخدرات سنويا بطهران

الأربعاء 11 مايو 2016 09:05 ص

لم يكن اتهام الأردن، للجمهورية الإيرانية، بالوقوف وراء تزايد عمليات تهريب السلاح والمخدرات إلى عمان، عن طريق الحدود الأردنية السورية المشتركة، من فراغ، فتفاقم أزمة تعاطي المخدرات، وتزايد عدد المتعاطين في طهران، على مدار السنوات الماضية، دليلا بارزا يؤكد هذا الاتهام.

صحيفة «ودنا»، الصادرة في عمّان أمس، قالت إن «إيران تقف وراء معظم عمليات التهريب التي تصل إلى الأراضي الأردنية، بالإضافة إلى أطراف دولية أخرى».

وبحسب الصحيفة فإن إيران وأطراف دولية ، تسعى إلى «إغراق الأردن بالمخدرات والسلاح، بسبب الموقف السياسي للأردن من الأزمة السورية».

الحديث عن التورط الإيراني، جاء بناء على اعتبار أن إيران باتت أحد أكبر الدول في العالم التي تغرق في مستنقع إدمان المخدرات والاتجار فيه، ولا يزال النظام الإيراني عاجزاً عن التحرك لوقف هذه الظاهرة، أو معالجة المشكلة من جذورها.

الشهر الماضي فقط، ضبطت إيران أكثر من 50 طنا من المخدرات، حسبما أعلن نائب رئيس لجنة مكافحة المخدرات في إيران «علي رضا جزيني».

واعترف «جزيني»، في تصريح له الخميس الماضي، إن بلاده باتت من أكثر البلدان عرضة  تهديد المخدرات.

اعتراف رسمي

«جزيني» قال في تصريح آخر له مطلع العام الجاري، إن بلاده تستهلك سنوياً 500 طن من المخدرات، وتعد أحد الممرات الأساسية لانتقال المخدرات إلى بقية بلدان العالم، حيث أنها جارة لأفغانستان التي تعد أكبر بلد لزراعة المخدرات وإنتاجها في العالم، في حين تتصدر إيران عملية التهريب مستفيدة أيضاً من موقعها الاستراتيجي وسط قارات العالم؛ لتنشيط عمليات التهريب بين العصابات الدولية في تجارة المخدرات.

واعترف المسؤول في تصريحات سابقة له لوكالة الأنباء الإيرانية «إرنا»، أن «الخسائر الناتجة عن إنتاج وتعاطي المخدرات في إيران بلغت ما يقارب 3 مليارات دولار، وأن 47% من هذه الخسائر تطال المتعاطين، و24% منها خسائر تكلف الحكومة، بينما 29% من هذه الخسائر تطال المجتمع».

وأكد انخفاض سن المستهلكين للمخدرات في إيران إلى أقل من 15 عاماً، وأن 1% من طلبة المدارس في البلاد يتعاطون المخدرات، وأن 6.2% من طلبة كليات العلوم، و6.1% من طلبة كليات الطب في البلاد يتعاطون المخدرات، وأنهم كانوا يشكلون 3% من نسبة المدمنين فقط، ولكن الآن ارتفعت نسبتهم إلى 26% ما يبعث على القلق المتزايد.

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في إيران أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أنه بين 70 إلى 100 شخص يوميا يضافون لعدد مدمني المخدرات في البلاد، الذين وصل عددهم حسب إحصائيات غير رسمية إلى أكثر من 6 ملايين نسمة، يموت منهم العشرات يوميا بسبب الإسراف في الإدمان أو الأمراض الناتجة عن التعاطي المفرط للمخدرات.

ونقلت وكالة «ايلنا» العمالية الإيرانية، عن مدير شؤون الأزمات الاجتماعية بوزارة العمل الإيرانية، «روزبه كردوني»، القول إنه وفقا لإحصائية العام الحالي التي أصدرتها لجنة مكافحة مخدرات، هناك حوالي مليون مدمن للمخدرات في البلاد.

هذا في حين تقدر الإحصائيات عدد من المدمنين في إيران بأكثر من 6 ملايين شخص، حسب تقرير لصحيفة «فاينشال تايمز» البريطانية في مايو/ آيار 2015.

في الوقت نفسه، قال رئيس مجموعة العمل حول خفض نسبة الإدمان، التابعة لمجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني «سعيد صفاتيان»، إن «عدد المدمنين الذين ينامون في الشوارع ارتفع من 120 ألفا إلى 150 ألف شخص».

وبحسب «صفاتيان»، فإن في العاصمة طهران وحدها وصل عدد مدمني الشوارع إلى 15 ألف شخص، وهذا يعني أن عدد هؤلاء المدمنين الذين لا مأوى لهم تضاعف بنسبة 8 إلى 10 أضعاف خلال العقد الأخير.

يشار إلى أن الآلاف من مدمني المخدرات الذين لا مأوى لهم، في العاصمة طهران والمدن الرئيسية الأخرى، ينامون في الحدائق والشوارع في بيوت من الكارتون التي لا تقيهم من برد الشتاء ولا من حرّ الصيف.

وينام هذا العدد الكبير من أصحاب البيوت «الكارتونية» في الشوارع، بسبب الأوضاع المعيشية المتدهورة نتيجة الفقر والبطالة وعدم القدرة على تأمين سكن أو دفع الإيجارات ،مما يؤدي ذلك إلى انتشار الإدمان على المخدرات بينهم.

انتشار واسع

تتنوع أنواع المخدرات المنتشرة في المجتمع الإيراني، وأكثرها تعاطياً بين «الميثامفيتامين»، و«الأفيون»، و«الهيروين»، و«الحشيش»، بالإضافة إلى أنواع من المخدرات الصناعية التي تروج لها مافيا المخدرات كدواء لجميع أنواع الأمراض، مثل: التوتر، والاضطراب النفسي، والسمنة، ونحافة الجسم، وتحسين البشرة وعلاج الضعف الجنسي على حد سواء.

وتنتشر ظاهرة تعاطي المخدرات الخفيفة كالأفيون والحشيش إلى جانب الخمور، في المزارع والاستراحات المنتشرة خارج طهران، كما أن التعاطي لا يقتصر على المزارع وإنما في البيوت والشقق وعلى المستوى الجماعي والفردي، وغير مقتصر على الطبقة الغنية فقط، بل حصة الطبقة الفقيرة أكبر نظراً للظروف الاقتصادية السيئة التي تدفع الرجال إلى الهروب إلى مستنقع الإدمان.

ووصل الأمر داخل إيران إلى بيع الأطفال من أجل الإدمان، فالأسبوع الماضي، قالت صحيفة «قانون» الإيرانية، إن أب أقدم على بيع أبنه بـ15 ألف ريال إيراني (44 يورو)، لكي يتمكن من شراء مخدرات تسد حاجته من الإدمان.

وقالت زوجة الرجل إنها صدمت نفسيا، بعدما نقلت أحد أطفالها الثلاثة إلى المستشفى عقب إصابته بـ«حادث مروري»، مشيرة إلى أن والد أطفالها قد أخذ أصغرهم في غيابها وعمره 6 أشهر، لبيعه بثمن بخس.

وأردفت أن زوجها قد باع ولدها «رضا»، لأحد العوائل من أجل إشباع إدمانه، مما حدا بها إلى المسارعة لتقديم شكوى إلى السلطات الأمنية التي سارعت لاعتقال «الأب»، وتقديمه إلى المحاكمة.

ظروف صعبة

الدكتور «جعفر الهاشمي» الباحث في الشؤون الإيرانية، قال في حديث مع قناة «الإخبارية» السعودية، قبل أيام، إن تزايد سوء الظروف الاجتماعية بعد الثورة الإيرانية والفشل الذي نتج عن السلطة والحكم القائم، سبب مستوي كبير من البطالة والمشاكل الاجتماعية، وولد واقع نفسي مرير دفع بالكثير من الفئات والشرائح الاجتماعية للجوء إلي المخدرات.

وتابع: «الواقع الاقتصادي بسبب البطالة دفع بشرائح كبيرة من الشعب للاتجار في المخدرات، بسبب الأرقام المغرية والمربحة الناتجة عن هذه المخاطرة».

كما أكد خبير اجتماعي إيراني، رفض الكشف عن اسمه لموقع «الخليج أونلاين»، أن «هناك ارتباطاً وثيقاً بين تدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية وارتفاع عدد المدمنين؛ فكثير من الشباب والرجال تدفعهم الظروف الاقتصادية السيئة إلى الهروب منها، ورمي أنفسهم في مستنقع الإدمان كنوع من العلاج الوهمي للتهرب من مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن سياسة النظام المتسببة في التدهور الاقتصادي في المجتمع».

وأضاف: «اليوم أصبح تعاطي المخدرات أمراً طبيعياً بين عديد من العائلات، مثل تناول الأفيون، فهذه المادة موجودة وبوفرة، ويمكن الحصول عليها بكل يسر وسهولة».

وتابع: «النظام يقف أمام هذه الظاهرة عاجزاً عن إيجاد حل جذري، لأنه أحد أسبا المشكلة، خاصة إذا عرفنا تورط بعض المسؤولين من الحرس الثوري في تجارة المخدرات وتهريبها، وتقديم التسهيلات للمهربين».

مركز للتهريب

موقع «العربية نت»، قال إن تقارير دولية، تعتبر إيران أكبر مشتر للمخدرات في أفغانستان، ومن ثم تعمل على إعادة تصديرها للدول الأخرى بإشراف ضباط من الحرس الثوري، عن طريق العراق أو السفن في الخليج العربي وبحر عمان.

وكانت برقيات دبلوماسية أمريكية سربها موقع «ويكيليكس»، كشفت عن أن إيران تعتبر من أكبر مهربي المخدرات في العالم، وأن مسؤولين في الحرس الثوري متورطون في هذا التهريب.

ونقلت برقية سرية بتاريخ 12 يونيو/ حزيران 2009، صدرت عن السفارة الأمريكية في العاصمة أذربيجان باكو، أن كميات الهيروين التي مصدرها إيران، والمصدرة إلى أذربيجان، ارتفعت من 20 كيلوجرام في 2006 م، إلى 59 ألف كيلوجرام في الربع الأول من 2009 وحده.

وأكدت البرقية التي تستند إلى تقارير سرية لمحققي الأمم المتحدة المكلفين بالملف، أن أذربيجان من الطرق الرئيسة لتصدير الهيروين المنتجة بالأفيون الأفغاني نحو أوروبا، والغرب.

وتعتبر إيران أكبر مشترٍ للأفيون الأفغاني، وأحد أكبر منتجي الهيروين في العالم بحسب رواية الدبلوماسيين الأمريكيين، ويأتي 95% من الهيروين في أذربيجان من إيران، بينما تصدر الكمية - نفسها - من أذربيجان إلى السوق الأوربية.

وكان مسؤولون عراقيون ومدير اللجنة الوطنية العراقية لمكافحة المخدرات أكدوا في تصريحات سابقة أن إيران تستخدم نفوذها في العراق من اجل تصدير المخدرات إلى دول الجوار وخاصة دول الخليج العربي.

وقبل سنوات، كشفت تقارير إخبارية عن كشف عمليات تهريب يقوم بها الحرس الثوري الإيراني، مستخدماً مطار النجف لنقل المخدرات من إيران وإلى العراق، ومن ثم تهريبها إلى دول الخليج العربي، ولاسيما الكويت والمملكة العربية السعودية.

ولغرض تمويل بعض أنشطته الإستخباراتية والتجسسية، واستخدام مطار النجف يعود إلى أن الطائرات المدنية التابعة للحرس الثوري لا يتم تفتيشها من قبل القائمين على أمن المطار؛ لذا تسهل عمليات التهريب إلى دول الخليج عبر هذا المنفذ وعبر المنافذ الأخرى.

وفي تصريح سابق لمحافظ ديالى العراقية السابق «عمر الحميري»، أكد أن 90% من المخدرات المهربة إلى العراق مصدرها إيران، مشيراً إلى أن الحدود المشتركة بين العراق وإيران تنشط فيها عصابات محترفة تقوم بعمليات تهريب لمختلف أنواع المخدرات، مؤكداً تورط بعض المسؤولين الإيرانيين في عمليات التهريب لإغراق العراق ودول الخليج بالمواد المخدرة والمدمنين.

وفي مارس/آذار 2012، أعلنت وزارة الداخلية السعودية إحباط محاولة تهريب مخدرات نوعية، إذ رصدت تحركات لأفراد تتخذ من إيران محطة انطلاق لها، وتستهدف دول الخليج بالدرجة الأساسية.

فتمكنت من إحباط محاولة تهريب نصف طن من مادة الحشيش المخدر، عبر السواحل الشرقية للسعودية والقبض على المتورطين في تهريبها، وهم 4 باكستانيين و5 إيرانيين.

كما أن اللواء «منصور التركي»، المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية السعودية، كشف في تصريح سابق له، أنه سبق أن أحبطت سلطات الأمن محاولة تهريب مخدرات في السواحل الشرقية للبلاد، مشيراً إلى أن هناك اعترافات حصلت عليها وزارة الداخلية أبرزت جعل إيران محطة مرور لتلك الشبكة الإجرامية، التي تمتهن تهريب المخدرات.

كما أعلنت الداخلية السعودية في أبريل/نيسان 2014، إحباط محاولتين لتهريب 22 مليوناً و85 ألفاً و570 قرص أمفيتامين، تقدر قيمتها السوقية بمليار و38 مليوناً و21 ألفاً و790 ريالاً، مؤكدة القبض على 5 سعوديين وبحريني من المتورطين في العمليتين، مبينة أن العمليتين مرتبطتان بشبكة تهريب دولية تنشط في تهريب الأمفيتامين إلى السعودية، ويتزعمها سوريون وإيرانيون.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2015، نفذت السلطات السعودية أحكاماً بالإعدام على 3 إيرانيين بالرياض، أدينوا في قضية تهريب مخدرات، وهي كمية كبيرة من الحشيش المخدر للسعودية عن طريق البحر.

كما أن الكويت أحبطت في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، تهريب 5 ملايين حبة مخدرة، كان سيتم توزيع نصفها في الإمارات، والنصف الآخر يتوجه إلى السعودية. وتمكن رجال وزارة الداخلية في الإمارات من ضبط المهربين، بعد أن أبلغت الكويت نظيرتها الإماراتية بالشبكة، والتي ضبطت المتهمين في منطقة العين الإماراتية، وتمت مصادرة كميات الحبوب المخدرة التي كانت مخبأة في ألواح خشبية.

من جهتها أعلنت الإمارات في ديسمبر/كانون الأول 2015، ضبط باخرة إيرانية حاول قبطانها تهريب كمية كبيرة من المواد المخدرة وشخصين يحملان الجنسية الإيرانية عبر ميناء خالد البحري بإمارة الشارقة.

وذكرت وكالة أنباء الإمارات «وام» أنه تم ضبط 11.5 كيلوجراماً من مخدر الحشيش و142 ألفاً و725 قرصاً مخدراً كانت مخبأة في مخابئ سرية، بالإضافة إلى ضبط 10 أشخاص على متن الباخرة. وبعد التحقيق مع قبطان الباخرة، أقر المشتبهون بأن الكمية المضبوطة تم جلبها إلى عدد من تجار المخدرات لترويجها بالدولة بناء على توجيه أحد تجار المخدرات في إيران.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

إيران تهريب مخدرات الخليج

‏الأردن يتهم إيران بإغراقه بالأسلحة والمخدرات

الغارديان: إيران تعدم كل رجال إحدى قراها بتهم تتعلق بالإتجار في المخدرات

الإمارات تضبط باخرة إيرانية حاولت تهريب مخدرات وأشخاص عبر الشارقة

زيادة حالات الاغتصاب 98% والتحرش 300% في إيران خلال 2014

«جبهة النصرة» تكشف عن تهريب «حزب الله» المخدرات إلى دول الخليج

مسؤول إيراني: المخدرات تقتل 8 أشخاص يوميا و65% من المدمنين مصابون بـ«الإيدز»