انتقد المتحدث باسم الرئاسة التركية، «إبراهيم قالن»، أمس الخميس، اعتراف البرلمان الألماني بمزاعم «إبادة» الأرمن على أيدي الدولة العثمانية خلال أحداث عام 1915، واصفاً ذلك بأنه «مثال لانعدام المسؤولية السياسية».
وقال «قالن» في تصريح على هامش مرافقته الرئيس التركي في زيارته إلى كينيا، إن مشروع قرار البرلمان الألماني «لا يستند على أي أساس قانوني، ويتعارض مع الحقائق التاريخية»، معتبرًا القرار بأنه «مثال لانعدام المسؤولية السياسية».
وشدّد المتحدث الرئاسي على أن «تركيا لم تتهرب إطلاقًا من مواجهة تاريخها، إلا أنها لا تستطيع التزام الصمت حيال حملات التشويه وتشكيل الرأي العام ضدها»، مشيرا إلى أن «الداعمين لمشروع القرار المذكور، عاجزون عن قراءة الحوادث التاريخية والراهنة».
وأكد «قالن» أن إعلان أحداث عام 1915 على أنها «إبادة جماعية»، من جانب واحد، والعمل على عرقلة النقاش الحر حولها، يتعارض مع قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مبينًا أن «تركيا لا يمكنها السكوت أمام افتراء وكذبة لا تستحقها».
وكان البرلمان الألماني، صادق أمس، بأغلبية ساحقة على مشروع قرار يعتبر «المزاعم الأرمنية» بخصوص أحداث عام 1915 «إبادة جماعية».
وشارك في إعداد مشروع القرار، أحزاب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والاتحاد الاجتماعي المسيحي، والديمقراطي الاجتماعي، وهي أحزاب الحكومة الائتلافية، إضافة إلى حزبي الخضر المعارض، واليساري.
ويطلق الأرمن بين الفيّنة والأخرى نداءات تدعو إلى «تجريم تركيا وتحميلها مسؤولية مزاعم تتمحور حول تعرض أرمن الأناضول إلى عملية «إبادة وتهجير على يد الدولة العثمانية» أثناء الحرب العالمية الأولى، أو ما يعرف بـ«أحداث عام 1915»، كما يقوم الجانب الأرمني بتحريف الأحداث التاريخية بطرق مختلفة، ليبدو كما لو أن الأتراك قد ارتكبوا إبادة جماعية ضد الأرمن.
وتؤكد تركيا عدم إمكانية إطلاق صفة «الإبادة العرقية» على تلك الأحداث، بل تصفها بـ«المأساة» لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدًا عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور «الذاكرة العادلة» الذي يعني باختصار التخلي عن النظرة أحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الطرف الآخر.
وكان النواب الألمان صوتوا بغالبية ساحقة أمس الخميس على قرار يعترف بإبادة الأرمن في عهد الإمبراطورية العثمانية، في نص نددت به أنقرة بشدة.
ونددت تركيا بالقرار، معتبرة أنه يشكل خطأ تاريخيا وقرار باطل ولاغي، واستدعت سفيرها في ألمانيا للتشاور، بحسب مواقع تركية.
وقال الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، إن قرار البرلمان الألماني سيؤثر سلبا على العلاقات بين البلدين.
وكان الرئيس التركي قد أكد في 31 مايو/أيار الماضي أنه في حال أقر البرلمان الألماني، مشروع قرار حول الادعاءات الأرمنية بشأن أحداث العام 1915، فإن ذلك لن يكون له أي طابع إلزامي لأنقرة وفق القانون الدولي.
وقبل التصويت كان «أردوغان» قد اتصل هاتفيا بالمستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل»، داعيا إلى التعامل بمنطق سليم حيال مزاعم إبادة الأرمن، مشيرا إلى حساسية بلاده في هذا الخصوص.
وفي أول رد لها، رحبت أرمينيا بقرار مجلس النواب الألماني الاعتراف بإبادة الأرمن، وقال وزير الخارجية الأرميني «ادوارد نالبانديان» «أرمينيا ترحب بتبني مجلس النواب لهذا القرار».
وأشاد الوزير بالقرار ووصفه بأنه «مساهمة ألمانية قيمة ليس فقط في الاعتراف والتنديد الدولي بإبادة الأرمن وإنما في النضال العالمي لمنع ارتكاب إبادات وجرائم ضد الإنسانية».
وهناك مخاوف من أن يؤدي الاعتراف بالإبادة إلى تصعيد التوتر في العلاقات مع أنقرة، خصوصا فيما يتعلق بتطبيق الاتفاق المثير للجدل بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لخفض أعداد المهاجرين القادمين إلى أوروبا والذي هدد الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» بعرقلته ما لم يتم إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرات دخول إلى منطقة شينغن.