التدخل العسكري الفرنسي في ليبيا.. «السر المفضوح»

الاثنين 25 يوليو 2016 11:07 ص

إعلان الرئيس الفرنسي، «فرانسوا أولاند»، عن التواجد العسكري لبلاده في ليبيا، لم يفعل شيئا سوى أنه كشف «سرّا مفضوحًا» في الأصل، بحسب خبراء، حذّروا من أن تدخّلا فرنسيًا مفتوحًا جديدًا على الأراضي الليبية يهدّد بـ «التسبّب في المزيد من الأضرار» لبلد تهزّه الأزمات من كل جانب.

من ناحيته قال: «فرانسيس سيمونيس»، مدير أبحاث «العالم الإفريقي»، بجامعة «إيكس مرسيليا» بفرنسا، قال لوكالة «الأناضول» التركية إن «فرنسا لم تبتعد أبدًا عن ليبيا في السنوات الأخيرة، حيث أبقت عينيها على هذا البلد الذي حرّرته منذ 5 سنوات من براثن جلاّدها العقيد معمّر القذافي».

ففي ذلك الوقت، ذهب «برنار هنري ليفي»، الفيلسوف والكاتب الفرنسي المعاصر، بدون أي صفة سياسية رسمية، لـ «تحرير» شعب بأكمله، على حدّ تعبيره، ملتزمًا في مغامرته تلك بتقديم نفسه كـ «يهودي» يحمل ولاءه لاسمه وللصهيونية ولـ(إسرائيل)، بحسب ما قاله في كلمة ألقاها في «الملتقى الأول المنتظم من قبل المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية بفرنسا، في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011».

ومرتديا ثوب البطل المحرّر للشعب الليبي، شرح «ليفي» في كتابه «الحرب دون أن نحبها»، كيف أقنع الرئيس الفرنسي حينها «نيكولا ساركوزي»، بالتدخّل في ليبيا في 2011، بل قام بتصوير فيلم وثائقي عن ملحمته «قسم طبرق»، تقمّص فيه شخصيته الحقيقية، والفيلم نفسه نافس خارج المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» السينمائي في دورته لعام 2012، غير أنه قوبل بانتقادات لاذعة.

خمس سنوات إثر ذلك، لا تزال فرنسا هناك في ليبيا، مع أنها لم تعترف بحضورها ذاك، إلا الأربعاء الماضي، لتضع بذلك حدّا لتكهنات وفرضيات لطالما روّجت لها، منذ عدّة أشهر، الكثير من وسائل الإعلام.

جريدة «لوموند» الفرنسية، ذكرت في عددها الصادر في 24 فبراير/ شباط الماضي، أن «فرنسا شرعت في القيام بضربات دقيقة، ومحدّدة للغاية، في ليبيا، وقع تحضيرها اعتمادًا على إجراءات سرية بل سرية للغاية».

من جانبه، اعترف «أولاند» من باريس بأن بلاده تجري حاليًا «عمليات استخباراتية محفوفة بالمخاطر»، لافتًا إلى أن «ليبيا تشهد، في هذه الفترة، حالة خطيرة من عدم الاستقرار، وذلك على بعد بضع مئات من الكيلومترات فقط عن السواحل الأوروبية»، مبرّرًا العمليات التي تحدث عنها، وكاشفا في الآن نفسه «وجود ثلاثة جنود فرنسيين ضمن تلك العمليات، فقدوا حياتهم في حادث تحطّم مروحية».

وبحسب وسائل إعلام فرنسية، بينها «فرانس 24»، فإنه يرجّح أن تكون «المروحية تحطّمت عقب استهدافها من قبل ميليشيات (متطرّفة) مجهزة بأنظمة الدفاع الجوي المحمولة من نوع أس.أ-7 في منطقة مقرون على بعد حوالي 65 كم غرب مدينة بنغازي شرقي ليبيا».

إعلان الرئيس الفرنسي أثار استياء وغضب السلطات في طرابلس، حيث اتّهمت «حكومة الوفاق الوطني» الليبية، والتي تسلّمت مهامها في الـ 31 من مارس/ آذار الماضي، فرنسا بـ«انتهاك» أراضيها، مشددة على أن لا شيء «يبرر تدخّلا» أجنبيًا دون إعلامها، خصوصًا وأن باريس دعمت اتفاقات الصخيرات والتي انبثقت عنها هذه الحكومة.

ورغم ما تقدّم، إلا أن باريس أكّدت، منذ عدّة أشهر، عدم امتلاكها سوى لـ «طائرات عسكرية تحلّق فوق ليبيا لجمع معلومات حول مواقع (داعش) »، وأن الأمر لا علاقة له بـ «حضور عسكري على الأرض»، مع أن وزير الدفاع الفرنسي «جون- إيف لودريان»، ضغط منذ سبتمبر/ أيلول 2014 باتجاه التدخل، قائلًا: «علينا التحرّك في ليبيا وتعبئة المجتمع الدولي»، بل إن باريس دفعت درجة الغموض حول هذا الملف إلى أقصاه، في فبراير/ شباط الماضي، إلى درجة اشترطت تلقي طلب من «حكومة الوفاق»، قبل التدخل عسكريا في ليبيا، حيث قال وزير الخارجية الفرنسي في ذلك الحين «لوران فابيوس»، «إنه لا مجال لتدخلنا عسكريا في ليبيا».

وبالنسبة لـ«سيمونيس»، فإن «فرنسا لم تكفّ أبدا عن التدخل سرًا في ليبيا» حيث تمتلك «الكثير من المصالح»، وتابع «في الظاهر، ترعى باريس اثنين من الأهداف في هذا البلد، وهما: محاربة (تنظيم) القاعدة في المغرب الإسلامي في إطار عمليتها العسكرية في الساحل (برخان)، وثانيهما التصدّي لسيطرة (داعش) على الأراضي».

من جهته، أشار الباحث المختص في شؤون المغرب العربي والساحل الإفريقي، «هاني نسايبية»، أن «لفرنسا أيضا مصالح ذات علاقة بالطاقة (النفط والغاز) تماما كغيرها من العديد من البلدان الغربية، كما أنها تريد السيطرة على ظاهرة الهجرة، وبيع أسلحتها، وغيره».

فيما عاد «سيمونيس» ليقول إن «ما كشف عنه الرئيس الفرنسي مؤخرًا لا يشي بتدخل جديد، وإنما هو فقط تأكيد لاستمرارية سياسة بدأها ساركوزي، واستكملها أولاند»، موضحًا أن «فكرة تدخل علني في ليبيا شبيهة بما حصل في 2011، أمر حساس للغاية، وله وقع سيء، لأنه يكفي النظر إلى الفوضى التي تسبب فيها التدخل الأول (تصاعد المجموعات (الارهابية)، وأزمة المهاجرين وتهريب الأسلحة وزعزعة استقرار المنطقة)، وهذا ما من شأنه أن يشكل خطرًا كبيرًا بالنسبة لحكومة على أبواب انتخابات (رئاسيات 2017 في فرنسا)، ما يدفع ويفرض التحرك بشكل سري (في ليبيا) ».

وهو طرح لقي تأييدا من قبل المستشار الفرنسي «بيير بيرتي»، والذي لفت، إلى أنه «في حال تدخلت فرنسا بشكل علني، فمن شأن ذلك أن يفجر مشاعر الكراهية نحوها، سيما بفعل الفوضى والأضرار الجانبية التي تسببت فيها خلال تدخلها العسكري في 2011».

الخبير تابع بالقول إن «الفرنسيين الذين يدفعون بالفعل ثمن تدخل بلادهم في الخارج (هجمات 13 نوفمبر/ تشرين الثاني التي تبنتها (داعش)، لن يقبلوا أبدا بالتزام جديد من هذا النوع، وبأي حال، وحتى وإن ضغطت فرنسا وغيرها من البلدان المتواجدة على الأراضي الليبية لصالح تدخل محتمل، فسيكون من الصعب تجاهل اتفاق الصخيرات، الموقع في المغرب بين مختلف الأطراف الليبية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، والذي ينص على أنه لا يمكن أن يتم أي تدخل أجنبي في البلاد بدون موافقة ليبيا». 

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

تدخل عسكري فرنسي ليبيا سر مفضوح

إدانات حكومية وحزبية وشعبية للتدخل الفرنسي في ليبيا

الدفاع الفرنسية تؤكد مقتل ثلاثة عسكريين فرنسيين في ليبيا

مسؤول سابق في «سي آي إيه»: سوريا وليبيا ستختفيان واليمن قد يفقد جنوبه بحماية السعودية

فرنسا تقود قوات دولية بمشاركة إماراتية لدعم «حفتر» في ليبيا

«موغيريني» تطالب مجلس الأمن بإقرار عمليات بحرية أوروبية لمنع تهريب السلاح إلى ليبيا

انسحاب القوات الفرنسية الخاصة من بنغازي

لجنة فنية تركية تزور ليبيا نهاية أغسطس لفحص مطاراتها

تحقيق أممي حول الجهات الموردة للسلاح إلى ليبيا

«كوبلر» لمجلس الأمن: سيطرة «حفتر» على الهلال النفطي يعمّق الانقسام في ليبيا