«جاويش أوغلو»: تركيا تمتلك المقدرة والنضوج وتحارب أعداء الديمقراطية بالديمقراطية

الثلاثاء 9 أغسطس 2016 11:08 ص

أكد وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو»، أن تركيا كانت تمتلك المقدرة والنضوج اللازمين للتصدي لمثل هذه المصائب المروعة (في إشارة إلى محاولة الانقلاب الفاشلة)، موضحا أن الديمقراطية التركية انتصرت في المعركة والامتحان الذي وضعت أمامه.

جاء ذلك في مقال بعنوان «محاربة أعداء الديمقراطية بالديمقراطية» كتبه «أوغلو»، ونشرته مجلة «نيوزويك» الأمريكية، أمس الاثنين، وشرح فيه تفاصيل وأبعاد المؤامرة التي قادها الانقلابيون الخونة المرتبطون بتنظيم «فتح الله كولن»، للإطاحة بالنظام الدستوري والحكومة المنتخبة عبر الوسائل الديمقراطية.

وقال «أوغلو» إن ليلة 15 يوليو/تموز الماضي، كانت ليلة جميلة بالنسبة للكثيرين، ولكنها تحولت إلى ما يشبه الكابوس المخيف بالنسبة للديمقراطية التركية، حيث قام الانقلابيون الخونة المرتبطين بتنظيم «فتح الله كولن»، الذين تخفوا في صفوف الجيش بمحاولة النيل من رئيس الجمهورية والإطاحة بالنظام الدستوري والحكومة المنتخبة في البلاد عبر الوسائل الديمقراطية. وأضاف: «خان هؤلاء بزاتهم العسكرية المقدسة، وقتلوا المدنيين الذين تصدوا لهم بشجاعة، ودهسوا هؤلاء المدافعين الأبرياء عن الديمقراطية بالدبابات، وحاولوا اغتيال رئيس الجمهورية، كما قاموا بقصف المجمع الرئاسي ومجلس الأمة التركي الكبير، حيث كان النواب مجتمعين تحت قبته، واقتحموا وسائل الإعلام المحايدة التي كانت تواصل بث برامجها المدافعة عن الديمقراطية في ظل هذه الظروف، ولكن تم إحباط محاولة الانقلاب الخائنة هذه، وإنقاذ الديمقراطية التركية من على حافة الهاوية، وذلك بفضل العزم الذي أبدته الدولة التركية ووحدة الحال التي أظهرها الشعب التركي».

وأكد «أغلو» أن تركيا وباعتبارها عضوا مؤسسا لـ«المجلس الأوروبي»، وقلعة لحقوق الإنسان وسيادة الديمقراطية والقيم والضوابط الديمقراطية العالمية، ودولة تواصل مفاوضات العضوية مع «الاتحاد الأوروبي»، تمتلك المقدرة والنضوج اللازمين للتصدي لمثل هذه المصائب المروعة، مضيفا أن الديمقراطية التركية انتصرت في المعركة التي اندلعت في تلك الليلة، وتخوض الآن معركة أخرى من أجل إنهاء هذه المرحلة المحزنة بشكل كامل.

وأردف: «منذ مدة طويلة ونحن نحاول إطلاع أصدقائنا وشركائنا وحلفائنا على الأهداف السيئة التي يسعى فتح الله كولن إلى تحقيقها، والتي رأينا بعضا منها بوضوح في 15 يوليو/تموز الماضي، وعلى الرغم من الجهود المضادة التي بذلناها إلا أن أتباع هذا الشخص استطاعوا النفوذ بسرية إلى القطاع الخاص وأجهزة الدولة على مر السنين، ولكن ولحسن الحظ أصبحت المحاولة الانقلابية الإرهابية من الماضي».

وقال: «بعدما اتضحت خطورة الوضع، كان على الدولة التركية اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على نظامها العام وأمنها، وذلك في إطار الدستور والقوانين ذات الصلة والالتزامات الدولية، وإعلان حالة الطوارئ لا يهدف إلى تقييد الحقوق والحريات الأساسية لمواطنينا، ولا إلى التنازل عن الديمقراطية وسيادة القانون، بل يهدف إلى محاربة تنظيم فتح الله كولن بشكل سريع وفعال، حتى تعود الأمور إلى طبيعتها في أسرع وقت».

وتابع: «وعلى الرغم من تمسكنا بكافة الالتزامات الملقاة على عاتقنا، إلا أننا أبلغنا المجلس الأوربي بإمكانية أن تسبب التدابير المتخذة خلال هذه المرحلة بإخراج التزاماتنا النابعة عن اتفاقية حقوق الإنسان الأوربية عن نطاق التطبيق، والإخراج عن نطاق التطبيق لا يعني التعليق أو الإيقاف المؤقت كما يدعي البعض، فالكثير من الدول الأعضاء في المجلس الأوربي، وآخرها فرنسا، استخدمت هذا الحق بعد الحصول على إذن بذلك من محكمة حقوق الإنسان الأوربية، وهذا الحكم كفيل بقيام الدول باتخاذ الإجراءات اللازمة دونما تأخير بغية حماية حقوق الإنسان في الأحوال الطارئة التي تهدد حياة شعوبها».

وأضاف: «وعلى الرغم من إعلان حالة الطوارئ لمدة 90 يوما، إلا أننا نهدف إلى استكمال مكافحة تنظيم كولن بنجاح وإنهاء حالة الطوارئ في أسرع وقت».

وأوضح أن الخطوات والتدابير التي اتخذتها السلطات التركية لغاية واضحة للجميع، ولا يتم تنفيذها بدافع الانتقام السياسي، وإنما في إطار الانسجام مع الدستور والتشريعات التركية والتزاماتها الدولية.

وأكد أن حزب «العدالة والتنمية»، دأب ومنذ تسلمه الحكم في تركيا في عام 2002، على تحقيق الانسجام القوي بين التشريعات التركية المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون من جهة، والضوابط والمعايير السائدة لدى «المجلس الأوروبي» والاجتهادات الصادرة عن محكمة حقوق الإنسان الأوربية من جهة أخرى، وأنجز الكثير من حزم الإصلاح في هذا الخصوص.

وذكر أن المواضيع المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وتطويرها وضمان سيادة القانون، متقدمة على الدوام على المواضيع السياسية، موضحا أن سياسة عدم التسامح التي تتبعها تركيا في مواجهة التعذيب والمعاملة السيئة، لاقت ومنذ مدة طويلة، قبولا كبيرا في التشريعات والأطر التنظيمية.

وقال: «إنها شكلت أنموذجا مستحبا احتذت به الآليات الدولية المتعلقة بهذا الشأن منذ عام 2004، وتواصل تركيا تعاونها الوثيق مع كافة آليات حقوق الإنسان الدولية، وهي من الدول القليلة التي وجهت الدعوة تلو الأخرى لأجهزة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة منذ عام 2001 لزيارة تركيا».

وأضاف: «وجميع هذه الأمور تشكل دليلا واضحا على عزم الدولة التركية على إنهاء هذه المرحلة الصعبة بشكل عاجل بما ينسجم مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، على عكس ما يدعيه أتباع تنظيم كولن المقيمين في خارج تركيا في حملات التشويه التي يشنونها، وفي حقيقة الأمر، لا يوجد لدى الدول الديمقراطية أي خيار آخر، ومنذ ليلة 15 يوليو/تموز بدأ الشعب التركي بكافة أطيافه، ومن كافة التيارات السياسية، بالتجمع في الساحات العامة للمدن للإعراب عن تمسكه بالديمقراطية، كما اتحدت الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس الأمة التركي الكبير من أجل الدفاع عن قيمنا الديمقراطية ونظامنا الدستوري، وترسيخ العيش المشترك في أجواء تسودها الديمقراطية، وينعدم فيها استقطاب الأوساط السياسية. وهذا الوضع يمنحنا المزيد من الأمل والثقة للاستمرار في الكفاح الذي تخوضه ديمقراطيتنا في مواجهة أعدائها».

وذكر «أوغلو» في مقاله أن العالم المتحضر يواجه مزيدا من المشاكل التي تواجه القيم الديمقراطية العالمية، حيث يتجسد التطرف في كافة أشكال العنف التي يعتبر الإرهاب أبشعها وأقساها.

وأشار إلى أن تركيا التي تكافح وبعزم تنظيمي «حزب العمال الكردستاني» و«الدولة الإسلامية»، نجحت في صد وإحباط محاولة انقلابية كانت تهدف إلى النيل من ديمقراطيتها، مبينا أن هذا الكفاح متواصل وهو يراعي القواعد الديمقراطية وينسجم معها بشكل كامل، كما يتوجب عدم الإسراع في عملية التقاضي خلال مكافحة تنظيم «كولن».

وعبر عن أسفه في أن يواجه الأتراك وأصدقاؤهم ممن يقيمون في الدول الأوربية، صعوبات كبيرة خلال تنظيمهم تظاهرات منددة بالانقلاب وداعمة للديمقراطية التركية، مشيرا إلى أن تركيا في هذه المرحلة التي تمر تنتظر من أصدقائها في الخارج تفهمها وإبداء التضامن معها، ولهذا السبب، ستبقى كافة القنوات مفتوحة أمام الحوار البناء على الدوام.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

تركيا الانقلاب فتح الله كولن مولود جاويش أوغلو الديمقراطية حزبالعمال الكردستاني الدولة الإسلامية

وزير العدل التركي: «كولن» فقد صفته كأداة بالنسبة لأمريكا وغيرها من الدول

السلطات التركية تنفي فرار عسكريين انقلابيين إلى جبال قنديل شمالي العراق

تركيا: أصداء تجمع «الديمقراطية والشهداء» التاريخي في الإعلام الأمريكي

روسيا أم الولايات المتحدة: أين تتجه بوصلة تركيا بعد الانقلاب الفاشل؟

اليوم.. مهرجان مليوني بحضور «أردوغان» وزعماء المعارضة التركية بإسطنبول

ضابط في الجيش التركي يطلب اللجوء في الولايات المتحدة