«نيوزويك»: كيف أسهم الاتفاق النووي في تصعيد التوترات بين السعودية وإيران؟

الأربعاء 31 أغسطس 2016 11:08 ص

قبل عام واحد، كان «أحمد إبراهيم المغسل» يستعد للتوجه على متن رحلة قادمة من بيروت إلى طهران، قبل أن يتمكن عملاء الاستخبارات الأجانب الذين تسللوا إلى البلاد قبل أسابيع من احتجازه.

كان الرجال الذين قاموا بإلقاء القبض عليه يتبعون جهاز الاستخبارات السعودي، حيث أن «المغسل» هو شيعي سعودي وعضو في الجناح العسكري لـ«حزب الله الحجاز»، وهي مجموعة متطرفة ممولة من إيران، التي تسعى لإسقاط العائلة المالكة في الرياض. تأخر اعتقال «المغسل» 20 عاما في واقع الأمر، حيث يتهم بتفجير أبراج الخبر في السعودية عام 1996، حيث قتل آنذاك 19 جندي أمريكي. وبعدها هرب المغسل فورا إلى طهران.

وقد اعتبر اعتقاله العام الماضي جبهة جديدة في تعميق الحرب الباردة بين السعودية وإيران حيث يجري التنافس الذي يجسد الانقسام المرير داخل الإسلام نفسه. ترى الرياض نفسها على أنها حامل لواء المسلمين السنة في المنطقة و تنظر إلى رجال الدين الشيعة في إيران أنهم أصبحوا الآن أقوى من أي وقت مضى، وذلك بفضل الاتفاق النووي الذي قلل العقوبات الدولية على طهران. وتحت قيادة الملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود»، الذي اعتلى العرش العام الماضي، يتحدى السعوديون إيران على جبهات متعددة.

الحروب بالوكالة

يشمل هذا الحروب بالوكالة. تجري أحد هذه الحروب في اليمن التي تقع على الحدود مع السعودية. حيث تدخل السعوديون هناك في العام الماضي ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران لمنعها من السيطرة على البلاد. وكما يقول «جون حنا»، المحلل الإقليمي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، فإن السعودية أكثر عرضة للفشل في بلد يقطنه واحد من أكثر الفروع التابعة لتنظيم القاعدة فتكا، المعروف باسم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيةز والآن «يظهر أن اليمن متجه ليكون أرضا خصبة للجهاديين، والصراع الطائفي وعدم الاستقرار في المنطقة لسنوات قادمة». وقد تم قتل الآلاف من المدنيين في الغارات الجوية من قبل قوات التحالف التي تقودها السعودية، التي تعتمد على دعم الولايات المتحدة.

الحرب الأخرى بالوكالة هي الصراع في سوريا، التي أودت بحياة قرابة نصف مليون شخص، في حين لا تبدي أي علامة على التراجع. طهران تدعم الديكتاتور «بشار الأسد» بالسلاح والمقاتلين، سواء من إيران أومن حزب الله الموالي لطهران في لبنان. طهران أيضا تشعر بالخيلاء بحكم التحالف مع «فلاديمير بوتين» وروسيا، والتي قامت في 16 أغسطس/آب باستخدام قاعدة جوية في إيران لشن ضربات ضد المتمردين المناهضين للأسد في سوريا.

أدى تدخل طهران وموسكو خلال العام الماضي إلى تحول المعركة لصالح «الأسد». لكن السعوديون لا يزالون يصبون الأسلحة إلى المقاتلين السنة في سوريا، بل أكدوا إنهم سيشاركون بقوات برية إذا كانت الولايات المتحدة ستؤيد استراتيجية أكثر حسما لإزالة «الأسد». ويقول مصدر استخباراتي إقليمي أن الجهود تتدفق بعد أن قدمت السعودية أسلحة لاستعادة حلب.

تأتي المذبحة في سوريا في ظل علاقة متزايدة التوتر بين الرياض و واشنطن. ويعتقد السعوديون أن سعي الرئيس «باراك أوباما» إلى اتفاق نووي مع إيران قلب الوضع الأمني القائم في الخليج وجميع أنحاء المنطقة تماما. كان السعوديون متحمسين لـ«أوباما» بعد تعهده بالتدخل إذا تمت مجاوزة الخطوط الحمراء في سوريا حين أعلن إن «الأسد» يجب أن يرحل في حال قام باستخدام الأسلحة الكيميائية. وفشل الرئيس بالقيام بذلك، وقاومت الرياض عبر زيادة تسليح وتدريب الجماعات المتمردة المناهضة للحكومة في سوريا.

يظن الملك «سلمان» إن «أوباما» لم يكن يريد استعداء طهران قبل التوقيع على الاتفاق النووي. ويقول ضابط استخبارات إقليمي: «لا يعتقد سلمان أن هناك فائدة ترجى من أوباما. ولكنه لم يكن يستطيع انتظار أوان رحيله».

وقال «أوباما» إنه يأمل أن السعوديين والإيرانيين يمكن يتوصلوا إلى «توازن» في منطقة الخليج، حيث يجب أن تقبل فيه الرياض «تقاسم السلطة» مع عدوها اللدود. من وجهة النظر السعودية، فإن تراجع الولايات المتحدة في المنطقة هو الذي أخل بالتوازن حيث أوجدت فراغا تسعى طهران إلى ملئه. يقول مصدر استخباراتي إقليمي: «بجا سلمان عازما جدا على ألا يسمح بحدوث ذلك». ولهذا فإنه يحارب الآن على العديد من الجبهات في مواجهة طهران.

حروب النفط والدبلوماسية

استخدم السعوديون أيضا سلاح النفط لحرمان إيران من المال قدر الإمكان، بعد أن أصبح بإمكان طهران بيع النفط الخام إلى العالم بعد رفع العقوبات. وعلى الرغم تخمة الإنتاج والفترة الطويلة من انخفاض الأسعار، قاوم السعوديون دعوات خفض الإنتاج لدعم الأسعار. وفي سبتمبر/أيلول، دعيت دول أوبك وروسيا للاجتماع في الجزائر العاصمة، ، لمناقشة تجميد الإنتاج. ولكن موسكو، ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، والتي تعمل مع طهران، من غير المرجح أن تتجاوب مع السعوديين.

يقول دبلوماسي في دولة خليجية مجاورة: «نحن نرى ما يشير إلى أنهم يريدون قبل أي شيء آخر من انخفاض الأسعار حرمان روسيا وإيران من الإيرادات». «لقد تم استخدام هذا السلاح لمدة سنوات حتى الآن، ويبدو أنهم يواصلون استخدامه»

تنشط الرياض دبلوماسيا من أجل معاقبة طهران أيضا. عندما أعدم السعوديون رجل دين شيعي بارز في يناير/ كانون الثاني، هاجم الغوغاء الإيرانيون المنشآت الدبلوماسية السعودية في إيران وأحرقوها. قطع السعوديون العلاقات الدبلوماسية مع إيران بسرعة وضغطوا على دول الجامعة العربية لتخفيض العلاقات كذلك. كما يلاحظ أن لبنان هي الدولة التي ذاقت طعم الغضب السعودي عندما قطعت الرياض 4 مليارات دولار كمساعدات للجيش في بيروت ودعت المواطنين السعوديين للتوقف عن الذهاب إلى لبنان كسياح أو للأعمال التجارية.

نقل المعركة إلى داخل إيران

يعتق «حنا» والمحللون الإقليميون الآخرون أن آل سعود قد يكونون وراء الاضطرابات الأخيرة في صفوف الأقليات الإيرانية. حيث وقعت اشتباكات بين القوات الكردية مع قوات الحرس الثوري الإيراني، وأعلن عن هجمات ضد أنابيب النفط الإيرانية هذا الصيف. ويلاحظ «حنا» أن «تركي الفيصل»، وهو عضو في العائلة المالكة تولى سابقا منصب مدير المخابرات السعودية، وكذلك سفيرا إلى لندن وواشنطن، ألقى خطابا رفيع المستوى في يوليو/ تموز لدى مؤتمر مجاهدي خلق، التي تعتبر منظمة إرهابية في طهران. ومن بين أمور أخرى نادى الأمير السعودي أيضا بإسقاط النظام الإيراني.

هذه التطورات خطيرة. طهران قد تحاول زعزعة استقرار نظام الحكم في الرياض. وبينما لا أحد حتى الآن يعتقد أن البلدين سوف يصطدمان بشكل مباشر، فإن هناك تذمرا متزايدا إزاء الحروب الإقليمية بالوكالة بلا نهاية. الأردن، على وجه ، ترغب في انتهاء التوتر بين الرياض وطهران، وقد اضطرها القرب من الصراع السوري إلى استيعاب أكثر من 1.2 مليون لاجئ (حتى الآن). ويقول مصدر استخباراتي غربي يعمل في المنطقة «ولكن ما توده يختلف كثيرا عن ما هو مرجح أن تحصل عليه». ويرجح المصادر أن الحرب الباردة في الشرق الأوسط في طريقها لتصير أكثر حدة وأنها لا تزال بعيدة كل البعد عن الانحسار.

المصدر | نيوزويك

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران اليمن سوريا أسعار النفط حروب الوكالة

مقامرة «تركي الفيصل» في باريس: ماذا تعني المشاركة في مؤتمر المعارضة الإيرانية؟

«بروكنغز»: 3 حلول لإبعاد شبح الحرب بين السعودية وإيران

«بروكنغز»: التداعيات السياسية للتحول الاقتصادي في السعودية وإيران

«أوباما»: لن تنتهي فوضى الشرق الأوسط إلا بسلام بين السعودية وإيران

«الغارديان»: السعودية وإيران تحتاجان إلى بعضهما البعض

إيران تبني مفاعلين نوويين جديدين بمساعدة روسيا

أمر دُبِّر بنهار

تواطؤ ومحاباة.. في النووي الإيراني؟!

عندما ينكشف الخداع في صفقة النووي

«ناشيونال إنترست»: لماذا تفشل السعودية في حروبها بالوكالة ضد إيران؟

أكدت أنهما للأغراض السلمية .. إيران تشرع في بناء مفاعلين نوويين جديدين

«ميدل إيست بريفينغ»: الصراع العربي الإيراني والاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط