ارتفعت صادرات السعودية من الديزل إلى مستوى غير مسبوق في أغسطس/آب الماضي والذي شهد كذلك وصول «مصفاة ساتورب» في الجبيل والمملوكة لـ«أرامكو» السعودية و«توتال» الفرنسية إلى كامل طاقتها التكريرية بعد مضي ما يقارب عاما منذ أن بدأ تشغيلها التجاري.

وأظهرت بيانات رسمية أن صادرات السعودية من الديزل في أغسطس/آب بلغت 376 ألف برميل يوميا وهي المرة الأولى التي تجاوزت فيها مستوى 300 ألف برميل فيما لا يقل عن 12 سنة منذ أن بدأت الجهات الرسمية في الإفصاح عن بيانات الصادرات.

وبلغت صادرات الديزل السعودي في أغسطس/آب ضعف الكمية التي تم تصديرها في يوليو/تموز الذي سبقه، وبهذا المستوى من الصادرات فقد تجاوزت السعودية الكويت بأكثر من 150 ألف برميل تقريبا وهي المرة الأولى التي تمكنت فيها السعودية من تجاوز جارتها بهامش كبير إذ إن الكويت منذ فترة طويلة وهي تعد أكبر دولة مصدرة للديزل في الخليج العربي.

كما بلغت صادرات السعودية من الديزل في أغسطس/آب ضعف الكمية التي صدرتها دول مثل اليابان خلال الشهر وأكثر بنحو 150 ألف برميل يوميا من صادرات إيطاليا وبلجيكا.

وقال المحلل الكويتي والرئيس التنفيذي السابق لـ«شركة بترول الكويت الدولية»، «كامل الحرمي» لـ«مكة»: «زيادة السعودية جاءت في وقت اشتدت فيه المنافسة على الديزل إذ إن الصين لديها فائض والولايات المتحدة أغرقت أوروبا به بعد تنامي إنتاج مصافيها بسبب توفر النفط الصخري هناك».

وأضاف «الحرمي» الذي كان يدير سابقا مصافي الكويت ومحطات الوقود التابعة لها في أوروبا: «أسعار الديزل الآن منخفضة بسبب التخمة العالمية في السوق ولكني متأكد أن أرامكو لديها حساباتها ولن تبيع هي أو شركاؤها المحليون هذه الكميات إلا والكل يحقق أرباحا جيدة، ولم يكن تأثير وصول مصفاة ساتورب الجديدة إلى كامل طاقتها التكريرية محدودا بزيادة قدرة السعودية التصديرية بل انعكس ذلك أيضاً على مستوى إنتاج الديزل خلال الصيف الماضي».

إذ من المتوقع أن تكون المصفاة قد ساهمت في رفع مستوى الإنتاج المحلي منه إلى أعلى مستوياته كما أظهرت الأرقام.

وقد أنتجت المصافي السعودية 764 ألف برميل يوميا من الديزل خلال أغسطس/آب وهو ثاني أعلى مستوى إنتاج شهري تصل إليه السعودية بعد وصوله إلى 790 ألف برميل في يوليو/تموز الذي سبقه.

ومنذ يونيو/حزيران والمصافي السعودية تنتج الديزل بمستوى فوق معدل 700 ألف برميل يوميا للمرة الأولى في تاريخها، وبالرغم من تنامي الإنتاج، إلا أن الطلب المحلي في السعودية على الديزل لا يزال ينمو بصورة كبيرة هذا العام.

ولم ينخفض استهلاك الديزل محليا خلال يونيو/حزيران ويوليو/تموز وأغسطس/آب عن مستوى 800 ألف برميل يوميا، بحسب ما أوضحته الإحصاءات.

وجاء هذا الارتفاع الكبير في استهلاك الديزل خلال يونيو/حزيران ويوليو/تموز وأغسطس/آب تزامنا مع دخول فصل الصيف الذي يرتفع فيه استخدام الديزل في محطات الطاقة لإنتاج الكهرباء ومع دخول شهر رمضان الذي يرتفع فيه الطلب على النقل بصورة كبيرة.

وخلال شهر أغسطس/آب ارتفع الطلب على الديزل محليا بنحو 34 ألف برميل يوميا عن يوليو/تموز ليصل إلى 837 ألف برميل يوميا، وفي السعودية لا يتوقف استهلاك الديزل على وسائل المواصلات والشاحنات بل تستخدمه محطات توليد الكهرباء الكبيرة والصغيرة منها أو حتى بعض المولدات الخاصة أيضا.

وأوضحت الأرقام أن استهلاك السعودية من الديزل في أغسطس/آب كان ضعف استهلاك بلدان صناعية ذات تعداد سكاني أعلى من السعودية مثل تركيا أو المكسيك أو كوريا الجنوبية، وقارب استهلاك الديزل في السعودية خلال أغسطس/آب مستواه في فرنسا والتي استهلكت 866 ألف برميل يوميا منه.

وتأتي الأرقام لتكشف حقيقة تنامي الطلب المحلي والتي لا تتماشى مع حجم النمو الاقتصادي مما يعني أن نسبة نمو استهلاك الوقود أعلى من نسبة نمو الناتج المحلي سنويا.

ونما الناتج المحلي بنحو 4% في العام الماضي و5.8% في العام الذي سبقه بحسب أرقام «مؤسسة النقد العربي السعودي»، فيما أوضحت مصادر رسمية في وزارة البترول والثروة المعدنية أن الطلب على الوقود ينمو سنويا بنحو 6% إلى 8%.

وبسبب الاستهلاك المتزايد للديزل في محطات الكهرباء، استثمرت «أرامكو» مبالغ لتطوير العديد منها وتحويل الاعتماد على أنواع أخرى من الوقود، كان آخرها محطة كهرباء جزيرة فرسان التابعة للشركة السعودية للكهرباء.

وأوضح الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو» المهندس «خالد الفالح» في مايو/أيار الماضي أن شركته أسهمت في تحويل محطة فرسان للاعتماد على الطاقة الشمسية بدلا من الديزل نظرا لأن أسعار الديزل العالمية مرتفعة بينما يباع محليا بسعر منخفض، كما أن نقل الديزل إلى الجزيرة على متن السفن يشكل تكلفة إضافية.