لماذا يراهن أوباما على إيران؟

الاثنين 10 نوفمبر 2014 09:11 ص

كمرشح للرئاسة قبل سبع سنوات؛ هز الرئيس باراك أوباما السياسة الخارجية بإعلانه أنه يفضل «دبلوماسية مباشرة» لإعادة تشكيل علاقات الولايات المتحدة مع الخصوم طويلة الأمد مثل سوريا وكوبا وكوريا الشمالية. عددٌ من النقاد – من بينهم هيلاري كلينتون – وصفوه بالسذاجة، ومرت الأيام لتُثبت صدق كلامهم. وفي الوقت الذي يخطو فيه أوباما الخطوات الأخيرة من رئاسته، فإنه يجازف بالرهان على إيران في محاولة أخيرة لتحقيق استراتيجية تعطي مردودًا رائعًا يُحسب له ويُذكر به بعد مغادرته البيت الأبيض.

الأنباء التي تقول إن أوباما أرسل مؤخرًا خطابًا جديدًا إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية «آية الله علي خامنئي» تواترت خلال الأسبوع الماضي في الوقت الذي يبذل فيه المفاوضون الأمريكيون قصارى جهدهم لإتمام صفقة بشأن البرنامج النووي الإيراني قبل الموعد النهائي في 24 نوفمبر. هذا الاتفاق الذي من شأنه أن يُقيّد – وليس يجتث - قدرة طهران على إنتاج سلاح نووي لعقد من الزمان أو أكثر - ولكن ليس إلى ما لا نهاية - هو الهدف الحالي للإدارة بعد تخفيض سقفه. ورغم ذلك؛ فإن كبار المسئولين في الادارة الامريكية يتحدثون – وبشكل ملحوظ – عن الدبلوماسية النووية في سياق جهد أكبر لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط الممزق من خلال فتح قنوات تعاون مع طهران.

وتعمل القوات الأمريكية والإيرانية بالفعل في تحالف تكتيكي في العراق ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، وهي النقطة التي بدا أن أوباما تحدث فيها مع خامنئي. وفي الوقت الذي يتم التطلع فيه إلى ما هو أبعد من اتفاق نووي مُحتمل، فإن مساعدي الرئيس الأمريكي يرون أنّ إيران من الممكن أن تدعم محاولة جديدة للتوصل إلى تسوية سياسية في سوريا – تسوية من شأنها أن تترك على الأقل جزءًا من النظام الحالي المدعوم من إيران في موقعه.

الأمر يستحق التراجع خطوة إلى الوراء لمعرفة إلى أي مدى انحرف أوباما عن السياسة الأمريكية الماضية في منطقة الشرق الأوسط. منذ الرئيس الأسبق «جيمي كارتر» ورؤساء الولايات المتحدة يسعون لصياغة تحالف عربي لاحتواء النظام الإسلامي في إيران، وإحباط أهدافها الرامية لترسيخ نفسها كقوة إقليمية مُهيمنة تمتلك أسلحة متطورة، في حين أن دفعة أوباما الأخيرة – إذا نجحت - من شأنها أن تسمح لإيران بالاحتفاظ بالكثير من البنية التحتية النووية في مقابل دور إيرانيٍ يسفر عن تهدئة الأوضاع المتوترة، وإعادة البناء السياسي للبلاد من بغداد إلى بيروت.

درجة الميل نحو إيران هي محاولات أمريكية تتسم بالتكتيك كالانفراجة التي حدث سابقاً في عهد إدراة الرئيس ريجان، لكنها ربما لا تلقى قبولاً. وكما أعلنها صراحة أوباما الأسبوع الماضي: «إذا نجح المفاوضون في قول نعم لما هو في صالح إيران....فمعنى ذلك أننا أمام سؤالٍ مفتوحٍ»، «هناك احتمالٌ قويٌ جدًا بأن المحادثات سوف تنتهي باتفاقٍ ينصّ على توسيع الصفقة المؤقتة الحالية، والتي قد تُصعّب الأمر على الحكومتين فيما يتعلق بالتعاون على الملف السوري والعراقي».

وهذا لا يُجيب على السؤال بشأن ما إذا كانت طريقة أوباما مقبولة لدى الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين في الشرق الأوسط. رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" بكل تأكيد لا يقبل ذلك، ولا حتى معظم قادة دول الخليج «الفارسي». جميعهم ينظرون إلى طهران على أنها تهديدٌ وُجوديٌ، وأن أفضل الطرق للتعامل معها تتمثل في: تضييق العقوبات الاقتصادية عليها لتزيد من خنقها، والحرب الوكالة ضد حلفائها في سوريا ولبنان، وإذا لزم الأمر؛ التدخل بعمل عسكري مباشر ضد منشآتها النووية. هناك نبرة غالبة بين حزبي الكونجرس الامريكي – الجمهوري والديمقراطي – مؤيدةٌ لوجهة النظر تلك.

ويرفض أوباما هذه الطريقة بشدّة؛ فهو غير عابيءٍ لما يسوقه ويردده دومًا نتنياهو المتشدد. لقد تحدث أوباما في كثير من الأحيان عن تجاوز الانقسام بين الشيعة في الشرق الأوسط، وأكد على تجنب «توريط أنفسنا في حرب أهلية أخرى بالمنطقة»ـ، بعبارة أخرى؛ فإن الولايات المتحدة يتحتم عليها ألا تتحرك بدافع مشاعر إيران المعادية لدول سنية مثل المملكة العربية السعودية وتركيا.

الانفراجة مع إيران هي السبب الوحيد الذي يجعل أوباما يرفض توسيع ضرباته الجوية في سوريا ضد نظام بشار الأسد، رُغم أن الأخير يهاجم المتمردين المعتدلين الذين تعدّهم الولايات المتحدة لمحاربة «الدولة الإسلامية». هناك استنتاج يقول إن مهاجمة الأسد ربما يدفع إيران لاستخدام مليشياتها الشيعية في العراق للثأر من القوات الأمريكية الموجودة هناك، الأفضل من ذلك كله هو تطويع إيران لبذل جهود من شأنها أن تحقق استقرارًا سياسيًا يُفضي في نهاية المطاف إلى الإطاحة بالأسد. مثل هذه التسوية من المحتمل أن تعني السماح للطائفة «العلوية» التي ينتمي لها الأسد بالبقاء في السلطة؛ لكن في الوقت ذاته لن يُرضي ذلك الدول العربية السنيّة بينما سيُرضي دولاً أخرى تعاني الإخفاق.

في حقيقة الأمر؛ فإن الولايات المتحدة الأمريكية تواجه في الشرق الأوسط اختيارًا يتمثل في محاولة حماية مصالحها، وإعادة الاستقرار مع/ضد إيران. سياسة تهميش طهران – التي طُبقت على مدار العقود الثلاثة الماضية – تعني السعي لتدمير جيش الأسد، والضغط على الحكومة العراقية لتقييد المليشيات الشيعية التي تحارب بالوكالة عن إيران، وتشديد العقوبات حتى ترضخ الجمهورية الإيرانية لمطالب تفكيك – ليس فقط خفض مؤقت – بنيتها التحتية النووية.

ويتمثل رهان أوباما في أن مسار «الدبلوماسية المباشرة» في الغالب يعطي نتيجة مقبولة؛ وأن هناك وجهة نظر تُشير إلى وجود صيغة للبرنامج النووي الإيراني والحكومات في سوريا والعراق من الممكن أن يلتقي عليها خامنئي وحلفاء الولايات المتحدة. على الأرجح أنه مُخطيء فيما يظن أو يتوقع. لكن جرأة سياسته أظهرت أنها تعكس مزايدة الرئيس لإثبات قدرته وتهيئة إرثه قبل أن يبرح مكانه.

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة إيران البرنامج النووي أوباما خامنئي

إيران تتهم أمريكا بتعمد إلقاء المساعدات لـ«الدولة الإسلامية» في العراق

رسالة سرية من «أوباما» لـ«خامنئي» حول قتال «الدولة الإسلامية»

«مسقط» تستضيف المفاوضات النووية .. وطهران تشيد بدور السلطان «قابوس» "الإيجابي"

أمريكا ترفض عرضا إيرانيا لربط محاربة «الدولة الإسلامية» بتنازلات نووية

إسرائيل تنتقد تمديد المحادثات النووية مع إيران

الصفقة الكبرى بين أمريكا وإيران

أمريكا تسعي لاتفاق مع إيران يتجاهل أمن «إسرائيل» والخليج

هل يمنح مشروب الطاقة حلفاء «أوباما» حلم الطيران؟!

الديمقراطية الأميركية .. حكم الأثرياء

«الورقة الأميركية» رقما في معادلات إيران الداخلية

«أوباما» يدفع المنطقة نحو الهاوية