توازيا مع المقاطعة الرياضية التي قامت بها البحرين والإمارات ومصر لبعض مسابقات الألعاب الدولية في دولة قطر فإن مقاطعة من نوع آخر كانت قد بدأت من قبل وها هي تسير بالتوازي على الصعيد الإعلامي.
ويتصدر مشهد هذه العملية بالتأكيد كوادر الإعلام المصري حيث ظهر هذا الأمر في تصريحات عدد منهم مثل «أسامة هيكل» رئيس «مدينة الإنتاج الإعلامي» الذي قال إن «هناك تنسيقا مع مجموعة من الأقمار الصناعية وذلك لغلق قنوات الفتن والتحريض، وكذلك القنوات التي تقوم بعمليات القرصنة».
وتتم هذه العملية بتنسيق مباشر مع رئيس مجلس الوزراء المصري «إبراهيم محلب»، وكذلك مع وزارة الخارجية المصرية التي من المخطط أن تقوم بدور مخاطبة مصر للدول التي تمتلك أقمار صناعية يخرج من عليها المعارضون للانقلاب.
وتحت الذريعة المكررة وهي زعزعة الأمن والاستقرار وتهديد الأمن القومي يبرر المروجون للنظام الانقلابي في مصر هجومهم على كل ما يتعلق بنقد الانقلاب وسياساته والممارسات الظالمة التي يقوم أزلامه وأجهزته بتنفيذها.
ويشار في هذا السياق أن الآلة الإعلامية في مصر كان لها دور مهم في تنفيذ الانقلاب وعملية التحريض غير الأخلاقية على الرئيس «محمد مرسي» وجماعة «الإخوان المسلمين» بصورة مكثفة بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني في عام 2011.
ويخشى الانقلابيون كثيرا من دور قناة «الجزيرة» وقنوات أخرى ومؤسسات إعلامية مواقع تعمل خارج القاهرة وتقوم بفضح الانقلاب على حقيقته بشكل يومي ومباشر مما يساهم في زعزعة أركان الانقلاب العسكري.
وبخصوص قناة «الجزيرة» فإن الانقلاب يستشعر خطرا كبيرا من ناحيتها ويحاول من خلال دول خليجية خاصة السعودية أن يقوم بالتضييق عليها كما يعمل على تشويه صورتها في مصر، وقد عبرت وزيرة الإعلام المصرية «درية شرف الدين» عن هذا من خلال قولها في تصريحات سابقة أن المصريين «ليسوا بحاجة إلى شهادتي ليعرفوا ماذا فعلت قناة الجزيرة مباشر والأمر كله أصبح يهدد الأمن القومي المصري خاصة أنها تثير الفتن الطائفية، وترد إلينا آلافا من الشكاوى من المصريين بشأنها في مجلس الوزراء».
ولم يعرف ماذا تقصد الوزيرة بالفتن الطائفية على مستوى الأمن القومي المصري، وان دل هذا فإنما يدل على الحرص على تشويه «الجزيرة» وما ماثلها من قنوات بقط بذريعة الأمن القومي.
وتزداد أزمة الانقلاب من الناحية الإعلامية أن معظم الوجوه الإعلامية المروجة للانقلاب باتت مكشوفة الطرق والأساليب كما ظهر أمام الجميع مدى ارتباطها بأجهزة الأمن والداخلية وقيامها بعمليات الكذب الممنهج من اجل تضليل الشعب المصري، وقد انتشرت مقاطع فضائح المذيعين المصريين على الانترنت كالنار في الهشيم تظهر تناقضاتهم وكذبهم وتضليلهم.
تتوقف فرص نجاح الوسائل الإعلامية المضادة للانقلاب على مدى مهنيتها وقدرتها في الوصول للشعب المصري والشعوب التي تدعم حكومتها حكومة الانقلاب من أجل إيجاد رأي عام ضاغط ورافض لكل سلوكيات الظلم.
وبالتأكيد تؤكد الخطوات التي يقوم بها الانقلاب أنه غير مسيطر على الأوضاع تماما بالرغم من تقدمه في بعض الخطوات من أجل أخذ الشرعية الدولية مثل الاتفاق مؤخرا مع اليونان وقبرص وحديث «السيسي» في «الأمم المتحدة» وتنظيم مؤتمر إعمار غزة.
ولكن المتوقع أمام هذا المخطط المصري الذي يحرص الانقلابيون على جمع الجهود لتحقيقه، أن يتم نجاحه في إغلاق عدد من القنوات والتضييق على قنوات أخرى ما لم تقم هذه المؤسسات والقنوات بتأمين نفسها من مختلف الجوانب القانونية والمالية والإعلامية.