توعد وزير العدل السعودي د.«محمد العيسى» بمعاقبة «طالبي الشفاعة» من أصحاب المناصب وذوي الهيئات كافة، الذين يخاطبون قضاة المحاكم لتغيير أحكامهم، عبر إحالتهم إلى القضاء، مؤكدا أن المحاكمة ستكون مصير «كل من يحاول تجاوز حصن القضاء الشرعي، ويحاول انتهاكه، كائناً من كان».
وجاء أمر «العيسى»، بعد أن رفع رئيس إحدى المحاكم شكوى مذيّلة بطلب التوجيه، أوضح من خلالها تعرض القضاة إلى «الحرج» جراء «تدخل بعض ذوي الهيئات وأصحاب المناصب بالشفاعة في الدعاوى المنظورة لدى المحاكم، على رغم تنبيه القضاة بأن الشفاعة تُعد بمثابة مخالفة لنظام الإجراءات الجزائية وموجبة للعقوبة»، مؤكداً في خطابه أن «أصحاب المناصب وذوي الهيئات يذكرون في شفاعتهم أنهم يرغبون في معرفة المشفوع له بتقدمهم للشفاعة، ولا مانع من الحكم بما يشاء القاضي«.
وأكد القاضي عضو مجلس الشورى، الدكتور «عيسى الغيث»، في تصريح صحفي، أن «التدخل في سلطة القضاء من الأمور المحرمة شرعاً ومجرمة نظاماً، وفي حال تدخل أي شخص في سلطة القضاء بـ«الشفاعة»، والمطالبة بتخفيف الأحكام، يوجه أولاً إليه الإنذار بخطورة ما يقوم به، وعدم جواز التدخل في أعمال القضاء، وفي حال تكرار الفعل منه؛ فالقاضي المطلوب الشفاعة لديه يُعد محضراً بذلك، ويوجهه إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، التي بدورها تحقق مع طالب الشفاعة، ومن ثم تحيل القضية إلى المحكمة الجزائية، وفيها ينظر القاضي، ويحكم فيها بحسب ملابسات القضية، وعدد مرات التدخل ومطالبات الشفاعة، وما إلى ذلك، ويحكم فيها بالتعزير«.
وعلق أحد النشطاء على هذا القرار قائلا «القضاة بشر يصيبون ويخطئون، ثانيا .. الشفاعة عادة لا تكون بطلب تخفيض الاحكام لأن أكثر الشفاعات تكون قبل إصدار الأحكام، وهي في غالبها مجرد توضيح بعض الظروف المحيطة بالمتهم حتی يكون القضاة علی بينة من حال الشخص المحكوم، فالبعض منهم قد يكون يعاني من أمراض، والبعض الآخر قد يعاني من ظروف عائلية ومادية ومعيشية صعبة جدا، ويفترض بالقضاة أن يكونوا علی اطلاع كامل عن حال المتهم النفسية والجسدية والعائلية والاقتصادية قبل إصدار الحكم عليه، فبعض الجرائم لها اسباب، أي أن مرتكب الجريمة قد لا يكون مجرما لكنه كان مضطرا خصوصا الجرائم ذات الاسباب الاقتصادية ولا بد من معرفة الظروف المحيطة بالمتهم قبل الحكم عليه».
وأضاف «أما أن يطلب من الناس عدم الشفاعة مع أن الله سبحانه وتعالی قال من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها فهذا من التعنت المبالغ فيه، بل يجب تشجيع الناس علی مساعدة القضاة ببيان حال المتهمين المعروضين علی القضاء، لأن القضاة يعانون من الإرهاق بسبب كثرة القضايا ولا يستطيعون بأنفسهم أن يتقصوا حال المتهمين المعروضة قضاياهم كما كان يحدث في السابق عندما كانت القضايا قليلة»، فيما اعتبر أخرون أن القرار صائب و جاء في وقته.