الخوف البريطاني من الإسلاميين والخوف السعودي من الملحدين وجهان لعملة واحدة

الثلاثاء 25 نوفمبر 2014 12:11 ص

في مقال نشر في صحيفة «الغارديان» البريطانية كتب «بريان وايتكر» حول القلق البريطاني من انتشار الفكر الجهادي، واعتبره مساويًا للقلق السعودي من انتشار الفكر الإلحادي، ودعا إلى التعامل مع الأفكار بشكل مختلف. وكان أبرز ما جاء في مقاله:

«أعلن مجلس المدارس الأسقفية في لندن الأسبوع الماضي إن (التطرف) أيًا كان شكله ليس له مكان في مجتمعنا، ولا سيما في مدارسنا». جاء ذلك في إشارة إلى قيام المدرسة التابعة لكنيسة إنكلترا بالسماح للمجتمع الإسلامي باستغلال قاعاتها بدون موافقة من المدرسين أو المسؤولين. وقيل إن المجتمع الإسلامي قد قام بتسجيل شريط فيديو ونشره على اليوتيوب بقاعات المدرسة وعقد ندوات لدعاة متشددين.

المملكة العربية السعودية أيضًا، لديها مخاوف مماثلة بشأن الأفكار «المتطرفة» التي تترسخ في أذهان الشباب. وتناضل مقالات الصحف ضد تلك الأفكار كما هو الحال في بريطانيا، وإن كانت الأفكار التي تخشاها المملكة العربية السعودية هي الأفكار الإلحادية.

فقد جاء في افتتاحية أحد المقالات نشرته صحيفة الوطن السعودية: «يجب علينا محاربة ظاهرة الإلحاد بالمبادرات التي من شأنها وأد تلك الأفكار في مهدها قبل أن تتجذر في قلوب رجالنا ونسائنا الشباب». وتابع المقال بالدعوة إلى استراتيجية وطنية «لحماية ديننا»، بمشاركة جميع قطاعات المجتمع. وأضاف «فمن الأسهل علاج السرطان في مرحلته الأولى قبل أن يتسرب إلى أعماق خلايا الجسم».

كان العلاج المختار من قبل الحكومة السعودية لمواجهة تلك الأفكار، هو تعديل قانون مكافحة الإرهاب لتصبح «الدعوة للفكر الإلحادي بأي شكل من الأشكال أو التشكيك في ثوابت الدين الإسلامي»، عملًا إرهابيًا.

المخاوف البريطانية حول الإسلاميين ومخاوف السعودية حول الملحدين، هما وجهان لعملة واحدة. فالأفكار التي كانت سابقًا غريبة أو غير معروفة، تتجاوز الآن الحدود الوطنية وتترسخ في أماكن غير متوقعة. فقد جعلت العولمة الثقافات الوطنية أقل تجانسًا وأكثر تنوعًا. ويعود الفضل في ذلك إلى شبكة الإنترنت وسهولة السفر الدولي، وهو ما يجعل من المرجح أن يحدث ذلك على نطاق متزايد.

ومحاولة منع ذلك غير مجدية، فهي تشبه محاولة وقف الرياح أو المطر. والأفضل بكثير أن ندرك أن ذلك يحدث، وأن نتكيف مع ذلك. كما أن الأمر ليس سيئًا بالضرورة. فالعولمة لديها القدرة على إثراء حياة الملايين من خلال تعريض الناس لأفكار لم يواجهوها سابقًا. إنه لأمر جيد أن نرى الشباب السعوديين يوسعون آفاقهم ويحاولون فهم بدائل الوهابية، حتى لو لم يتقبلوها.

وبالمثل، فمن الطبيعي لطلاب المدارس البريطانية أن يكون لديهم رغبة للمعرفة أكثر عن الفكر الجهادي، ومن الأفضل أن يستكشفوا ذلك الفكر بروح التساؤل (والذي هو جوهر التعليم) بدلًا من التلقين.

فالجهاد، هو حقيقة من حقائق الحياة العصرية، وليس هناك معنى للتظاهر بأنه لا وجود له. وإذا كان لا يمكن للأطفال مناقشته علنًا وفي بيئة قادرة على النقد، مثل الفصول الدراسية، فسوف يبحث الأطفال في أماكن أخرى لإشباع فضولهم حول الأمر، وغالبًا ما يحدث ذلك في بيئة تتيح للأفكار السخيفة بالمرور دون منازع.

يمكننا أيضًا أن نتعلم شيئًا أو شيئين من أخطاء السعوديين في التعامل مع الأفكار التي يعتبرونها بغيضة. أولًا: عدم قمعها. وثانيًا: عدم تجاهلها.

إن الهدف من التعليم، وفقًا للقانون الأساسي للمملكة العربية السعودية، هو «غرس العقيدة الإسلامية في جيل الشباب»، والذي من حيث المبدأ لا يختلف كثيرًا عن فكرة مايكل غوف حول غرس «القيم البريطانية» في المدارس الإنجليزية.

ومن الممارسات الشائعة جدًا في المملكة العربية السعودية ودول إسلامية أخرى، هي عدم التواصل مع الناس الذين يبدؤون في طرح أسئلة محرجة. فعندما حاولت امرأة سعودية في العشرينيات من عمرها، مناقشة شكوكها الدينية مع أحد العلماء، أبلغها بأنها مريضة عقليًا ويجب عليها طلب العلاج.

هناك العديد من القصص الأخرى لمسلمين متشككين قيل لهم إنها ينبغي أن لا يتشككوا في عقيدتهم، ناهيك عن ردعهم، الذي غالبًا ما يدفعهم للبحث أبعد من ذلك للحصول على إجابات، وربما لم يؤد ذلك إلى أكثر من وضع الشباب المسلم على طريق الكفر.

المصدر | التقرير

  كلمات مفتاحية

السعودية بريطانيا الإسلام الإلحاد التطرف الإرهاب

دعوات لتغيير المناهج الدراسية في الخليج لمواجهة «التطرف»

«الإرهاب».. ابن تيمية أم انهيار الدولة؟!

الانتقال من التطرف إلى الاعتدال

"الإلحاد الإلكتروني" يهدد شباب السعودية

تكميم الأفواه بدعوى مناهضة الإلحاد: السعودية تراجع قوانين وسائل الاعلام الاجتماعي

مركز «يقين» .. خطوة سعودية متأخرة لمكافحة الإلحاد!

السعودية توقف «عبدالله بن بخيت» عن الكتابة .. ونشطاء يطالبون بمحاكمته

الأمير «محمد بن نايف» يلتقي في لندن بمسؤولين أمنيين وعسكريين

وزير الثقافة المصري: اتهامي بالإلحاد وسام شرف على صدري

«حقوق الملحدين» تثير جدلا واسعا عبر «تويتر» في دول الخليج