جلوبال ريسيرش: من يقف وراء حرب النفط يلعب بالنار ... والأسعار قد تصل دون 20 دولارا

الأحد 4 يناير 2015 07:01 ص

على من يقع اللوم في التراجع الحاد لأسعار النفط؟ هل على السعوديين أم الولايات المتحدة؟ وهل تعمل حكومة المملكة العربية السعودية مع نظيرتها الأمريكية بهدف تركيع روسيا والإضرار بها؟ وإذا استمرت هذه الحرب النفطية فما هي الأرضية التي سيستقر عليها سعر النفط في نهاية المطاف خلال عام 2015؟

يعتقد بعض المحللين أن الأسعار قد تصل إلى مستوى دون 20 دولار للبرميل في نهاية المطاف. وإذا كان لنا أن نرى شيئًا قريبًا بخصوص ذلك، فيمكن للاقتصاد الأمريكي أن يفقد الملايين من فرص العمل ذات الرواتب الجيّدة، كما يمكن أن يحدث عجز بمليارات الدولارات في سندات الطاقة، بالإضافة إلى انهيار تريليونات الدولارات المرتبطة بصناعة الطاقة. النظام المالي العالمي بالفعل ضعيفٌ للغاية، والتسبب عمدًا في هبوط سعر النفط هو أحد أكثر الأمور الانكماشية التي ربما يمكنك القيام بها. أيًا كان من هو وراء هذه الحرب النفطية فهو يلعب بالنار، وبحلول نهاية العام القادم فإن الكوكب بأسره سيكون له نصيب من العواقب.

منذ بدء تراجع أسعار النفط وأصابع الاتهام موجّهة إلى السعوديين. وليس هناك أدنى شك في أن السعوديين تلاعبوا في سعر النفط في السابق من أجل تحقيق أهداف جغرافية سياسية.

وفيما يلي مقتطفات من مقال نشر مؤخرًا من قبل «أندرو توبف»: 

لسنا مُضطرين للنظر في أعماق التاريخ لنرى المملكة العربية السعودية - أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم - تستخدم سعر النفط لتحقيق أهداف تخدم سياستها الخارجية. أقنع الرئيس المصري أنور السادات في عام 1973م العاهل السعودي الملك «فيصل» بخفض الإنتاج ورفع الأسعار، ثم الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك بفرض حظر على صادرات النفط.

وحدث ذلك مرة أخرى في عام 1986م عندما أزالت منظمة «أوبك» بقيادة المملكة العربية السعودية العقبات من طريق تهاوي الأسعار بسرعة، وفي عام 1990 أرسل السعوديون الأسعار للهبوط كوسيلة لاخراج روسيا من المنافسة. ونجح السعوديون في عام 1998م في تحقيق هدفهم عندما هبط السعر من 25 دولار للبرميل إلى 12 دولار ما تسبب في تخلّف روسيا عن سداد ديونها.

ويستخدم السعوديون وأعضاء «أوبك» الآخرين بطبيعة الحال أسعار النفط لإحداث التغيير العكسي؛ بمعنى أنهم قد يخفضون الإنتاج لإبقاء الأسعار عالية بشكل مصطنع، ومن ثم تسبح الدول الأعضاء في «البترودولار». وبلغ النفط ذروته في عام 2008م مُسجلا 147 دولار للبرميل.

وبالعودة إلى انخفاض السعر الحالي؛ فإن السعوديين وأعضاء «أوبك» لديهم مصلحة خاصة في إخراج المنافسين الأعلى تكلفة من حلبة السباق؛ مثل الولايات المتحدة المنتجة للصخر الزيتي الذي سيتضرر بكل تأكيد من انخفاض الأسعار. وحتى من قبل انخفاض الأسعار، كان السعوديون يبيعون النفط إلى الصين بسعر مخفض.

ويمكن للسعوديين أن يحققوا الاستقرار لأسعار النفط فورا إذا ما أرادوا ذلك من خلال الإعلان عن خفض الإنتاج.

حقيقة أنهم اختاروا عدم القيام بذلك فيها كلام كثير يُقال.

فبالإضافة إلى الرغبة في إيذاء منتجي الصخر الزيتي في الولايات المتحدة، يعتقد البعض أن السعوديين ماضون قدمًا في سحق المنافس الخليجي إيران.

ولنقتبس جزءًا من مقالٍ نُشر مؤخرًا في صحيفة «ديلي ميل»:

المملكة العربية السعودية وحلفاؤها الخليجيين يرون إيران - الخصم الديني والسياسي المرير - بمثابة الخصم الإقليمي الرئيسي لهم.

هم يعرفون أن إيران - التي تحكمها الطائفة الشيعية - تدعم طبقة دنيا مستاءة وغاضبة تضم أكثر من مليون شخص يعانون تمييزًا في منطقة شبه الجزيرة العربية حيث ينتظرون انتفاضة مُحتملة ضد النظام السعودي.

كما يكره السعوديون – الذين أغلبيتهم من المسلمين السنة - دعم إيران لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا الذي يشارك طهران نفس العقيدة الشيعية. ويعرف السعوديون في الوقت ذاته أن اقتصاد إيران يعاني الفساد والتعثر بسبب العقوبات الغربية، وهو بحاجة ماسّة لأسعار نفط مرتفعة، وليس هناك أدنى نية لدى السعوديين لمساعدة الإيرانين.

وتكمن الحقيقة في بقاء السعوديين في موقف قوي، فالنفط رخيص هناك من حيث تكلفته الإنتاجية، فضلاً عن امتلاك احتياطيات هائلة، ويمكن للمملكة أن تتحمل عامين أو ثلاثة في ظل انخفاض أسعار النفط.

وهناك آخرون مقتنعون أن السعوديين والأمريكيين متواطئون بالفعل معًا في خفض سعر النفط، وأن هدفهم الحقيقي هو تدمير روسيا بالكامل.

وفي الواقع؛ روج الرئيس الفنزويلي «نيكولاس مادورو» علنا لهذه النظرية خلال خطاب ألقاه مؤخرًا على شاشة التليفزيون الوطني الفنزويلي ...

«هل تعلم أنّ هناك حرب نفط؟ الحرب لها هدف؛ هدفها تدمير روسيا»؛ هكذا قال في كلمة ألقاها أمام رجال أعمال الدولة؛ والتي نقلها التليفزيون الحكومي على الهواء مباشرة.

وأضاف: «إنها حرب مُخطط لها استراتيجيا ... ومن ضمن أهدافها أيضا فنزويلا كمحاولة لتدمير ثورتنا ودفع اقتصادنا للانهيار»، مُتهما الولايات المتحدة بمحاولة إغراق السوق بالصخر الزيتي.

ويُنظر إلى فنزويلا وروسيا - أصحاب العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة - على نطاق واسع بأنهما أكثر الدول تضررا من انخفاض أسعار النفط العالمية.

وكما ناقشت بالضبط في يوم آخر أنه من الواضح تأييد الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» لهذه النظرية.

«إننا جميعًا نرى تخفيض أسعار النفط. هناك الكثير من الحديث حول السبب وراء ذلك. يمكن أن يكون هناك اتفاق بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لمعاقبة إيران والتأثير على اقتصادات روسيا وفنزويلا؟ وقد يحدث ذلك».

من دون أدنى شك؛ يريد أوباما «معاقبة» روسيا على ما تقوم به في أوكرانيا. الذهاب إلى ما وراء النفط هو أفضل الطرق للقيام بذلك. وإذا لحق ضرر بصناعة الصخر الزيتي الأمريكي خلال تلك العملية، فإن هذه مكافأة لدعاة حماية البيئة المتشددين في إدارة «أوباما».

الحرب النفطية أكثر تعقيدا

يعتقد «مارين كاتوسا» - كبير محللي  الطاقة في معهد أبحاث كيسي - أن هناك بالفعل حرب على ثلاث جبهات بين منظمة «أوبك» وروسيا والولايات المتحدة. 

ويرى كاتوسا - مؤلف كتاب ”الحرب الباردة“ - إنها «حرب نفط ثلاثية بين أوبك وروسيا والصخر الزيتي في أمريكا الشمالية». لكنه في الوقت ذاته يتوقع خفض الإنتاج في عام 2015: «نحن نعلم أن أوبك لن تخفّض الإنتاج، بل ربما أعضائها في طريقهم لزيادته». وزادت روسيا هي الأخرى الإنتاج إلى أعلى مستوياته لديها على الإطلاق. وفي ظل رفض روسيا وأوبك التخلي عن حصتهم في السوق فكيف تدخل صناعة الصخر الزيتي حلبة المنافسة؟

ويعتقد «كاتوسا» أن قدرة الصخر الزيتي على البقاء والاستمرار ستبقيه قابل للنمو والتطور والربح. «راعة وبقاء الكثير من هؤلاء المنتجين العاملين في صناعة الصخر الزيتي على قيد الحياة سوف تفاجيء الناس. أنا لا أرى أن القطاع الصخري سوف ينهار بين عشية وضحاها». البقع الجيدة للزيت الصخري  مثل منطقة (باكين) في نورث داكوتا ومنطقة (إيجل فورد) في تكساس سوف تساعد في الحفاظ على ثبات مستويات الإنتاج والإخراج.

ومهما كانت الدوافع الحقيقية لهذه الحرب النفطية، فإن الواقع يشير إلى  أنها لن تنتهي في وقت قريب، وهذا يعني أن أسعار النفط ستتراجع أبعد مما هي عليه الآن.

إلى أي مدى ستنخفض؟

لقد صرح أحد المحللين مؤخرا لشبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية أنه يمكننا أن نرى تراجع سعر النفط في العام المقبل إلى 30 دولار.

لقد رأى القليل فقط في السابق حدوث انهيار طاقة يلوح في الأفق. والآن هو موجود بالفعل، ويحذّر محللو الصناعة من تحرك آخر محتمل نحو الهبوط في الوقت الذي يتواصل فيه الزخم بقوة نحو الأسفل.

«إذا لم يتوقف هذا الهبوط فمن الممكن أن نعود إلى مستويات الأسعار في أواخر عام 2008م وأوائل عام 2009 التي انحدرت إلى 30 دولار أمريكي للبرميل» بحسب «دارين نيوسوم»؛ المحلل الاقتصادي بشركة «تلفيننت دي تي إن».

وهناك آخرون أكثر تشاؤمًا. فعلى سبيل المثال؛ «جيرمي وارنر» من «سيدني مورنينج هيرالد» توقع بشكل مباشر أن سعر النفط سينخفض دون 80 دولار هذا العام، ويتوقع الآن أن أسعار النفط ستواصل طريقها نحو الانخفاض مقتربة من 20 دولارللبرميل العام المقبل.

يقول «وارنر»: رأيي هو أن أسعار النفط ستبقى مُنخفضة لفترة طويلة، وتهبط ربما لأقل من 20 دولار للبرميل خلال العام المقبل قبل أن تتعافى قليلا. 

ولكن حتى توقع «وارنر» الذي تقشعر له الأبدان ليس هو الأكثر اتجاهًا نحو الهبوط.

محلل فني اسمه «أبيجايل دوليتل» أخبر «سي إن بي إس» مؤخرًا أنه في ظل السيناريو الأسوأ  فإن سعر النفط قد يهبط إلى 14 دولار للبرميل.

وفي ضوء ذلك؛ فإنه ليس هناك صدمة أقل من أن ترى أحد المحللين يقدم حججًا لانخفاض يستقر في النهاية دون 14 دولار للبرميل.

ويفترض «أبيجايل دوليتل» الذي يقوم بالأعمال تحت اسم «أبحاث نظريات الذروة» أن الاتجاهات الحالية للرسم البياني تشير إلى احتمال أن النفط الخام لديه ثلاث مناطق مستهدفة على الجانب السفلي حيث يمكن أن يجد الدعم؛ 44 دولار و35 دولار والسيناريو الكابوس 13.65 دولار للبرميل.

ولكن الحقيقة هي أنه لا سيناريو من تلك السيناريوهات يحتاج أن يحدث كي تدمر تلك الحرب النفطية الاقتصاد الأمريكي والنظام المالي في الولايات المتحدة بشكل تام.

هناك علاقة قوية جدًا بين سعر النفط وأداء أسهم شركات الطاقة وسندات الطاقة. ولكن على مدى الأسبوعين الماضيين تم كسر هذه العلاقة. يوجد أدناه رسم بياني من موقع «زيرو هيدج».

لا مناص من أنه عند نقطة ما سوف نرى أسهم شركات الطاقة وسندات الطاقة تعود لتتكيف مع أسعار النفط الخام.

وسواءً انهار سعر النفط أم لا، فإننا كنا بالفعل على وشك متاعب مالية ضخمة.

ولكن في الحقيقة انهيار أسعار النفط يجعل كل مشاكلنا المحتملة أكثر وأسوأ بكثير.

ونحن ندخل عام 2015، لا تصرف بصرك عن أسهم الطاقة وسندات الطاقة وأصغي لأي ذكر بشأن مشكلات المشتقات. الأزمة المالية الكبيرة التالية هي بالفعل قاب قوسين أو أدنى، ولكن معظم الناس لن يروها وهي مقبلة لكنهم سيشعرون بها عندما تصدمهم.

المصدر | مايكل سنايدر، جلوبال ريسيرش

  كلمات مفتاحية

حرب أسعار النفط حرب النفط السعودية النفط الصخري أوبك انخفاض أسعار النفط

أمريكا تمهد لتصدير مليون برميل نفط يوميا وتفتح جبهة جديدة في معركة حصص السوق

«جون ماكين»: علينا شكر السعودية التي سمحت بانهيار الاقتصاد الروسي

الانقلاب النفطي ضد روسيا: الحِيل الأمريكية - السعودية تسبب ترنح أسواق الأسهم والائتمان

الرابحون والخاسرون في حرب أسعار النفط حول العالم

السعودية تشن حرب أسعار ”غير مُقنِعة“ على النفط الصخري الأمريكي في اجتماع «أوبك»

السعودية تعلن حربا نفطية لتركيع وهزيمة إيران وروسيا .. هل ستنجح هذه المرة؟ وما ثمن النجاح؟

كيف يؤثر انخفاض أسعار النفط السعودي على مشروعات النفط الصخري فى أمريكا؟

ضد من تستخدم السعودية سلاح النفط ؟!

تصريحات وزراء «أوبك» وانخفاض أسعار

ما الذي يمكن أن تتعلمه الولايات المتحدة من سوق النفط؟

لماذا يختلف درس عام 1986 في النفط عن درس 2015؟!

«مجلس العلاقات الخارجية»: خمسة دروس نتعلمها من تهاوي أسعار النفط

«ناشيونال إنترست»: 5 حروب نفطية تسببت في كوارث خلال القرن الماضي