الانقلاب النفطي ضد روسيا: الحِيل الأمريكية - السعودية تسبب ترنح أسواق الأسهم والائتمان

الخميس 18 ديسمبر 2014 09:12 ص

لقد أقنعت واشنطن السعوديين بإغراق السوق النفطية لدفع الأسعار للانخفاض كمحاولة لتقويض الاقتصاد الروسي، وتقليل سعي موسكو لتطويق حلف شمال الأطلسي، ونشر القواعد العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء آسيا الوسطى.

وأدى مخطط الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى خفض أسعار النفط إلى ما يقرب من نصف الذروة التي كانت في يونيو/حزيران الماضي. وأدى الانخفاض الحاد في الأسعار إلى انفجار فقاعة الديون ذات العائد المرتفع مما زاد من الاضطراب في أسواق الائتمان كما دخلت الأسهم العالمية في حالة من الفوضى.

ومع هذا؛ فإن الأسواق المشتعلة وانتشار العدوى لم يردع واشنطن عن مواصلة خطتها المتهورة؛ تلك الخطة التي تستخدم نظام الرياض كأداة لمواصلة حرب الموارد العالمية لواشنطن.

وفيما يلي ملخص موجز لمقال «إف وليام انجدال» بعنوان ”أغبى صفقة أمريكية - سعودية سرية حول سوريا“:

تُظهر التفاصيل أن هناك صفقة سعودية أمريكية سرية تتسم بالغباء الشديد بشأن سوريا والدولة الإسلامية. وتسعى هذه الصفقة إلى السيطرة على النفط والغاز في المنطقة بأسرها ومن ثمّ إضعاف روسيا وإيران نتيجة فيضانات النفط الرخيص التي ستضخها المملكة العربية السعودية على السوق العالمية. وقد تمّ الاتفاق على كافة التفاصيل بين وزيرالخارجية الأمريكي «جون كيري» والملك السعودي في اجتماع سبتمبر/أيلول... 

.. أغرقت المملكة العربية السعودية السوق بالنفط الرخيص، وهو الأمر الذي أثار حرب أسعار داخل مظمة «أوبك» ... ويستهدف السعوديون على وجه الخصوص القارة الأسيوية بخصومات على المبيعات، وتُعد الصين هي أبرز العملاء في آسيا حيث يتردد إن المملكة تعرض خامها ما بين 50 إلى 60 دولار للبرميل فقط بدلاً من السعر السابق الذي كان قريبًا من 100 دولار. ويبدوا أن هذه العملية تمت بالتنسيق مع الحرب المالية لوزارة الخزانة الأمريكية عبر مكتبها «مكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية» بالتعاون مع عدد قليل من الأطراف الفاعلة داخل «وول ستريت» الذين يسيطرون على تجارة المشتقات النفطية.

والنتيجة تبلورت في حالة من الذعر داخل السوق تكتسب زخمًا يوميًا. وفي الوقت الذي تعيش فيه الصين سعادة بالغة بسبب شراء النفط الرخيص، فإن حلفاءها المقربين - روسيا وإيران - يواجهون ضربًا مُبرحًا...

وبحسب الدكتور «راشد أبانمي» - رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية بالرياض – فإن الانخفاض الحاد في سعر النفط تسببت فيه السعودية عن عمد باعتبارها أكبر منتج داخل «أوبك». كان السبب المُعلن هو التذرع بكسب أسواق جديدة في السوق العالمية التي تعاني ضعفًا على الطلب. أما السبب الحقيقي – من وجهة نظر أبانمي – فهو الضغط على إيران بشأن برنامجها النووي، وعلى روسيا لإنهاء دعمها لبشار الأسد في سوريا .... وتأتي أكثر من 50٪ من إيرادات الدولة الروسية من مبيعات تصدير النفط والغاز. (أغبى صفقة أمريكية - سعودية سرية حول سوريا - إف وليام انجدال).

وينبغي على الولايات المتحدة أن تحقق أهدافها في آسيا الوسطى أو تتخلى عن الصدارة بصفتها القوة العظمى الوحيدة في العالم. هذا هو الدافع وراء تورط صناع السياسة الأمريكيين في مثل هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر. وببساطة؛ لا توجد أي وسيلة أخرى للحفاظ على الوضع الراهن الذي يسمح للولايات المتحدة أن تفرض نظامها الدولاري القسري على العالم، والذي بمقتضاه تبادل الولايات المتحدة العملة الورقية التي ينتجها البنك المركزي بقيمة المواد الخام والمنتجات المصنعة والأشغال الشاقة. واشنطن مستعدة للدفاع عن نظام إعادة تدوير البترودولار المُبتز حتى النهاية، حتى لو أدى ذلك إلى مرحلة الحرب النووية.

كيف يتسبب إغراق السوق في عدم الاستقرار

ولا تخفى الآثار المدمرة لتلك الخطة الطائشة على أحد في أي مكان. إن تراجع أسعار النفط يجعل من الصعب لشركات الطاقة أن تحصل على التمويل الذي تحتاجه لخفض ديونها أو الحفاظ على العمليات جارية. وتقترض الشركات على أساس حجم احتياطياتها، ولكن عندما تتعثر الأسعار بنسبة نحو 50% كما حدث في آخر ستة أشهر فإن قيمة هذه الاحتياطات تتراجع بشكل حاد، ما يوقف الوصول إلى السوق تاركة الرئيس التنفيذي لكل شركة يعاني مستقبلاً موحشًا يتمثل في بيع الأصول بأسعار اضطرارية أو مواجهة التخلف عن السداد.

وإذا كان من الممكن احتواء المشكلة داخل القطاع، فإنه ليس هناك داعٍ للقلق. ولكن ما يقلق «وول ستريت» هو أن الارتفاع الكبير في فشل شركات الطاقة قد يكون له مضاعفات على النظام المالي والتأثير على البنوك. ورغم مرور ست سنوات على المعدلات الصفرية وعمليات تخفيف القيود النقدية، إلا أن البنوك الوطنية الكبرى لا تزال تفشل في توفير رأس المال الكافي بشكل خطير، ما يعني أن موجة من حالات الإفلاس غير متوقعة يمكن أن تكون هي كل ما يلزم لانهيار المؤسسات الضعيفة وإدخال النظام مرة أخرى في أزمة.

وفيما يلي مقتطفات من «بوست أوتوماتيك إيرث» بعنوان ”هل يقتل النفط الكسالى؟“:

إذا انخفضت الأسعار أبعد من ذلك فيبدوا أن معظم صرح الصخر الزيتي سينهار تمامًا. وهذا من شأنه أن يُحدث زلزالاً جوهريًا في عالم المال؛ لأنه إذا وفر شخص ما القروض فإن كل شيء يعتمد عليه. هناك عدد كبير من المستثمرين يطاردون ربحًا وفيرًا بما في ذلك العديد من المؤسسات الاستثمارية، وهم على وشك الوقوع في مشاكل إذا أصر النفط على السير في الطريق التي سلكها في الآونة الأخيرة، ويحق للبنك المركزي الأمريكي أن يُفكر في إنقاذ بنوك «وول ستريت» الكبيرة مرة أخرى. (هل يقتل النفط الكسالى؟ - راؤول إلعرجي ماير، أوتوماتيك إيرث).

وليست المشكلة مع هبوط أسعار النفط مجرد زيادة الانكماش أو الأرباح المتدنية، لكنها في الحقيقة تتلخص في أن كل جزء من الصناعة، (التنقيب والتطوير والانتاج) مستند إلى جبل من المشكلات المالية الخطرة (السندات غير المرغوب فيها). عندما يكون هناك عدم قدرة على خدمة الدين أو زيادته فإن المُقرضين الأساسيين (الأطراف الأخرى والمؤسسات المالية) يتكبدون خسائر جسيمة تطال النظام بأكمله.

ولنلقي نظرة على ما يلي من موقع «ماركت ووتش»:

«لا يوجد شك في أن شركات الطاقة ذات الديون الأكثر خطورة ترسم ملامح سوق الدين ذات العائد المرتفع وهي تغلق أساسًا عند هذه المرحلة، وهناك دلائل على أن المزيد من الألم قد يصيب القطاع» بحسب ما صرح به الخبير الاستراتيجي في مجال الدخل الثابت في بنك «إدارة الثروات» الأمريكي «دان هيكمان» لــ«ماركت ووتش» مؤكدًا: «إننا وصلنا إلى درجة أصبحت مقلقلة للغاية». (ماركت ووتش).

عندما تفقد شركات الطاقة الدخول إلى السوق وتصبح غير قادرة على ذلك الاقتراض بمعدلات منخفضة فإن الأمر مسألة وقت قبل أن تأخذ طريقها نحو الانقراض.

وجددت «وكالة الطاقة الدولية» يوم الجمعة ضغوطها على الأسعار مُخفضة تقديراتها للطلب العالمي على النفط في عام 2015م.  

تلك التصريحات كان لها مفعول السحر في إرسال الأسهم بدون تردد إلى الهاوية. وخسر مؤشر «داو جونز» الصناعي بواقع 315 نقطة بنهاية اليوم، بينما تلاشى أكثر من «تريليون دولار من قيمة الأسهم العالمية خلال الأسبوع» بحسب «وكالة الطاقة الدولية». 

ويغرق العالم الآن في النفط الرخيص الذي يصب جام غضبه على منتجي الصخر المحلي الذين يحتاجون الأسعار في مستوى 70 دولار للبرميل. أما «غرب تكساس الوسيط» الذي يتجه حاليًا إلى الجنوب بــ 60 دولار ولا يُعرف إلى كم سينخفض أكثر فإن هؤلاء المنتجين الصغار سيُهزمون بقوة. وستلقى صناديق معاشات التقاعد والأسهم الخاصة والبنوك وغيرها من المستثمرين الذين راهنوا على هذه السندات غير المرغوب فيه عقاب ما صنعته أيديهم في الأشهر المقبلة.

وتعود الاضطرابات في البقع النفطية أساسًا إلى سياسات الائتمان المُيسر للبنك الاحتياطي الفيدرالي. من خلال خفض أسعار الفائدة إلى الصفر وإغراق الأسواق بالسيولة، ما فتح باب «البنك المركزي» لكل «توم وديك وهاري» للاقتراض من سوق السندات بغض النظر عن نوعية الديون. لا أحد يتصور أن القاعدة الأساسية قد تسقط تاركة القطاع بأكمله بلا مساعدة. لقد اعتقد الجميع أن «البنك المركزي» القوي يمكنه الخروج بسهولة من من أي فوضى. وبعد حمام الدم في الأسبوع الماضي تراجعت تلك الثقة.

ويلخص بلومبيرج الأمر كما يلي:

«إن خطر الفقاعات الناجمة عن التحفيز بدأت تُرهق السوق بسبب دين شركات الطاقة .... ومنذ أوائل عام 2010م؛ رفع منتجو الطاقة 500 مليار دولار من السندات والقروض الجديدة في الوقت الذي أبقى فيه البنك المركزي الأمريكي تكاليف الاقتراض قريبة من الصفر بحسب ما أشار إليه البنك الألماني. ومع هبوط أسعار النفط فإن المستثمرين يشككون في قدرة بعض الشركات المُصدّرة على الوفاء بالتزامات ديونها ...

وقد شجع قرار البنك المركزي بإبقاء أسعار الفائدة عند مستويات قياسية لمدة ست سنوات المستثمرين على ضخ السيولة في أوراق مالية عالية المخاطر لجني عائدات، ما أثار القلق من أن المخاطر يجري تجاهلها. وخرج هذا الأسبوع تقرير من «موديز لخدمات المستثمرين» أشار إلى أن حماية المستثمرين في ديون الشركات وصلت إلى أدنى مستوياتها، في حين كان متوسط العائد على السندات غير المرغوب فيها أقل في الآونة الأخيرة مما كانت شركات الاستثمار تدفعه قبل أزمة الائتمان» . (انفجرت فقاعات البنك المركزي مسببة 550 مليار دولار كديون طاقة: أسواق الائتمان، بلومبيرج)

ولا يمكن إغفال الدور الجلي للبنك المركزي في هذه الكارثة. فلقد تكالب المستثمرون على أدوات الدين المشكوك فيها لأنهم اعتقدوا أن «برنانكي» يحمي ظهورهم وقد يتدخل مع أول بادرة متاعب. والآن انفجرت تلك الفقاعة وبدأت الخسائر تتراكم، والبنك المركزي لا يُسمع له صوت.

وبدأت آثار هبوط أسعار النفط في الأسبوع الماضي التأثير على أسواق الائتمان؛ حيث يسعى المستثمرون للتخلص من الديون بسبب أي شيء يبدو هشًا تمامًا. وتبدوا علامات العدوى بالفعل واضحة، ومن المرجح أن تزداد سوءًا. ويخشى المستثمرون أنهم إذا لم يضغطوا الآن على زر (بيع)، فإنهم لن يكونوا قادرين على العثور لاحقَا على مشتري.

 وبعبارة أخرى؛ فإن السيولة تجفّ بشكل سريع، ما يزيد من معدل الانخفاض. وبطبيعة الحال؛ فقد أثر ذلك على سندات الخزانة الأمريكية التي لا تزال يُنظر إليها على أنها ”خالية من المخاطر“. ومع إقبال المستثمرين على التحميل بشكل متزايد على سندات الخزانة الأمريكية فإن العائدات طويلة الأجل هوت أرضا. واعتبارا من يوم الجمعة، فإن مؤشر الخزانة ذات العشر أعوام سجل تراجعا ضعيفا بــ 2.08% ، وهذا النوع من القراءة يتوقعه المرء في وسط الكساد.

لقد عكس التمرد الذي تقوده السعودية اتجاه السوق، وألقى بالأسهم العالمية في آتون الانخفاض، وأثار حالة من الذعر في أسواق الائتمان. ورغم أن النظام المالي على شفا حفرة أزمة كاملة كل يوم، إلا إن صناعة القرار في واشنطن بقيت صامتة تماما بشأن هذه المسألة، ولم تنبث ببنت شفة احتجاجًا على السياسة السعودية التي لا يمكن وصفها إلا بالإرهاب المالي.

ما السبب وراء ذلك؟ لماذا أبقى «أوباما» وشركاه أفواههم مغلقة في الوقت الذي تنخفض فيه أسعار النفط وتنهار الصناعات المحلية وتتجه الأسهم نحو الهاوية؟ هل يمكن أن يكون ذلك في الواقع تعاون وثيق مع السعوديين، وأن هذه اللعبة الكبيرة تهدف إلى إبادة أعداء النظام العالمي الجديد المجيد؟

بكل تأكيد هو كذلك.

المصدر | مايك ويتني، إنفورميشان كليرينج هاوس

  كلمات مفتاحية

النفط حرب أسعار النفط السعودية أمريكا روسيا إيران إغراق السوق النفطية فقاعة الديون

تراجع النفط يهدد بوقف مشاريع نفطية بقيمة تريليون دولار حول العالم

بورصات الخليج تتكبد مزيد من الخسائر والروبل الروسي ينهار تأثرا بتراجع النفط

حرب النفط السعودية ضد إيران وروسيا

بورصات الخليج تتهاوى مع هبوط النفط دون 60 دولار .. وخسائر تتجاوز 250 مليار دولار منذ نهاية أكتوبر

الرابحون والخاسرون في حرب أسعار النفط حول العالم

السعودية تعلن حربا نفطية لتركيع وهزيمة إيران وروسيا .. هل ستنجح هذه المرة؟ وما ثمن النجاح؟

حرب النفط تشتعل بين السعودية والولايات المتحدة

ضد من تستخدم السعودية سلاح النفط ؟!

«علي النعيمي»: «من المستحيل» أن تخفض السعودية حصتها في السوق .. ولا أهداف سياسية

لماذا تحطم السعودية عمدا أسواق النفط؟

«جون ماكين»: علينا شكر السعودية التي سمحت بانهيار الاقتصاد الروسي

النفط والطغاة

أسعار النفط والدبلوماسية السعودية

الذهب الأسود والبجعة السوداء

تراجع أسعار النفط وشبح الانكماش الاقتصادي في أمريكا

بوتين يُعدّل عقيدة الجيش: أبرز الأخطار .. «حلف شمال الأطلسي» والإرهاب

«أوباما» يعترف: خفض أسعار النفط «قرار سياسي» لإضعاف روسيا

اعتراف أوباما يؤكد أن خفض السعودية للأسعار كان قرارا سياسيا بالتنسيق مع واشنطن

السعودية لم تتعمد تحطيم أسواق النفط

جلوبال ريسيرش: من يقف وراء حرب النفط يلعب بالنار ... والأسعار قد تصل دون 20 دولارا

ما الذي يمكن أن تتعلمه الولايات المتحدة من سوق النفط؟

الرئيس الفنزويلي يصل الرياض قادما من طهران لبحث دعم السعودية لخطط زيادة أسعار النفط

«فيتش» قد تخفض تصنيف منتجي النفط في حالة عدم تعافي الأسعار