تداعيات انخفاض أسعار النفط على الإقتصاد المصريّ

السبت 10 يناير 2015 02:01 ص

حالة من الارتياح والترقّب استقبل بها رجال الإقتصاد المصريّين الهبوط المتوالي لأسعار النّفط، ويرجع سبب الارتياح إلى الخفض المباشر لعجز الموازنة الّتي تدعم الدولة المنتجات البترولية فيها بمبلغ 100 مليار جنيه وفقاً العام الماليّ 2014\2015. 

أمّا الترقّب فسببه التّأثير غير المباشر على العمالة المصريّة في الخليج، والّتي تقدّر بثلثي العمالة المصريّة في الخارج، وبالتّالي، فإنّ التّحويلات النقديّة للمصريّين في الخارج تعدّ من أهمّ أحد أهم موارد العملة الصعبة في البلاد،

تضاف إلى ذلك المخاوف من التأثّر السلبيّ لاقتصاد دول الخليج النفطيّة الداعمة لمصر، علاوة على المخاوف من تأثّر حركة السياحة الوافدة إلى مصر، والّتي بدأت في التعافي مؤخراً.

وعن هذا الشأن، تحدّث وزير الإقتصاد السّابق الدّكتور «سلطان أبو علي» لـ«المونيتور» فأكّد أنّ انخفاض أسعار البترول له تأثير مباشر وإيجابيّ على الإقتصاد المصريّ يتمثّل في خفض تكلفة المشتقّات البتروليّة، وقال:«إنّ مصر أصبحت دولة مستوردة في شكل صافٍ للبترول. وبالتّالي، أيّ انخفاض في أسعاره عالميّاً يعني انخفاض أعباء استيراد الطّاقة من الخارج».

أضاف: هناك أيضاً تأثيرات غير مباشرة سلبيّة تتمثّل في أنّ الدول الخليجيّة النفطيّة الّتي دعمت الإقتصاد المصريّ بقوة خلال الفترة السّابقة مثل السعودية والإمارات خصوصاً، سيتأثّر إقتصادها سلبيّاً بشدّة وسيظهر هذا التّأثير السلبيّ في موازنتها العامّة من خلال العجز، ممّا يجعلها عاجزة عن تقديم الدّعم نفسه الّذي كانت تقدّمه إلى الإقتصاد المصريّ. ومن ناحية أخرى، فإنّ طلبها على الأيدي العاملة المصريّة سيقلّ بكلّ تأكيد، فضلاً عن انخفاض تحويلات المصريّين العاملين في الخارج.

وأشار «أبو علي» إلى أنّ السياحة ستتأثّر بالسلب، خصوصاً السياحة الروسيّة، علماً أنّ تأثير السائح الروسيّ على السياحة المصريّة ضعيف، لأنّ حجم إنفاقه يكون قليلاً.

وأوضح أنّ استمرار السعر المتدنّي للنّفط يتوقّف على العرض والطلب. ومن ناحية العرض، إنّ صادرات العراق بكميّات كبيرة واستخدام الولايات المتّحدة الأميركيّة لتكنولوجيا حديثة لاستخراج البترول من الصخور بتكلفة منخفضة نسبيّاً،

علاوة على أنّ الدول المصدّرة للبترول لم تخفّض كميّات الإنتاج مع تدنّي الأسعار، كلّ هذا أدّى إلى زيادة العرض في شكل كبير. أمّا من ناحية الطلب، فإنّ اقتصاد الدول الأوروبيّة يعاني من مشاكل، فمعدّلات النمو منخفضة وفيها ركود، وبالتّالي، فإنّ الطلب على البترول منخفض، وستقوم خطط تحفيز اقتصاد الدول الأوروبيّة في شكل كبير بالتّأثير على أسعار النّفط بالارتفاع أو الانخفاض.

ومن جهته، أكّد رئيس وزراء مصر السّابق الدّكتور«علي لطفي» لـ«المونيتور» أنّ انخفاض أسعار البترول لصالح الإقتصاد المصريّ في شكل مزدوج يتمثّل في انخفاض دعم المنتجات البتروليّة في الموازنة العامّة إلى النّصف تقريباً، إضافة إلى خفض الضغط على الاحتياطيّ من النّقد الأجنبيّ الذي يعاني من نزيف حاد بالفعل لأنّ كميّة الدولارات المطلوبة لشراء البترول ستكون أقلّ، وستصل إلى حوالى النّصف تقريباً.

وأشار لطفي إلى أنّ مصر لم تلجأ إلى خفض أسعار المنتجات البتروليّة للمواطنين، بعد انخفاض أسعارها عالميّاً، مثلما فعلت بعض الدول مثل الأردن، نظراً لقيمة الدّعم الكبير الذي تتحمّله الدولة في دعم هذه المنتجات والعجز الكبير في موازنتها العامّة.

ولفت إلى أنّه يرفض فكرة أنّ الدول الخليجيّة ستقلّل من دعمها لمصر، لأنّ هذا الدعم من الأساس كان لفترة محدودة، وقال: يستحيل أن يستمرّ على طول الخطّ، فيجب أن نعتمد على أنفسنا لا على غيرنا.

وأوضح لطفي أنّ الـتّأثير على القطاع السياحيّ سيكون محدوداً لأنّ السياحة المصريّة بدأت تستعيد عافيتها، وفقاً لتصريحات «هشام زعزوع» وزير السياحة الّذي أكّد أنّ السياحة المصريّة استعادة رقم 12 مليون سائح.

ومن جهته، أشار وزير البترول والثروة المعدنيّة المصريّ المهندس «شريف إسماعيل» في تصريحات صحفية الإثنين في 22 ديسمبر إلى أنّ انخفاض أسعار البترول العالميّة التي تشهدها الأسواق أخيراً يتوقّع أن يؤدّي إلى انخفاض قيمة دعم المنتجات البتروليّة خلال النّصف الثاني من العام الماليّ 2014\2015، إذا استمرّت مستويات أسعار البترول عند مستوياتها الحاليّة.

ولفت إلى أنّ إجماليّ دعم المنتجات البتروليّة في موازنة عام 2014\2015 يبلغ حوالى 100 مليار جنيه، وأنّه يحقّق وفراً محدوداً في الدّعم خلال النّصف الأوّل، لأنّ انخفاض الأسعار العالميّة للبترول بدأ منذ نوفمبر الماضي، حيث كانت مستويات أسعار البترول العالميّة عند معدّلاتها المرتفعة في النصف الأوّل.

وفي حال استمرار انخفاض الأسعار العالميّة خلال النصف الثاني، فمن المقدّر أن ينخفض إجماليّ دعم المنتجات البتروليّة بحوالى 30 مليار جنيه على مدار العام الماليّ بالكامل ليسجّل حوالى 70 مليار جنيه.

وأكّد أنّ مع هذا الوفر المتوقّع في الدّعم ستستمرّ الدولة في تحمّل مبلغ كبير يبلغ 70 مليار جنيه، قيمة الدّعم خلال العام، مشيراً إلى أنّ إجماليّ الوفر المتوقّع في الدعم لن ينعكس مباشرة في صورة سيولة على قطاع البترول والدولة لأنّ هناك بعض القطاعات ما زال لديه مشاكل في سداد قيمة مسحوباته من المنتجات البتروليّة والغاز الطبيعيّ.

 

المصدر | رامي جلال | المونيتور

  كلمات مفتاحية

مصر أسعار النفط الاقتصاد المصري تداعيات هبوط الأسعار دول الخليج العمالة المصرية السياحة سلطان أبوعلي

خبراء: «السيسي» يزور الكويت لمنع تقليص المعونات بعد انخفاض عوائد النفط

«المونيتور»: «السيسي» في «مأزق» بعد جفاف المساعدات الخليجية

تأجيل مؤتمر دعم الاقتصاد المصري: ارتباك في التنظيم..وآمال في النتائج

350 مليون دولار من السعودية لتمويل الطاقة في مصر والسيسي يتابع الاستعدادات لمؤتمر المانحين

«قرقاش» يحذّر من «النزعة التوسعية للنفوذ الإيراني» ويؤكد على دعم اقتصاد مصر "الهش"