البحرين: استهداف لـ«الوفاق».. أم للعمل السياسي؟

الاثنين 2 فبراير 2015 08:02 ص

ينذر مشهد الأمين العام لجمعية «الوفاق» البحرينية المعارضة الشيخ علي سلمان وهو يمثل أمام القضاء يوم الأربعاء الماضي، بتطورات جذرية على الساحة السياسية البحرينية.

في العام 2011، اعتقلت السلطات في البحرين قادة أربعة تنظيمات سياسية معارضة، وقياديين في تنظيمات أخرى من بينها «الوفاق»، إلا أن سلمان بقي بعيداً عن مرمى الاستهداف، وقد أرجع البعض ذلك الى ما يُحكى عن علاقة جيدة بين «الوفاق» والولايات المتحدة وبريطانيا، الحليفين الغربيين الأكبر لحكومة البحرين، وبالتالي حمايتهما له، فيما أرجعها كثيرون إلى هيبة «الوفاق» وحجم شارعها المعارض. 

اليوم، يمثل علي سلمان أمام القضاء متّهماً بـ «التحريض والترويج لتغيير النظام السياسي بالقوة والتهديد بوسائل غير مشروعة، والتحريضِ علانية على بغض طائفة من الناس والازدراء بها، ما من شأنه اضطراب السلم العام، والتحريض غير العلني على عدم الانقياد للقوانين وتحسين أمورٍ تُعدُ جرائم، وإهانة وزارة الداخلية علانية». ِ

ولكن لماذا علي سلمان الآن في مرمى الاستهداف؟ وما تأثير اعتقاله ومحاكمته على النشاط السياسي في البحرين؟ وهل هي بداية نهاية العمل السياسي العلني المعارض في البحرين؟ وهل تخلّى المجتمع الدولي عن سلمان بعد أربع سنوات من الحراك؟

يقول القيادي في جمعية «الوفاق» خليل المرزوق إنه «من الطبيعي حين يُستهدف زعيم المعارضة السلمية في البحرين، أن يعتبر هذا الاستهداف استهدافاً لكل العمل السياسي وللمطالب بالتحوّل الديموقراطي، فالنظام عبر اعتقال الشيخ علي سلمان ومحاكمته، يرفض الإصلاح، ويرفض أن يعطي المعارضة الفرصة والمساحة لكي تتحرك بهدف تحقيق إصلاحات دستورية وقانونية وديموقراطية من خلال العمل السياسي المنضوي تحت القانون».

ويشير المرزوق إلى أن مساحة العمل السياسي في البحرين تقلصت، معتبراً أنه «بعد استهداف الوفاق وأمينها العام، وهما العمود الفقري للعمل السياسي المعارض، بقي للسلطة أن تستهدف الجمعيات الأخرى المتحالفة معها، لإنهاء العمل السياسي العلني السلمي».

وعن تخلي اللاعبين الدوليين عن «الوفاق» والشيخ علي سلمان، يقول المرزوق إن «الشيخ علي لم يكن يحظى بحماية دولية، ولكن المعادلات الإقليمية والدولية باتت مختلفة عن الأعوام السابقة، فالدول الكبرى تدعم اليوم الأنظمة الشمولية، وتغض الطرف عن الديموقراطية وحقوق الانسان، وما حدث كان على مرأى من الدول الغربية الكبرى، التي كانت تطالب بالحوار والاصلاح والمصالحة وتغيّر خطابها في الظرف الحالي».

ويضيف «هذه سياسة نعتبرها خاطئة لأنها ستفاقم الأوضاع»، محذراً من ان «هذه القوى ستتباكى لاحقاً على البحرين، كما تباكت على دول أخرى كان من الممكن دعم عملية التحول السلمي فيها وتجاوز ما بلغت إليه الأمور».

ويرى المرزوق أن «المنطق والسُنَّة التاريخية يقولان إنه إذا قمعت العمل السياسي والسلمي فإنك تفتح الباب أمام العمل السري والمسلح، وهو ليس خيار الوفاق، وإنما خيار السلطة ومن يقفون خلفها من داعمين دوليين».

وحرّك اعتقال سلمان الشارع البحريني. ولم تهدأ التظاهرات والاشتباكات مع الشرطة منذ لحظة التوقيف وحتى اليوم. ويتجمع بالقرب من منزل زعيم «الوفاق» في منطقة البلاد القديم يومياً، المتضامنون، مطالبين بإطلاق سراحه.
كذلك، اعتبرت «منظمة العفو الدولية» احتجاز الشيخ سلمان انتهاكاً واضحاً لحقه في حرية التعبير والتجمع وتكوين التنظيمات.

من جهتها، اعتبرت الجمعيات السياسية المعارضة المتحالفة، أن اعتقال الأمين العام لـ «الوفاق» يمثل خطوة تصعيدية تستهدف السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي في البحرين، وتقوّض العمل السياسي، تمهيداً للانقضاض عليه وتعزيز الدولة الأمنية ومصادرة الحل السياسي.
أما بريطانيا، الحليف السياسي والعسكري للنظام البحريني، فأكدت أهمية اتخاذ السلطات الإجراءات القانونية الواجبة والتي تتماشى مع التزامات البحرين القانونية والمعايير الدولية بشأن محاكمة سلمان.

وفي تعليق على المحاكمة، قال الأمين العام لجمعية «المنبر الديموقراطي التقدمي» عبد النبي سلمان، في حديث إلى «السفير»، إن «محاكمة سلمان تأتي في إطار القبضة الأمنية، وما وصلت إليه الحريات من تراجع على جميع المستويات، كما إنها دليل آخر على التراجع المخيف في حرية التعبير، وهو عامل تأزيم للوضع في البحرين، فهناك أطراف في السلطة لديها مصلحة من وراء حالة التأزيم، ولذلك تعاند وتستمر في عدم تجيير الساحة باتجاه الحل السلمي، فهي مَن أفشلت الحوارات، واليوم تحاول القضاء على الحراك السياسي العلني».

ويرى سلمان أن النشاط السياسي في البحرين بات مهدداً «وسيستمر التضييق على ما يبدو بصورة أكبر في المرحلة المقبلة إذا استمرّت العقلية التي تدير البلاد بمنطق الانتقام وتجيير القضاء وعقد المحاكمات الصورية للقضاء على الخصوم».

ويضيف: «يمثل الشيخ علي في كل الأحوال، حالة من الاعتدال في الشارع المعارض وبالتحديد في الشارع الشيعي، من الدعوة إلى السلمية والالتزام بها، وكان بالإمكان استثمار وجود شخصية كالشيخ علي سلمان للوصول إلى توافق اجتماعي سياسي في البحرين، إلا أنّه وبعد الانتخابات النيابية الأخيرة (تشرين الأول العام 2014) بدأت السلطة في محاسبة الناشطين السياسيين، لما يشكلونه من عائق أمام الواقع السياسي الذي تودّ السلطة فرضه بعيداً عن الحل السياسي».

ويرى سلمان أن هذه المحاكمات لن توقف مطالبات الشعب البحريني التي انطلقت منذ العشرينيات «وهي مستمرة ما دامت الحركة السياسية بحاجة الى إصلاح»، مشدداً على أن «هذا الحراك لن يُقضَى عليه بمحاكمات، والدليل على ذلك ما حدث أثناء فرض قانون أمن الدولة لأكثر من 25 عاماً، حيث استمرّ الحراك عبر العمل السياسي السري، وهو أمر لا نتمناه نحن كمعارضة في البحرين».

أما النائب الأول لرئيس مجلس الشورى البحريني جمال فخرو، فرأى أن القوانين التي تحكم العمل السياسي في البحرين لم تطبق من قبل جميع الأطراف كما يجب منذ وضعها في بداية الألفية الجديدة، وما حصل في البحرين في العام 2011 فتح عيون الدولة والجمعيات السياسية المرخصة وغير المرخصة بأن هناك أخطاء في تطبيق هذا القانون، ويجب أن تصحح كل من وجهة نظره».

وأكد فخرو أنه يجب الآن تطبيق النظام والقانون في العمل السياسي، «فالكثير من الممارسات التي كانت تحت غطاء العمل السياسي من قبل الجمعيات السياسية وغيرها لم تكن عملاً سياسياً، والدولة والنظام تغاضيا عنها لأسباب معينة، واليوم يجب أن تعود هيبة الدولة وأن توقف هذه الفوضى».

وقال: «إذا كان هناك رجال سياسة تهمهم مصلحة البحرين، فيجب أن يمارسوا العمل السياسي بحسب القانون، حتى لا تعمّ الفوضى ويتفشى التطييف وهذا الأمر يسري على علي سلمان وغيره من السياسيين».

إسقاط الجنسية عن 72 مواطنا

أعلنت سلطات البحرين أمس الأول، إسقاط الجنسية عن 72 شخصاً بسبب «ضلوعهم بأعمال إرهابية، والإضرار بمصالح البلاد»، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية «بنا».

وأوردت وكالة الأنباء الرسمية المرسوم الذي تضمن أسماء 72 شخصاً تم تجريدهم من الجنسية البحرينية «في إطار الإجراءات التي تتخذها وزارة الداخلية للحفاظ على الأمن والاستقرار ومكافحة المخاطر والتهديدات الإرهابية». كما أشار النص إلى أن الذين أسقطت الجنسية عنهم قاموا «بأفعال تسببت في الإضرار بمصالح المملكة والتصرف بما يناقض واجب الولاء لها».

من جهته، قال وزير شؤون الإعلام البحريني عيسى الحمادي إن المسقطة عنهم جنسيتهم «موجودون في غالبيتهم في الخارج»، وهم «ينتمون إلى تيارات إرهابية عدة».

وأضاف الحمادي أن المسقطة جنسيتهم «لا يمثلون توجهاً إرهابياً واحداً»، معتبراً أن من بين «الأسباب الواضحة» التي اتخذت السلطات قرارها على أساسها، «الانضمام إلى خلايا وتنظيمات إرهابية» و «تمويل عناصر لارتكاب عمليات وتفجيرات إرهابية» و»السعي إلى تشكيل مجموعة إرهابية وتدريبها على السلاح».

 

المصدر | السفير

  كلمات مفتاحية

البحرين علي سلمان جمعية الوفاق سحب الجنسية

السلطات البحرينية تسقط الجنسية عن 72 مواطنًا بتهم تتعلق بـ«الإرهاب»

تظاهرات حاشدة في المنامة تنديدا بتجديد حبس أمين عام جمعية الوفاق المعارضة «علي سلمان»

البحرين «تستغرب» بيان مفوضية الأمم المتحدة حول اعتقال الشيخ «علي سلمان»

غضب في البحرين: أطلقوا علي سلمان الآن

الملاحقة القضائية لجمعية الوفاق الوطني البحرينية: (قتل رحيم) في إطار الهندسة السياسية

منظمة العفو الدولية: إصلاحات البحرين تفقد المضمون باستمرار الانتهاكات

العراق تطالب البحرين بإعادة النظر في قرار حبس «علي سلمان»

تأجيل محاكمة أمين عام «الوفاق» البحرينية إلى 12 نوفمبر

البحرين: تأجيل محاكمة «علي سلمان» إلى 14 يناير بعد سماع مرافعة النيابة