قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أنَّ هدف تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) هو نشر الفوضى في أي دولة كي يتمكن من أن يجد له موضع قدم، وأنه لهذا «قد يعتبر انضمام مصر للمعركة الليبية نجاحًا استراتيجيًا له»، ويرجع السبب جزئيًا في هذا إلى «مساعي المتطرفين للاستفادة من تفشي الفوضى».
ونقل «ديفيد كيرباتريك» مراسل الصحيفة بالقاهرة عن «هارون زيلين» الخبير في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني:«يريد مقاتلو داعش انخراط الجيش المصري في صراعات جديدة، لأنهم يقاتلون في سيناء أيضًا»، موضحًا أن المتطرفين قد يحشدوا الدعم المحلي ضد التدخل العسكري المصري، خاصة إذا قتلت الغارات الجوية مدنيين، علاوة على أن تنظيم داعش بنى أيديولوجيته على محاربة من يراهم أعداء له.
وأضاف «زيلين»: «يريد المتطرفون اتخاذ الغارات المصرية ضدهم كدليل على أن الله يقف بجانبهم، ليبرهنوا حينها بأنهم باقون ويتوسعون رغم احتشاد القوى الدولية ضدهم».
وقالت «نيويورك تايمز» أن الغارات المصرية تهدد بجر البلاد إلى الصراع الفوضوي الداخلى في ليبيا، فى وقت تحاول فيه القاهرة إحياء اقتصادها المتداعي وقمع التمرد الإسلامي الداخلي، وخاصة في سيناء، مضيفة أن مصر معرضة بشدة لهجمات مضادة محتملة من جانب القوى الإسلامية، وذلك جزئيا بسبب حدودها الصحراوية الطويلة مع ليبيا، التى يسهل اختراقها، فضلا عن وجود أعداد كبيرة من المصريين العاملين فى الجارة الغربية.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسئولين غربيين تحدثوا شريطة عدم ذكر أسمائهم، أن المدن التي أعلن داعش سيطرته عليها في ليبيا ليست مكشوفة أو واضحة بشكل كاف لتكون أهدافاً سهلة، ما يعني أن حملة طويلة من القصف الجوي المصري ربما لا تحقق أضرارًا كبيرة بمسلحي التنظيم.
واعتبرت الصحيفة أنَّ الغارات الجوية المصرية على مدينة درنة الليبية تمثل منعطفا جديدا في انهيار النظام الإقليمي بعد ثورات الربيع العربي، وظهور تنظيم «داعش»، لاسيما أن الغارات هي أعمق تدخل مصري في الفوضى التي تشهدها ليبيا حتى الآن.
ونوهت لأن التصعيد العسكري المصري سبق وأن حذر منه مسئولون غربيون، واعتبروه عقبة أمام المفاوضات والتوصل إلى حل سياسي للصراع الحالي في ليبيا، لكن البعض في واشنطن اعترف أيضا بحق مصر في الرد على قتل مواطنيها هناك، ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية التعليق.
وأشارت الصحيفة إلى أن مصر والإمارات عملتا بشكل سري لدعم الحكومة المنافسة لحكومة طرابلس في مدينة طبرق التي يقود جيشها الجنرال المنشق «خليفة حفتر» الذي يقاتل من أجل استعادة العاصمة طرابلس من قبضة تحالف الإسلاميين، حيث يقول مسئولون غربيون إن الإمارات وبمساعدة من القاهرة شنت غارات جوية سرًا العام الماضي ضد الإسلاميين في طرابلس، لكن كلا البلدين لم يقرا بذلك علنا.
وبعد 3 سنوات ونصف من الإطاحة بالعقيد «معمر القذافي»، تتقاتل جبهتان من أجل السيطرة على السلطة الليبية ومواردها الهائلة، بما في ذلك حقول النفط غير المستغلة وساحل البحر الأبيض المتوسط المقابل لأوروبا ونحو 100 مليار دولار من الاحتياطات النقدية.
وفي غياب حكومة فعالة أو قوة مهيمنة، تحول الصراع في ليبيا إلى حرب بالوكالة متعددة الجوانب، حيث تدعم بعض الدول العربية المتنافسة المليشيات والجماعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة وتنظيم «الدولة الإسلامية» المتمدد، فيما تشعر الحكومة المصرية بقلق متزايد إزاء التحالف الذي يضم الإسلاميين المعتدلين والمتطرفين ومليشيات إقليمية سيطرت على العاصمة الليبية العام الماضي وأنشأت حكومة خاصة بها.