العزلة السياسية قد لا تجدي نفعا في مواجهة الحوثيين في ظل الدعم الإيراني والروسي

الأربعاء 18 فبراير 2015 01:02 ص

وضعت عملية إغلاق السفارات الأجنبية في صنعاء خلال الأسبوعين الماضيين - بما في ذلك سفارات دول من اللاعبين الرئيسيين في المنطقة مثل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - الحوثيين تحت ضغط دولي متزايد باتوا معه أقرب إلى العزلة.

وهناك دعوات متزايدة بأن يعمل الحوثيون مع الجهات الفاعلة الرئيسية الأخرى لحل الأزمة السياسية التي أوجدوها بوضع الرئيس ورئيس الوزراء وبعض أفراد الحكومة اليمنية تحت الإقامة الجبرية المشددة.

ورغم ذلك فقد ترك هذا الضغط الدبلوماسي الثقيل اليمنيين في حالة من الضبابية حول المسار والوجهة التي تتجه إليها بلادهم.

وباختصار، فإن اليمنيين يتساءلون عما إذا كانت الحرب الأهلية باتت أمرًا لا مفر منه. ويخشى اليمنيون أن تهديد مجلس التعاون الخليجي بقطع جميع المساعدات الاقتصادية لليمن إلى جانب العزلة الدولية التي لم يسبق لها مثيل سوف يعجل بسقوط البلاد ويجبر جميع الأطراف على تسوية الخلافات السياسية عن طريق العنف.

وهناك شكوك متنامية بين اليمنيين أن «جمال بن عمر» - مبعوث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن - يمكنه أن يقنع جميع أصحاب المصلحة للتفاوض وتحقيق اتفاق دائم وفعال لاستعادة الاستقرار السياسي. وتتضاءل الثقة باستمرار، والكثير من سكان صنعاء يفرون الآن من العاصمة، ومن المتوقع أن تزداد أعدادهم بشكل كبير إذا لم يكن هناك حل وشيك.

وبالنسبة لكثير من المواطنين؛ فإن خطر نشوب حرب أهلية يلوح في الأفق مما لا شك فيه في صنعاء ومناطق أخرى من اليمن. والمفتاح لاستعادة أملهم هو وساطة إيجابية وبناءة من قبل المجتمع الدولي لإنهاء النزاع.

أهم أصحاب المصلحة في المجتمع الدولي في هذه المرحلة فيما يتعلق باليمن هم دول مجلس التعاون الخليجي وإيران. أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي - باستثناء قطر - لم يولوا اهتمامًا كافيًا للنفوذ الإيراني المتزايد في اليمن من خلال الحوثيين.

المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - على وجه الخصوص - كانوا أكثر انزعاجًا من صعود «التجمع اليمني للإصلاح» - الحزب السياسي الإسلامي الرئيسي في اليمن - إلى السلطة، وينظرون إليه ضمن السياق الأوسع لتمكين جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة بعد اندلاع سلسلة من الانتفاضات الشعبية في بعض العواصم العربية.

واعتمدت كل هذه الجهات الفاعلة الرئيسية من مجلس التعاون الخليجي على سياسات احتواء الانتفاضة العربية؛ وخاصة الإسلاميين في بلدان مثل مصر واليمن.

وفي اليمن؛ تتجاهل كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة صعود الحوثيين وهزيمة مناصريهم التقليديين - عائلة آل الأحمر واللواء «علي محسن الأحمر» - الذين هم أيضًا حلفاء رئيسيين للتجمع اليمني للإصلاح.

ويُنظر إلى المواجهة العسكرية المرتقبة بين الحوثيين والإصلاح على أنها سياسة احتواء مزدوجة من شأنها أن تؤدي إلى إضعاف كلا الجانبين.

ومع ذلك فقد استجاب التجمع اليمني للإصلاح من خلال التأكيد على أنه مجرد حزب سياسي وأن مسئولية الدفاع عن صنعاء عسكريًا هي وظيفة حكومية. وهذه الخطوة السياسية غير المتوقعة من قبل التجمع اليمني للإصلاح ساعدت الحوثيين في تحقيق تقدم سياسي ضخم أعقبه السيطرة على العاصمة صنعاء يوم 21 سبتمبر/أيلول 2014.

وبناءً عليه، فإن أحدث البيانات الوازرية لدول مجلس التعاون الخليجي والتي طالبت باعتماد الفصل (7) - تفويض من مجلس الأمن الدولي باستخدام القوة - يُعتبر ضئيلاً جدًا ومتأخرًا كثيرًا.

ويتلقى الحوثيون الآن علنًا مساعدات عسكرية من إيران، ويبدو أنهم أقل قلقًا إزاء تداعيات زيادة العزلة الدولية.

ومع ذلك؛ فإن الجهات الفاعلة من دول مجلس التعاون الخليجي - وخاصة المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة - ما زالت قادرة على مواجهة النفوذ الحوثي في اليمن من خلال توفير الأسلحة والدعم المالي لقوات مناهضة للحوثي في حاشد ومأرب والمناطق الرئيسية الأخرى.

والمفارقة المحزنة هي أنه على الرغم من أن هذا قد يمنع الحوثيين من السيطرة على كل اليمن، إلا إنها بالتأكيد ستُدخل البلاد في حرب أهلية شاملة.

هل ستقدم دول مجلس التعاون الخليجي الدعم المالي والعسكري للمعارضة اليمنية لردع الحوثيين؟ من الصعب التكهن بذلك، لكنه في بعض الأحيان يكون صحيحًا أن المعارك الكبيرة هي التي يتحقق فيها الانتصار من دون قتال.

وفي الآونة الأخيرة؛ أبدت روسيا اهتمامها بشدة بشأن اليمن. ويبدو أن روسيا تسعى إلى البحث عن دور جديد في المنطقة، لا سيما في ضوء زيادة التحديات والصعوبات الأمريكية منذ غزو العراق في عام 2003 وصعود «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا.

وفي الوقت الذي أصرت فيه روسيا على دعمها لنظام «بشار الأسد» في سوريا وصمدت في ذلك طوال الفترة الماضية، فإنها في الوقت ذاته تصل إلى دول عربية أخرى مثل مصر والسودان.

وأبقت روسيا سفارتها مفتوحة في اليمن، وربما تعمل على منع تفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة باستخدام القوة العسكرية ضد الحوثيين في البلاد.

وقد تبسط روسيا مظلة تعاونها مع إيران من سوريا إلى اليمن. وإذا كان لهذا التنسيق الروسي الإيراني أن يتحقق على أرض الواقع في اليمن، فإنه سيكون بمثابة تشجيع للحوثيين باتخاذ موقف أكثر صرامة ضد المجتمع الدولي، ومع ذلك؛ فإن الطريقة الوحيدة الممكنة التي تجعل الحوثيين يتراجعون عن الإعلان الدستوري الذي أعلنوه من جانب واحد ويرضخون للضغط السياسي الدولي سيكون في حالة اقتران الطلب العالمي باحتجاجات شعبية واسعة النطاق ضد الحوثيين في اليمن.

وهذا قد يؤدي إلى بعض أعمال العنف؛ وخاصة أن الحوثيين يفتقرون إلى المهارات الشُرطية والموارد اللازمة لمواجهة مثل هذه الاحتجاجات. وبنظرة تفاؤل؛ فإن هذا قد يدفع الحوثيين للعمل مع أصحاب المصلحة الآخرين على التوصل إلى اتفاق سياسي.

هل قبول الحوثيين أي نوع من التسوية السياسية يعني بداية السقوط لهم؟ الجواب: بالتأكيد نعم.

النصر العسكري السريع للحوثيين - بكل تأكيد بدعم من الموالين للرئيس السابق «علي عبد الله صالح» في الجيش - قد يشير إلى إمكانية تقهقر عسكري أسرع بالنظر إلى أن «صالح» يبدو الآن أنه على غير اتساق مع الحوثيين.

لهذا السبب، ما لم تشارك روسيا وإيران مباشرة في الضغط السياسي العام ضد الحوثيين، فإنهم قد لا يرون بديلاً للوقوف ضد الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي تجاهل الضغوط الدولية والعزلة.

المصدر | جمال جاسم، الجزيرة

  كلمات مفتاحية

اليمن إيران روسيا السعودية الحوثيين التجمع اليمني للإصلاح

مصدر خليجي: دول مجلس التعاون تدرس فرض عقوبات اقتصادية على اليمن

خاص لـ«الخليج الجديد»: السعودية تعيد الاتصال بالإخوان في اليمن وتسقبل وفدا قياديا بـ«الإصلاح»

مسلسل غلق السفارات في اليمن يتواصل بانضمام السعودية وألمانيا وإيطاليا

نيويورك تايمز: الرجل الثاني في الحوثيين يمد يده للتعاون مع الولايات المتحدة

«القدس العربي»: الانقلاب الحوثي أدخل اليمن نفقا مظلما ومنح إيران ورقة قوة إقليمية إضافية

نيويورك تايمز: الحوثيون يمدون صلاتهم بالخارج بينما يكرسون سلطتهم في اليمن

الرئيس اليمني يعلن استقالته: عانينا من «خذلان فرقاء العمل السياسي»

الحوثيون وتشظي اليمن

«نيويورك تايمز»: المتمردون الحوثيون يتهمون السعودية بإشعال الفتنة لتقسيم اليمن

الحوثيون يوقعون اتفاقا لتسيير 14 رحلة طيران أسبوعيا من صنعاء إلي إيران

«فورين بوليسي»: هل تصبح اليمن سوريا ثانية؟

نقد الأخطاء الحوثية .. من أجل التوافق والشراكة

«هافينغتون بوست»: إيران حذرت «الحوثيين» من السيطرة على صنعاء

اليمن: الحوثيون مستاؤون من إيران.. وطهران تعتبرهم «أدوات غير منضبطة»