شاهدت على قناة «العالم» الإخبارية الإيرانية عبر موقعها في الشبكة العنكبوتية مقطع فيديو كان قد بثه تنظيم «الدولة الإسلامية» أمس السبت يظهر فيه رجل ملثم يقف على قمة الجبال المطلة على برج الساعة والحرم المكي في السعودية، يرتدي نظارات شمسية، ويدعى «فتى الجزيرة»، يبايع فيه التنظيم وخليفته «أبابكر البغدادي».
الرجل في الفيديو الذي يبدو وأنه مصور بكاميرا المحمول، قال أنه أصبح هناك غضب من أهل السنة بعد حالة الحرب في سورية والعراق، وأضاف أن الناس بدأوا ينفرون، وعينوا خليفة للمسلمين ليطبق الشريعة، فتكالب عليه الغرب بمعاونة حكام الخليج العربي بحجة محاربة الإرهاب، وتعاونوا معهم إلى الآن، مشيراً إلى أن الإعلام التابع لهؤلاء الذين ذكرهم يحاول تشويه صورة التنظيم، مؤكداً أن الغرب يعلم أن الخلافة ترعبهم، وهي التي بشر بها النبي بآخر الزمان.
اللافت في المقطع المصور أن فتى الجزيرة الملثم هذا كان يتصرف بكل ثقة وأريحية، ولم نشعر أو أشعر كمشاهد أبداً أنه مرتبك وخائف من أن يعرفه أو يراه أحد وأقصد هنا حوله في زمان ومكان تصويره والتقاطه للفيديو، كما أنه لم يسارع للانتهاء من كلامه الذي حرص فيه على استعراض كامل النقاط التي أراد التطرق لها، والتي جاء على رأسها مبايعة الخليفة «البغدادي» على السمع والطاعة، ودعوته المسلمين كافة إلى إعلان البيعة!
هذا الفيديو، وإن قل مثيله قد يدق ناقوس الخطر الفعلي بالنسبة للسلطات السعودية التي أعلنت أنها تتحقق من صحته، وتنفي باستمرار تأثر أوساط مجتمعها المحلي وخاصة الشبابي منه المؤثر والفعال بالأفكار الضالة، السلطات بدت في الفترة الأخيرة حريصة كل الحرص على تثقيف وتوعية شبابها السعودي من خطر الجماعات والتنظيمات الإسلامية المتطرفة، وعلة ومصيبة وعقوبة الانضمام لها من خلال المؤتمرات والندوات والمحاضرات التي يلقيها كبار دعاة ومشائخ الحجاز النفطية.
ورغم التوحش الدموي الذي تقدمه «الدولة الإسلامية»، وصورتها المرعبة التي تحرص على الحفاظ عليها في قلوبنا وعقولنا، وتحاول الدول الغربية توظيف ذلك علها توجه لها ضربة معنوية على الأقل بجانب الضربات الجوية، يبدو أن هنالك من يرى في تلك الدولة ورجالاتها على عللها وإرهابها المخلص الشرعي والوحيد من الظلم السياسي والاقتصادي والاجتماعي الواقع عليه من أنظمته العربية الفارهة التي لا يرى البعض في سيادتها نداً للدول الغربية العظمى التي تتحكم في إرادة وثروات بلاده.
وما طلبه الفتى الملثم في ختام مقطعه ممن لا يملكون السلاح ولا يستطيعون النفير إلى أرض الخلافة أن يكونوا مجموعات ويتظاهروا أمام المحاكم والسجون، يوصلنا إلى تلك التراكمات والرغبة في القيادة والتحرر في ظل «تنظيم الدولة» الذي بنظرهم يحكم بالإسلام، ويريده أن يكون مظلة عواصمنا العربية، وهناك باعتقادي عدة أسباب خفية يجب على الحكومات معرفتها ومعالجتها، وقد يجيب عنها الفتى المذكور، فهو مستعد للرد على أي استفسارات بـ«تويتر» حول تأييده للتنظيم كما قال!