سباق التسلح في الخليج .. من المستفيد؟

الأربعاء 18 مارس 2015 11:03 ص

«عالم سري .. صفقات بمليارات الدولارات.. تحيطها في كثير من الأحيان شبهات تتعلق بالصفقات وتأجيج الصراعات في مناطق عديدة حول العالم للدخول في سباق تسلح».. تلك هي مافيا تجارة وتصدير السلاح التي تتحكم فيها الشركات العملاقة المنتجة للأسلحة بالدول الكبرى والمتحكمة فيه وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، ذلك العالم «السري» آثاره كارثية على الدول العربية وبخاصة دول الخليج.

فرغم ما تعانيه من أزمات اقتصادية وفشل في بناء اقتصاد إنتاجي وصناعي وأزمة بطالة وغموض بل مخاوف مرعبة في ظل انهيار أسعار النفط وتناقص مخزونه بالمستقبل، ظلت دول الخليج تعطي أولوية الإنفاق فيها على الهواجس الأمنية القائمة والمحتملة.

وأصبحت النزاعات الإقليمية والحرب على «الإرهاب» وتنظيم الدولة المعروف باسم «داعش» وتأجيج النزاعات الطائفية والتوترات الحدودية وسباق التسلح النووي المرتقب ووأد ثورات الربيع العربي مصيدة تنصبها الدول الكبرى لاستنزاف ميزانيات دول الخليج ووقف أي عملية تنموية محتملة لتصبح شعوبها الخاسر الأول أمنيًا واقتصاديًا بنزاعات وحروب متجددة لا تنتهي.

ومن الحرب على العراق إلى الحرب على «داعش» ومن فزاعة «صدام حسين» إلى فزاعة إيران بينهما دول خليجية فشلت حتى في بناء جيش نظامي قادر على حماية حدودها وعمقها الأمني والاستراتيجي بينما تقدم الدعم المالي بدفع فاتورة الحرب من أموال النفط، وتخوض حروبا إقليمية بالوكالة لصالح الدول الكبرى بينما أمنها الداخلي مفقود، كما يرى محللون.

ويفتح هذا الملف الشائك مجددًا حقائق تقرير نشره، أمس الاثنين 16 مارس، «معهد أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم» (سيبري) كشف أن «صادرات الأسلحة إلى الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي قفزت بنسبة بلغت حوالي 70% خلال الفترة من 2005 - 2009 وحتى 2010 - 2014، ما يمثل 54% من إجمالي واردات الأسلحة إلى الدول في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة من 2010 – 2014».

وأكد التقرير أن «الدول في مجلس التعاون الخليجي - الذي يضم ستة أعضاء هي البحرين والكويت وعمان وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية - استثمرت بكثافة في ترساناتها من عام 2010 حتى عام 2014، وجميع الدول الست يمكن أن تكون أسواقًا مربحة للأسلحة البريطانية».

وأوضح التقرير أن «الولايات المتحدة الأمريكية شكلت ما يقرب من نصف إجمالي مبيعات الأسلحة إلى منطقة الشرق الأوسط، يليها روسيا والمملكة المتحدة»، مشيراً إلى أن أكبر مُصدري السلاح في العالم في السنوات الخمس الماضية الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا.

وهي نفسها الدول الكبرى المشاركة بمفاوضات الملف النووي الإيراني والتي تتجه إلى اتفاق وشيك يبدو أنه سيدخل المنطقة في سباق جديد للتسلح النووي يستنزف ميزانيات دول الخليج النازفة أصلا بسبب أزمة هبوط أسعار النفط حيث بلغت خسائر دول مجلس التعاون الخليجي بسبب انخفاض النفط حوالي 300 مليار دولار بحسب ما أكده د.رضي المرزوقي مستشار إدارة الشرق الأوسط وأسيا الوسطى بصندوق النقد في 2 فبراير 2015.

ولم تعد فقط أمريكا مصدرة للسلاح بل تدير مسرح العمليات العسكرية من داخل دول الخليج نفسها بإشعال الحروب الإقليمية والطائفية والمذهبية وآخرها الحرب بين السنة والشيعة بالعراق وسوريا.

صادرات السلاح قبل حقوق الإنسان

وأوضح «بيتر ويزمان» - كبير الباحثين في معهد «سيبري» - أن: «البلدان الخليجية الستة زادت قدراتها التسليحية بوتيرة سريعة من خلال استيراد الأسلحة المتطورة من الولايات المتحدة وأوروبا بين عامي 2010 و2014، ومن المقرر أن تتلقى دول الخليج - جنبًا إلى جنب مع مصر والعراق وإسرائيل وتركيا في الشرق الأوسط - طلبات أخرى كبيرة من الأسلحة الرئيسية في السنوات المقبلة».

وكشف تقرير «سيبري» أن «المملكة العربية السعودية زادت من امتلاك أنظمة الأسلحة الرئيسية أربعة أضعاف بين عامي 2010 و2014 مقارنة مع السنوات الخمس السابقة، وذلك عن طريق استيراد طائرات هليكوبتر وعربات المدرعة وطائرات المقاتلة، وتعد دولة الإمارات هي أيضًا من بين أكبر خمسة مستوردي الأسلحة في العالم».

ولفت التقرير إلى أن الحرب على «التنظيمات الإرهابية»، وفي مقدمتها «داعش» في سوريا والعراق، وجماعة «بوكو حرام» بنيجيريا ، كان لها دور كبير في إعادة صياغة حركة تجارة الأسلحة في العالم، خاصةً في منطقة الشرق الأوسط.

وبحسب تقرير «سيبري» فإنه على الرغم من القلق بشأن ملف حقوق الإنسان ودعم نظم غير ديمقراطية، باعت الحكومة البريطانية طائرات «تايفون» للسعوديين، وتروج حاليًا لبيع مزيد من الأسلحة إلى سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة والبحرين، كما لا تزال المملكة المتحدة أكبر مورد للأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.

الحرب على الإرهاب تدر ذهبًا لشركات السلاح

من ناحية أخرى تشكل حملة الضربات الجوية في العراق وسوريا التي تشنها الولايات المتحدة على رأس ائتلاف دولي، فرصة ذهبية لصانعي الأسلحة الأميركيين.

فقد قال «ريتشارد أبو العافية»، نائب رئيس مجموعة تيل غروب للاستشارات، في أكتوبر 2014 «إنها الحرب المثالية للشركات التي تتعامل مع الجيش وكذلك للمطالبين بزيادة الأموال المخصصة للدفاع».

فحملة الضربات الجوية على تنظيم «داعش» تعني في الحقيقة نفقات بملايين الدولارات لشراء قنابل وصواريخ وقطع غيار للطائرات، وتؤمن حججاً إضافية من أجل تمويل تطوير طائرات فائقة التقدم من مقاتلات وطائرات مراقبة وطائرات تموين.

وبدأت أسهم الشركاء الرئيسيين للبنتاغون في الارتفاع في البورصة منذ أن أرسل الرئيس «باراك أوباما» مستشارين عسكريين إلى العراق في يونيو، وواصلت ارتفاعها لاحقاً مع بدء الضربات الجوية في العراق في مطلع أغسطس 2014.

لا عزاء للفقراء.. السلاح أهم من التنمية!

وبحسب مركز الخليج لسياسات التنمية في «تقرير الخليج 2014 الثابت والمتحول» يتمثل جوهر الخلل الأمني في عدم مقدرة دول مجلس التعاون الخليجي على الدّفاع عن نفسها وتأمين حمايتها عسكريّاً، وهو الأمر الذي جعلَ كلا منها تجد "أمنها" في التّحالف مع دول عظمى، وإعطائها تسهيلات عسكريّة من أجل حماية نفسها، إلا أن جوهر الخلل جاء بسبب عدم قدرة دول المجلس في التصدي لأية تهديدات لأمنها بنفسها.

وهناك تساؤلات مطروحة حول دور وقدرة وجاهزيّة الجيوش المحلّية؟، ولماذا يتم الإنفاق عليها بهذه الطريقة وهي لا تستطيع القيام بدورها؟ ولماذا لا تصرف هذه الأموال الضخمة على التنمية ومن أجل الارتقاء بالشعوب في جميع المجالات الصحية والتعليمية والخدمات العامة.

وكشف تقرير صادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية في لندن في يوليو 2014 ، «أن إجمالي صفقات الأسلحة في العالم العربي خلال 2013 بلغ نحو 165 مليار دولار»، منبهًا إلى «أن الإنفاق على التسليح في المنطقة زاد في أعقاب أحداث الربيع العربي بمعدل مرتفع، حيث بلغ متوسط ​​الإنفاق على الأسلحة خلال الفترة من 2002 إلى 2010 مبلغ 70 مليار دولار سنوياً، ولكنه زاد على ذلك بكثير في العامين الماضيين ووصل إلى 100 مليار دولار سنويًا»، محذرًا من أن «الإنفاق على التسليح في المنطقة العربية لا يتناسب مع احتياجات تنميتها».

وأشار إلى أن الزيادة الكبيرة في عدد السكان، والتي من المتوقع أن تصل إلى أكثر من 450 مليون نسمة عام 2025، تفرض تحديات كبيرة للحكومات في المنطقة العربية، أما الفجوة الغذائية التي تقدر بحوالي 145 مليار دولار تحتاج تطوير الاستثمارات في مجال الزراعة والموارد المائية، كذلك تحتاج الدول العربية إلى استثمار أكثر من 200 مليار دولار في الري وتأمين مصادر المياه العذبة حتى عام 2023، وهو ما يعادل فقط من نسبة الإنفاق المتوقع على الأسلحة خلال تلك الفترة.

ووفقا للتقرير، فإن ميزانية الأسلحة لعام 2013 تكفى لإعطاء جميع الفقراء والعاطلين عن العمل في المنطقة العربية مبلغ ألف دولار وفائضاً بقيمة 5 مليارات دولار يكفى لعدد من مشاريع التنمية.

  كلمات مفتاحية

مافيا السلاح شركات عملاقة الدول الكبرى الولايات المتحدة الأمريكية عالم آثار كارثية الدول العربية دول الخليج

سباق التسلح في العالم العربي .. لماذا؟

السعودية تحتل المركز الثالث عالميا في الإنفاق العسكري لعام 2014 بـ80 مليار دولار

سباق التسليح في الشرق الأوسط: السعودية الأكثر إنفاقا تليها تركيا والإمارات

دراسة أمريكية: هبوط أسعار النفط يؤثر على الإنفاق العسكري عالميا

الإمارات تنتقل من استيراد السلاح إلي تصنيعه ثم التجارة والاستثمار فيه (1 - 2)

الإنفاق العسكري السعودي يتجاوز إنفاق الدول الكبرى

«فاينانشيال تايمز»: السعودية تسعى لزيادة الإنفاق العسكري بنسبة 27% خلال 5 سنوات

وهن الجيوش العربية

«الاحتواء الجديد»: استراتيجية أمريكية للأمن الإقليمي بعد الاتفاق النووي

«ناشيونال إنترست»: أفضل خمس شركات دفاعية في العالم

الكويت تسحب 20 مليار دولار من الاحتياطي كمخصصات للتسليح خلال 10 سنوات

الإنفاق الدفاعي الخليجي ينخفض لأول مرة منذ 10 سنوات

«العطية»: تكامل منظومات الدفاع العربي مهم لمواجهة المخاطر بشكل جماعي

‏تقلص فجوة التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا والصين

إيران وليست «التهديدات الإرهابية» هي المحرك الأول للإنفاق العسكري الخليجي