أثار تدخل السفارات لدى دولة الكويت من توجيهات للحكومة بملاحقة المغردين والناقدين لسياسات دولها، أثار حفيظة الرأي العام سواء داخل الكويت أو خارجها.

ولم يكن مشهد تعرض المغردين في الكويت لشكاوى وملاحقة جهات حكومية، حدثا طارئا، بل أصبح متكررا في الأونة الأخيرة وخاصًة منذ بدء استخدام «تويتر» بشكل كبير في دول الخليج قبل سنوات قليلة، غير أن الجديد في الأمر أن تتدخل السفارات وتطرق باب وزارة الخارجية للشكاوي من مغردين ونشطاء كويتيين، ويبدأ المغردون بالمثول أمام جهاز أمن الدولة وأمام النيابة العامة بناءً على تلك الشكاوى.

وأصبحت الكويت أصبحت أكثر الدول ملاحقة قانونية لمستخدمي موقع «تويتر»، بحسب تقرير سابق لـ«الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان». 

وخلال الأيام القليلة الماضية، لاحقت السلطات الكويتية العديد من النشطاء والمغردين بناء علي شكاوي من السفارات لديها بشكل عام، وسفارة السعودية والإمارات بشكل خاص.

وضمن أبرز الملاحقين قضائيا بسبب الإمارات، البرلماني السابق «مبارك الدويلة» أحد المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، الذي قدمت سفارة الإمارات شكوى ضده بسبب تعليق كتبه عن اعتقال إسلاميين، وكذلك ضد الصحفي «حامد بو يابس» الذي حُكم عليه بالسجن بسبب تغريدات عن أبوظبي اعتبرتها الإمارات «جارحة».

أما سفارة السعودية، فتسببت في اعتقال عدة نشطاء مؤخرا، منهم رئيس حزب الأمة الكويتي، الدكتور «حاكم المطيري»، الذي جرى احتجازه لأيام قبل الإفراج عنه بكفالة 2000 دينار علي خلفية شكوي من السفارة السعودية بسبب تعرضه بالإساءة لها في سياق إحدي المقابلات التلفزيونية، بحسب السفارة.

كما احتجز الناشط المعارض «طارق المطيري»، رئيس الحركة الديموقراطية المدنية «حدم»، ليومين قبل الإفراج عنه بكفالة بعد اتهامه بذات التهمة وهي «الإساءة للسعودية»، وقبل أيام اعتقلت قوات الأمن الكويتية، الناشط والمعارض الكويتي «عبدالرحمن العجمي» على خلفية شكوى مقدمة بحقه من السفارة السعودية بالكويت.

كذلك قدمت السفارة المصرية شكوى ضد النائب السابق «صالح الملا»، الليبرالي، والنائب السابق «ناصر الدويلة» بسبب انتقادات وجههاها إلى الأوضاع الحالية في مصر، واشتكت السفارة البحرينية النائب «عبدالحميد دشتي» الشيعي المحسوب على الحكومة، بسبب تغريدات وتصريحات هاجم فيها مسؤولين في المنامة وحرّض على ثورة ضد نظام الحكم البحريني.

وبالنسبة للسفارة الإيرانية، فقد دخلت على الخط فاشتكت الكاتب الشيعي في صحيفة «القبس» «أحمد الصراف»، وذلك على خلفية مقال انتقد فيه الإمام «الخميني» وهو ما تعتبره طهران عادة أمرا محرما، وكان «الصراف» قد كتب كذلك تغريدات ناقدة للنظام الإيراني، وأصدرت النيابة العامة نهاية الأسبوع الماضي أمر ضبط وإحضار بحقه حين يعود إلى الكويت من سفره الحالي.

وتُعتبر شكاوى السفارات سابقة أولى من نوعها في الكويت فقط، حيث لم تكن الحكومة تجد مشكلة في ضبط وسائل الإعلام المحلية فيما يتعلق بانتقاد الدول الأخرى، وقد اعتاد الأمير الشيخ «صباح الأحمد» عندما كان وزيراً للخارجية أن يقول لرؤساء التحرير لدى اجتماعه بهم: «انتقدونا كما تشاؤون ولكن ابتعدوا عن تجريح الحكومات الأخرى».

وحول ذلك المشهد، كتب المغرد الذي يرمز إلى نفسه باسم «بو سارة» أمس ساخرا، أنه يفكر بمسح تغريداته المناصرة للثورة السورية خلال 4 سنوات «خوفاً من أن تعود العلاقات مع بشار وتشتكي عليّ وزارة الخارجية».

كما علّق أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، الدكتور «شفيق ناظم الغبرا» على ظاهرة شكاوى السفارات بتغريدة قال فيها «في عصرنا لم تعد السياسة الخارجية حكراً على الدولة، بل يتشارك في الرأي كل المجتمع، ولم يعد نقد الساسة أمراً يمكن إيقافه. الرأي العام قوة متصاعدة».

من جانبها، عقبت الناشطة الحقوقية الكويتية «هديل بوقريص» على حملة الاعتقالات التي تشنها سلطات الكويت علي المغردين مؤخرا، قائلة: «الحملة الأمنية بدأت بالتصاعد بشكل طردي، والكويت أصبحت تسجل أعلى حالات إعتقال أو إلقاء  قبض على خلفية تغريدات عبر مواقع التواصل الإجتماعي في المنطقة»، مشيرة إلى أن «المشكلة في الكويت تتصدرها أزمة الكلمة الحرة والرأي المستقل»، كما طالبت باحترام المعاهدات التي وقعت وصادقت عليها دولة الكويت التي تكفل حرية الكلمة والرأي وقبل ذلك الدستور الذي عزز مكانة الحريات وحرص على تمتع الجميع بها داعيا للمساواة والحرية والعدالة.