«ميدل إيست آي»: إعدام قيادات الإخوان جزء من لعبة العصا والجزرة بين «سلمان» و«السيسي»

الأربعاء 25 مارس 2015 10:03 ص

قال موقع «ميدل إيست آي» البريطاني أن «السيسي» والملك «سلمان» يلعبان سويا لعبة «العصا والجزرة»، وأن «السيسي»، الذي يواجه ضغوطا سعودية للتصالح مع الإخوان بحكم حاجة الملك لفرعهم في اليمن لمعاونته في التصدي للحوثيين، استقبل فريقًا من الحوثيين في القاهرة في يوم لقائه الملك «سلمان» في الرياض كنوع من استخدام «سياسية العصا».

الموقع قال في تقرير تناول فيه احتمالات إقدام الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» علي إعدام قادة جماعة الاخوان المسلمين بعد صدور أحكام ضد بعضهم، أن «لعبة سلمان تتمثل في دفع السيسي بعيدا عن المعسكر الإيراني، وفي الوقت نفسه إجباره على التصالح مع الإخوان»، ولكنه قال: «إن السيسي في حاجة ماسة إلى المال، لكنه لا يستطيع تحمل السماح بعودة الإخوان المسلمين إلى الحياة السياسية، ولهذا حاول السيسي ممارسة سياسة العصا مع السعوديين، واستضاف الحوثيين، وهذا مؤشر علي لعب السيسي سياسة العصا مع السعوديين أيضا».

«ميدل ايست آي» خلص في تقريره إلي أن «السيسي» وفي سبيل التخلص من الضغوط السعودية ربما يسعي لاستغلال أحكام الاعدام التي صدرت علي قادة الإخوان في إجبارهم علي تقديم تنازلات بما يجعله يعلن عبر إعلامه أنهم أجروا مراجعات أو أنهم ليسوا كلهم واحد وبينهم المعتدل بخلاف المتطرف.

وأشار أن المشكلة أن الإخوان غالبا سيرفضون التنازل للسيسي ما يعني مزيدا من الصدام علي عكس رغبة السعودية، ما قد يودي إلى تحول مصر إلي مركز للعنف حال تم إعدام قادة الاخوان.

وفيما يلي ترجمة للتقرير

من أجل ترسيخ العلاقات المصرية السعودية في ظل المناخ السياسي الحالي، ينبغي على «السيسي» التصالح مع الإخوان المسلمين، ولكن في العالم العربي اليوم، تتزايد صعوبة عزل المشاكل الداخلية لدولة معينة عن الديناميكيات الإقليمية والدولية.

ولا تمثل مصر استثناءا عن تلك القاعدة، حيث شهدت الدولة الشرق أوسطية دورا إقليميا جوهريا في كيفية اتخاذ رئيس انقلاب 3 يوليو/تموز العسكري قراراته.

 كيف سيتعامل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع قيادات الإخوان على ضوء أحكام الإعدام الصادرة ضدهم عبر مجموعة من القضاة يُنظر إليهم كموالين للنظام؟، جزء كبير من الإجابة على ذلك السؤال يتوقف على مدى فهم الديناميكيات الإقليمية الجديدة التي تتشكل، فنظام «السيسي» يستميت من أجل المال إلى حد يهدد بقاءه، حيث يعيش على المساعدات الخليجية منذ حوالي 20 شهرا، بالرغم من ازدرائه قادة الخليج، وأفاضت دول السعودية والكويت والإمارات على نظامه بما يزيد على 30 مليار دولار، من أجل الإبقاء على اقتصاده واقفًا على قدميه، ورغم ذلك، أُنفقت تلك الأموال دون خطة تنمية اقتصادية.

 والآن يطلب النظام المزيد من الأموال من أجل تسيير الأمور وتفادي سخط شعبي كبير، وجاءت تلك الأموال خلال مؤتمر «مصر المستقبل» في شرم الشيخ، ومن أجل الحفاظ على تدفق الأموال السعودية إلى مصر، يحتاج «السيسي» إلى تقديم سياسات جديدة للمملكة تحت قيادة العاهل السعودي الجديد «سلمان بن عبد العزيز».

 فالمملكة السنية مهددة من الحوثيين الشيعة على الحدود مع جارتها اليمن، كجزء من هيمنة وتوغل إيران المتزايدين، ولكي تنجح في مجابهة التهديد، يحتاج «سلمان» إلى صياغة ائتلاف قوي مع الفرع اليمني من جماعة الإخوان المسلمين، وهو أمر لا يستطيع سلمان تحقيقه ما لم يرفع نظام «السيسي» قبضته الوحشية على إخوان مصر.

أسئلة جوهرية

ولكن لماذا سيدعو الحليف الأمريكي القوي إلى تشكيل تحالف مع جماعة إسلامية دعمت الولايات المتحدة محوها من السلطة عام 2013؟  وهل يمكن أن تدعم الولايات المتحدة الضغط الدولي لمساعدة الرئيس اليمني السني الشرعي على استعادة السلطة بحيث تضمن الحفاظ على حليفتها النفطية المملكة السعودية؟

هنا تثار تساؤلات حول التعقيدات التي تشوب التحولات السياسية الإقليمية، فالتهديد الرئيسي الحالي ضد المصالح الأمريكية في العالم العربي يتمثل في الحركات المسلحة الإسلامية، التي تهدد الاستقرار في العراق واليمن وليبيا، ولكي تتمكن من التدخل على نحو مؤثر، شكلت الولايات المتحدة الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، كجزء من مغامرة بلا نهاية عنوانها «الحرب على الإرهاب».

ولكن المسلحين الإسلاميين المتطرفين هم الهدف الحقيقي وراء تلك الحرب في المنطقة، وليس الأمر قاصرا على العراق، وهو ما أوضحه «أوباما» بقوله: «سنصطاد الإرهابيين الذين يهددون أمننا القومي حيثما كانوا»، كما أن الرئيس الأمريكي يسعى بشدة لتأمين موافقة الكونجرس على مد الحرب.

ولأن إدارة أوباما ترفض وضع قوات برية أمريكية على الأرض، وليس بإمكانها أن تفعل للعراقيين ما ينبغي أن يفعلوه لأنفسهم، فإنها تستغل في سبيل ذلك قوات عراقية محلية لمجابهة «داعش».

 والمدهش أن إيران هي الحليفة الأمريكية الأقوى على الأرض في تلك الحرب، ونظرا لعدم وجود شيء مجاني في عالم السياسة، فإن المقابل الذي أخذته طهران هو إعادة التفاوض على برنامجها النووي، وإطلاق يدها في المنطقة، وكانت اليمن أحد ضحايا ذلك الاتفاق.

السوريون أيضا هم ضحية أخرى لهذه الحرب بسبب الدفع الأمريكي الأكثر احتمالا للتصالح بدلا من إقصاء «الأسد»، وأحد الأدلة على ذلك تلك التعليقات المثيرة للجدل لوزير الخارجية «جون كيري» والتي أعلن فيها أن المسؤولين الأمريكيين ينبغي أن يتفاوضوا مع «الأسد» ولكن الخارجية الأمريكية تنصلت بعد ذلك من التعليق مكتفية بالقول إن الضرورة تقتضي دائما وجود ممثلين عن نظام «الأسد»، ليكون جزءا من العملية.

السعوديون على خط الدفاع

مع التمدد الإيراني المستمر والصفقة المحتملة المتعلقة ببرنامجها النووي، تبدو السعودية في موقف المدافع، لا سيما وأن الولايات المتحدة وحلفاءها يقفون جنبا إلى جنب مع روسيا في مساعدة إيران، عدوها الشيعي اللدود.

ولذلك يبحث «سلمان» عن حلفاء آخرين من أجل الدعم، ولذلك فإن شكلا جديدا للشرق الأوسط في سبيله للنمو، حيث تصطف كل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران وسوريا والعراق ولبنان واليمن في جانب، بينما يقف على الجانب الآخر كل من السعودية ومعظم دول الخليج وتركيا وقطر مع تعاون إسرائيلي محتمل.

لكن لا يمكن وصف تلك التحالفات بالدائمة، بل هي تغييرات تكتيكية لتحقيق هدف معين لا أكثر ولا أكثر، لذلك يحاول «سلمان» توسيع نطاق هذا التكتل الجديد بقدر ما يستطيع من أجل مواجهة إيران، وهو ما يمثل تغييرا في السياسات على نحو يتجاوز سلفه «عبد الله» الذي كان يرى الحركات الإسلامية المسلحة هي التهديد الرئيسي الذي يجابه المملكة.

أما «حماس»، التي تحظى عادة بدعم إيراني، وسبق لنظام «الأسد» استضافة مكتبها السياسي، فيبدو أنها تتجه نحو المعسكر السعودي قياسا للتحسن السريع في العلاقات بين الحركة والمملكة الخليجية، بل أن «خالد مشعل» رئيس مكتبها السياسي يتوقع أن يزور السعودية قريبا.

أين موقع السيسي من كل هذا؟

التوتر بين «سلمان» و«السيسي» كان واضحا جدا منذ اليوم الأول للعاهل السعودي في منصبه الجديد، ولكن مع تقديم الرياض 4 مليارات دولار خلال مؤتمر شرم الشيخ، بات واضحا أنها تستعد للعب سياسة العصا والجزرة عندما يتعلق الأمر بـ«السيسي».

لعبة «سلمان» الدقيقة تتمثل في دفع «السيسي» بعيدا عن المعسكر الإيراني، وفي ذات الوقت إجباره على التصالح مع الإخوان، فـ«السيسي» في حاجة ماسة إلى المال، لكنه لا يستطيع تحمل السماح بعودة الإخوان المسلمين إلى الحياة السياسية.

وقد حاول «السيسي» على ما يبدو ممارسة سياسة العصا مع السعوديين، ففي 2 مارس، كتب «ضيف الله الشامي» العضو البارز بالحوثيين أنه في طريقه للقاهرة كجزء من وفد لمناقشة التعاون الثنائي، وبعدها بيومين نفت الخارجية المصرية عقد اجتماع مع الحوثيين.

وبالإضافة إلى ذلك، قال «السيسي» خلال مقابلته مع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية في 20 مارس/أذار الجاري: «نحن نضع العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة فوق أي شيء آخر، ولن ندير لكم ظهورنا حتى لو أدرتم لنا ظهوركم»، وعلى ما يبدو، فإن هذه بمثابة رسائل دبلوماسية إلى النظام السعودي حول عواقب إسقاط الفرعون المصري من حساباتها.

و في الوقت الراهن، يشعر «السيسي» بالسعادة لأنه حصل علي الأموال السعودية، كما أن التفاوض سيكون مع قيادات إخوانية صلبة التفكير.

«محمد سعد الكتاتني» رئيس حزب الحرية والعدالة «المحظور» في مصر أشار إلى جهود «السيسي» للتصالح مع الإخوان استمرت بعض الوقت، لافتا أن النظام «حاول التفاوض معه على دماء شهداء مجزرتي رابعة والنهضة المروعتين، وحمامات الدماء غير الإنسانية الأخرى». لكن «الكتاتني» رفض التفاوض، منتقدا «الانقلاب العسكري ضد الرئيس المنتخب، وضد العملية الديمقراطية»، وفقا لما ذكره الموقع الرسمي للإخوان.

نقطة الانهيار

ويبدو أن الاستراتيجية الجديدة للسيسي تتمثل في دفع أعضاء الإخوان المسلمين إلى نقطة الانهيار عبر أحكام الإعدام الصادرة ضد قيادات بالجماعة، بما في ذلك مرشدها العام «محمد بديع».

فإذا استسلمت القيادات الإخوانية وقبلت بالمصالحة، ستلغى تلك الأحكام إما بعفو رئاسي أو إعادة محاكمات، وستروج وسائل الإعلام وقتها أن أعضاء الإخوان ليسوا جميعا متشابهين، بل ينقسمون بين المتطرف والمعتدل، وأن حرب «السيسي» تستهدف المتطرفين فحسب، وليس كافة أعضاء الجماعة.

 أما إذا رفضت الجماعة المصالحة كما هو متوقع، وظل «سلمان» على شرط المصالحة من أجل المساعدات، ستنتهي تلك الدبلوماسية قصيرة الأجل التي يحاول «السيسي» جاهدا تطبيقها، وقد يحدث عندئذ حمام دماء مع ردود فعل عنيفة محتملة، تقتصر على جماعات معارضة محددة.

وفي حالة امتزاج حالات القتل باستخدام القضاء، مع ضغوط اقتصادية أكثر عنفا من الوقت الراهن، فإن المرجح هو تزايد نطاق سخط الشارع، على نحو لا يمكن السيطرة عليه.

 

  كلمات مفتاحية

السيسي الملك سلمان الإخوان المسلمون اليمن سوريا مصر

«الغنوشي» يدعو «الملك سلمان» لرعاية مصالحة «تحقن الدماء» في مصر

«السيسي» ينفي ترتيب لقاء مع أمير قطر.. ويؤكد: لا مصالحة مع «الإخوان»

ستراتفور: هل يكون 2015 هو عام تصالح الخليج مع الإخوان؟

«إيكونوميست»: حرب حكام الخليج ضد «الإخوان» جاءت بنتائج عكسية غير مقصودة

السعودية تسعى للتهدئة مع الإخوان .. مناورة سياسية أم تدارك للمصالح؟

العاهل السعودي الجديد ومصر وجماعة الإخوان المسلمين

«ميدل إيست آي»: بوادر التوتر تظهر في العلاقات السعودية المصرية

جماعة «الإخوان» تعلن انتهاء تشكيل مكتبها الإداري للمصريين بالخارج

مصر.. وثيقة رسمية تكشف عن تعليمات الأمن للمعاهد الأزهرية بالإبلاغ عن «الإخوان»

هل ما زال «السيسي» يحتفظ بدعم كبار جنرالاته؟

«ديفيد هيرست»: الملك «سلمان» يعتبر «السيسي» أحد أخطاء حقبة أخيه الراحل