العاهل السعودي الجديد ومصر وجماعة الإخوان المسلمين

الأربعاء 25 مارس 2015 11:03 ص

بعد وفاة العاهل السعودي الملك «عبدالله بن عبدالعزيز» أصدرت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر بيانا دافئا بشكل ملفت للنظر. وربما يعتقد شخص أنه بالنظر إلى الدعم الواسع الذي أعلنه الملك الراحل للحملة التي قادتها الحكومة المصرية ضد الجماعة، فإن من شأن هذا الإعلان أن يكون سلبيا في أحسن الأحوال.

وفي غضون أسابيع قليلة كثرت الشائعات بأن العاهل السعودي الجديد الملك «سلمان» كان على علاقة ودودة بالإخوان أكثر من سلفه، ما قد يؤثر على العلاقات مع مصر. لكن في الوقت الحاضر لا تريد القاهرة الشعور بعدم الراحة رغم وجود تغيرات مؤكدة.

وعندما أطاح الجيش في مصر بالرئيس السابق «محمد مرسي» في يوليو/تموز 2013 كان هناك اتجاهان قويان داخل مجلس التعاون الخليجي. الأول: موقف الأقلية في الدوحة والتي تعاطفت مع الإسلاميين، مقدمة ما استطاعت من دعم. والثاني موقف أبوظبي والرياض اللتين تنافستا في كره جماعة الإخوان المسلمين ودعمتا بشدة النظام السياسي الجديد في مصر بقيادة «عبدالفتاح السيسي». ونستطيع القول إن التوافق المبني على هاتين النقطتين هو السائد في الوقت الحالي.

واستمر النظام السياسي الجديد في مصر في الحصول على دعم قوي من أبوظبي والرياض، وتمت عملية ترجمة ذلك بشكل كبير من خلال مؤتمر الاستثمار الذي انعقد في وقت سابق من الشهر الجاري، حيث قدمت الإمارات والسعودية، بجانب دول خليجية أخرى، مساعدات مالية ضخمة لمصر. وعلى الرغم من أن الرياض لم تكن داعمة يوما ما لجماعة الإخوان، إلا إن الرياض وأبو ظبي لم يعودا تماما على نفس الصفحة.

وعند تحليل الموقف السعودي الجديد، فقد نجد أن جماعة الإخوان تشكل شيئًا في القضية، لكن من الصعب أن تتحول إلى كونها المشكلة البارزة والملحة حاليا. ولبعض الوقت حدث جدال بين مختلف الدوائر المتعاطفة مع الإخوان من أن الموقف السعودي تجاه الجماعة كانت يقوم على فكرة أنها تمثل تهديدا وجوديا وخطورة على السعوديين بعد رفض النظام الملكي للأنظمة الإسلامية القائمة والمبنية على جماعة الإخوان.

ورغم ذلك، لم تكن المملكة العربية السعودية أبدا قلقة للغاية من هذا الاحتمال البعيد المتعلق بمخاوف زعزعة جماعة الإخوان للاستقرار في المنطقة. وتريد المملكة في الوقت الحالي أن تقدر الوضع الراهن بقدره إذا كانت هناك فرصة للاستمرار على المدى القريب والمتوسط.

وتقف الجماعة في عام 2015 بالفعل في موقف ضعف في المنطقة، والمملكة لديها عدد من الأولويات الأخرى التي تتطلب كل عرض للنطاقات التي يمكن دعمها.

وللمملكة ثلاث أولويات إقليمية، إيران و«الدولة الإسلامية» في كل من العراق وسوريا وليبيا، إضافة إلى اليمن، والحفاظ على موقف قوي ضد الإخوان يجلب بعض الأرباح في حساب التفاضل والتكامل للمملكة، ومن المحتمل أن تكون له عيوب.

ولبناء تحالف ضد إيران، تحتاج السعودية الدعم التركي،  ولكن تبقى أنقرة العاصمة الأكثر تعاطفا في العالم مع جماعة الإخوان. الموقف القوي لمناهضة الإسلاميين بالمملكة قد يمنح مؤيدي «الدولة الإسلامية» في الداخل السعودي ذريعة لتجنيد عناصر جديدة، في الوقت الذي لا ترغب فيه السعودية انضمام مزيد من أبنائها لجماعة إسلامية أكثر تطرفا، وخاصة «الدولة الإسلامية» والقاعدة.

ومن المرجح تماما في اليمن عودة السعودية للجماعات المؤيدة للإخوان كوسيلة لمواجهة صعود الحوثيين ضمن استراتيجية أوسع، وقد تتجه لهذا الخيار مع غيرها من الجماعات المؤيدة للإخوان في أي مكان آخر. والأيام القادمة كفيلة بإخبارنا بذلك.

وبشكل عام، فإن الدافع الرئيسي يتعلق بمسألة القوة. وتريد المملكة إعادة توجيه جميع جهودها للأولويات التي ستفعلها مع الإخوان، والرياض ليست مهتمة بعملية القضاء على الجماعة، لكن في نفس الوقت لم تتفق معها كلية مثلما فعلت قطر.

ماذا سيعني الموقف الجديد عندئذ للجهات الفاعلة الإقليمية؟ من المرجح أن تكون المملكة أكثر تساهلا مع الحلفاء مثل قطر وتركيا في تأييدها للإخوان عام 2015، بعكس نهج الملك «عبدالله» في عام 2013، والذي تسبب في حدوث توترات مع البلدين.

وقد يشعر أعضاء الجماعة الذين غادروا الدوحة عام 2014، على سبيل المثال، بأنه باتت هناك مساحة أكبر للعمل في قطر مجددا بعد تبدد ضغط الرياض أو تخفيفه. وربما ضغطت قطر على نفسها في السابق نظرا لارتفاع «الدولة الإسلامية» في ليبيا، وتدهور اليمن، وإمكانية التوصل الى اتفاق بين إيران والولايات المتحدة.

وعندما يتعلق الأمر بالقاهرة، فمن المرجح أن تكون هناك تغيرات محدودة على المدى القصير. لكن السعودية لم تشر لأية علامات يتوقع معها تخفيف مصر لحملتها على الإخوان في تلك الأثناء. لكن هذا قد يتغير إذا كثفت القاهرة من حملتها الأمنية ضد جماعة الإخوان المسلمين مثل تنفيذ أحكام الإعدام على سبيل المثال لا الحصر. وقد يشكل هذا التخطيط السياسي السعودي الجديد تصعيدا وإشكالية محفوفة بالمخاطر غير مأمونة العواقب.

وبصرف النظر عن هذا السيناريو؛ فإنه في الوقت الراهن، على الأقل، لا تزال القاهرة والرياض تعملان بنفس الديناميكية، حيث تملك مصر حليفا رئيسيا بدول مجلس التعاون الخليجي وهي الإمارات، والتي هي على اتفاق تام معها بشأن قضية الإخوان، وسوف تظل وجهة نظرها تؤثر على  المنطقة الواسعة. كما أن هناك ملف ليبيا، بغض النظر عن مدى نجاح تشكيل حكومة وحدة وطنية أو دور الأمم المتحدة في ذلك.

ومن المستبعد تماما أيضا أن تتحرك السعودية، بشكل خاص، بناء على نتائج مراجعة الحكومة البريطانية للجماعة، حيث إن لندن لا تزال تتعامل مع أبوظبي والقاهرة في هذا الشأن، وليس الرياض.

التحول السعودي واضح ودقيق للغاية، لكن له عواقبه على المدى الطويل، رغم إن تلك العواقب لم تتضح حقيقتها وحجمها بعد. وقد اعتادت الرياض التركيز دائما على إبقاء الوضع الراهن كما هو كأولوية لديها، وللمضي قدما في هذا السياق يسير الملك «سلمان» على التقاليد السعودية القديمة. ويبقى السؤال الحقيقي: ما هو شكل الوضع الجديد المرتقب للتغييرات في المنطقة؟ هذا سؤال ليس فقط للمملكة العربية السعودية أو مصر، ولكن للمنطقة بشكل عام.

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي السعودية قطر الإمارات الإخوان الملك سلمان

«ميدل إيست آي»: إعدام قيادات الإخوان جزء من لعبة العصا والجزرة بين «سلمان» و«السيسي»

خاص لـ«الخليج الجديد»: السعودية تعيد الاتصال بالإخوان في اليمن وتسقبل وفدا قياديا بـ«الإصلاح»

رغم تصنيفها في المملكة كجماعة إرهابية..«جماعة الإخوان» تنعي العاهل السعودي

ستراتفور: هل يكون 2015 هو عام تصالح الخليج مع الإخوان؟

القدس العربي: السعودية تحسن علاقاتها مع قطر ومستعدة لقبول احتفاظ الدوحة بعلاقاتها مع الإخوان

جماعة «الإخوان» تعلن انتهاء تشكيل مكتبها الإداري للمصريين بالخارج

صحيفة مصرية: توتر بين القاهرة والرياض بسبب الخلاف حول إخوان سوريا واليمن

«خاشقجي»: مصر في حاجة إلي مصالحة شاملة.. والسعودية ترفض سياسة الإقصاء

مرشد الإخوان في مصر ينفي إجراء أي مفاوضات مع الجيش منذ يوليو 2013